نور العترة

كلام الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام

۱ ـ التواضع هو في ان تسير مع الناس بنفس السيرة التي تحب ان يعاملوك بها (۱).

۲ ـ انّ أفضل وسيلة للتقرّب إلى الله بعد معرفته هي الصلاة ، والإحسان للوالدين ، وترك الحسد وحبّ الذات والتفاخر والتعالي (۲).

۳ ـ انّ من يرتكب الخيانة ويخفي عيب شيء على مسلم ، أو يتحايل عليه بطريق آخر ويمكر به ويخدعه فهو مستحقّ لانّ تنصبّ عليه لعنة الله (۳).

٤ ـ انّ العبد السيّء جدّاً لله هو من كان له وجهان ولسانان. فهو إمام أخيه في الدين يثني عليه ، وبمجرّد ان يغيب عنه يقذع في هجائه ، أو إذا مُنح أخوه المسلم نعمة حسده عليها وان تعرّض لمشكلة تخلّى عن نصرته (٤).

٥ ـ كلّ من عشق الدنيا فانّ الخوف من الآخرة يغادر قلبه (٥).

٦ ـ خير الاُمور أوسطها (٦).

۷ ـ حصنوا أموالكم بالزكاة (۷).

سلام الله وصلواته عليه لقد كان إماماً حقيقيّاً ، وهو أفضل الناس في القيادة والخصال الإلهيّة ، فسلام عليه من أفواه الشهداء والأحرار مادام الإنسان باقياً.

إمامته عليه السلام وسبل ترسيخها

لقد جرت سنّة ائمّتنا الكرام عليهم السلام في تعيين الإمام والمرجع العلمي والسياسي والديني بعدهم ان يصرحوا باسمه ومشخّصاته ، حتّى يسدّوا الباب في وجه من يحاول ان يسيء استغلال هذا الموضوع سياسيّاً ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فانّهم يمهّدون السبيل للشيعة الحقيقيين لكي يعرفوا الإمام والخليفة الواقعي فلا يلتبس عليهم الأمر ، وتطبيقاً لهذه القاعدة فقد صرّح والد الإمام الكاظم عليهم السلام في موارد عديدة بإمامته من بعده مع سيطرة الحكومة العباسيّة الرهيبة ، ونكتفي في هذه العجالة بذكر بعض النماذج :

۱ ـ يقول علي بن جعفر :

قال والدي الإمام الصادق عليه السلام لفريق من أصحابه وخاصّته : تقبّلوا وصيّتي بولدي موسى لأنّه أفضل من جميع أولادي ومن كلّ من يبقى من أهل بيتي بعدي ، فهو خليفتي من بعدي وحجّة الله على جميع خلق الله (۸).

۲ ـ يقول عمر بن أبان : ذكر الإمام الصادق عليه السلام الأئمّة بعده.

فسميّت انا ابنَه إسماعيل ، فقال الإمام عليهم السلام :كلّا ، والله انّ الأمر ليس بأيدينا وإنّما هو بيد الله (۹).

۳ ـ يقول زرارة وهو من أبرز تلامذة الإمام الصادق عليهم السلام :

ذهبت إلى مجلس الإمام الصادق عليه السلام فلمّا دخلت عليه وجدت سيّد أبنائه موسى عليه السلام جالساً إلى جانبه الأيمن ، وبين يدي الإمام توجد جنازة هي جنازة ولده الآخر إسماعيل.

فالتفت الإمام إليّ قائلاً : اذهب واحضر داوود الرقي وحمران وأبا بصير ـ وهما ثلاثة من أصحاب الإمام ـ فذهبت وجئت بهم.

والتحق بنا أشخاص آخرون فاكتمل عددنا ثلاثين شخصاً امتلأت بنا الغرفة.

فقال الإمام لداوود الرقي : اكشف الغطاء من على الجنازة. ففعل داوود ما أمره به الإمام. عندئذ قال عليهم السلام :

يا داوود ! انظر هل انّ اسماعيل حيّ أم ميّت ؟ قلت : سيدّي انّه ميّت.

فالتفت الإمام لكلّ واحد من الحاضرين وأراه الجنازة فقال الجميع انّه ميّت.

قال عليه السلام : اللهم اشهد ـ لقد بذلت قصارى جهدي لرفع الإشتباه عن الناس ـ ثمّ أمر به فغُسّل وحنّط ووضع في كفنه ، ولمّا انتهوا من ذلك أمر المفضّل مرّة أخرى بكشف الكفن عن وجهه.

فنفّذ المفضّل ما أمره الإمام به.

حينئذ قال الإمام : أهو حيّ أم ميّت ؟

أجاب المفضّل : انّه ميّت.

وسأل جميع الحاضرين عن ذلك فأجابوه بنفس الجواب السابق. فعاد الإمام إلى القول : اللهم اشهد ، ولكنّه مع ذلك فسوف تحاول جماعة إطفاء نور الله بطرح موضوع إمامة إسماعيل.

وفي هذا الأثناء أشار إلى ابنه موسى قائلاً : سيؤيّد الله نورك ، وان لم تشأ ذلك جماعة.

وبعد ذلك دفن إسماعيل ، فسأل الإمام الحاضرين : من الذي دفن هنا ؟ أجاب الجميع :

هو ابنك إسماعيل.

فقال الإمام : اللهم اشهد. ثمّ أمسك بيد ولده موسى قائلاً : هو الحقّ والحقّ معه ومنه إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها (۱۰).

٤ ـ يقول المنصور بن حازم قلت للإمام الصادق : فداك أبي وأمّي انّ النفوس معرّضة للموت كلّ صباح ومساء ، فإذا عرض لك مثل هذا الأمر فمن هو الإمام من بعدك ؟

فوضع الإمام يده على الكتف الأيمن لولده أبي الحسن موسى وقال : إذا حدث لي حادث فهذا ولدي هو الإمام عندئذ.

وكان عمر أبي الحسن في ذلك الوقت خمس سنوات ، وقد حضر في ذلك المجلس عبد الله وهو من أولاد الإمام الصادق أيضاً ، وقد اعتقد البعض بإمامته فيما بعد.

٥ ـ يقول الشيخ المفيد رحمة الله الواسعة على روحه الطاهرة :

انّ مجموعة من كبار أصحاب الإمام السادس عليهم السلام ، من قبيل المفضل بن عمر ومعاذ بن كثير وعبد الرحمان بن الحجاج والفيض بن المختار ويعقوب السراج وسليمان بن خالد وصفوان الجمال وآخرين ـ يطول المقام بذكر أسمائهم جميعاً ـ قد رووا موضوع خلافة الإمام الكاظم عليهم السلام ، وقد روي الموضوع نفسه أيضاً عن إسحاق وعليّ وهما من إخوة الإمام موسى الكاظم عليهم السلام ، ولا يشكّ أحد في فضلهما وورعهما وتقواهما (۱۱).

ومع كلّ هذه الألوان من التأكيد والتصريح للشيعة ولمن كان متّصلاً بالإمام السادس عليه السلام حيث تبيّن للجميع بصورة واضحة انّ الإمام بعد الصادق عليه السلام هو ابنه أبو الحسن موسى بن جعفر الكاظم عليهم السلام ، وليس ابنه إسماعيل ـ الذي توفيّ في حياة أبيه ـ ولا هو ابن إسماعيل المسمّى بمحمّد ، ولا هو الابن الآخر للإمام الصادق عليه السلام المسمّى بعبد الله ، ومع هذا كلّه فنحن نلاحظ انّ مجموعة من الناس ـ بعد إلتحاق الإمام الصادق بالرفيق الأعلى ـ اعتقدت بإمامة ابنه إسماعيل أو ابن إسماعيل أو عبد الله ، فانحرفت عن الاتّجاة الواضح والمسيرة الحقّة التي رسمها لهم الإمام عليهم السلام.

الهوامش

۱. الوسائل : ج ۲ ص ٤٥٦ ، الطبعة القديمة.

۲. تحف العقول.

۳. مستدرك الوسائل : ج ۲ ص ٤٥٥.

٤. مستدرك الوسائل : ج ۲ ص ۱۰۲.

٥. آيين زندكي : ص ۱۳۱ ، وهو كتاب باللغة الفارسيّة.

٦. البحار : ج ٤۸ ص ۱٥٤.

۷. البحار : ج ٤۸ ص ۱٥۰.

۸. أعلام الورى للطبري : ص ۲۹۱ ، المطبعة العلمية الإسلاميّة ، اثبات الهداة : ج ٥ ص ٤۸٤.

۹. بصائر الدرجات : ص ٤۷۱ ، الطبعة الجديدة. اثبات الهداة : ج ٥ ص ٤۸٤.

۱۰. غيبة النعماني : الطبعة الحجريّة ، ص ۱۷۹. البحار : ج ٤۸ ص ۲۱.

۱۱. الإرشاد للمفيد : ص ۲۷۰.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى