يُصرُّ بعض الإعلام وبخلفيات تمويلية أن يتناول كل ما يتعلق بإيران من زاوية يسمونها فارسية أو مجوسية أو توسعية إلى ما هنالك من تُرَّهات, فلماذا هذا الأسلوب والإصرار عليه؟
فهل خطر على بال أحد من العقلاء والمنصفين مثلا التطرق أو التمييز بين صفات القادة والمسؤوليين في إيران وبين نظرائهم في أكثر الدول العربية، خاصة الخليجية منها؟
فالمتتبع أو الزائر للجمهورية الإسلامية سوف يلحظ المستوى العلمي الرفيع الذي يحمله جُلُّ القادة والمسؤولين فيها، بل من النادر أن ترى أحداً من المسؤولين من مستوى علمي متوسط.
فعندما تجلس مع القادة أو كبار المسؤولين الإيرانيين هناك أو تستمع إلى لقاءاتهم أو مقابلاتهم أو خطبهم السياسية والدينية في المناسبات والجمعات والجامعات والإحتفالات والأعياد سوف تتلمّس مباشرة ومن الدقائق الأولى الإحاطة العلمية واللغوية والأدبية والحكمة والفلسفة والمنطق والتاريخ والفقه… وغيرها من العلوم المثقِلةِ للشخصية والآثرةِ للمستمع.
لذا ترى القادة في إيران يستقبلون وبشكل دائم كبار القوم والعلماء والوزراء وأساتذة الجامعات والباحثين والمدراء وضباط القوات المسلحة وأصحاب التأثير الاقتصادي والاجتماعي… فينطقون وينطلقون ويشرحون ويقترحون بحيث أن الجميع يخرج مستفيداً مسروراً.
ومن هنا نفهم لِما نرى في إيران إهتماماً وإدراكاً للعلم والعلماء والأبحاث والتجارب والابتكارات والسياسات الاكتفائية التي تُدهش العالم صباح كل يوم وفي كل مناسبة.
أمّا في المقلب الآخر عند حكّام دولنا العربية فلا ترى مثل هذه اللقاءات أصلا , ناهيك عن مثل هذه المظاهر والشروحات والعلوم… والطامة الكبرى التي رأيناها جميعاً ونراها في كل مناسبة ومؤتمر أن جُلَّ حكامنا أشبه بالأميين الذين لا يجيدون حتى قراءة نصّ مختصر ومكتوب ومُحرك!!!
ولو أردنا أن نضرب أمثالاً عن القائلين والمقصودين ونصوصهم لتكونت لدينا مادة دسمة ووفرة لعدة برامج هزلية مضحكة مبكية.
فمَنْ يجروء من حكامنا نحن العرب أن يقف في محفل جامعي أو علمي أو إختصاصي أو في مؤتمر أو بحضور أساتذة أو علماء فيتكلم بكل ثقة واندفاع بطريقة ممنهجة مستوفية لنقاط البحث مع شواهد وأدلة؟
بينما نرى هذا الأمر يتكرر في إيران كل أسبوع مرات، والشاهد على ذلك الآلاف منّا ممن زارها واستمع ودُهش … وتحسَّر على حالنا وتعاسة حكامنا.
من هنا، ومن هذه النقطة بالذات نفهم كيف أن الجمهورية الإسلامية تتبوء تلك المناصب العالية العالمية بشبابها وشيبها وعلمائها مع سلسلة من الإختراعات والإبتكارات لا تنتهي حيث ينعكس ذلك على داخلها وسياستها في كل العالم.
بينما نحن, خاصة في دول الخليج ما زلنا ننفق ثرواتنا وثروات الأجيال القادمة على أكبر ناطحة سحاب وأسرع سيارة وأجمل فستان وأضخم شجرة ميلاد وأوسع قاعة جليدية… بينما المسؤولون عنّا وعن كل هذه السياسات لا يُميِّزون بين الألف والعصا أو بين الباء والطنجرة!1
- 1. الموقع الرسمي لسماحة السيد سامي خضرا(حفظه الله).