إطاعة الوالدين واجبة في الحلال و المباح ، أما في الحرام و ترك الواجبات فلا يجوز إطاعتهما، و قد قال الله عزَّ و جل في القرآن الكريم : ﴿ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ 1 .
و قد جاء في الحديث : عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) أنَّهُ قَالَ: “لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ” 2 .
وَ قَالَ الإمام أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ): “إِنَّ لِلْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ حَقّاً، وَ إِنَّ لِلْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ حَقّاً، فَحَقُّ الْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ أَنْ يُطِيعَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَ حَقُّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ أَنْ يُحَسِّنَ اسْمَهُ، وَ يُحَسِّنَ أَدَبَهُ، وَ يُعَلِّمَهُ الْقُرْآنَ” 3 .
وَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ الرِّضَا ( عليه السَّلام ) فِي كِتَابِهِ إِلَى الْمَأْمُونِ، قَالَ: “وَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَاجِبٌ وَ إِنْ كَانَا مُشْرِكَيْنِ، وَ لَا طَاعَةَ لَهُمَا فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ وَ لَا لِغَيْرِهِمَا، فَإِنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ” 4 .
وَ عَنْ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، أَنَّهُ مَرَّ الْحُسَيْنُ ( عليه السَّلام ) عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَحَبِّ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا الْمُجْتَازِ، فَمَا كَلَّمْتُهُ مُنْذُ لَيَالِي صِفِّينَ.
فَأَتَى بِهِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ إِلَى الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ).
فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: “أَ تَعْلَمُ أَنِّي أَحَبُّ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ وَ تُقَاتِلُنِي وَ أَبِي يَوْمَ صِفِّينَ، وَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي لَخَيْرٌ مِنِّي”؟!.
فَاسْتَعْذَرَ وَ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ ( صلى الله عليه و آله ) قَالَ لِي: “أَطِعْ أَبَاكَ”.
فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ ( عليه السَّلام ): “أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا … ﴾ 5 ، وَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ): “إِنَّمَا الطَّاعَةُ، الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ، وَ قَوْلَهُ: “لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ” 6 .
- 1. القران الكريم : سورة لقمان ( 31 ) ، الآية : 15 ، الصفحة : 412 .
- 2. وسائل الشيعة ( تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ) : 16 / 154 ، للشيخ محمد بن الحسن بن علي ، المعروف بالحُر العاملي ، المولود سنة : 1033 هجرية بجبل عامل لبنان ، و المتوفى سنة : 1104 هجرية بمشهد الإمام الرضا ( عليه السَّلام ) و المدفون بها ، طبعة : مؤسسة آل البيت ، سنة : 1409 هجرية ، قم / إيران .
- 3. نهج البلاغة : 546 ، طبعة صبحي الصالح.
- 4. وسائل الشيعة: 16 / 155.
- 5. القران الكريم : سورة لقمان ( 31 ) ، الآية : 15 ، الصفحة : 412 .
- 6. بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 43 / 297 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية، و مناقب آل أبي طالب ( عليهم السلام ) : 4 / 73، للعلامة المُحدِّث رشيد الدين محمد بن شهر آشوب المازندراني ، المولود سنة : 489 هجرية بمازندران / إيران ، و المتوفى سنة : 588 هجرية بحلب / سوريا ، طبعة مؤسسة العلامة للنشر ، قم / إيران ، سنة : 1379 هجرية .