دخل وقت الظهر، فجاء أبو تمامة الصيداوي و قال: يا أبا عبد الله أنفسنا لنفسك الفداء، هؤلاء اقتربوا منك، لا والله لا تقتل حتى أقتل دونك… و أحبّ أن ألقى الله عزّ وجلّ و قد صلّيت هذه الصلاة معك.
فرفع الحسين رأسه إلى السماء و قال: ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين، نعم هذا أول وقتها.
ثم قال عليه السلام سلوا هؤلاء القوم أن يكفّوا عنّا حتى نصلّي، فأذّن الحسين بنفسه، و قيل: أمر مؤذّنه ليؤذّن، ثم قال الحسين: ويلك يابن سعد أنسيت شرائع الإسلام؟ اقصر عن الحرب حتى نصلّي و تصلّي بأصحابك ونعود إلى ما نحن عليه من الحرب، فاستحى ابن سعد أن يجيبه، فناداه الحصين ابن نمير ـ عليه اللعنة ـ قائلاً: صلّ يا حسين ما بدا لك فإن الله لا يقبل صلاتك.
فأجابه حبيب بن مظاهر: ثكلتك أمك، ابن رسول الله صلاته لا تقبل و صلاتك تقبل يا خمّار؟!
فقال الحسين لزهير بن القين و سعيد بن عبد الله: تقدّما أمامي حتى أصلّي الظهر. فتقدّما أمامه في نحو نصفٍ من أصحابه حتى صلّى بهم صلاة الخوف، و سعيد تقدّم أمام الحسين فاستهدف لهم فجعلوا يرمونه بالنبال كلّما أخذ الحسين يميناً و شمالاً قام بين يديه فما زال يرمى إليه حتى سقط على الأرض و هو يقول: اللهم العنهم لعن عادٍ وثمود، اللهم أبلغ نبيّك عني السلام، و أبلغه ما لقيت من ألم الجراح فإنني أردت بذلك نصرة ذرّية نبيّك ثم مات رحمه الله1.
- 1. مقتل الإمام الحسين عليه السَّلام للخطيب العلامة السيد محمد كاظم القزويني (رحمه الله).