نص الشبهة:
سؤال: هل الاتصال بالارواح علم صحيح ؟ ولو كان صحيحا كيف تحضر الارواح مع ان الارواح تذهب الى ربها ؟
الجواب:
الظاهر أنه يمكن الاتصال بالأرواح ، وأن تحضير الأرواح غير ممتنع على من هو متخصص فيه ، وقد دلت بعض الأخبار على أنه يمكن الاتصال بأرواح الموتى .
منها : ما رواه الكليني قدس سره في كتاب الكافي 3 / 243 بإسناده إلى حبة العرني ، قال : خرجت مع أمير المؤمنين عليه السلام إلى الظهر ، فوقف بوادي السلام كأنه مخاطب لأقوام ، فقمت بقيامه حتى أعييت ، ثم جلست حتى مللت ، ثم قمت حتى نالني مثل ما نالني أولاً ، ثم جلست حتى مللت ، ثم قمت وجمعت ردائي ، فقلت : يا أمير المؤمنين إني قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة ، ثم طرحت الرداء ليجلس عليه فقال لي : يا حبة إن هو إلا محادثة مؤمن أو مؤانسته ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين وإنهم لكذلك ؟ قال : نعم ، ولو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا محتبين يتحادثون ، فقلت : أجسام أم أرواح ؟ فقال : أرواح ، وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض ألا قيل لروحه : الحقي بوادي السلام ، وإنها لبقعة من جنة عدن .
وهذا الحديث وإن كان وارداً في حق أمير المؤمنين عليه السلام إلا أنه يدل على إمكان الاتصال بالأرواح لمن هيأ الله له أسباب ذلك ، بل يدل على وقوعه .
ولا منافاة بين إمكان الاتصال بالأرواح وبين كون الأرواح عند ربها ؛ لأن الله تعالى ليس في مكان خاص ، وليست الأرواح محبوسة عنده ، وقد ورد في بعض الأخبار أن أرواح المؤمنين تجتمع في وادي السلام ، وهو ظهر الكوفة ، فقد روى الكليني في الكافي 3 / 243 بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : إن أخي ببغداد ، وأخاف أن يموت بها ، فقال : ما تبالي حيثما مات ، أما إنه لا يبقى مؤمن شرق الأرض وغربها إلا حشر الله روحه إلى وادي السلام . قلت له : وأين وادي السلام ؟ قال : ظهر الكوفة ، أما إني كأني بهم حلق حلق قعود يتحدثون .
وورد أن أرواح الكفار في وادي برهوت في حضرموت ، فقد روى الكليني قدس سره في الكافي 3 / 246 بسنده عن القداح ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : شر ماء على وجه الأرض ماء برهوت ، وهو الذي بحضرموت ترده هام الكفار .
والمهم في هذه المسألة هو معرفة أن تحضير الأرواح عمل غير جائز ، وقد أفتى جمع من مراجع الطائفة بحرمته .
منهم : مرجع الطائفة السيد أبو القاسم الخوئي قد سره ، فإنه سئل سؤالاً نصه : هل يحرم تحضير الأرواح بالفنجان وبغير الفنجان ؟
فأجاب قدس سره بما يلي : نعم يحرم إذا كان يعد من فن السحر 1 .
وسئل سؤالاً آخر ، نصه : هل يجوز شرعاً تحضير الأرواح للاستخبار منهم عن أحوالهم وأحوال البرزخ وغير ذلك ؟
فأجاب قدس سره ، بقوله : الأظهر تحريم إحضار من يضره الإحضار من النفوس المحترمة دون غيرها 1 .
وسئل مرة أخرى : هل يمكن للحي أن يستحضر روح أحد الأموات ؟ أم أن ما يعرف بتحضير الأرواح هو نوع من تسخير الجن ؟
فأجاب قدس سره بقوله : تحضير الأرواح غير تسخير الجن ، وغير جائز أيضاً ، والله العالم .
وعلق المرجع الكبير الميرزا جواد التبريزي قدس سره بقوله : الأحوط الترك في أرواح المؤمنين إذا احتمل تأذيهم بذلك .
كما سئل مرجع الشيعة السيد الگلپايگاني قدس سره بقوله : هل يجوز تحضير الأرواح والتنويم المغناطيسي ؟
فأجاب بقوله : كلاهما غير جائز ، والله العالم 2 .
وسئل مرجع الطائفة السيد السيستاني دام ظله سؤالاً نصه : [هل يجوز] تحضير الأرواح لسؤالها عن حال صاحبها وعن البرزخ وغير ذلك من الأمور الأخرى ؟
فأجاب دام ظله بقوله : يحرم تحضير روح من يضره تحضير روحه من النفوس المحترمة دون غيرهم 3 .
وأجاب المرجع الكبير السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله على هذا السؤال بقوله : يحرم تحضير روح من يضره تحضير روحه من النفوس المحترمة دون غيرهم ، ويحرم الاعتماد على خبره ، وليكن في علمك أن ذلك قد يكون من عمل الجان والشياطين 4 .
ولا يخفى أن الغرض من تحضير الأرواح هو الاستعلام عن أمور مغيبة ، إلا أن تحضير الأرواح لا يفيد في ذلك ، لأن الأرواح لا تعلم بالمغيبات التي يريد السائل أن يسأل عنها ، إلا ما يخص الروح المحضرة ، دون ما عدا ذلك .
هذا مع أن الممارس لتحضير الأرواح قد يظن الروح الحاضرة هي الروح المطلوبة ، إلا أنها ربما تكون جنياً أو شيطاناً ، ولذلك أفتى مراجع الطائفة بأنه لا يجوز الاعتماد على إخبارات تلك الروح ، لجهالتها من جهة ، ولعدم العلم بأنها صادقة في إخباراتها من جهة أخرى ، والله العالم بحقائق الأمور 5 .
- 1. a. b. صراط النجاة 1 / 442 .
- 2. إرشاد السائل : 185 .
- 3. الفتاوى الميسرة : 418 ، فقه المغتربين : 332 .
- 4. حواريات فقهية : 323 .
- 5. سماحة الشيخ علي آل محسن ـ 23 / 5 / 2009 م ـ 11 : 25 م .