رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله لَمَّا أَرَادَ الْمَسِيرَ إِلَى مَكَّةَ لِفَتْحِهَا قَالَ: “اللَّهُمَّ أَعْمِ الْأَخْبَارَ عَنْ قُرَيْشٍ حَتَّى نَبْغَتَهَا فِي دَارِهَا” فَعَمِيَتِ الْأَخْبَارُ عَلَيْهِمْ.
وَ كَانَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ قَدْ أَسْلَمَ وَ هَاجَرَ وَ كَانَ أَهْلُهُ وَ وُلْدُهُ بِمَكَّةَ، فَقَالَ قُرَيْشٌ لَهُمْ اكْتُبُوا إِلَى حَاطِبٍ كِتَاباً سَلُوهُ أَنْ يُعَرِّفَنَا خَبَرَ مُحَمَّدٍ، فَكَتَبُوا كِتَاباً وَ بَعَثَتْهُ قُرَيْشٌ مَعَ امْرَأَةٍ سِرّاً، فَكَتَبَ الْجَوَابَ بِأَنَّ مُحَمَّداً صَائِرٌ إِلَيْكُمْ، وَ دَفَعَهُ إِلَى الْمَرْأَةِ وَ خَرَجَتْ.
فَقَالَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ: “إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنَّ حَاطِباً قَدْ كَتَبَ بِخَبَرِنَا إِلَى مَكَّةَ، وَ الْكِتَابَ حَمَلَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ حَالِهَا وَ صِفَتِهَا … فَمَنْ يَمْضِي خَلْفَهَا فَيَرُدَّ الْكِتَابَ”؟
قَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا.
قَالَ صلى الله عليه و آله: “يَكُونُ عَلِيٌّ 1 مَعَكَ”.
فَخَرَجَا فَلَحِقَاهَا فِي الطَّرِيقِ.
فَقَالا: أَيْنَ الْكِتَابُ؟
قَالَتْ: مَا مَعِي، وَ رَمَتْ إِلَيْهِمَا كُلَّ مَا كَانَ مَعَهَا.
فَقَالَ الزُّبَيْرُ: مَا مَعَهَا كِتَابٌ.
قَالَ عَلِيٌّ عليه السلام: مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ، وَ لَا كَذَبَ اللَّهُ، وَ جَرَّدَ سَيْفَهُ فَقَالَ: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَأَقْتُلَنَّكِ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ … يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ … ﴾ 2 3.
- 1. أي علي بن أبي طالب عليه السلام.
- 2. القران الكريم: سورة الممتحنة (60)، من بداية السورة إلى الآية 1، الصفحة: 549.
- 3. الخرائج و الجرائح: 1 / 161، لسعيد بن عبد الله بن حسين بن هبة الله بن حسن الراوندي الكاشاني، عالم كبير من علماء الإمامية، محدث و مفسر و فيلسوف، له مؤلفات كثيرة، توفى سنة: 573 بمدينة قم المقدسة/ايران، و دفن بها.