مقالات

في رحاب القران الكريم …

قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ 1.

القرآن يهدي للتي هي أقوم

القرآن الكريم هو الثقل الأكبر الذي أمر النبي «صلى الله عليه وآله» الأمّة بالتّمسك به مع عترته من أهل بيته، وجعل التّمسك بهما جميعاً عاصماً من الضلالة، وذلك في حديثه المعروف بحديث الثقلين، وهو قوله «صلى الله عليه وآله»: «إنّي تارك فيكم الثقلين، فإن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدى، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله وعترتي أهل بيتي» 2، وهو كتاب هداية للنّاس إلى ما يصلحهم دنياً وآخره، قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ … ﴾ 3، وقال: ﴿ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ 4، وقال: ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ 5.
وقال النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله»: «اعلموا أنّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضل، والمحدّث الذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحدٌ إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان، زيادة في هدى، أو نقصان من عمى» 6.
فالقرآن الكريم ليس بكتاب تاريخ، أو علوم، أو قصص، ولا غير ذلك، وما فيه مما يتعلق بالتاريخ أو ببقيّة العلوم الأخرى أو القصص فإن كل ذلك له علاقة بمسألة هداية القرآن الكريم للنّاس.
وجعله النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» المخرج للمسلم في حال التبست عليه الأمور وحاره المخرج منها، فعن الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» قال: خطب رسول الله «صلى الله عليه وآله» فقال: «لا خير في العيش إلاّ لمستمع واع أو عالم ناطق. أيّها الناس إنكم في زمان هدنة، وإنّ السير بكم سريع، وقد رأيتم الليل والنهار يبليان كل جديد، ويقربان كل بعيد، ويأتيان بكل موعود، فأعدّوا الجهاد لبعد المضمار، فقال المقداد يا نبي الله ما الهدنة؟ قال: بلاء وانقطاع، فإذا التبست الأمور عليكم كقطع الليل المظلم، فعليكم بالقرآن؛ فإنه شافع مشفع وماحل مصدق، ومن جعله إمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه قاده إلى النار، وهو الدليل إلى خير سبيل، وهو الفصل ليس بالهزل، له ظهر وبطن، فظاهره حكم، وباطنه علم عميق، بحره لا تحصى عجائبه، ولا يشبع منه علماؤه، وهو حبل الله المتين، وهو الصراط المستقيم… من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن عمل به هدي إلى صراط مستقيم، فيه مصابيح الهدى، ومنار الحكمة، ودالٌّ على الحجة» 7.
ومع أنّ القرآن الكريم كتاب هداية للنّاس جميعاً، وبالخصوص المسلمين الذين يؤمنون بأنّ القرآن الكريم هو كلام الله وأنّه وحيٌ أوحاه سبحانه وتعالى لنبيّه الأكرم «صلى الله عليه وآله» إلاّ أننا نجد أنّ كثيراً من المسلمين هجروا القرآن، وتركوا العمل به ولم يتعاملوا معه على أنّه كتاب هداية لهم ولا أنّه المخرج من ملتبسات الأمور ومدلهمّاتها، فليس له أيُّ درو فاعل في حياتهم.

من مظاهر هجر المسلمين للقرآن

والقرآن الكريم مهجورٌ من قبل المسلمين على مستويين:

1-هجر التلاوة

فمن مظاهر هجر القرآن عند بعض المسلمين هو هجرهم له على مستوى التلاوة والقراءة، فتمر على الكثيرين منهم شهور لا يقرؤون آية واحدة من كتاب الله – إذا ما استثنينا ما يُقرأ أثناء الصلوات اليومية –  فلا يفتح الواحد منهم المصحف الشريف ليقرأ فيه ولو شيئاً يسيراً من القرآن.
إنّ البعض يقتنون المصحف الشريف، ويضعونه في البيت والمكتب والسيارة لا بقصد القراءة، وإنّما للتحرّز أو للبركة فقط.. والحق أنّه ينبغي للمسلم أن يتعاهد كتاب الله بالقراءة، فيقرأ في اليوم والليلة ولو شيئاً يسيراً منه، قال تعالى: ﴿ … فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ … ﴾ 8.
ولقراءة القرآن الكريم آثار جليلة وثواب وأجر كبير، فعن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» قال: «من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ خمسين آية كتب من الذّاكرين، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين، ومن قرأ ثلاثمائة آية كتب من الفائزين، ومن قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين، ومن قرأ ألف آية كتب له قنطار من تبر، القنطار خمسة عشر ألف مثقال من ذهب، والمثقال أربعة وعشرون قيراطاً أصغرها مثل جبل أحد وأكبرها ما بين السماء إلى الأرض» 9.
وعن أمير المؤمنين «عليه السلام» قال: «البيت الذي يقرأ فيه القرآن، ويذكر الله عزّ وجل فيه، تكثر بركته، وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين، ويضيئ لأهل السماء كما تضيئ الكواكب لأهل الأرض، وإنّ البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن، ولا يذكر الله عزّ وجل فيه، تقل بركته، وتهجره الملائكة، وتحضره الشياطين» 10.
وعن النبي «صلى الله عليه وآله» أنّه قال: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلاّ نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده» 11.
وعنه «صلى الله عليه وآله»: «عليك بقراءة القرآن، فإن قراءته كفارة للذنوب، وستر في النار، وأمان من العذاب» 12.
وعنه «صلى الله عليه وآله»: «إنّ هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد، قيل: يا رسول الله فما جلاؤها؟ قال: تلاوة القرآن».
وعنه «صلى الله عليه وآله»: «لا تغفل عن قراءة القرآن، فإنّ القرآن يحيي القلب، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي» 13.

2- هجر العمل بأحكام وتعاليم القرآن

ومن مظاهر هجر المسلمين للقرآن الكريم هو ترك العمل به، حيث تركوا العمل بالقوانين والتشريعات القرآنية، فسنّوا قوانين وضعيّة وضعوها بأنفسهم وجعلوها المقياس والأساس في الحكم بينهم وتركوا أحكام القرآن.. فمثلاً يقول الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ 14، وهذا الحكم لا يحكم به في جل بلاد المسلمين ويستبدلونه بحكم وضعي وهو السجن أو غير ذلك من الأحكام التي وضعوها بدلاً من هذا الحكم الإلهي.
وقال تعالى: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ 15، وهذا الحكم الإلهي كسابقه لا يعمل به أيضاً، واستعيض عنه بحكم وضعي.. وقد شدد الحق سبحانه وتعالى في النّهي عن عدم الحكم بما أنزل، فقال:﴿ … وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ 16، وقال أيضاً: ﴿ … وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ 17.
ومن مصاديق ترك العمل بالقرآن الكريم عدم الائتمار بأوامره والانتهاء عن نواهيه، فالقرآن يأمر بالصلاة والصوم والحج وبر الوالدين والإحسان إليهما وصلة الرحم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك، ولكن هناك من المسلمين من لا يصلي، ومنهم لا يصوم ومنهم من يترك فريضة الحج مع الاستطاعة إليه، ومنهم من يعق والديه ومنهم من لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، وكذلك ينهى القرآن عن الغيبة والنميمة والكذب والبهتان وشرب الخمر والزنا والكثير من النواهي، ومن المسلمين من يمارس ذلك ويفعله، فلا ينتهي عن نواهي الله تعالى التي نهى عنها عباده في كتابه المجيد.
إنّ من ينشد الهداية والصلاح والسعادة بما يخالف القرآن الكريم فلن يهتدي ولن يكون الصلاح حليفه ولا السعادة رائده، فالآية الكريمة التي تصدرنا بها الحديث تقول أنّ القرآن الكريم: ﴿ … يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ … ﴾ 1، و «أقوم» صيغة تفضيل بمعنى الأكثر ثباتاً واستقامة واعتدالاً، فيكون معنى قوله تعالى: ﴿ إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ … ﴾ 1 أنّ القرآن الكريم هو أفضل طريق للاستقامة والثبات على الهداية، فهو المنهج الأقوم في كل جوانب الحياة والوجود، وعلى كافة القضايا والأصعدة، في جانب العقيدة، ومن جهة القوانين الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والسياسية، ومن ناحية التشريع العبادي والتعاليم الأخلاقيّة وغيرها، فتكون مخالفته في معارفه وأحكامه وتعاليمه ومفاهيمه وأخلاقه وآدابه وما جاء به خروجاً من طريق الهداية والاستقامة واتّجاهاً إلى سبيل الغواية والضلال.

