بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: زكريَّا بركات
١ يوليو ٢٠١٥
ردَّدْتُ مراراً: (يا أنيس من لا أنيس له) ، وتساءلت: فلماذا أشعر بالوحشة حين أكون لوحدي؟!
تدبَّرتُ ثانياً فوجدت في الدعاء: (يا أنيس القلوب) ، ففهمت أن هناك شيئاً في القلب لا بد أن يتحقق، وإلا فلن أكون ذا قلب، وبالتالي لن أشعر بالأنس بالله.. لكن ما الذي علي أن أستحضره في قلبي؟
تدبَّرت ثالثاً فوجدت في الدعاء: (يا أنيس الأصفياء) ، ففهمت أن الأصفياء هم أصحاب القلوب التي تأنس بالله.. ولكن ما هي مزية الأصفياء.. وكيف يبلغون درجة الصفاء والنقاء؟
تدبَّرت رابعاً فوجدت في الدعاء: (يا أنيس الذاكرين) ، ففهمت أنني لا بد أن أكون ذاكراً حتى يؤنسني الله.. ولا بد أن يكون هذا الذكر في القلب قبل أن يكون في اللسان، حتى يتحقق الارتباط بين الذكر والقلب.. ولا بد أن يكون هذا الذكر بدرجة بحيث يصفو القلب من أدران الغفلة..
وحينئذ تجلى لي معنى: (يا أنيس المريدين) و (يا من به يستأنس المريدون) ، فالنقاء والصفاء والذكر هو ما يطلبه من يحبون الله ويبتغون رضاه، وهذا معنى الإرادة، فهي هنا الرغبة في الله والمحبة له تبارك وتعالى. ولذا فإن الأنس هو عطية الله للمريدين؛ لأنهم أهل القلوب المتصفة بالصفاء والذكر.
وتأكَّدتُ من صحَّة فهمي حين وجدت العبارة في الدعاء على هذا النسق: (يا مُنى المُحبِّين، يا أنيس المريدين) ، فالمحبون لله لا منى لهم إلا الله، منشغلون في طلب رضاه، وهذا معنى الإرادة، وبهذا هم مريدون، ولهذا استحقوا أن يأنسوا بالله.
ولأن الله غاية مناهم، فلذلك يدعونه: (يا من به يفتخر المحبون) ، فهم لا يرون شيئاً يستحق الاعتزاز غير تعلقهم بالله وتفانيهم في خدمته، وما عداه ـ سواء ملكوه أو لم يملكوه ـ فهو لا يستحق التمني، فضلاً عن أن يستحق الاعتزاز به.
إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك..
اللهم صل على محمد وآل محمد.