رَوى إبن حَیُّون المغربي أنَّ الْمُفَضَّلَ بْنَ عَمْرٍو دَخَلَ عَلى الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام وَ مَعَهُ شَيْءٌ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
فَقَالَ لَهُ: “مَا هَذَا”؟
فَقَالَ: صِلَةُ مَوَالِيكَ وَ عَبِيدِكَ، جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ.
فَقَالَ: “أَيْ مُفَضَّلُ، لَأَقْبَلَنَّ ذَلِكَ، وَ وَ اللَّهِ مَا أَقْبَلُهُ مِنْ حَاجَةٍ إِلَيْهِ، وَ مَا أَقْبَلْهُ إِلَّا لِأُزَكِّيَهُمْ بِهِ”.
ثُمَّ نَادَى: “يَا جَارِيَةُ”، فَأَجَابَتْهُ جَارِيَةٌ.
فَقَالَ لَهَا: هَلُمِّي السَّفَطَ1 الَّذِي دَفَعْتُهُ إِلَيْكَ الْبَارِحَةَ”.
فَجَاءَتْهُ بِسَفَطٍ مِنْ خُوصٍ2 فَوَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا فِيهِ جَوْهَرٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ، يَتَّقِدُ اتِّقَاداً، لَهُ شُعَلٌ كَشُعَلِ النَّارِ.
فَقَالَ: “أَيْ مُفَضَّلُ، أَ مَا فِي هَذَا مَا يَكْفِي آلَ مُحَمَّدٍ”؟
فَقُلْتُ لَهُ: جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ، بَلَى وَ اللَّهِ، وَ فِي أَقَلَّ مِنْ هَذَا.
ثُمَّ أَطْبَقَ عَلَيْهِ وَ دَفَعَهُ إِلَى الْجَارِيَةِ.
ثُمَّ قَالَ: “سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ مَنْ مَضَتْ لَهُ سَنَةٌ فَلَمْ يَصِلْنَا مِنْ مَالِهِ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ”.
ثُمَّ قَالَ: “أَيْ مُفَضَّلُ، إِنَّهَا فَرِيضَةٌ فَرَضَهُ3 اللَّهُ لَنَا عَلَى شِيعَتِنَا فِي كِتَابِهِ إِذْ يَقُولُ: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ … ﴾ 4، فَنَحْنُ أَهْلُ الْبِرِّ وَ التَّقْوَى، وَ سُبُلُ الْهُدَى”.
ثُمَّ قَالَ: “مَنْ أَذَاعَ لَنَا سِرّاً فَقَدْ نَصَبَ لَنَا الْعَدَاوَةَ”.
ثُمَّ قَالَ: “سَمِعْتُ أَبِي رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقُولُ: “مَنْ أَذَاعَ سِرَّنَا ثُمَّ وَصَلَنَا بِجِبَالٍ مِنْ ذَهَبٍ لَمْ يَزْدَدْ مِنَّا إِلَّا بُعْداً”5.
- 1. صندوق.
- 2. الخوص ورق النخل و الواحد الخوصة.
- 3. هكذا في المصدر و الصحيح فرضها.
- 4. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 92، الصفحة: 62.
- 5. دعائم الإسلام (و ذكر الحلال و الحرام و القضايا و الأحكام): 1 / 58 ، لأبي حنيفة النعمان بن أبي عبد الله محمد بن منصور بن احمد بن حَیُّون المغربي، المتوفى سنة: 363 هجرية، الطبعة الثانية سنة: 1427 هجرية، مؤسسة آل البيت (عليهم السَّلام) قم/إيران.