المبحث الثاني

ظاهر من الآية الكريمة أن الأجر الكبير الذي يحصل عليه العبد من عند الله سبحانه وتعالى، إنّما يحصل عليه بشرطين أو سببين، الأول هو الإيمان، والثاني أن يكون العمل متّصفاً بالصلاح، وعلى هذا فإن من لا يكون مؤمناً بما يلزم الإيمان به -بحيث يكون لعدم إيمانه بذلك في خارج دائرة الإيمان المذكور في الآية، كعدم الإيمان بالله سبحانه وتعالى – لا يستحق الثواب على عمله وإن كان هذا العمل صالحاً، وكذلك من لم يكن عمله صالحاً لا في ظاهره فقط بل في حقيقته وواقعه أيضاً، فإنّه لا يستحقُّ الثواب عليه أيضاً وإن كان مؤمناً، فهذا المعنى هو بمعنى العديد من الآيات القرآنية كقوله سبحانه وتعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ 18، وقوله: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ 19، وقوله: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾ 20.
ولكن يطرح البعض هنا سؤالاً وهو: أنّ هناك من غير المؤمنين كبعض الكفار والمشركين ممن مارس عملاً صالحاً، فهل هؤلاء لا تقبل أعمالهم ولا يثابون عليها؟ ويضربون لذلك مثالاً بـ«أديسون» مخترع الكهرباء الذي أنار العالم باختراعه، وجعل الناس يعيشون في راحة ورفاهية في الكثير من الجوانب المتعلّقة بحياتهم الماديّة، وبـ«باستور» الذي اكتشف الميكروب، وأنقذ الملايين من النّاس من الموت المحتوم، وبـ«فلمنج» مكتشف «البنسلين» والذي باختراعه له أوجد العلاج للكثير من الأمراض التي كانت تفتك بالإنسان، فهؤلاء والكثيرون مثلهم هل يحرمون من الجزاء والثواب على هذه الأعمال؟
والجواب: أنّ الظاهر مما ذكرناه من آيات أنّها لا تشترط فقط الحسن والصلاح الفعلي في العمل وإنّما تشترط أيضاً الصلاح والحسن الفاعلي، بأن يكون فاعل العمل الصالح متصفاً بالإيمان فما لم يتوفر هذان الشرطان معاً فلا ثواب.. قال تعالى: ﴿ … وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ 21، وقال:﴿ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَىٰ شَيْءٍ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ ﴾ 22، وقال: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ 23.
أمّا أدعياء التنور والثقافة والانفتاح الفكري فيجزمون بالقول بأنّه لا فرق بين المؤمن وغيره، فإنّ كل من يقوم بعمل صالح كإنشاء مؤسسة خيريّة لكفالة اليتامى أو لعلاج بعض الأمراض المستعصية مثلاً أو من يخترع اختراعاً علميّاً نافعاً للبشرية أو غير ذلك من أعمال الخير والصلاح، فهو مستحقٌّ للثواب من الله سبحانه وتعالى.
والحق أنّ هؤلاء على أقسام لا يحصل أحد منهم على جزاء عمله الصالح إلاّ إذا كان دافعه له إنساني، قال صاحب تفسير الأمثل: «وأمّا إذا كانوا غير مؤمنين ودوافعهم إنسانية فسوف يحصلون على الجزاء المناسب من الله بلى أدنى شك، هذا الجزاء يمكن أن يكون في الدّنيا أو الآخرة، فالله عزّ وجل عالم وعادل لا يحرمهم من ذلك، ولكن كيف؟ تفاصيله غير واضحة لنا… وليس عندنا أي دليل من أنّ الآية ﴿ … إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ 24، لم تشمل هؤلاء الأفراد، فاطلاق المحسنين في القرآن ليس خاصّاً بالمؤمنين فقط، ولذلك نرى أنّ إخوة يوسف لما حضروا عنده وهم لا يعرفوه ويظنون أنه عزيز مصر قالوا: ﴿ … إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ 25. وكذلك الآية ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ 26 تشمل هؤلاء الأفراد» 27.
ثم نقل بعض الرّوايات المؤيدة والمؤكدة لهذا الرأي فقال: «عن علي بن يقطين عن الإمام الكاظم «عليه السلام» قال: كان في بني إسرائيل رجل مؤمن وجاره كافر، وكان هذا الجار الكافر يحسن إلى جاره المؤمن، فعندما ارتحل من الدنيا بنى له الله بيتاً يمنعه من نار جهنم. وقيل له: إن هذا بسبب حسن سيرتك مع جارك المؤمن.
وعن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: إنّ ابن جدعان أقل أهل جهنم عذاباً، قالوا: لماذا يا رسول الله؟ قال: إنّه كان يطعم الطعام.
وعبد الله بن جدعان أحد مشركي مكة المعروفين ومن زعماء قريش.
وعن النبي «صلى الله عليه وآله» قال لعدي بن حاتم الطائي: رفع عن أبيك العذاب الشديد بسخاء نفسه» 28.
وهؤلاء لا يكون جزاء أعمالهم هو الدخول إلى الجنّة قطعاً، فالجنة لا يدخلها غير المؤمن، وإنّما يكون جزاؤهم بتخفيف العذاب عنهم، أو بأن يغدق الله سبحانه وتعالى عليهم من النعم في الدنيا.. وأما من كانت نيته من هؤلاء هي الشر، وإن استفادت الإنسانية من عمله واكتشافاته فإنّه لا يحصل على شيء من الثواب، كمخترع انشطار الذّرة الذي كان الهدف من اكتشافه هذا هو صنع القنابل النووية التي بسببها ازهقت أرواح الملايين من البشر، ولا زالت البشريّة تعيش الرّعب من امتلاك بعض الدول لها29.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى