مقالات

كيف تكون صفات الله هي عين ذاته بينما عين كل صفة تختلف عن عين الصفة الاخرى؟

معنى صفات الله عين ذاته هو أنه ليس لهذه الصفات وجود إلاّ وجود الذات الالهية ، أي أن هذه الصفات على رغم تعدّد مفاهيمها في الصعيد الذهني و الاعتباري، فإنّها تشير إلى مصداق و وجود واحد في الواقع الخارجي، و ذلك الوجود الواحد هو الذات الإلهية، و إنّ لله تعالى حقيقة واحدة، و تعتبر صفاته الذاتية كلّها مفاهيم تعبّر عن مصداق واحد، هو الله تعالى.

و المقصود من القول: بأنّ “العلم” نفس الذات، و “القدرة” نفس الذات هو: أنّ مصداق “العلم” ومصداق “القدرة” في الله تعالى واحد رغم مغايرة مفهوم “العلم” لمفهوم “القدرة”.
و الصحيح هو القول بأنّ هذين المفهومين يطلقان على مصداق واحد، و لا إشكال في إطلاق مفاهيم متعدّدة على مصداق واحد.
فالله تعالى حقيقة واحدة، و تعتبر صفاته الذاتية كلّها مفاهيم تعبّر عن مصداق واحد، هو الله تعالى.
ثم ان المقصود من القول بأنّ علمه تعالى عين ذاته: أنّ مصداق “العلم” و مصداق “الذات” واحد، و ليس المقصود: أنّ مفهوم “العلم” و مفهوم “الذات” واحد، فلا يصح استعمال مفهوم “العلم” بدل مفهوم “الذات” فيما لو كان المقصود الإشارة إلى مفهوم “الذات” لأنّ ما يفهم من “العلم” غير ما يفهم من “لفظ الجلالة”.
رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السَّلام أَنَّهُ قَالَ لِلزِّنْدِيقِ 1 حِينَ سَأَلَهُ: مَا هُوَ ؟
قَالَ: “هُوَ شَيْ‏ءٌ بِخِلَافِ الْأَشْيَاءِ، ارْجِعْ بِقَوْلِي إِلَى إِثْبَاتِ مَعْنًى وَ أَنَّهُ شَيْ‏ءٌ بِحَقِيقَةِ الشَّيْئِيَّةِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا جِسْمٌ وَ لَا صُورَةٌ وَ لَا يُحَسُّ وَ لَا يُجَسُّ وَ لَا يُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ الْخَمْسِ لَا تُدْرِكُهُ الْأَوْهَامُ وَ لَا تَنْقُصُهُ الدُّهُورُ وَ لَا تُغَيِّرُهُ الْأَزْمَانُ”.
فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: فَتَقُولُ: إِنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ؟
قَالَ: “هُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ سَمِيعٌ‏ بِغَيْرِ جَارِحَةٍ وَ بَصِيرٌ بِغَيْرِ آلَةٍ ،بَلْ يَسْمَعُ بِنَفْسِهِ وَ يُبْصِرُ بِنَفْسِهِ، لَيْسَ قَوْلِي إِنَّهُ سَمِيعٌ يَسْمَعُ بِنَفْسِهِ وَ بَصِيرٌ يُبْصِرُ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ شَيْ‏ءٌ وَ النَّفْسُ شَيْ‏ءٌ آخَرُ وَ لَكِنْ أَرَدْتُ عِبَارَةً عَنْ نَفْسِي‏ إِذْ كُنْتُ مَسْئُولًا وَ إِفْهَاماً لَكَ إِذْ كُنْتَ سَائِلًا، فَأَقُولُ إِنَّهُ سَمِيعٌ بِكُلِّهِ لَا أَنَّ الْكُلَّ مِنْهُ لَهُ بَعْضٌ، وَ لَكِنِّي أَرَدْتُ إِفْهَامَكَ وَ التَّعْبِيرُ عَنْ نَفْسِي، وَ لَيْسَ مَرْجِعِي فِي ذَلِكَ إِلَّا إِلَى أَنَّهُ السَّمِيعُ‏ الْبَصِيرُ الْعَالِمُ الْخَبِيرُ بِلَا اخْتِلَافِ الذَّاتِ وَ لَا اخْتِلَافِ الْمَعْنَى‏” 2.

  • 1. الزِّنْدِيِقُ هو المُلحد المُنكر للمبدأ و المعاد الذي لا يتمسك بشريعة، و قديماً كان يُعَبَّرُ عنه بالدَّهْرِي.
  • 2. الكافي: 1 / 83 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني، المُلَقَّب بثقة الإسلام، المتوفى سنة: 329 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة: 1365 هجرية/شمسية، طهران/إيران.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى