نور العترة

شيخ آل أبي طالب…

قَدِمَ عَلَى الرَّشِيدِ 1 رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ نُفَيْعٌ، وَ كَانَ عَرِيضاً 2 فَحَضَرَ يَوْماً بَابَ الرَّشِيدِ وَ مَعَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ، وَ حَضَرَ مُوسَى 3 بْنُ جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى حِمَارٍ لَهُ، فَتَلَقَّاهُ الْحَاجِبُ بِالْإِكْرَامِ وَ الْإِجْلَالِ، وَ أَعْظَمَهُ مَنْ كَانَ هُنَاكَ، وَ عَجَّلَ لَهُ‏ الْإِذْنَ.
فَقَالَ نُفَيْعٌ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ: مَنْ هَذَا الشَّيْخُ؟
قَالَ: أَ وَ مَا تَعْرِفُهُ؟ هَذَا شَيْخُ آلِ أَبِي طَالِبٍ، هَذَا مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَعْجَزَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ! يَفْعَلُونَ هَذَا بِرَجُلٍ يَقْدِرُ أَنْ‏ يُزِيلَهُمْ عَنِ السَّرِيرِ! أَمَا لَئِنْ خَرَجَ لَأُسَوِّئَنَّهُ.
فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتٍ قَلَّمَا تَعَرَّضَ‏ لَهُمْ أَحَدٌ بِخِطَابٍ‏ إِلَّا وَسَمُوهُ بِالْجَوَابِ سِمَةً يَبْقَى عَارُهَا عَلَيْهِ أَبَدَ الدَّهْرِ.
وَ خَرَجَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَامَ إِلَيْهِ نُفَيْعٌ الْأَنْصَارِيُّ فَأَخَذَ بِلِجَامِ حِمَارِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟
فَقَالَ: “يَا هَذَا، إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ النَّسَبَ فَأَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللَّهِ، ابْنِ إِسْمَاعِيلَ ذَبِيحِ اللَّهِ، ابْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ.
وَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْبَلَدَ فَهُوَ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَ عَلَيْكَ – إِنْ كُنْتَ مِنْهُمُ – الْحَجَّ إِلَيْهِ.
وَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمُفَاخَرَةَ فَوَ اللَّهِ مَا رَضِيَ مُشْرِكُو قَوْمِي مُسْلِمِي قَوْمِكَ أَكْفَاءً لَهُمْ حَتَّى قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ أَخْرِجْ إِلَيْنَا أَكْفَاءَنَا مِنْ قُرَيْشٍ، خَلِّ عَنِ الْحِمَارِ”.
فَخَلَّى عَنْهُ وَ يَدُهُ تَرْعُدُ، وَ انْصَرَفَ بِخِزْيٍ.‏
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ: أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ؟” 4.‏

  • 1. هارون العباسي.
  • 2. العريض: الذى يتعرّض للنّاس بالشّرّ.
  • 3. أي الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)، سابع أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
  • 4. نزهة الناظر و تنبيه الخاطر: 126، لحسين بن محمد بن حسن بن نصر الحلواني، المتوفى في القرن الخامس الهجري، الطبعة الأولى سنة: 1408 هجرية، مدرسة الامام المهدي قم/إيران.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى