مقالات

شبهة وردها…

نص الشبهة: 

بسمه تعالى يقول الشهيد مرتضى المطهري ( رحمه الله ) : إن في كربلاء خرافات . . فهل هذا صحيح ؟! . .

الجواب: 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
فإن الإمام الحسين ( عليه السلام ) قد حورب من قبل الأمويين ، وقد استمرت هذه الحرب عليه حتى بعد استشهاده ( عليه السلام ) طيلة فترة الحكم الأموي البغيض ، ثم هو ( عليه السلام ) قد حورب من قبل بني العباس الذين قالوا للناس : إنهم يريدون الطلب بثأره ، وثأر من قتل من ولده معه وبعده ، بدءاً من المنصور ثاني خليفة عباسي ، ثم إلى ما شاء الله ، فقد واصل هذه الحرب من جاء من بعد المنصور ، ومنهم الرشيد ، والمتوكل . . حتى لقد حرثوا قبره الشريف ، وقطعوا الأشجار ، وهدموا البيوت من حوله إلى مسافات بعيدة . .
كما أن زواره قد لاقوا على أيدي الحكام في عهد الأمويين والعباسيين ، أعظم أنواع القهر والأذى ، والتنكيل ، كقطع الأيدي . . وسواه ، حتى القتل . .
وقد كان هؤلاء الحاقدون هم الذين يملكون السلطة والرجال ، والمال ، والجاه العريض ، والإعلام ، وكل شيء ، وكان أرباب المذاهب في خدمتهم ، وكانت الفتاوى جاهزة ، وفي كل اتجاه لشد أزرهم ، وإحكام أمرهم . . وتلبية رغباتهم . والناس في شرق البلاد وغربها ، بمثابة عبيد لهم ، يعظمونهم ويقدسونهم ، ويدينون الله بطاعتهم . .
وقد وظفوا ذلك كله في خدمة حقدهم على الإمام الحسين ( عليه السلام ) وعلى شيعته ومحبيه ، وظهر على شكل تعديات عليهم ، وظلماً وقهراً لهم ، وتنكيلاً بهم .
هذا عدا عن كل محاولات طمس الحقائق ، والمنع من إظهارها ، بل والسعي إلى تزويرها ، ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً . . وقد مرت السنون والأحقاب مثقلة بكل هذا البغي والظلم والتعدي . . ولكن الله عز اسمه لم يمكنهم من تحقيق مآربهم ، بل كانوا وما زال الخلف التابع لذلك السلف يعيشون الفشل الذريع ، والخيبة القاتلة ، والخزي والخذلان . .
واللافت هنا : أنه برغم ذلك كله فإن السيرة الكربلائية هي من أكثر السير التاريخية نقاء ، وصفاء . . حتى إنك قد لا تستطيع أن تثبت بصورة علمية كذب ما يتجاوز عدد أصابع اليدين ، رغم غزارة وتشعب أحداث هذه السيرة المباركة ، فإن ما ينقل من أحداث كربلائية متنوعة ، يتجاوز المئات إلى الألوف ، وقد يكون بعضها مما يزعم أنه كذب أو يراد الحكم عليه بذلك هو مجرد منامات ينقلها بعض الناس ، أو هو عبارة عن مبالغة في التصوير ، أو يذكر على أساس أنه لسان الحال . . في مواقف حساسة وصعبة . .
ويتجلى ذلك الذي ذكرناه أكثر بالمقايسة لهذه السيرة المباركة مع ما سواها ـ حتى سيرة الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ـ فإن من يسبر أغوار ما نقل من أحداث وقضايا غير كربلائية ، سيجد من التزوير ، والتحريف ، والدس ، ما يفوق الوصف . .
نعم . . إن كربلاء أصفى سيرة ، وأنقى تاريخ عرف ، رغم كراهية الحكام وأعوانهم لها على مر الدهور والعصور ، ورغم كراهية أصحاب المذاهب ، من رؤساء وأتباع للجهر بأحداثها ، ومنعهم من تناقلها وذكرها . .
وقد صدر لنا كتاب باسم « كربلاء فوق الشبهات » ، وما ذكرناه في ذلك الكتاب لعله كاف في الجواب . .
والحمد لله رب العالمين 1 .

  • 1. مختصر مفيد . . ( أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، « المجموعة الخامسة » ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1424 ـ 2003 ، السؤال (267) .
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى