نص الشبهة:
ويقال أيضاً : أين هذه « المصادر » اليوم ؟! وماذا ينتظر « منتظرهم » حتى يخرج بها إلى الناس ؟! وهل الناس بحاجة إليها في دينهم ؟! فإن كانوا بحاجة ؛ فلماذا تبقى الأمة منذ اختفاء الإمام المزعوم منذ أكثر من 11 قرناً بعيدة عن مصدر هدايتها ؟! وما ذنب كل هذه الأجيال لتحرم من هذه الكنوز ؟! وإن لم تكن الأمة في حاجة إليها ؛ فلماذا كل هذه الدعاوى ؟ ولماذا يُصْرَف الشيعة عن مصدر هدايتهم الحقيقي ، وهو كتاب الله وسنة رسوله (ص) ؟!
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
فإننا نجيب بما يلي :
أولاً : كما تكون مواريث الأنبياء تكون عند أوصيائهم ، ثم عند الأنبياء الذين يأتون بعدهم ، كذلك مواريث الأوصياء تكون عند الأئمة من بعدهم . . وهذه الكتب ، وكذلك سائر مواريث الأنبياء تكون عند الإمام في حضوره وفي غيبته .
ثانياً : قد بين الأئمة « عليهم السلام » للناس الكثير من الأحكام التي تضمنته تلك المصادر . . أما مصحف فاطمة ففيه وصيتها ، وفيه ما يجري على ذريتها من بعدها . . وليس بالضرورة أن يكون ذلك مما يعنينا ، أو يفترض فينا أن نطلع عليه ، فلعل جميع ما فيه ، أو جُلَّه خاص بها وبالأئمة من أبنائها وأحفادها « عليهم السلام » . .
وكذلك الحال بالنسبة لما تضمنه مصحف فاطمة « عليها السلام » من إخبار عما يكون من ملاحم وفتن ، فلعل جله أو كله قد بينه الأئمة « عليهم السلام » في الأحوال المختلفة عبر السنين والأحقاب .
أما الجفر الأبيض ، فربما يكون ما تضمنه مما ينبغي أن يعرفه الأئمة « عليهم السلام » دون سواهم . . وبذلك يظهر أنه لا مورد للطلب من المهدي المنتظر « عليه السلام » أن يخرج هذه الكتب للناس . .
ثالثاً : إن تعبير السائل عن الإمام المهدي « عليه السلام » بالإمام المزعوم مما لا يليق بالباحث المنصف ، لا سيما وأن عشرات من علماء أهل السنة يصرحون بولادته وبوجوده . . ولا يختص هذا الاعتقاد بالشيعة . .
على أننا قد ذكرنا : أن حديث الثقلين : « . . وأنهما لن يفترقا إلى يوم القيامة » ، وحديث : « الأئمة بعدي اثنا عشر » يدلان على بقاء الإمام من أهل البيت حياً إلى يوم القيامة . .
ويدلُّ على ذلك أيضاً : الأحاديث التي تقول : « إن الأرض لا تخلو من حجة » 1 ، أو غير ذلك . .
رابعاً : إن الإمام « عليه السلام » لم يحرم الأجيال من الهداية ، بل الناس هم الذين حرموا أنفسهم منها ، حيث إنهم هم السبب في عدم ظهوره « عليه السلام » ، لأنهم لا يقومون بواجبهم في نصرته وطاعته . . ولا يمنعون جبابرة الأرض من البطش به وبمحبيه وأنصاره . .
خامساً : قلنا : إنه ليس بالضرورة أن يكون جميع ما عند الأنبياء من مواريث مما يجب إظهاره للناس باستمرار ، بل المطلوب هو نفس معرفة الناس بحيازة هذا النبي لتلك المواريث ، مثل عصا موسى ، وخاتم سليمان ، والتوراة ، والإنجيل ، والزبور وما إلى ذلك ، لتكون حيازته لها دليلاً على ارتباطه بالمصدر الأعلى ، وعلى اصطفاء الله تعالى له . . وليتأكد بذلك للناس لزوم طاعته ونصرته ، والانقياد له ، والكون معه . . وهذا من اللطف الإلهي بهم ، ومن تيسيره لهدايتهم .
سادساً : إن اعتقاد الشيعة بهذه الكتب لم يصرفهم عن كتاب الله وسنة رسوله . . كما لم يصرف اعتقاد الشيعة والسنة بالتوراة والإنجيل والزبور ، وصحف إبراهيم وموسى عن الكتاب والسنة . .
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله . . 2 .
- 1. راجع : ينابيع المودة ج 1 ص 75 وج 3 ص 360 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج 9 ص 305 عن فرائد السمطين ، والأمالي للصدوق ص 253 وكمال الدين ص 207 والإحتجاج للطبرسي ج 2 ص 48 وبحار الأنوار ج 23 ص 6 و 48 و 49 وج 52 ص 92 وخلاصة عبقات الأنوار ج 4 ص 326 ومستدرك سفينة البحار ج 2 ص 205 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج 9 ص 8 ونهج السعادة ج 8 ص 393 وراجع : الأمالي للمفيد ص 250 ورسائل في الغيبة للمفيد ج 2 ص 12 ومناقب آل أبي طالب ج 1 ص 211 والبرهان في علامات مهدي آخر الزمان ص 171 و 32 وفي الغيبة للنعماني .
- 2. ميزان الحق . . ( شبهات . . وردود ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1431 هـ . ـ 2010 م ، الجزء الرابع ، السؤال رقم (155) .