حُكِيَ أَنَّ مَالِكاً الْأَشْتَرَ 1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ مُجْتَازاً بِسُوقِ الْكُوفَةِ وَ عَلَيْهِ قَمِيصُ خَامٍ وَ عِمَامَةٌ مِنْهُ، فَرَآهُ بَعْضُ السُّوقَةِ 2 فَازْدَرَى 3 بِزِيِّهِ فَرَمَاهُ بِبُنْدُقَةٍ 4 تَهَاوُناً بِهِ، فَمَضَى وَ لَمْ يَلْتَفِتْ.
فَقِيلَ لَهُ: وَيْلَكَ أَ تَدْرِي بِمَنْ رَمَيْتَ؟!
فَقَالَ: لَا.
فَقِيلَ لَهُ: هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام.
فَارْتَعَدَ الرَّجُلُ وَ مَضَى إِلَيْهِ لِيَعْتَذِرَ مِنْهُ فَرَآهُ وَ قَدْ دَخَلَ مَسْجِداً وَ هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَلَمَّا انْفَتَلَ 5 أَكَبَّ الرَّجُلُ عَلَى قَدَمَيْهِ يُقَبِّلُهُمَا.
فَقَالَ: مَا هَذَا الْأَمْرُ؟!
فَقَالَ: أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعْتُ.
فَقَالَ: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ، فَوَ اللَّهِ مَا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ إِلَّا لِأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ 6.
- 1. هو مالك بن الحارث النخعي المجاهد في سبيل الله و السيف المسلول على أعداء الله.
قال في حقه الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): ” كان الأشتر لي كما كنت لرسول الله (صلى الله عليه وآله)” . - 2. السوقة من الناس: الرعية. يقال للواحد و الجمع و المذكر و المؤنث.
- 3. الازدراء: الاحتقار.
- 4. البُنْدُق: ما يعمل من الطين فيرمى به، الواحد بندقة.
- 5. انفتل: أي أتم صلاته و هم بالإنصراف.
- 6. تنبيه الخواطر و نزهة النواظر (مجموعة ورام): 1 / 2 ، لورّام بن أبي فراس، مسعود بن عيسى، المتوفى سنة: 605 هجرية، الطبعة الأولى، قم/ايران سنة 1410 هجرية.