السيد أصغر ناظم زاده القمي
١ـ قضاؤه بما قضاه دانيال النبي (ع) في تفريق الشهود.
روى الصدوق (رحمة الله عليه) عن سعد بن طريف،عن الأصبغ بن نباته،قال:أتي عمر بن الخطاب بجارية فشهد عليها شهود أنها بغت [١] ،وكان من قصتها أنها كانت يتيمة عند رجل،وكان للرجل امرأة،وكان الرجل كثيرا ما يغيب عن أهله،فشبت اليتيمة وكانت جميلة،فتخوفت المرأة أن يتزوجها زوجهاإذا رجع إلى منزله،فدعت بنسوة من جيرانها فأمسكنها ثم افتضتها [٢] بإصبعها،فلما قدم زوجها سأل امرأته عن اليتيمة،فرمتها بالفاحشة وأقامت البينة من جيرانها على ذلك.
قال:فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فلم يدر كيف يقضي في ذلك،فقال للرجل:إذهب بها إلى علي بن أبي طالب،فأتوا عليا (عليه السلام) وقصوا عليه القصة،فقال (عليه السلام) لامرأة الرجل:«ألك بينة؟».
قالت:نعم،هؤلاء جيراني يشهدن عليها بما أقول،فأخرج علي (عليه السلام) السيف من غمده [٣] وطرحه بين يديه،ثم أمر بكل واحدة من الشهود،فأدخلت بيتا،ثم دعا بامرأة الرجل فأدارها بكل وجه فأبت أن تزول عن قولها،فردها إلى البيت الذي كانت فيه،ثم دعا بإحدى الشهود وجثا على ركبتيه،وقال لها:أتعرفيني،أنا علي بن أبي طالب،وهذا سيفي،وقد قالت امرأة الرجل ما قالت،ورجعت إلى الحق وأعطيتها الأمان [٤] فاصدقيني،وإلا ملأت سيفي منك»فالتفتت المرأة إلى علي (عليه السلام) فقالت:يا أمير المؤمنين،الأمان على الصدق.
فقال لها علي (عليه السلام) :«فاصدقي».
فقالت:لا والله ما زنت اليتيمة،ولكن امرأة الرجل لما رأت حسنها وجمالها وهيئتها خافت فساد زوجها،فسقتها المسكر،ودعتنا فأمسكناها فافتضتها بإصبعها.
فقال علي (عليه السلام) :«الله أكبر،الله أكبر أنا أول من فرق بين الشهود إلا دانيال» .ثم حد المرأة حد القاذف [٥] وألزمها ومن ساعدها على افتضاضاليتيمة المهر لها أربع مائة درهم،وفرق بين المرأة وزوجها [٦] وزوجه اليتيمة،وساق عنه المهر إليها من ماله.
فقال عمر بن الخطاب:فحدثنا يا أبا الحسن بحديث دانيال النبي (عليه السلام) .فقال:«إن دانيال»الحديث [٧] .
وروى ثقة الإسلام الكليني عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام) ،بعين ما تقدم مع تفاوت في بعض ألفاظه [٨] .
٢ـ امرأة معتوهة زنت
قال أحمد بن حنبل في كتاب (الفضائل) باب فضائل علي (عليه السلام) ومحب الدين الطبري في (ذخائر العقبى) بسندهما عن أبي ظبيان الحبشي:أن عمر بن الخطاب أتي بامرأة قد زنت،فأمر برجمها،فذهبوا ليرجموها فرآهم علي في الطريق،فقال:«ما شأن هذه»فأخبروه فخلى سبيلها،ثم جاء إلى عمر،فقال له عمر:لم رددتها؟
فقال:«لأنها معتوهة آل فلان [٩] ،وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :رفع القلم عن ثلاث:عن النائم حتى يستيقظ،والصبي حتى يحتلم،والمجنون حتى يفيق».
فقال عمر:لولا علي لهلك عمر [١٠] .
وروى العلامة الهندي في كنز العمال عن ابن عباس،نحوه [١١] .
٣ـ امرأة زنت مع غلام صغير
في (البحار) عن الرضا (عليه السلام) :قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في امرأة محصنة فجر بها غلام صغير فأمر عمر أن ترجم،فقال (عليه السلام) :«لا يجب الرجم،إنما يجب الحد،لأن الذي فجر بها ليس بمدرك» [١٢].
٤ ـ رجل زنى وهوغائب عن أهله
في البحار أيضا:أمر عمر برجل يمني محصن فجر بالمدينة،أن يرجم،فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) :«لا يجب عليه الرجم،لأنه غائب عن أهله،وأهله في بلد آخر،إنما يجب عليه الحد» .
فقال عمر:لا أبقاني الله لمعضلة لم يكن لها أبوالحسن [١٣].
٥ـ امرأة تعترف بالزنى خوفا
روى الجويني في (فرائد السمطين) والخوارزمي في (مناقبه) بسندهما عنزيد بن علي،عن أبيه،عن جده علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ،قال:لما كان في ولاية عمر،أتي بامرأة حامل،سألها عمر عن ذلك فاعترفت بالفجور،فأمر عمر أن ترجم،فلقيها علي بن أبي طالب،فقال:«ما بال هذه المرأة؟».
فقالوا:أمر بها عمر أن ترجم.فردها علي (عليه السلام) فقال له:«أمرت بها أن ترجم»؟فقال :نعم،اعترفت عندي بالفجور.
فقال:«هذا سلطانك عليها،فما سلطانك على ما في بطنها؟»ثم قال له علي:«فلعلك انتهرتها أوأخفتها؟».
فقال عمر:قد كان ذلك.
قال علي (عليه السلام) «أ وما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:لا حد على معترف بعد بلاء،إنه من قيدت أوحبست أوتهددت فلا إقرار لها»فخلى عمر سبيلها ثم قال:عجزت النساء أن يلدن مثل علي بن أبي طالب،لولا علي لهلك عمر [١٤] .
وفي الغدير ج ٦ ص ١١٠ـنقل بعينه عن (الرياض النضرة) و(ذخائر العقبى) و(مطالب السؤل) و(الأربعين) للفخر الرازي.
٦ـ امرأة زنت وهي حبلى
روى الحافظ محب الدين الطبري،في (الرياض النضرة) وفي (ذخائر العقبى) والكنجي في (الكفاية) :دخل علي على عمر وإذا امرأة حبلى تقاد ترجم.
فقال:«ما شأن هذه»،قالت:يذهبون بي ليرجموني.فقال:«يا أمير المؤمنين،لأي شيء ترجم؟إن كان لك سلطان عليها فما لك سلطان على ما في بطنها».
فقال عمر:كل أحد أفقه منيـثلاث مراتـفضمنها علي (عليه السلام) حتى وضعت غلاما،ثم ذهب بها إليه فرجمها [١٥] .
٧ـ امرأة تحتال على شاب من الأنصار
روى ابن القيم الجوزية في (الطرق الحكمية) بسنده:أتي عمر بن الخطاب بامرأة قد تعلقت بشاب من الأنصار وكانت تهواه،فلما لم يساعدها احتالت عليه،فأخذت بيضة فألقت صفرتها وصبت البياض على ثوبها وبين فخذيها،ثم جاءت إلى عمر صارخة،فقالت:هذا الرجل غلبني على نفسي وفضحني في أهلي،وهذا أثر فعاله.
فسأل عمر النساء فقلن له:إن ببدنها وثوبها أثر المني،فهم بعقوبة الشاب،فجعل يستغيث ويقول:يا أمير المؤمنين تثبت في أمري،فوالله ما أتيت فاحشة،وما هممت بها،فلقد راودتني عن نفسي فاعتصمت.
فقال عمر:يا أبا الحسن ما ترى في أمرهما؟فنظر علي إلى ما على الثوب،ثم دعا بماء حار شديد الغليان،فصب على الثوب فجمد ذلك البياض،ثم أخذه واشتمه وذاقه،فعرف طعم البيض وزجر المرأة فاعترفت [١٦] .
٨ـ امرأة زنت وهي مضطرة
روى ابن القيم الجوزية في (الطرق الحكمية) و(كنز العمال) نقلا عن البغوي،بسندهم أن عمر بن الخطاب أتي بامرأة زنت فأقرت فأمر برجمها،فقال علي (عليه السلام) :«لعل بها عذرا» .ثم قال لها:«ما حملك على الزنا».
قالت:كان لي خليط وفي إبله ماء ولبن،ولم يكن في إبلي ماء ولا لبن،فظمئت فاستسقيته فأبى أن يسقيني حتى أعطيه نفسي،فأبيت عليه ثلاثا،فلما ظمئت وظننت أن نفسي ستخرج،أعطيته الذي أراد،فسقاني.
فقال علي«الله أكبر،فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه،إن الله غفور رحيم» [١٧] .
وفي (تهذيب الشيخ) روى هذه القضية لامرأة كانت في فلاة من الأرض فأصابها العطش،الحديث [١٨] .
وفي كنز العمال عن أم كلثوم إبنة أبي بكر،أن عمر بن الخطاب كان يعس [١٩] بالمدينة ذات ليلة فرأى رجلا وامرأة على فاحشة،فلما أصبح،قال للناس:أرأيتم أن إماما رأى رجلا وامرأة على فاحشة،فأقام عليهما الحد ما كنتم فاعلين؟،قالوا:إنما أنت إمام،فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام) :ليس ذلك لك،إذن يقام عليك الحد،إن الله لم يأمن على هذا الأمر أقل من أربعة شهداء،ثم تركهم ما شاء الله أن يتركهم،ثم سألهم،فقال القوم مثل مقالتهم الاولى،وقال علي (عليه السلام) :مثل مقالته [٢٠] .
٩ـ قضاؤه في خمسة نفر في قصة واحدة وأحكام خمسة
في (التهذيب) للشيخ الطوسي (رحمة الله عليه) ،عن علي بن إبراهيم،عن أبيه،عن محمد بن الفرات،عن الأصبغ بن نباته،قال:أتي عمر بخمسة نفر أخذوا في الزنى،فأمر أن يقام على كل واحد منهم الحد،وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) حاضرا،فقال:«يا عمر،ليس هذا حكمهم؟»قال عمر:فأقم أنت الحد عليهم،فقدم (ع) واحدا منهم فضرب عنقه،وقدم الآخر فرجمه،وقدم الثالث فضربه الحد،وقدم الرابع فضربه نصف الحد،وقدم الخامس فعزره،فتحير عمر وتعجب الناس من فعله،فقال عمر:يا أبا الحسن،خمسة نفر في قصة واحدة،أقمت عليهم خمسة حدود،ليس شيء منها يشبه الآخر؟!
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) :«أما الأول فكان ذميا فخرج عن ذمته لم يكن له حد إلا السيف.
وأما الثاني:فرجل محصن كان حده الرجم.
وأما الثالث:فغير محصن حده الجلد.
وأما الرابع:فعبد ضربناه نصف الحد.
وأما الخامس:مجنون مغلوب على عقله [٢١] .
١٠ـ جاريتان تنازعتا في ابن وبنت
قيس بن الربيع،عن جابر الجعفي،عن تميم بن خزام الأسدي:أنه دفع إلى عمر منازعة جاريتين تنازعتا في ابن وبنت،فقال:أين أبوالحسن مفرج الكرب؟فدعي له به،فقص عليه القصة،فدعا بقارورتين فوزنهما،ثم أمر كل واحدة فحلبت في قارورة ووزن القارورتين فرجحت إحداهما على الأخرى،فقال:«الابن للتي لبنها أرجح،والبنت للتي لبنها أخف».
فقال عمر:من أين قلت ذلك،يا أبا الحسن؟.
فقال (عليه السلام) :«لأن الله جعل للذكر مثل حظ الأنثيين».
قال ابن شهر آشوب في ذيله:وقد جعلت الأطباء ذلك أساسا في الاستدلال على الذكر والانثى [٢٢] .
وروى العلامة المجلسي في (البحار) نحوه لكن ذكر من قضاياه في خلافته [٢٣] .
١١ـ رجل أقطع اليد والرجل وقد سرق
روى في (سنن البيهقي) ج ٨ وكذا في (كنز العمال) ج ٣ عن عبد الرحمن بن عائذ،قال:أتي عمر بن الخطاب برجل أقطع اليد والرجل قد سرق (ولعل هذهالسرقة في مرة ثالثة) فأمر به عمر أن تقطع رجله.
فقال علي (عليه السلام) :«إنما قال الله عز وجل: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أويصلبوا أوتقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف [٢٤] ،فقد قطعت يد هذا ورجله فلا ينبغي أن تقطع رجله فتدعه ليس له قائمة يمشي عليها (والسارق ليس أسوء حالا من المرتد) إما أن تعزره وإما أن تستودعه السجن»فاستودعه عمر السجن [٢٥] .
وفي صحيحة محمد بن قيس،عن أبي جعفر (عليه السلام) قال«قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في السارق إذا سرق قطعت يمينه،وإذا سرق مرة اخرى قطعت رجله اليسرى،ثم إذا سرق مرة اخرى سجنته،وتركت رجله اليمنى يمشي عليها إلى الغائط،ويده اليسرى يأكل بها ويستنجي بها،وقال:إني لأستحيي من الله أن أتركه لا ينتفع بشيء،ولكني أسجنه حتى يموت في السجن،وقال:ما قطع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من سارق بعد يده ورجله» [٢٦].
١٢ـ رجل أسود وامرأة سوداء وولدهما أحمر
روى ابن القيم الجوزية في (الطرق الحكمية) بسنده:أنه أتي عمر بن الخطاب برجل أسود ومعه امرأة سوداء،فقال:يا أمير المؤمنين،إني أغرس غرساأسود وهذه سوداء على ما ترى،فقد أتتني بولد أحمر.
فقالت المرأة:واللهـيا أمير المؤمنينـما خنته،وإنه لولده.فبقي عمر لا يدري ما يقول :فسأل عن ذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال للأسود:«إن سألتك عن شيء أتصدقني؟»قال :أجل،والله.
قال:«هل واقعت امرأتك وهي حائض؟»قال:قد كان ذلك.
قال علي (عليه السلام) :«الله أكبر،إن النطفة إذا خلطت بالدم فخلق الله عز وجل منها خلقا كان أحمر،فلا تنكر ولدك فأنت جنيت على نفسك» [٢٧] .
١٣ـ أمانة رجلين عند امرأة
روى ابن الجوزي في كتاب (الأذكياء) وكتاب (أخبار الظراف) ومحب الدين الطبري في (الرياض النضرة) وسبط ابن الجوزي في (التذكرة) والخوارزمي في (المناقب) عن حنش بن المعتمر،قال :إن رجلين أتيا امرأة من قريش فاستودعاها مائة دينار،وقالا:لا تدفعيها إلى أحد منا دون صاحبه حتى نجتمع،فلبثا حولا،ثم جاء أحدهما إليها،وقال:إن صاحبي قد مات فادفعي إلي الدنانير،فأبت،فثقل عليها بأهلها،فلم يزالوا بها حتى دفعتها إليه،ثم لبثت حولا آخر فجاء الآخر فقال:ادفعي إلي الدنانير.فقالت:إن صاحبك جاءني،وزعم أنك قدمت فدفعتها إليه.فاختصما إلى عمر فأراد أن يقضي عليها،وقال لها:ما أراك إلا ضامنة،فقالت:أنشدك الله،أن تقضي بيننا وارفعنا إلى علي بن أبي طالب،فرفعها إلى علي وعرف أنهما قد مكرا بها،فقال:«أليس قلتما لا تدفعيها إلى واحد منا دون صاحبه؟».قال:بلى.
قال:«فإن مالك عندنا،اذهب فجىء بصاحبك حتى ندفعها إليكما»فبلغ ذلك عمر،فقال:لا أبقاني الله بعد ابن أبي طالب [٢٨] .
١٤ـ انكار امرأة ولدها الذي ولدت
عن عاصم بن ضمرة،قال:إن غلاما وامرأة أتيا عمر،فقال الغلام:هذه والله امي حملتني في بطنها تسعا،وأرضعتني حولين كاملين،فانتفت مني وطردتني،وزعمت أنها لا تعرفني،فأتوا بها مع أربعة إخوة لها وأربعين قسامة يشهدون لها أن هذا الغلام مدع ظلوم يريد أن يفضحها في عشيرتها وأنها بخاتم ربها لم يتزوج بها أحد،فأمر عمر بإقامة الحد عليه،فرأى عليا (عليه السلام) فقال:يا أمير المؤمنين،احكم بيني وبين امي،فجلس (عليه السلام) موضع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال:«لك ولي؟».قالت:نعم،هؤلاء الأربعة إخوتي،فقال:«حكمي عليكم جائز وعلى أختكم؟»قالوا:نعم.
قال:«اشهد الله واشهد من حضر أني زوجت هذه الامرأة من هذا الغلامبأربعمائة درهم والنقد من مالي،يا قنبر علي بالدراهم».فأتاه بها،فقال:خذها فصبها في حجر امرأتك وخذ بيدها إلى المنزل،فصاحت المرأة الأمان يابن عم رسول الله،هذا والله ولدي،زوجني إخوتي هجينا [٢٩] فولدت منه هذا،فلما بلغ وترعرع أنفوا وأمروني أن انتفي منه وخفت منهم،فأخذت بيد الغلام فانطلقت به فنادى عمر:لولا علي لهلك عمر [٣٠] .
١٥ـ أمرأتان تتنازعان طفلا واحدا
روى جماعة،منهم إسماعيل بن صالح،عن الحسن:أن امرأتين تنازعتا على عهد عمر في طفل ادعته كل واحدة منهما ولدا لها بغير بينة،فغم عليه وفزع فيه إلى امير المؤمنين (عليه السلام) فاستدعى المرأتين ووعظهما وخوفهما،فأقامتا على التنازع،فقال (عليه السلام) :«ائتوني بمنشار».
فقالتا:ما تصنع به؟
قال:«أقده بنصفين،لكل واحدة منكما نصفه»فسكتت إحداهما،وقالت الأخرى:الله اللهـيا أبا الحسنـإن كان لابد من ذلك فقد سمحت له بها.
فقال«الله أكبر هذا ابنك دونها،ولوكان ابنها لرقت عليه وأشفقت»فاعترفت الاخرى بأن الولد لها دونها [٣١] .
١٦ـ إلحاق الولد بإلرجل رغم ولادته لستة أشهر
روى الجويني في فرائده،والعلامة الهندي في كنز العمال،بسندهما عن أبي الأسود الدؤلي :أن عمر أتي بامرأة وضعت لستة أشهر فهم برجمها،فبلغ ذلك عليا،فقال:ليس عليها رجم،فبلغ ذلك عمر،فأرسل إليه يسأله،فقال علي (ع) والوالدات يرضعن أولاد هن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة [٣٢] .
وقال عز وجل: وحمله وفصاله ثلاثون شهرا [٣٣] فستة أشهر حمله،وحولين [٣٤] تمام الرضاع،لا حد عليها».
قال:فخلى عنها،ثم ولدت بعد ذلك نساء لستة أشهر [٣٥] .
وزاد في المناقب:فقال عمر:لولا علي لهلك عمر.وخلى سبيلها وألحق الولد بالرجل [٣٦] .
١٧ـ قصة قدامة بن مظعون وإجراء الحد عليه
ما ذكره المفيد في (الإرشاد) وابن شهر آشوب في (المناقب) قالا:روىالعامة والخاصة من أن قدامة بن مظعون قد شرب الخمر،فأراد عمر أن يحده،فقال له قدامة:إنه لا يجب علي الحد،لأن الله تعالى يقول: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات [٣٧] فدرأ عمر عنه الحد،فبلغ ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فمشى الى عمر فقال له:«لم تركت إقامة الحد على قدامة في شرب الخمر؟»،فقال عمر:إنه تلا علي الآية،وتلاها عمر.
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) :«ليس قدامة من أهل هذه الآية،ولا من سلك سبيله في ارتكاب ما حرم الله تعالى إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا يستحلون حراما،فاردد قدامة واستتبه مما قال،فإن تاب فأقم عليه الحد،وإن لم يتب فاقتله،فقد خرج عن الملة»فاستيقظ عمر لذلك،وعرف قدامة الخبر،فأظهر التوبة والإقلاع،فدرأ عمر عنه القتل،ولم يدر كيف يحده،فقال لأمير المؤمنين (عليه السلام) :أشر علي في حده.
فقال:«حده ثمانين،إن شارب الخمر إذا شربها سكر،وإذا سكر هذى،وإذا هذى افترى»فجلده عمر ثمانين [٣٨].
١٨ـ صورة اخرى في قصة قدامة
وروى الكليني (رحمة الله عليه) قصة قدامة بن مظعون بمضمون آخر عن الحسين بن زيد،عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) قال:«أتيعمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون وقد شرب الخمر،فشهد عليه رجلان:أحدهما خصي وهوعمروبن التميمي،والآخر المعلى بن الجارود،فشهد أحدهما أنه رآه يشرب الخمر،وشهد الآخر أنه رآه يقيء الخمر.
فأرسل عمر إلى اناس من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيهم أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال لأمير المؤمنين:ما تقول،يا أبا الحسن؟فإنك الذي قال فيك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :«أنت أعلم هذه الأمة وأقضاها بالحق»فإن هذين قد اختلفا في شهادتهما،قال:«ما اختلفا في شهادتهما وما قاءها حتى شربها»،فقال:هل تجوز شهادة الخصي؟قال :«ما ذهاب لحيته [٣٩] إلا كذهاب بعض أعضائه» [٤٠] .
اتضح مما ذكرناه من اعتراف عمر بن الخطابـفي هذه الموارد وغيرها التي لم نذكرها رعاية للاختصارـأن عليا (عليه السلام) أعلم هذه الأمة وأقضاها بالحق فكيف منعه عن حقه؟!! !.
قصة تجسس عمر بن الخطاب على امرأة ورجل
بعد ما مر منا من قضايا علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقول عمر:لولا علي لهلك عمر،نذكر قضية عمر في عسه وتجسسه،استطرادا،فإنها ظريفة وجديرة بالنقل،والقضية منقولة في كتب العامة على نحومتفاوت في المتن نذكر بعض نقلها:أـخرج عمر بن الخطاب في ليلة مظلمة،فرأى في بعض البيوت ضوء سراج،وسمع حديثا،فوقف على الباب يتجسس فرأى عبدا أسود،قدامه إناء فيه مزر وهويشرب،ومعه جماعة،فهم بالدخول من الباب فلم يقدر من تحصين البيت،فتسور على السطح ونزل إليهم من الدرجة ومعه الدرة،فلما رأوه قاموا وفتحوا الباب،وانهزموا فمسك الأسود،فقال له:يا أمير المؤمنين!قد أخطأت،وإني تائب،فاقبل توبتي.
فقال:اريد أن أضربك على خطيئتك.
فقال:يا أمير المؤمنين!إن كنت قد أخطأت في واحدة،فأنت قد أخطأت في ثلاث:فإن الله تعالى قال: ولا تجسسوا [٤١] وأنت تجسست،وقال تعالى: وأتوا البيوت من أبوابها [٤٢] وأنت أتيت من السطح،وقال تعالى: لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها [٤٣] وأنت دخلت وما سلمت،الحديث [٤٤] .
صورة اخرى
عن عمر بن الخطاب أنه كان يعس ليلة فمر بدار سمع فيها صوتا،فارتاب وتسور،فرأى رجلا عند امرأة،وزق خمر،فقال:يا عدوالله،أظننت أن الله يسترك وأنت على معصية؟فقال:لا تعجلـيا أمير المؤمنينـإن كنت أخطأت في واحدة،فقد أخطأت في ثلاث:قال الله تعالى: ولا تجسسوا وقد تجسست،وقال: وأتوا البيوت من أبوابها وقد تسورت،وقال: إذا دخلتم بيوتا فسلموا [٤٥] وما سلمت،فقال:هل عندك من خير إن عفوت عنك؟قال:نعم،والله لا أعود،فقال:اذهب فقد عفوت عنك.
والعجب من بعض العامة أنهم جعلوا هذه القضية مكرمة لعمر بن الخطاب،صدق قول الله تعالى : ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة منهم ابن الجوزي فإنه عد هذه الفضيحة من مناقب عمر،وتبعه شاعر النيل حافظ إبراهيم ونظمها في قصيدته العمرية،فقال تحت عنوان:مثال رجوعه إلى الحق.
وفتية ولعوا بالراح فانتبذوا ***** لهم مكانا وجدوا في تعاطيها
ظهرت حائطهم لما علمت بهم ***** والليل معتكر الأرجاء ساجيها
إلى آخره اشعاره [٤٦] .
قال الأميني (رضوان الله عليه) :هكذا يعمي الحب ويصم،ويجعل الموبقات مكرمات،ويبدل السيئات حسنات [٤٧].
——————————————————————————–
[١] . بغت:زنت.
[٢] . افتضتها:رفعت بكارتها.
[٣] . من غمده:أي غلافه حيلة لتخاف وتقر بالحق.
[٤] . أي في الذهاب الى محلها السابق ونحوه أوالأمان من القتل لكونها غير مستحقة للقتل،أوغير ذلك.
[٥] . حد القذف ثمانون جلدة.
[٦] . فرق بينها وبين زوجها بالطلاق.
[٧] . من لا يحضره الفقيه ج ٣ ص ٢٠ رقم ٣٢٥١ .
[٨] . في الكافي ج ٧ ص٤٢٥ .
[٩] . معتوهة:مجنونة.
[١٠] . راجع ذخائر العقبى للطبري ص ٨١ والرياض النضرة ج ٣ ص ١٦٤ وفضائل احمد بن حنبل .
[١١] . كنز العمال ج ٥ ص ٤٥١ ح ١٣٥٨٤ .
[١٢] . بحار الأنوار ج ٤٠ ص ٢٢٦ والمناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٣٦٠ .
[١٣] . بحار الأنوار ج ٤٠ ص ٢٢٦ والمناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٣٦٠ .
[١٤] . فرائد السمطين ج ١ ص ٣٥٠ رقم ٢٧٦،والمناقب للخوارزمي ص ٣٩ .
[١٥] . الرياض النضرة ج ٣ ص ١٦٣ وذخائر العقبى ص ٨١ والكفاية ص ١٠٥ .
[١٦] . الطرق الحكمية لابن القيم ص ٤٧ نقلا عن الغدير ج ٦ ص ١٢٦ .
[١٧] . الطرق الحكمية ص ٥٣ نقلا عن الغدير ج ٦ ص ١٢٠،ورواه في كنز العمال ج ٥ ص ٤٥٧ ح ١٣٥٩٦ عن أبي الضحى مع اختلاف في بعض ألفاظه.
[١٨] . التهذيب للشيخ الطوسي (ره) ج ١٠ ص ٤٩ رقم ١٨٦ .
[١٩] . يعس: يطوف بالليل يحرس الناس ويكشف أهل الريبة.
[٢٠] . كنز العمال ج ٥ ص ٤٥٧ ح ١٣٥٩٧ .
[٢١] . التهذيب للشيخ الطوسي (ره) ج ١٠ ص ٥٠ رقم ١٨٨ .
[٢٢] . المناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٣٦٧ .
[٢٣] . بحار الأنوار ج ٤٠ ص ٣١٧ .
[٢٤] . سورة المائدة ٣٣ .
[٢٥] . في المغني لابن قدامة ج ١٠ ص ٢٧٣ وسنن البيهقي ج ٨ ص ٢٧٤،وكنز العمال ج ٣ ص ١١٨ على ما في الغدير ج ٦ ص ١٣٦ .
[٢٦] . فروع الكافي ج ٧ ص ٢٢٣ ووسائل الشيعة ج ١٨ ص ٤٩٢ .
[٢٧] . الطرق الحكمية ص ٤٧ نقلا عن الغدير ج ٦ ص ١٢٠،وفي البحار ج ٤٠ ص ٢٢٩ روى الحديث ملخصا.
[٢٨] . الأذكياء لابن الجوزي ص ١٨ اخبار الظرائف لابن الجوزي ص ١٩ نقلا عن الغدير ج ٦ ص ١٢٦ والرياض النضرة ج ٣ ص ١٦٥ وذخائر العقبى ص ٨٠ والتذكرة ص ١٤٨ ومناقب الخوارزمي ص ٥٣ .
[٢٩] . الهجين:اللئيم.
[٣٠] . المناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص٣٦١ .
[٣١] . المناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص٣٦٧ .
[٣٢] . سورة البقرة: ٢٣٣ .
[٣٣] . سورة الاحقاف:من آية ١٥ .
[٣٤] . كذا والصواب:حولان.
[٣٥] . فرائد السمطين ج ١ ص ٣٤٦ ح ٢٦٩ وروى في كنز العمال ج ٥ ص ٤٥٧ ح ١٣٥٩٨،والمجلسي في البحار ج ٤٠ ص ٢٥٢،والمفيد في الأرشاد ص ١٩٣ الفصل ٥٩ من الباب،عن يونس بن الحسن نحوه.
[٣٦] . المناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٣٦٥
[٣٧] . سورة المائدة: ٩٣ .
[٣٨] . الإرشاد للمفيد (ره) ص ١٩٠ فصل ٥٩ من الباب ٢ وروى في المناقب ج ٢ ص ٣٦٦ نحوه .
[٣٩] . كذا وفي بعض النسخ (ما ذهاب خصيته) ولا منافاة بين النسختين لأن الخصي لا تنبت لحيته.
[٤٠] . فروع الكافي ج ٧ ص ٤٠١ باب النوادر رقم ٢ـوالوسائل ج ١٨ ص ١٤١ـ٤٨٠ حد المسكر.
[٤١] . سورة الحجرات: ١٢ .
[٤٢] . سورة البقرة: ١٨٩ .
[٤٣] . سورة النور: ٢٧ .
[٤٤] . المستطرف لشهاب الدين الأبشهي ج ٢ ص ١١٥ نقلا عن الغدير ج ٦ ص ١٢١ .
[٤٥] . سورة النور: ٦١ .
[٤٦] . الرياض النضرة ج ٣ ص ٢٦ وشرح ابن أبي الحديد ج ١ ص ٦١ وج ٣ ص ٩٦ والدر المنثور ج ٦ ص ٩٣ والفتوحات الإسلامية ج ٢ ص ٤٧٧ نقلا عن الغدير ج ٦ ص ١٢١ .
[٤٧] . الغدير ج ٦ ص ١٢٢ .
يتبع …..
المصدر: http://arabic.balaghah.net