نص الشبهة:
ينقل بعض العرفاء وبعض أهل المنبر عندنا رواية مفادها إنهُ كان للنبي (صلى الله عليه وآله) شيطان وإنهُ أسلم على يديه، ويظهر من كلامهم أنهم يقبلونها.
السؤال: أ ـ هل وردَ أمثال هكذا رواية من طرق الشيعة؟
بـ ـ وهل هناك محذور عقلي في قَبول أمثال هذه الرواية مع غض النظر عن سندِها؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب:
عن أن للنبي (صلى الله عليه وآله) شيطاناً يعتريه، وقد أعانه الله عليه فأسلم، فنقول في جوابه: إن هذا من مرويات أهل السنة، فراجع مثلاً: مسند أحمد ج1 ص257.
وليس في كتب الشيعة فيما نعلم له عين ولا أثر.. إلا ما ورد في عوالي اللآلي ج4 ص97 وعلم اليقين ج1 ص282، والظاهر أنهما قد أخذا ذلك من مؤلفات السنة، وفيهما العديد من الموارد كذلك..
وعلى كل حال، فإن الآيات القرآنية قد صرحت بأن الشيطان ﴿ … لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ 1.
وقال تعالى:﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ … ﴾ 2.
وقد اعترف إبليس لعنه الله، بذلك، على ما جاء في الآية القرآنية في قوله تعالى:﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ 3.
وبعد ذلك كله، فلا يمكن قبول هذا الحديث، عن أن للنبي (صلى الله عليه وآله) شيطاناً، إذا كان ناظراً إلى أن هذا الشيطان يسعى لإضلال الرسول (صلى الله عليه وآله)، وللتأثير في روحه، وعقله، وسلوكه، لأنه يكون مخالفاً لما ثبت بالدليل القاطع، من أنه لا سلطان له على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والشيطان يعرف ذلك.
وعلى هذا.. فلا معنى للاشتغال بالتوجيهات والتأويلات لهذا الحديث وأمثاله، إذا كانت تدخل في هذا الاتجاه..
وفي أقصى الحالات، ومع افتراض ولو كان الفرض محالاً أن يكون هذا الحديث صحيحاً ومروياً عن أهل البيت (عليهم السلام). ومع غض النظر عن جميع ما يوجب التردد والترديد فيه، فإننا نقول: إنه لا يدل على إمكانية حدوث أي تأثير في تصرفات الأنبياء، بل لا بد أن يكون ناظراً إلى سعي الشيطان لإلحاق الأذى الجسدي بالرسول (صلى الله عليه وآله) فقط.. وذلك لأن الشيطان، وإن كان عاجزاً عن التأثير في عقل وفكر وسلوك النبي (صلى الله عليه وآله)، لكنه يمكن أن يؤثر في جسده تعباً، وإرهاقاً ونصباً، كما قال الله تعالى عن النبي أيوب(عليه السلام): ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ﴾ 4.
وآخر كلمة نقولها هنا هي: أنه ما دام أن هذا الحديث لم يرد من طرق أهل البيت (عليهم السلام)، فإننا ننصح بعدم الانشغال وإشغال الغير به..
والحمد لله رب العالمين 5.
- 1. القران الكريم: سورة النحل (16)، الآية: 99، الصفحة: 278.
- 2. القران الكريم: سورة الحجر (15)، الآية: 42، الصفحة: 264.
- 3. القران الكريم: سورة ص (38)، الآية: 82 و 83، الصفحة: 457.
- 4. القران الكريم: سورة ص (38)، الآية: 41، الصفحة: 455.
- 5. مختصر مفيد (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، سماحة العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي، « المجموعة الثالثة »، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423 ـ 2002، السؤال (152).