منوعات

علي والملائكة… قتالهم معه (3)

الباحث: علي عباس فاضل


الحمد لله الذي خلق الخلق وجعل نبينا الكريم خيره، صلى الله عليه وعلى آله ممن اجتباهم لدينه وخصهم بولايته وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا…وبعد
كتب الله القتال على المؤمنين للدفاع عن الدين وحماية بيضة الإسلام ومقدساته، فانبرى الأولون لذلك فجاهدوا المشركين لإعلاء كلمة الحق ونشر العدل في البلاد، والدعوة إلى الدين الإسلامي، فكانت المعارك الشديدة، التي خاضها المسلمون ضد أهل الشرك والعدوان، وأولى تلك المعارك هي بدر الكبرى التي قادها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضد أهل الشرك من قريش ومن والاها، وكان من قادة تلك المعركة أمير المؤمنين (عليه السلام) حامل لواء رسول الله (صلى الله عليه وآله)  الذي كان له الحظ الأوفر فيها، فقد قتل قادة قريش وفرسانها، فكان جيشا بنفسه.
وقد مدَّ الله سبحانه رسوله الكريم بجنود من الملائكة في هذه المعركة وقاتلوا إلى جنب أمير المؤمنين (عليه السلام)ـ إذروي عن ابن عباس أنه: ((لما تمثل إبليس لكفار مكة يوم بدر على صورة سراقة بن مالك، وكان سائق عسكرهم إلى قتال النبي فأمر الله تعالى جبرئيل فهبط إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ومعه ألف من الملائكة، فقام جبرئيل عن يمين أمير المؤمنين(عليه السلام) فكان إذا حمل عليٌّ حمل معه جبرئيل، فبصر به إبليس فولى هارباً وقال: إني أرى ما لاترون! قال ابن مسعود: والله ما هرب إبليس إلا حين رأى أمير المؤمنين، فخاف أن يأخذه ويستأسره ويعرفه الناس فهرب، فكان أول منهزم))([1])!.
فجبرائيل عليه السلام ومن معه من الملائكة كانوا يقاتلون مع أمير المؤمنين (عليه السلام) وتحت لوائه، وإبليس ولى هاربا منهزما عند رؤيته لأمير المؤمنين(عليه السلام)، إذ كان يخافه، وهذا ما ذكره ابن مسعود.
وقد خافت قريش بجيشها وعدتها من أمير المؤمنين (عليه السلام) عندما خططت للهجوم على المدينة بعد معركة أحد، إذ ( فكر المشركون بالهجوم على المدينة لكنهم خافوا النتيجة ، فأعرضوا عنه ، وكان أبو سفيان مذعورا من علي والملائكة (عليهم السلام) فاتخذ قرار العودة إلى مكة! ولم يذكر الرواة سببا مقنعا لانسحاب المشركين وعدم مهاجمتهم المدينة بعد أن انتصروا في الجولة الثانية. ولا تفسير له إلا قتال الملائكة مع علي (عليه السلام)، كما تقدم عن الإمام الصادق (عليه السلام).
ومن العجائب أن النبي (صلى الله عليه وآله) أرسل علياً (عليه السلام) وحده خلفهم، فذهب غير هيَّاب، بل كانوا خائفين منه لأنه فعل فيهم الأفاعيل، ولأنهم رأوا معه جبرئيل على فرس أشقر، ولما فاجأهم أمامهم صاح أبو سفيان بأنهم منسحبون فلماذا يتبعهم؟!)([2]).
وفي مواضع أخرى قاتل الملائكة مع أمير المؤمنين (عليه السلام)، في معراكه ضد الناكثين أصحاب الجمل إذ روي (عن أبي عبد الله العنزي، قال: بينما نحن جلوس مع علي بن أبي طالب يوم الجمل، إذ جاءه الناس يهتفون به: يا أمير المؤمنين، لقد نالنا النبل والنشاب، فنكت ثم جاء آخرون فذكروا مثل ذلك وقالوا: قد جرحنا.
فقال عليه السلام: من يعذرني من قوم يأمرون بالقتال، ولم تنزل بعد الملائكة؟
فقال: بينما نحن جلوس إذ هبت ريح طيبة من خلفنا والله لوجدت بردها بين كتفي من تحت الدرع والثياب، فصب أمير المؤمنين عليه السلام درعه، ثم قام إلى القوم، فما رأيت فتحا كان أسرع منه)([3]).
فهذه الريح الطيبة التي شعر بها الراوي هي جيش الملائكة الذين حضروا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) لنصرته على الناكثين، وهي مثل الريح التي مرت عليه عند آبار بدر حين استسفى الماء للجيش([4]).
أما صورة الملائكة الذين كانوا يقاتلون ويحضرون مع أمير المؤمنين (عليه السلام)، فإنهم يتمثلون على هيأته (عليه السلام)، إذ روى صاحب المناقب (عن عامر بن سعد، أنه لما جاء أبو اليسر الأنصاري بالعباس، فقال: والله ما أسرني إلا ابن أخي علي بن أبي طالب عليه السلام.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: صدق عمي، ذلك ملك كريم.
فقال: لقد عرفته بجلحته وحسن وجهه.
فقال صلى الله عليه وآله: إن الملائكة الذين أيدني الله بهم على صورة علي بن أبي طالب عليه السلام ليكون ذلك أهيب في صدور الأعداء)([5]).
وفي الختام: نسأل الله القدير أن يجعلنا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في الدنيا والآخرة، وأن يشرفنا بالوقوف بين يديه على الحوض، إنه سميع مجيب.
الهوامش:
[1])) مناقب آل أبي طالب:2/74.
[2])) جواهر التاريخ: 2/ 193.
[3])) مدينة المعاجز، البحراني: 2/ 303- 304.
[4])) ينظر: فضائل الصحابة، أحمد بن حنبل: 2/ 613، وبحار الأنوار: 19/ 286.
[5])) مناقب آل أبي طالب: ٢ / 240.

المصدر: http://inahj.org

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى