نص الشبهة:
يُقال للشيعة : لو كتم الصحابة مسألة النصّ على عليّ ( عليه السلام ) لكتموا فضائله ومناقبه فلم ينقلوا منها شيئاً ، وهذا خلاف الواقع ، فعُلم أنّه لو كان شيء من ذلك لنُقل ، لأنّ النصّ على الخلافة واقعةٌ عظيمة .
الجواب:
لم يقل الشيعة في أيّ وقت من الأوقات أنّ الصحابة كتموا النصّ على خلافة عليّ ( عليه السلام ) وأخفوه ، وإنّما الشيعة يقولون إنّ النصّ على ولاية عليّ ( عليه السلام ) نقله مائة وعشرون صحابياً وأربعة وثمانون تابعيّاً وثلاثمائة وستّون عالماً 1 .
وأمّا بالنسبة لذِكر الفضائل فيلزم التذكير أنّها كانت رهينة الحبّ والبغض ، فامتنع بعض أصحابه عن ذكر فضائله خوفاً وامتنع أعداءه بغضاً وحقداً ، ومع ذلك أتاح سبحانه لسان قوم لذكر مناقبه وفضائله إتماماً للحجة .
قال أحمد بن حنبل : ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) 2 .
وقال الشافعي : ما أقول في رجل أخفت أعداؤه مناقبه حسداً وأولياؤه خوفاً وظهر بين ذين وذين ما به ملؤ الخافقين 3 .
وقال آخرون : ما أقول في رجل أقرّ له أعداؤه وخصومه بالفضل ، ولم يمكنهم جحد مناقبه ، ولا كتمان فضائله ، فقد علمت أنّه استولى بنو أُمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره ، والتحريض عليه ، ووضع المعايب والمثالب له ، ولعنوه على جميع المنابر ، وتوعّدوا مادحيه ، بل حبسوهم وقتلوهم ، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة ، أو يرفع له ذكراً ، حتّى حظروا أن يسمّى أحد باسمه ، فما زاده ذلك إلاّ رفعة وسمواً 4 .
نعم نقلوا فضائله ولكنهم بين متساهل في الأخذ بها ومؤوّل لها ، والأوّل شيعة المتقدّمين والثاني رسم المتأخّرين 5 .
- 1. الغدير : 1 / 41 ـ 311 .
- 2. المستدرك للحاكم : 3 / 107 ; تاريخ دمشق لابن عساكر : 3 / 83 ، الطبعة الثالثة ; الرياض النضرة : 3 / 165 .
- 3. مناقب ابن شهرآشوب : 2 / 3 .
- 4. شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد : 1 / 16 .
- 5. هذه الإجابة نُشرت على الموقع الالكتروني الرسمي لسماحة آية الله العظمى الشيخ جعفر السبحاني دامت بركاته ، السؤال (169) .