أخذت مواجهة بطون قريش العدائية للنبي و دينه و عترته و أتباعه أشكالا متعددة
بدأت بالسخرية و الاستهزاء ، و تكذيب النبي ، ثم محاوله إغرائه ، ثم إيذائه و الطعن بشخصيته ، و اختلاق الأكاذيب عليه ، و نشرها بين العرب ، و التهديد بقتله ، و فرض الحصار و المقاطعة على بني هاشم الذين احتضنوه ، و الطعن بالقرآن الكريم و زعمهم بأنه أساطير الأولين ، و ان عناصر أجنبيه تلقنه هذا القرآن ، و الطعن بمضامين الدعوة الإسلامية و التشكيك بها ، و الشروع بقتله لمنعه من الهجرة ، و تخصيص الجوائز لمن يقبض عليه حيا أو ميتا ، و التضييق على أتباعه ، و منعهم من الهجرة ، و محاولة أعادة الذين هاجروا منهم ليردوهم عن دينهم ، و سومهم سوء العذاب لمن لا عشيرة له ، حتى مات بعضهم تحت التعذيب .
و أخيرا جيشت بطون قريش الجيوش ، و حاربت النبي و دينه في بدر و احد و الخندق . . و عندما هزمت البطون و اضطرت إلى الدخول في الإسلام كارهه ، اندست بين الصفوف و شكلت مركز تأثير ، و بعد موت النبي قبضت على مقاليد الأمور بدعوى ان محمدا رجل من قريش ، و ان البطون القريشية أولى به لأنه منها ، و إيضاحا للأمور و تمهيدا لبسط الحقائق ، سنفرد فقرة خاصة بكل شكل من أشكال مواجهة بطون قريش العدائية للنبي و عترته و أتباعه المخلصين .
الهزء و السخرية
في المرحلة السرية من الدعوة الإسلامية ، و قبل أن يؤمر النبي بإعلان دعوته انتشرت في أوساط مكة شائعات عن أنباء النبوة و الرسالة و الكتاب ، فكان النبي إذا مر بملأ من قريش قالوا :
( إن فتى عبد المطلب ليكلم من السماء ) 1 حتى إذا ما أعلن النبي دعوته أفصحوا عن سخريتهم و أعلنوا هزئهم بصوره واضحة .
و لقد سجل القرآن الكريم هذا الشكل من مواجهة بطون قريش حيث قال تعالى :
﴿ وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَٰذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ … ﴾ 2و قوله تعالى :
﴿ وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَٰذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا ﴾ 3.
و قد قررت بطون قريش ان تكون فرقه خاصة مهمتها الاستهزاء بالرسول ، و جعلت أقطابها الوليد بن المغيرة والد خالد بن الوليد ، و عقبة بن أبي معيط ، و الحكم بن العاصبن أمية ، جد ملوك بني أمية و والد مروان بن الحكم باني المملكة الأموية ، و عم عثمان بن عفان الخليفة الراشد الثالث ، و أبو جهل 4 . . و قد أشار القرآن الكريم لوجود هذه الفرقة بقوله تعالى : ﴿ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ﴾ 5.
و ما يوكد واقعة الاستهزاء قوله تعالى :
﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ … ﴾ 6و قوله تعالى :
﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ 7.
و بالإيجاز فقد كانت بطون قريش تسخر من النبي ، و تستهزئ به و ترى انه غير آهل للرسالة ، لانه ليس عظيما بمقاييسهم الفاسدة للعظمة ، انظر إلى قوله تعالى مسجلا الظواهر التي كانت بطون قريش تبنى عليها مواقفها :
﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ 8.
تكذيب البطون للنبي
لم تكتف بطون قريش بالسخرية و الاستهزاء بالنبي ، انما أشاعت بين سكان مكة و قبائل العرب بان النبي ( حاشاه ) كاذب فيما زعم من أمر النبوة و الرسالة ، و زعمت انه مفتر ، و قد سجل القرآن الكريم واقعه تكذيب البطون لرسول اللّه حيث قال تعالى :
﴿ وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ … ﴾ 9 و قوله تعالى :
﴿ قُلْ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ … ﴾ 10و قوله تعالى :
﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ﴾ 11.
و كان تأثير هذه الإشاعات ساحقا على قبائل العرب ، لان بطون قريش لها مكانة أدبية خاصة عند العرب بوصف هذه البطون حماة البيت الحرام و جيرانه و سدنته ، و بالتالي فان قبائل العرب تعتبر رأى البطون بالنبي ثقة ، و اقتنعت أكثر هذه القبائل بان رسول اللّه ( حاشاه ) كاذب في أمر النبوة و الرسالة بدليل انه عرض نفسه على قبائل كثيرة فكانت تلك القبائل تقول له :
اسرتك و عشيرتك اعلم بك حيث لم يتبعوك 12 . . . و ظل على هذه الحالة حتى ساقه اللّه لحى من أهل يثرب .
محاولات الإغراء
في إطار الحرب النفسية ، و محاولات بطون قريش ، لتطويق الداعية ، و إجهاض الدعوة ، توجهت زعامة تلك البطون إلى أبي طالب ، حامي الداعية و الدعوة ، و عميد البيت الهاشمي و قالوا له :
( ان ابن أخيك قد عاب آلهتنا ، و سفه أحلامنا و ضلل أسلافنا ، فليمسك عن ذلك ، و ليحكم في أموالنا بما يشاء ) ، و اطلع أبو طالب النبي على عرض قريش ، و من الطبيعي أن يرفض هذا العرض ، و أجاب عمه قائلا :
( ان اللّه لم يبعثني لجمع الدنيا و الرغبة فيها ، و انما بعثني لأبلغ عنه ، و أدل عليه ) 1 .
و استفاضت الروايات بان زعامة قريش جاءت إلى أبي طالب و شكت له أمر رسول اللّه و قالت له :
فان كان مريضا داويناه ، وان أراد مالا جمعنا له من أموالنا حتى يكون أكثرنا مالا . . فقال رسول اللّه :
واللّه لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في يساري ما تركت هذا الأمر حتى يظهره اللّه او أموت دونه 13 .
فكفت قريش عن محاولاتها الفاشلة لإغراء النبي .
الطعن بشخصية الرسول و إيذائه
ان محمدا كشخص لم يكن خافيا على زعامة قريش ، فهو ابن احد اشرف فتيانها عبد اللّه بن عبد المطلب 14 ، و هو حفيد عبد المطلب 15 ، السيد الصالح الذى نادى بأخلاق الحنيفية السمحاء في المجتمع الجاهلي ، الحكيم المجاب الدعوة و هو من بني هاشم 16 ، ذؤابة البطون و تاجها المتألق ، و لقد لفتت سيرة النبي قبل النبوة و أخلاقه العالية أنظار سكان مكة فسموه الأمين ، و لقد شاعت هذه الصفة بين سكان مكة كلها فعندما اختلفت بطون قريش على من يضع الحجر الأسود مكانه في الكعبة المشرفة ، و كادت هذه البطون ان تقتتل ، و اتفقوا على أن يحكموا بالأمر أول داخل عليهم ، فدخل محمد بن عبد اللّه ففرحت بطون قريش و قالت بلسان واحد :
( هذا الأمين قد رضينا به ، هذا محمد ) 17 .
فوضع الحجر في ردائه و طلب من كل قبيلة من القبائل المتنازعة ان تمسك بطرف الرداء و ترفعه ، و هكذا فعلت القبائل فتناوله بيده الشريفة و وضع الحجر الأسود مكانه في البناء ، فرضيت البطون ، و اكتشفت أن محمدا مع الأمانة حكيم .
و لقد شاعت هذه الصفات مع غيرها من صفاته الكريمة ، فكل بطون قريش تعلم علم اليقين ان محمدا أمين و صادق و حكيم ، و لكنها تجاهلت يقينها ، و كيدا منها زعمت انه ( حاشاه ) كاذب ، و ساحر ، و كاهن ، و مجنون ، و مفتر على اللّه تعالى ، و جندت بطون قريش كل إمكانياتها لنشر أكاذيبها على رسول اللّه ، لتصد الناس عن دينه ، و لتفشل دعوته و نبوته إن استطاعت ، حتى لا يومن به احد ، فقلبت بطون قريش الحقائق و أغرقتها في بحار من أكاذيبها إلى حين ، و تعمدت الكذب مع سبق الإصرار ، و لقد سجل القرآن الكريم الكثير من مطاعن هذه البطون بالنبي الأعظم :
﴿ فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ * أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ﴾ 18 ، ﴿ وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ﴾19.
لم تكتف بطون قريش بقلب الحقائق و بطعونها الظالمة بشخصية الرسول انما آذته أيضا بافعال مادية تمجها الفطرة السليمة ، فعلى سبيل المثال :
بينما كان النبي واقفا بين يدي اللّه مصليا ، و معلنا عبوديته له في بيت اللّه الحرام الذى يامن فيه الخائف ، رأته زعامة قريش على هذه الحالة فجمح بها طغيانها و أمرت غلاما أن يلقى فرثا و سلى قد استخرجوه من جزور مذبوح على ظهر النبي ، فنهض رسول اللّه من صلاته كسير الحال ، و اخبر عمه أبا طالب بما جرى ، فغضب أبو طالب و توشح بسيفه و اقبل على زعامة البطون الجالسة حول الكعبة ، و قال مهددا :
( واللّه لا يتكلم منكم رجل الا ضربته ثم أمر غلامه فألقى الفرث و السلى على وجوه زعامة البطون ردا على ما فعلته بمحمد ) 20 .
و قال القرطبي في تفسيره :
ان أبا طالب لطخ بالفرث وجه عبد اللّه بن الزبعرى ، و هو الذي لطخ رسول اللّه .
الطعن بالقرآن الكريم
في معرض مواجهه بطون قريش لمحمد و لآل محمد و لمن والاهم ، و إصرارا منها على إلحاق الهزيمة بمحمد و آله ، و صرفا لشرف النبوة عنهم ، طعنت بطون قريش في القرآن الكريم ، على اعتبار انه أعظم براهين النبوة ، فزعمت ان هذا القرآن أساطير الأولين ، و أن محمدا تقوله على اللّه ، و انه مفترى ، و لو شاءت تلك البطون لقالت مثله ، و عندما تحداها محمد بأمر من ربه ان تأتي بعشر سور مفتريات من مثله كما تزعم عجزت ، و سلمت عمليا ، و تحداها أن تأتي بسورة فعجزت ، ثم أعلن النبي بأمر من ربه بأن الجن و الإنس لو اجتمعا لن يأتوا بمثل هذا القرآن و لو تظاهروا .
و مضت بطون قريش في أكاذيبها ، فقالت :
ان القرآن عمل ساحر ، و فن شاعر ، و تراتيل كاهن ، و لكن البطون كانت مقتنعة ان اتهاماتها مختلقة ، و غير مقنعة و ان دعاياتها فاشلة ، و عاجزة عن إقناع العقل البشرى مهما انحط مستواه ، و لكنها قدرت ان هذه الدعايات على هزالتها ، ستشغل العامة و تصدهم عن الإصغاء لمحمد .
و شككت بطون قريش بصحة الأخبار و الأنباء التي جاء بها القرآن ، و أبدت عجبها من جعل الآلهة إلها واحدا ، و يجيبها القرآن بأنه على فرض وجود آلهة ، فان بعض الآلهة سيعلو على بعض و ستكون الكلمة العليا لإله واحد ، و بغير ذلك يتعذر تدبير الكون ، و تبدى بطون قريش شكها المطلق بإمكانية إعادة تركيب الإنسان بعدم موته ، و يجيبهم القرآن الكريم ، كونوا اى شيىء مما يكبر في صدوركم ، فان الذى خلق هذا الشيء أول مره بقادر على إعادته بعد تلفه .
و كان واضحا ان بطون قريش قد هزمت منطقيا و هزمت عقليا ، و ان النبي بهدى من ربه قد أجابها على كافة تساؤلاتها و طعونها إجابات مقنعة ، و ان الحجة قد أقيمت على بطون قريش تماما 21 ثم ان قريش تعرف محمدا ولم تعهد عليه الكذب على الناس ، و كانت بطون قريش مجتمعه تلقبه بالأمين لصدقه و أمانته و رجاحة عقله 22 ، و قد عاش النبي بين البطون ، و أيقنت بنبله و شرفه و تميزه ، ثم ان محمدا سليل عبد اللّه ، و عبد اللّه سليل عبد المطلب ، و عبد المطلب سليل هاشم ، و هاشم سليل عبد مناف ، و هولاء سادات قريش و أشرافها و حكماؤها ، فهل يعقل ان يكذب من كانت هذه صفاته على الكبر بعد ان بلغ أربعين عاما !!
و هل يعقل أن يكون كذبه على اللّه تعالى !!
إن بطون قريش مقتنعة باستحالة ذلك و هي ترى أن محمدا سويا ليس به جنة ، و يزداد كل يوما تألقا و رجاحة و بهاء .
لكن بطون قريش تكره ان يكون النبي من بني هاشم ، و ان يختص الهاشميون بشرف النبوة من دون بطون قريش ، و دافع البطون الحقيقي هو الحسد لبني هاشم و الخوف على مصالحها 23 .
و للتعبير عن حقيقة دافعها هذا وضعت البطون أصابعها في آذانها ، و تجاهلت صوت العقل و المنطق ، و أصرت على متابعة دعاياتها المختلفة الفاشلة ، و شكلت فرقه من المستهزئين بمبلغ الرسالة منهم الوليد بن المغيرة والد خالد بن الوليد ، و العاصبن وائل والد عمرو بن العاص ، و عقبة بن أبي معيط والد الوليد بن عقبه ، و الحكمبن العاص جد ملوك بني أمية و والد مروان بن الحكم باني المملكة الأموية ، و عم عثمانبن عفان 24 و استعانت هذه الفرقة بمحدثين كالنضر بن الحرث الذي كان يحدث قريش عن أخبار ملوك فارس و هو عليم بها 25 و ذلك لغايات صد الناس عن محمد ، و صدهم عن السماع له او الإنصات إلى القرآن الكريم ، ولإلهاء الناس عن الدين الجديد .
التعذيب و التقتيل و الإيذاء
قلنا :
ان عددا من سكان مكة قد دخل في دين الإسلام ، و كان المطلوب من المسلم ان يشهد بوحدانية اللّه تعالى ، و بان محمدا نبي اللّه و رسوله و أن يطيع النبي ، و يسمع منه ، لم يطلب منهم النبي ان يواجهوا بطون قريش ، او ان يحموه او يحموا دعوته ، فقد كانت المواجهة الفعلية محصورة بالنبي و بني هاشم من جهة ، و بين بطون قريش ال 23 من جهة ثانية ، و تصدى الهاشميون و معهم بنو المطلب لحماية النبي و حماية دعوته 26 بمعنى ان دور الذين اسلموا محصور بالثبات على إسلامهم و اعتقادهم بوحدانية اللّه و بنبوة محمد و رسالته .
و مع هذا كانت تعتبرهم بطون قريش من موالى محمد ، و جزءا من جبهة المواجهة التي يقودها النبي بالتعاون و التعاضد مع البطن الهاشمي .
و من هنا فقد صبت بطون قريش جام غضبها على الموالى أو الاحابيش أو العبيد ـ الذين لا قبائل لهم تحميهم ـ فنكلت بهم تنكيلا تقشعر من هوله الأبدان ، و كشفت هذه البطون عن طبيعة الشرك بتعامله مع من يظفر بهم من أعدائه ، و ابرز التاريخ مجموعة من الصور المرعبة لهذا التنكيل ، فقد كان أمية بن خلف احد ساده البطون يخرج عبده المملوك بلال بن رباح الحبشي إذا حميت الشمس وقت الظهيرة و يلقيه في الرمضاء على وجهه و على ظهره ، ثم يأمر بوضع صخرة كبيرة على صدره 27 .
و ياسر ، و ابنه عمار ، و زوجته سمية ، تلك الأسرة الضعيفة أخرجها أبو جهل احد سادات البطون و عذبها عذابا أليما ، فتوجعت الأم سمية فأغضبت أبا جهل فطعنها بحربه في فرجها فماتت ، و مات ياسر من التعذيب ، و تحمل عمار العذاب 28 .
و عاش عمار بعد ذلك ، حتى قتله معاوية في معركة صفين و هو يقاتل إلى جانب الإمام علي .
و خباب بن الأرت التميمي احد السبايا الذى عذب بالرضن ـ حجارة محماة بالنار ـ و لووا عنقه ، و ثبت على دينه حتى شهد انتصار الإسلام 29 .
وصهيب بن سنان الرومي و عامر بن فهير الذين عذبوا حتى دلعت ألسنتهم 30 .
و لبيبة جارية بني مومل بن حبيب بن عدى التي انزل بها عمر بن الخطاب اشد ألوان العذاب ثم تركها سائمة 31 .
و زنيرة المرأة التي عذبها عمر بن الخطاب حتى فقدت بصرها و لكن رد بصرها .
أما الذين آمنوا ممن لهم قبائل تحميهم ، فقد تعرضوا للمضايقات النفسية ، و لقارص القول ، و لصنوف الهزو و السخرية ، و لأنواع من الضغوط ، لأن القبيلة كانت بمثابة كيان سياسي ملتزم بخلع حمايته على أفراده ، و من هنا تعرض الذين اسلموا من بطون قريش للمضايقات و الضغوط ليتخلوا عن اعتقادهم بنبوة محمد و رسالته بالدرجة الأولى .
فرض الإقامة الجبرية على المسلمين
بعد ان نجحت قيادة بطون قريش بتطويق الدعوة ، و تشكيك قبائل العرب بصدق النبي ، و عقله ، و كجزء من مخططات قيادة هذه البطون لإفشال مشروع النبوة و الرسالة و القضاء عليه ، تابعت ضغوطها النفسية على الذين اتبعوا محمدا من أبناء البطون ، إذ يتعذر عليها ان تتجاوز معهم التضييق و الضغوط النفسية حتى لا تثير حفيظة البطون التي ينتمون إليها فيتداعى التحالف ضد النبي و ضد آله و ضد الإسلام .
و بنفس الوقت استمرت قيادة تلك البطون بإنزال أبشع أنواع التعذيب الوحشي ضد الذين اتبعوا محمدا من الموالى و العبيد الذين لا بطون لهم تحميهم . . .
و حتى لا يغيب أتباع محمد عن عيون تلك البطون و طمعا بخنق الدعوة المحمدية ، فرضت قيادة تلك البطون لونا من ألوان الإقامة الجبرية فمنعت أتباع محمد من الهجرة ، و أجبرتهم على البقاء في مكة ، ليسهل على البطون السيطرة على حركه النبوة و الرسالة و أتباعها .
فقد حاولت ان تمنع المهاجرة الأولى إلى الحبشة 32 و حاولت أن تمنع موجه المهاجرين الثانية إلى الحبشة ، و عندما نجح المهاجرون بالوصول إلى الحبشة شكلت قيادة بطون قريش وفدا إلى النجاشي برئاسة عمرو بن العاص و معه الهدايا و كلفته بإقناع النجاشي ليرد المهاجرين إلى مكة 33 .
و بعد موت أبي طالب ، قويت عيون بطون قريش على النبي فذهب إلى الطائف ، و جرت اتصالات بين زعامة البطون و زعامة الشرك في الطائف ، و رتبوا أسوأ استقبال لرسول اللّه في الطائف و هكذا أجهضوا مشروع هجرته إلى الطائف 34 .
و عندما هم النبي بالهجرة إلى المدينة المنورة تآمرت قيادة بطون قريش على قتله و شرعت بهذا القتل فعلا ، و لكن اللّه نجى نبيه 35 ، و لما نجح النبي بالهجرة إلى المدينة المنورة خصصت بطون قريش الجوائز لمن يقبض على النبي حيا او ميتا و يرده إلى مكة ، ليمضى بقية عمره تحت الإقامة الجبرية 36 .
الحصار و المقاطعة
المعسكران
عندما أمر النبي أن يصدع بأمر ربه ، دعا البطن الهاشمي لاجتماع في داره ، ثم أعلن رسول اللّه ( صلى الله عليه و آله ) أمام المجتمعين أنباء النبوة و الرسالة ، و بأمر من ربه عين علي بن أبي طالب وليا لعهده و إماما من بعده ، و ما ان انتشرت وقائع هذا الاجتماع حتى انقسم المجتمع المكي إلى معسكرين متواجهين .
أ ـ المعسكر الأول
و يتألف من الهاشميين بقيادة أبي طالب ، و يتعاطف معهم بطن بني المطلب بن عبد مناف ، و المسلمون من البطون الأخرى ، و الموالى ، و العبيد و هم معسكر الإسلام .
ب ـ المعسكر الثاني
و يتألف من بطون قريش ال 23 بقيادة البطن الأموي و بني مخزوم ، و بالتحديد أبي سفيان و بنيه و بني عمومته ، و أبي جهل و سادات البطون ال 23 ، و من والاهم من الموالى ، و الاحابيش ، و العبيد و هم معسكر الشرك .
أسس وحدة معسكر الشرك
قامت وحدة معسكر الشرك على أسس منها :
1 ـ ان بطون قريش ال23 تعتبر النبوة شرفا و مفخرة ، و ترفض بشدة ان ينال الهاشميون هذا الشرف دون البطون ، فإذا اختص الهاشميون بشرف النبوة و نالوا فخرها ، عندئذ يتعذر على البطون ان تحصل على مفخرة مشابهة لمفخرة النبوة ، فتقع الطامة الكبرى ، و يتكرس التميز الهاشمي و تختل الصيغة السياسية الجاهلية ، القائمة على التوازن بين البطون 37 .
2 ـ ثم ان قيادة معسكر الشرك اعتبرت النبوة طريقا للملك ، ليس ملك قريش فقط انما ملك العرب ، فإذا اعترفت بطون قريش بنبوة محمد الهاشمي فسيصبح سيد قريش و تتبعه العرب ، فيمسى سيدا للعرب كلها عندئذ يجمع الهاشميون شرف و فخر النبوة مع شرف و فخر الملك ، و يتحقق التميز الهاشمي إلى الأبد ، و على الرغم من ان بطون قريش ال23 قد دخلت الإسلام فيما بعد الا انها بقيت مسكونة بهذه التصورات المريضة 38 .
3 ـ كانت بطون قريش ال23 تشترك بحسد بني هاشم ، و تكره أن يأتيها الهدى عن طريق هاشمي ، فالظلام أحب إليها من نور يأتيها عن طريق هاشمي .
تلك حقيقة يصل إليها حتما و بالضرورة كل من وقف على مفاصل الحادثات التاريخية .
هدف معسكر الشرك
ينصب هدف معسكر الشرك المكون من بطون قريش ال23 على الرفض التام و المطلق للنبوة الهاشمية ، و تبعا لذلك رفض الرسالة ، و رفض الكتاب الإلهي ( القرآن الكريم ) لانها وصلتهم عن طريق الهاشميين ، و تعميم فكرة الرفض المطلق هذه على سكان مكة خاصة ، و على قبائل العرب و مواليها و عبيدها عامة ، و ذلك بإخفاء الدافع الحقيقي لرفضها ، و إشاعة أكاذيب مفادها :
ان محمدا صلى اللّه عليه و آله و سلم شاعر ، او كاهن ، او مسحور او مجنون ، او كاذب ( حاشاه ) ، او هذه الصفات مجتمعة قد توفرت فيه ، ثم انه رجل نكرة و ليس عظيما من عظماء القرشيين ، ثم ان هذا الذى جاء به محمد ما هو في الحق و الحقيقة إلا أساطير الأولين ، و مضامينه غير معقولة !!
فقد جعل الآلهة إلها واحدا !!!
و يدعى أن الإنسان إذا مات و تحول إلى تراب يبعثه اللّه من جديد و يحاسبه على كافة أعماله . . الخ من أكاذيب بطون قريش و تصوراتها المريضة .
أسهل خطة لتحقيق هدف معسكر الشرك
أسهل خطة لتحقيق هدف معسكر الشرك تكمن بقتل محمد ، و بقتله تقتل النبوة و الرسالة و يسدل الستار عليها قبل ان يفهمها الناس .
او ان تتسلم قيادة معسكر الشرك محمدا و تتصرف به كما يتصرف السيد بعبده ، فتنزل به اشد أنواع العذاب حتى يموت او تنتزع منه بالقوة اعترافات بعدم صحة أنباء النبوة و الرسالة و الكتاب و ولاية العهد ، و ان هذه الأنباء برمتها مختلقفه ، عندئذ تقدم قيادة معسكر الشرك هذه الاعترافات الزائفة لعامتها على أساس أنها حقائق ، و يسدل الستار نهائيا على تلك الأنباء العظيمة !!!
و تنتصر بطون قريش !!
و ترقص على انقاض المشروع الإلهي لإنقاذ الجنس البشرى .
من الذي منع معسكر الشرك من تنفيذ خطته السهلة ؟ منذ اليوم الأول لإعلان النبوة و الرسالة و الكتاب و ولاية العهد أعلن الهاشميون بلسان عميدهم عبد مناف بن عبد المطلب المكنى بأبي طالب بأن اى اعتداء على محمد هو اعتداء على كل الهاشميين باستثناء أبي لهب ، و ان الهاشميين ملتزمون بحماية النبي ، و حماية حقه بالدعوة إلى اللّه ، و ان الهاشميين لن يمكنوا أحدا من الوصول إلى محمد حتى يوسدوا في التراب 39 ، و ان اى إيذاء يلحق بمحمد سيرد الهاشميون فورا بمثله 40 ، و خاطب أبو طالب النبي بحضور الهاشميين :
( يا ابن أخي إذا أردت أن تدعو إلى ربك فأعلمنا حتى نخرج معك بالسلاح ) 41 و طمأنه نيابة عن الهاشميين قائلا :
( واللّه لا أزال أحوطك و أمنعك ) 42 ، و قد أشاعت قيادة معسكر الشرك بان محمدا قد قتل لتختبر جديه الهاشميين بالدفاع عن محمد ، و على اثر الإشاعة جمع أبو طالب رجالات بني هاشم و أعطى لكل واحد منهم حديدة صارمة ، و أمر كل واحد منهم ان يقف فوق رأس عظيم من عظماء البطون الذين تحلقوا حول الكعبة ، و ان ينتظر كل هاشمي إشارة من أبي طالب ليقتل زعماء بطون قريش كلهم ان صح موت محمد ، و بهذه الأثناء وصل الخبر بان محمدا لم يقتل ، فخاطب أبو طالب زعماء بطون قريش و اخبرهم بحقيقة ما هم بفعله لو ان محمدا قد قتل ، فصعقت زعامة البطون من هول رد الفعل الهاشمي 43 .
و توعد أبو طالب زعامة بطون قريش قائلا :
( واللّه لو قتلتموه ما أبقيت منكم أحدا حتى نتفانى نحن و انتم ) 44 ، فقال له المطعم بن عدي بن نوفلبن عبد مناف لقد كدت تاتى على قومك ؟ قال أبو طالب :
هو ذلك ، و خاطب النبي أمامهم شعرا :
فاذهب بنى فما عليك غضاضة *** اذهب و قر بذاك منك عيونا
فواللّه لن يصلوا إليك بجمعهم *** حتى اوسد في التـراب دفينا 45
لقد اقتنعت زعامة معسكر الشرك ان إقدامها على قتل محمد بهذه الظروف يعنى إشعال حرب أهليه بين البطن الهاشمي و بطن بني المطلب ـ الذي تضامن مع الهاشميين ـ و بين بقية بطون قريش ال 23 ، و إذا اشتعلت هذه الحرب فستأتي على قريش كلها ، و يبقى الفخر و الشرف مع الدمار و الأشلاء فأحجمت عن القتل إلى حين .
و من هنا انصبت مطالبها على تسليم محمد ، او ان يخلى الهاشميون بين البطون و بين محمد ، و رفض الهاشميون بلسان عميدهم أبي طالب هذين المطلبين جملة و تفصيلا .
الهاشميون هم العدو و ليس محمدا
أدركت زعامة معسكر الشرك ان عدوها اللدود هو البطن الهاشمي ، فلو لا هذا البطن لحققت زعامة الشرك الانتصار السريع على محمد و دعوته ، لذلك فكرت هذه الزعامة بطريقة حاسمة تجنب قريش إراقة الدماء و تركع نهائيا البطن الهاشمي ، و تجبره على التخلي عن محمد لتتمكن قريش من تصفيه حسابها معه .
فكرة الحصار و المقاطعة
فكرة الحصار والمقاطعة ، فكرة جديدة على العرب عامة و على بطون قريش خاصة ، و رغم تنقيبي المتواصل عن الفكرة إلا اننى لم أجد في تاريخ العرب و قريش خاصة حالة مشابهه لها ، و لست ادري كيف نشأ تصور الحصار و المقاطعة في ذهن زعامة الشرك ، و لا من الذي أوحى لها بهذا التصور و حدد معالمه و مداه ، لكن الأقرب إلى المنطق أن بطون قريش أدركت أن قتل محمد مكلف ، و ان الهاشميين جادون في موقفهم ، و انه ليس بإمكان قريش أن تدع محمدا و شانه ، فالناس يدخلون في دينه ، و من يدخل بهذا الدين لا يخرج منه ، و اذا تركوا محمدا و شانه فستنمو دعوته و سيتكاثر أتباعه ، فإذا أصبح قتل محمد مستحيلا بسبب الموقف الهاشمي ، فيجب ان تتحد البطون على مقاطعه بني هاشم ، و مواليهم ، و عبيدهم و حصرهم في شعب أبي طالب حتى يركعوا فيسلموا محمدا للبطون فتقتله ، و على هذا أجمعت بطون قريش ال23 بقيادة البطن الأموي الذي يلتقي مع البطن الهاشمي بالجد الثالث ( عبد مناف ) .
صحيفة الحصار و المقاطعة
اجتمع زعماء معسكر الشرك ( قاده بطون قريش ال23 ) و اتفقوا على أن يحصروا محمدا و بني هاشم و بني المطلب ، و مواليهم في شعب أبي طالب ، و تعاهدوا ان يقاطعوا النبي ، و أبا طالب ، و بني هاشم ، و بني المطلب ، مقاطعة اقتصادية و اجتماعية كاملة ، و أن لا يبايعوا أحدا من بني هاشم ، و لا يناكحوهم ، و لا يعاملوهم أبدا حتى يقوم الهاشميون بتسليم محمد لبطون قريش فتقتله ، و اعتبروا ذلك عقدا و عهدا ، و كتبوا به صحيفة مهرت بتواقيع ثمانين من زعماء بطون قريش ال23 ، و لإضفاء القداسة و الجدية على هذا التعاقد و التعاهد ، علقوا الصحيفة في جوف الكعبة في السنة السابعة من النبوة خلال شهر محرم 46 .
الهاشميون يعانون في الشعب و بطون قريش تتفرج
انحاز الهاشميون باستثناء أبي لهب ، و بنو المطلب بن عبد مناف إلى أبي طالب و دخلوا في شعبه او شعب بني هاشم ، ولم يكن يصل إليهم أي شيء من الطعام الا ما يتسرب إليهم سرا من بعض المتعاطفين معهم ، و استمر الحصار ثلاث سنوات ، أنفقت خلال هذه المدة خديجة بنت خويلد زوجه الرسول كافة أموالها ، و انفق أبو طالب و بنوه كل ما عندهم ، و اشتد الأمر على الهاشميين ، و على المطلبيين ، و عانوا الحرمان و الجوع ، و أكلوا نباتات الأرض ، و اضطر أطفالهم أن يمصوا الرمال من العطش ، و كانت بطون قريش تشاهد معاناة الهاشميين و تتلذذ بها ، و تتفرج دون أي إحساس بالحرج ، و كان على رأس المتفرجين بنو أمية ، و بنو تيم و بنو عدي ، و بنو مخزوم ، و بنو نوفل . . . الخ .
كان مطلب بطون قريش من بني هاشم ينحصر في تسليم محمد لهذه البطون لتقتله ، و تضع حدا لدعوته و لدين الإسلام .
و لكن الهاشميين لم يركعوا ، ولم يستسلموا ، ولم يعطوا الدنية ، إنما تحملوا ما لم تتحمله أية قبيلة من القبائل في سبيل محمد و في سبيل دينه .
فلو لا هم لقتلت البطون محمدا كما قتل غيره من الأنبياء ، و لو لا هم لما قامت للإسلام قائمة ، و لكان شان الإسلام كشأن غيره من دعوات الحق التي جاء بها النبيون و التي اجهضت من قبله ، و لكن اللّه تعالى أراد أن يظهر دينه ، و ان يتحمل البطن الهاشمي أعباء مرحلة التأسيس الحاسمة .
فشل الحصار و المقاطعة
استمر الحصار ثلاث سنوات عانى فيها الهاشميون الامرين ، و تحملوا ما لم يتحمله بشر ، و كان يكفيهم أن يخلوا بين محمد و بين بطون قريش ، او ان يسلموا محمدا لقيادة تلك البطون ، عندئذ يتجنبون مواجهة بطون قريش التي رمتهم بقوس واحدة ، و ينجون من العذاب الأليم الذي مسهم أثناء فترة الحصار و المقاطعة .
لكن تسليم الهاشميين لمحمد او تركه للبطون لتقضى فيه بأمرها ، أمر لا يتفق مع طبيعة أبي طالب عميد البطن الهاشمي آنذاك ، و لا يتفق مع الطبيعة الهاشمية ، من هنا فقد صبروا و صابروا و احتسبوا و جاء الفرج .
فأوحى اللّه تعالى لنبيه أن اللّه قد أرسل حشرة على صحيفة الحصار و المقاطعة فأكلت تلك الحشرة كل ما كتب فيها عدا ما كان فيها من اسم اللّه ، و ما إن انتهى جبريل من إلقاء تلك البشارة العظيمة حتى نهض رسول اللّه فاخبر عمه بتفاصيل خبر السماء هذا .
عندئذ توجه أبو طالب و محمد و معهما الهاشميون إلى البيت الحرام ، و سمعت بطون قريش بعودة أبي طالب و محمد و الهاشميون و بتجميعهم حول الكعبة ، فأقبلت قريش لتقف على حقيقة الأمر ، و لما اكتمل جمعها قالت زعامة الشرك لأبي طالب :
( قد آن لك يا أبا طالب ان تذكر العهد ، و ان تشتاق إلى قومك و تدع اللجاج في أمر ابن أخيك ) 47 .
كانت زعامة الكفر تتصور ان أبا طالب جاء ليعلن استسلامه و استسلام بني هاشم ، و انه لا يدرى كيف يعلن هذا الاستسلام ، فابتدأت زعامة البطون بالقول لتسهل إعلانه !!
و طلب أبو طالب من زعماء معسكر الشرك إحضار الصحيفة ، و تصورت زعامة البطون انه لم يبق بينها و بين إعلان الاستسلام إلا قاب قوسين ، و لما أحضرت الصحيفة أشار إليها أبو طالب و قال :
أليست هذه صحيفتكم على العهد الذى تركتموها فيه ؟ فقالت زعامة البطون :
نعم .
قال أبو طالب :
فهل أحدثتم فيها حدثا ؟ قالت زعامة البطون :
اللهم لا .
المعجزة و نهاية الحصار و المقاطعة :
قال أبو طالب :
لقد أعلمني محمد عن ربه ان اللّه قد بعث الإرضة فأكلت كل ما فيها الا ذكر اللّه ، أفرأيتم إن كان صادقا ، ما تصنعون ؟ قالت زعامة البطون :
نكف و نمسك .
قال أبو طالب :
فان كان كاذبا دفعته إليكم تقتلونه .
فقالت زعامة البطون قد أنصفت و أجملت .
و فضت الصحيفة فإذا كل ما فيها قد محى الا مواضع اسم اللّه عز و جل و بهتت زعامة الشرك ، و لكنها جادلت بالباطل .
و قالت ان هذا الا سحر مبين 48 .
و على اثر هذه المعجزة اسلم عدد من الناس ، و أعلن أبو طالب انه لن يبقى محاصرا و هو على الحق ، و اهتزت شرعية الحصار و المقاطعة في النفوس ، و عاد النبي و أبو طالب و الهاشميون إلى مكة ، و فشلت تماما فكرة الحصار و المقاطعة ، و تكرست الرجولة الهاشمية ، و التميز الهاشمي .
و بالرغم من التعتيم الإعلامي على تلك المعجزة ، فقد انتشرت و سمع بها العرب .
مثلما سمعوا بأنباء الحصار و المقاطعة .
فضل على كل مسلم
لقد كان الموقف الهاشمي بزعامة أبي طالب نقطة تحول كبرى في تاريخ الإسلام ، فلو لا الموقف المشرف لبني هاشم ، لقتلت بطون قريش محمدا ، و لما قامت للإسلام قائمة ، و لكن اللّه تعالى أناط بالهاشميين تحمل أعباء مرحلة المواجهة الحاسمة و التأسيس ، و شرف أبو طالب بعبء قيادة الهاشميين في هذه المرحلة ، و ساعدهم بعونه على حماية الدعوة و الداعية ، و جعل لبني هاشم عامة فضلا على كل مسلم و مسلمه إلى يوم الدين ، و أقام رباطا عضويا بين ماضي الدعوة و حاضرها و مستقبلها ، و مد الفضل الهاشمي مدا عظيما ولم يجعله راكدا ، فجعل الصلاة على محمد و على آل محمد جزءا من الصلاة المفروضة على العباد ، فمن لم يصل عليهم لا صلاة له ، على حد تعبير الشافعي .
و في ذلك تتويج لصدارتهم ، و تقدمهم في كل الأزمان .
لقد شاءت حكمة اللّه أن يكون لأبى طالب الباع الأطول بهذه المرحلة ، و ان يكون لأولاده و أحفاده مركز الصدارة في جميع المواجهات التي جرت في جميع المراحل .
من المهازل
و من المهازل التي تثير قرف النفس البشرية ، ان القوى التي سيطرت على مقاليد أمور الأمة الإسلامية فيما بعد ، صورت أبا طالب بصورة المشرك ، و وضعته في ضحضاح من النار على حد تعبير المغيرة بن شعبه ، و زورت ، و أنكرت كفاحه ، و أنكرت جهاد أولاده الذي لا يخفى على احد ، و فرضت مسبتهم على المنابر ، ولم تقبل شهادة من يواليهم ، فعادت وليهم ، و والت عدوهم ، و ألقت بأذهان العامة و الغوغاء ان الهاشميين ماتوا بموت محمد ، و انهم لم يخلقوا للقيادة ، إنما خلقوا ليكونوا أتباعا لخلفاء بطون قريش ، و ان الخلافة حق خالص للبطون لأنهم أقرباء محمد !!
مثلما كانت النبوة حق خالص للهاشميين ، و ان هذه القسمة هي القسمة العادلة ، و كان هذه البطون هي التي أعطت النبوة لبني هاشم ، !!
و كأنها هي المخولة بتوزيع الفضل الإلهي!! 49 .
الاتفاق على قتل النبي
لم تتوقف زعامة البطون عن مراقبه تحركات النبي ، و اتصالاته المستمرة بقبائل العرب ، و نتائج هذه الاتصالات ، و قد تأكدت زعامة البطون ان محمدا قد نجح أخيرا بإقامة قاعدة له في يثرب ، و ان عددا من أهلها لا يقل عن سبعين رجلا قد اتبعوا دينه ، و اتفقوا معه على ان يهاجر النبي إليهم ، و عاهدوه على ان يحموه كما يحمون أنفسهم ، و شاع ان عددا كبيرا من أهل يثرب غير هولاء قد دخلوا الإسلام ، و ان محمدا يتأهب للهجرة ، و تأكدت استخبارات البطون من صحة تلك الأنباء ، و عرفت بالتحديد اليوم الذي سيهاجر به محمد .
بعد ان اطلعت على تفاصيل بيعه العقبة 50 .
عندئذ أدركت زعامة البطون ان محمدا قد تجاوز الخط المألوف و انه قد بدا مرحلة خطيرة .
فإذا نجح محمد بالهجرة فسيستقطب حوله الأكثرية من سكان يثرب ، و من حولها من قبائل العرب ، عندئذ ستصبح النبوة الهاشمية حقيقة واقعة ، و يذهب الهاشميون بفخر النبوة بين العرب دون سائر البطون ، و أكثر من ذلك فقد ينجح محمد بتكوين ملك لبني هاشم ، و هكذا يتكرس التميز الهاشمي ، ليس على مستوى مكة ، بل على مستوى العرب ، و ليس مستبعدا ان يجمع محمد جيشا و ان يغزو به مكة ، و يجعل سافل كل شيء عاليه ، و يعيد ترتيب كل شيء تحت إشرافه .
عقدت زعامة بطون قريش ال23 اجتماعا موسعا في دار الندوة و تداولوا فيما بينهم بأمر محمد ، و طرحت ثلاثة آراء للبحث و المناقشة :
1 ـ فإما حبسه ، 2 ـ و إما نفيه ، 3 ـ و إما قتله 51 ، ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ 52.
و اتفقوا على ان قتل النبي هو الحل و لا حل غيره ، و قد قرروا اختيار عدد من الفتية يمثل كل فتى منهم عشيرة ، ليشتركوا في شرف قتله ، و لتكوين جبهة متراصه ضد الهاشميين فلا يقوون على المطالبة بدمه أو الاقتصاص من قتلته ، و بهذا التدبير يضيع دم محمد بين العشائر و ينجون من رد الفعل الهاشمي .
و على هذا اجمعوا أمرهم و تعاقدوا و تعاهدوا لتنفيذ مؤامرتهم .
الشروع بالقتل و نجاة النبي
زعامة بطون قريش لا تترك الأمور المتعلقة ببني هاشم و بالنبي للصدفة ، في دار الندوة اتفقت زعامة البطون على قتل النبي ، و وضعت خطة القتل ، و تطرقت لأدق التفاصيل ، و مهمة الفتية الذين تم اختيارهم من كل البطون تتلخص بتنفيذ خطة الجريمة .
و تقضى الخطة بمراقبه البيت المبارك الذى يقيم فيه النبي ، حتى إذا ما خيم الظلام و هجع السامر ، زحف فتيه البطون بعزم و هدوء ، و طوقوا البيت المبارك ، فان خرج النبي خلال فتره التطويق انقضوا عليه بسيوفهم و ضربوه ضربه رجل واحد ، و إن لم يخرج خلال مده معقولة ، دخلوا عليه البيت جميعا و ضربوه و هو نائم ضربه رجل واحد .
و قرار زعامة البطون واضح بان تلك الليلة يتوجب أن تكون آخر ليالي محمد من الحياة .
فالأمور مرتبة ترتيبا محكما ، و لا طاقه لبني هاشم على مواجهة البطون ، خاصة بعد موت سيدهم و عميدهم و شيخ البطاح أبي طالب .
كل شيء جهزته البطون لتنفيذ الجريمة و بأعصاب هادئة ، مع ان محمدا من قريش ، و مع أن الهاشميين بنو عمومتهم ، و لكن عندما يتمكن الحقد من النفوس ، فانها تبور و لا شيء يصلحها .
هيا الرسول نفسه للهجرة و الخروج من مكة ، و كلف ولي عهده و الإمام من بعده علي بن أبي طالب ، ان يتدثر ببرد النبي الحضرمي الأخضر ، و ان ينام في فراش النبي ليوهم المتآمرين لقتله أن النائم هو النبي و ليس عليا ، فينشغلوا عنه ، و كلف النبي ولي عهده أيضا ان يتولى تأدية الأمانات الموجودة عند الرسول إلى أهلها و بعد ان يفعل ذلك ، يحمل أهل النبي ، و يتبعه مهاجرا إلى المدينة المنورة .
و بعد أن رتب النبي أموره ، ودع ولي عهده و أهل بيته و خرج مهاجرا ، شاهد النبي المتآمرين لقتله يحيطون بالبيت المبارك إحاطة السوار بالمعصم ، و يطوقونه تطويقا كاملا ، بحيث يتعذر الدخول او الخروج من البيت ، وقف النبي و قرأ :
﴿ … يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ﴾ 53﴿ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ﴾ 54ثم سار النبي بخطى ثابتة و بقلب مليء بالإيمان ، و تخطى القتلة ، فلم يبصروه 55 ، ثم تابع طريقه إلى المدينة يرافقه أبو بكر بن أبي قحافه ، و عبد اللّه بن اريقط .
و طال انتظار المتآمرون ، ولم يخرج النبي ، و بدات الوساوس تعمل في صدورهم ، لقد انبلج الفجر ، و لاحت الدنيا ، و من المستحيل أن يتأخر خروج محمد إلى هذا الحد ، و اقتحموا بيت النبي ، و دخلوا الحجرة المقدسة ، و اقتربوا من فراش النبي و كشفوا الغطاء ، فإذا النائم بفراش النبي علي و ليس محمدا فهاج القتلة ، و سألوا عليا عن النبي فقال لهم على بهدوء المؤمن و رباطة جأشه ( قلتم له اخرج عنا فخرج عنكم ) .
أحيطت زعامة بطون قريش علما بما حدث ، فهاجت و ماجت و جن جنونها ، فأطلقت فرسانها و رجالها ليبحثوا عن محمد و ليعودوا به حيا او ميتا ، و خصصت جائزة كبرى مقدارها مائه ناقة لمن يقبض على محمد ، و بذلت زعامة بطون قريش كل وسعها للقبض على محمد و لكنها فشلت ولم تفلح ، حيث دخل النبي الغار و قضى فيه ثلاثة أيام ، حتى يئست زعامة البطون من العثور عليه و بعد ذلك شق طريقه بيمن اللّه و رعايته إلى عاصمة دولته المباركة ، و لتتيقن قريش أن ليس في الأمر سحرا ، شاهد سراقه احد الطامعين في الجائزة محمدا و هو يتابع رحلته المباركة ، و حاول سراقه أن ينال الجائزة ، و لكنه رأى من المعجزات ، ما اجبره على الإقلاع عن محاولاته ، و كان هلاكه موكدا لو لم ينزع من ذهنه امر الحصول على الجائزة ، و أخيرا قال رسول اللّه لسراقه :
( كيف بك يا سراقه اذا سورت بسوارى كسرى ) رجل مشرد و مطارد يعد احد مطارديه بسواري أعظم ملك من ملوك الأرض آنذاك !!!
لكن الرجل لا ينطق عن الهوى ، يعرف ما يريد و يسعى بخطى متلاحقة لتحقيق ما يريد .
و قبل أن يغادر النبي مكة وقف على مروه ، و ناجى مكة قائلا :
( إ ني لأعلم انك أحب البلاد إلي ، و انك أحب ارض اللّه إلى اللّه ، و لو لا أن المشركين أخرجوني منك ما خرجت ) .
قتله و ان لم يقتلوا
لقد خططت زعامة بطون قريش لقتل النبي ، و جهزت القتلة باسلحه الجريمة ، و وضعتهم بالمكان المخصص لارتكاب الجريمة ، و أعطتهم الأوامر ، ليضربوا النبي جميعا ضربة رجل واحد عندما تقع أبصارهم عليه ، فيقتلوه ، و لكن النبي نجا من المؤامرة بسبب لا يد للقتلة فيه ، و هكذا تمت جريمة الشروع في القتل و بقيت صفحة سوداء بتاريخ زعامة بطون قريش .
و عندما نجا النبي استنفرت بطون قريش خيلها و رجلها و خصصت جائزة كبرى لمن يقبض على النبي حيا او ميتا ، و أباحت دم النبي ، و فوضت اي قرشي أو حبشي أو اي عبد من عبيدها او مولى من مواليها ان يقتل محمدا بعد ان استنفرت كل سكان مكة و لكن اللّه نجى نبيه من القتل لسبب لا يد لزعامة بطون قريش فيه ، و هكذا تمت جريمة الشروع بقتل النبي ثانيه ، و بقيت صفحه سوداء في تاريخ زعامة البطون .
ومن المفارقات المفجعة أن زعامة البطون هذه فيما بعد زعمت انها اولى بالخلافة من آل محمد لان محمدا من بطون قريش !!
و خططت تلك الزعامة بليل ، و استولت على السلطة الإسلامية بالغصب و التغلب ، و أقنعت الناس بالقوة بأنها الأولى بالحكم لان محمدا منها ، و افتخرت على العرب بذلك في الوقت الذى قتلت فيه آل محمد تقتيلا و نكلت بهم تنكيلا و هم وحدهم الذين حموا محمدا من شر البطون ، و حاربوا البطون تسعة عشر عاما دفاعا عن محمد!!
ان هذا لأمر عجاب .
صحيح ان بطون قريش لم تقتل النبي لسبب لا يد لها فيه ، لكنهم قتلة و ان لم يقتلوا ، و سنرى فيما بعد كيف تذبح زعامة البطون أبناء محمد بأعصاب باردة و بلا رحمة 56 .
- 1. a. b. تاريخ اليعقوبي : 2 / 24 .
- 2. القران الكريم: سورة الأنبياء (21)، الآية: 36، الصفحة: 325.
- 3. القران الكريم: سورة الفرقان (25)، الآية: 41، الصفحة: 363.
- 4. السيرة الحلبية : 1 / 318 ـ 319 و كتابنا النظام السياسي في الإسلام : 220 و تاريخ اليعقوبي : 2 / 24 و الكامل لابن الأثير : 2 / 70 ـ 75 .
- 5. القران الكريم: سورة الحجر (15)، الآية: 95، الصفحة: 267.
- 6. القران الكريم: سورة الرعد (13)، الآية: 32، الصفحة: 253.
- 7. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 10، الصفحة: 129.
- 8. القران الكريم: سورة الزخرف (43)، الآية: 31، الصفحة: 491.
- 9. القران الكريم: سورة فاطر (35)، الآية: 25، الصفحة: 437.
- 10. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 57، الصفحة: 134.
- 11. القران الكريم: سورة الفرقان (25)، الآية: 77، الصفحة: 366.
- 12. الطبقات لابن سعد : 1 / 17 ـ 18 و 216 .
- 13. الغدير للأميني : 7 / 399 ـ 400 نقلا عن ابن إسحاق .
- 14. الطبقات ابن سعد : 1 / 88 و 96 و تاريخ الطبري : 2 / 172 175 .
- 15. السيرة الحلبية : 1 / 4 و 5 و 85 و طبقات ابن سعد : 1 / 83 و 84 و 85 و تاريخ الطبري : 2 / 179 .
- 16. السيرة الحلبية : 1 / 4 10 و طبقات ابن سعد : 1 / 78 و 80 و 81 و 84 و صحيح الترمذي : 2 / 269 و كنز العمال : 6 / 108 و فتح القدير للشوكاني : 4 / 280 و كتابنا النظام السياسي في الإسلام : 93 101 .
- 17. تاريخ الطبري : 1 / 37 ـ 41 .
- 18. القران الكريم: سورة الطور (52)، الآية: 29 و 30، الصفحة: 524.
- 19. القران الكريم: سورة الحجر (15)، الآية: 6، الصفحة: 262.
- 20. تاريخ اليعقوبي : 2 / 24 و تفسير القرطبي : 406 و الغدير للاميني 7 / 399 ـ400 .
- 21. لقد ساق اللّه سبحانه و تعالى في كتابه مطاعن بطون قريش بالنبي ، و بين اعتراضاتهم عليه ، و مطاعنهم في القرآن الكريم ، ثم فندها ، مطعنا بعد مطعن ، و اعتراضا تلو اعتراض ، و أقام الحجة على أعدائه و بقيت الطعون و الاعتراضات و الردود الإلهية خالدة ، ليستوعب الجنس البشري عامة و الذين آمنوا خاصة ، الأساليب الملتوية لائمة الكفر .
- 22. تاريخ الطبري : 2 / 41 و سيرة الرسول و أهل بيته : 1 / 35 .
- 23. و لقد كشف الخليفة عمر بن الخطاب حقيقة هذا الدافع بعد وفاه الرسول و عبر عنه اصدق تعبير تاريخ ابن الأثير : 3 / 24 آخر سيرة عمر من حوادث سنة 23 و شرح النهج لعلامة المعتزلي ابن أبي الحديد : 2 / 107، 3 / 97 و أورده في أحوال عمر آخر ج ، 3 و اخرج المحاورة الإمام أبو الفضل احمد ، بن أبي الطاهر في تاريخ بغداد و كتابنا الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية : 411 و النظام السياسي في الإسلام : 122 و نظرية عدالة الصحابة و المرجعية السياسية في الإسلام الفصل الأخير ( الانقلاب ) .
- 24. السيرة الحلبية : 1 / 316 ـ 322 و كتابنا النظام السياسي في الإسلام : 220 .
- 25. السيرة الحلبية : 1 / 322 .
- 26. تفسير القرطبي ، و الغدير للاميني : 7 / 399 ـ 400 و تاريخ الطبري : 2 / 243 و 244 و طبقات ابن سعد : 1 / 203 و السيرة الحلبية : 1 / 322 و كتابنا النظام السياسي في الإسلام : 219 و تاريخ اليعقوبي : 2 / 27 و الكامل في التاريخ لابن الأثير : 2 / 24 و تاريخ ابن كثير : 3 / 42 و تاريخ أبي الفداء : 1 / 120 و الإصابة لابن حجر : 4 / 116 تجد شعر أبي طالب ( و اللّه لن يصلوا اليك بجمعهم ) و قد ثبتنا ذلك في مستهل البحث تحت عنوان إعلان النبوة و الرسالة أمام البطن الهاشمي فارجع إليه إن شئت .
- 27. تاريخ ابن الأثير : 2 / 66 و سيرة الرسول و اهل بيته : 1 / 72 .
- 28. تاريخ ابن الأثير : 2 / 67 .
- 29. تاريخ ابن الأثير : 2 / 68 .
- 30. تاريخ ابن الأثير : 2 / 69 و سيرة الرسول و اهل بيته ( لمؤسسة البلاغ ) : 1 / 72 ـ 73 و كتابنا النظام السياسي في الإسلام : 219 .
- 31. المراجع السابقة .
- 32. السيرة الحلبية : 1 / 301 و الكامل في التاريخ لابن الأثير : 2 / 75 و ما فوق .
- 33. سيرة ابن هشام : 1 / 357 ـ 362 و تاريخ اليعقوبي : 2 / 55 و ما فوق .
- 34. الكامل في التاريخ لابن الأثير : 2 / 91 ـ 93 .
- 35. سيرة ابن هشام : 2 / 120 130 و تاريخ اليعقوبي : 2 / 36 40 .
- 36. تاريخ ابن الأثير : 2 / 105 و تاريخ اليعقوبي : 2 / 40 و معجم البلدان لياقوت الحموي ج 5 مكة .
- 37. كتابينا نظرية عدالة الصحابة و المرجعية السياسية في الإسلام : 301 و ما فوق ، و الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية .
- 38. الكامل في التاريخ لابن الأثير : 3 / 24 آخر سيرة عمر من حوادث سنة 23 و شرح النهج لابن أبي الحديد : 3 / 105 و 107 نقلا عن تاريخ بغداد ، و تاريخ الطبري : 2 / 89 و 4 / 223 و عبد اللّه بن سبا لمرتضى العسكري : 1 / 114 و كتابنا النظام السياسي في الإسلام : 140 و ما فوق .
- 39. تاريخ ابن كثير : 3 / 42 و تاريخ أبي الفداء : 1 / 120 و فتح الباري : 3 / 153 و 155 و الاصابة لابن حجر : 4 / 116 و السيرة الحلبية : 1 / 5 3 .
- 40. الغدير للعلامة الاميني : 7 / 399 ـ 400 نقلا عن القرطبي في تفسيره ، و تاريخ اليعقوبي : 2 / 24 .
- 41. تاريخ اليعقوبي : 2 / 27 .
- 42. الكامل لابن الأثير : 2 / 24 و تاريخ اليعقوبي : 2 / 27 .
- 43. الغدير للعلامة الاميني : 7 / 388 ـ 399 و كتابنا النظام السياسي في الإسلام : 219 .
- 44. المصدر السابق قد وثقنا ذلك أكثر من مرة في هذا الكتاب .
- 45. تاريخ ابن كثير : 3 / 42 و شرح النهج : 3 / 306 و تاريخ أبي الفداء : 1 / 120 و السيرة الحلبية : 1 / 91 و 211 .
- 46. سيره ابن هشام : 1 / 359 ـ 375 و تاريخ اليعقوبي : 2 / 30 42 و الكامل في التاريخ لابن الأثير : 2 / 84 و ما فوق .
- 47. تاريخ اليعقوبي : 2 / 31 ـ 33 .
- 48. تاريخ اليعقوبي : 2 / 32 .
- 49. الكامل في التاريخ لابن الأثير : 3 / 24 آخر سيرة عمر سنة 23 و شرح النهج لعلامة المعتزلي : 3 / 107 و 3 / 105 و 107 و تاريخ الطبري : 2 / 289 و 4 / 123 و مروج الذهب للمسعودي : 2 / 353 354 و كتابنا نظرية عدالة الصحابة و المرجعية السياسية في الإسلام : 332 .
- 50. سيرة ابن هشام : 2 / 83 و 110 و الكامل في التاريخ لابن الأثير : 2 / 82 و 103 .
- 51. سيرة ابن هشام : 2 / 125 و ما فوق ، و تاريخ اليعقوبي : 2 / 38 و ما فوق .
- 52. القران الكريم: سورة الأنفال (8)، الآية: 30، الصفحة: 180.
- 53. القران الكريم: سورة يس (36)، من بداية السورة إلى الآية 2، الصفحة: 440.
- 54. القران الكريم: سورة يس (36)، الآية: 9، الصفحة: 440.
- 55. سيره ابن هشام : 2 / 125 ـ 126 و تاريخ اليعقوبي : 2 / 39 .
- 56. كتاب المواجهة مع رسول الله و آله ( القصة الكاملة ) : الباب الأول / الفصل السادس .