نص الشبهة:
جاء في حديث المهدي: «لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي» (أخرجه أبوداود (4 / 106)، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (5180)) . والرسول (صلى الله عليه وآله) كما هو معلوم اسمه: محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، والمهدي عند الشيعة اسمه محمد بن الحسن! هذه إشكالية عظيمة! ولهذا حل أحد شيوخ الشيعة هذه الإشكالية بجواب طريف! حيث قال: (كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) سبطان أبو محمد الحسن وأبو عبد الله الحسين، ولما كان الحجة ـ أي المنتظر ـ من ولد الحسين أبي عبد الله، وكانت كنية الحسين أبا عبد الله، فأطلق النبي (صلى الله عليه وآله) على الكنية لفظ الاسم، لأجل المقابلة بالاسم في حق أبيه، وأطلق على الجد لفظة الأب)!! (« كشف الغمة في معرفة الأئمة » للأربلي ، (3 / 228) ، « أمالي الطوسي » ، ص 362 ، « إثبات الهداة » (3 / 594 ، 598) .) .
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد..
فإننا نجيب بما يلي:
أولاً: لا يصح الإحتجاج على الشيعة بروايات رواها غيرهم، لأن السائل نفسه قد نقل رواية: يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي عن أبي داود.. وأبو داود ليس من الشيعة، وليست روايته حجة عليهم، كما أن الشيعة لا يعترفون بتصحيح الألباني للرواية، لأن رواتها ليسوا من السائرين في خط أهل البيت «عليهم السلام»، وهم متهمون فيما يروونه في أمور العقيدة التي ترتبط بالشيعة.
ثانياً: قد روى هذا الحديث آخرون من دون ذكرالعبارة الأخيرة 1، وهي قوله «واسم ابيه اسم أبي».
ثالثاً: إننا نحتمل: أن يكون اتباع محمد بن عبد الله بن الحسن هم الذين أنتجوا هذه الصيغة، وأضافوا عبارة: «واسم أبيه اسم أبي»..
ثم روَّج المنصور وأتباعه هذه الصيغة، لأنه كان يحاول تسويق ابنه الذي لقبه بالمهدي، مدعياً أنه هو المهدي على الحقيقة.. وكان اسمه محمد بن عبد الله أيضاً.
رابعاً: يمكن أن يكون الصحيح هو قوله: «واسم أبيه اسم ابني» (يعني الإمام الحسن) «عليه السلام». ولكنها صحفت من النساخ، لعدم تداول النقط للكلمات في تلك الأحقاب..
خامساً: إن هذا السائل قد اتخذ من كلام الأربلي في توضيح الحديث ذريعة للتهويل على الشيعة، والتندر بتفاهة عقول علمائهم، وسخافة تفكيرهم..
ونقول له:
ألف: إن الأربلي لم ينقل هذا الحديث من كتب الشيعة، بل نقله من كتاب: حلية الأولياء لأبي نعيم.. كما أنه قد صرح في أول كتابه: بأن غالب ما يذكره في كشف الغمة هو من كتب أهل السنة 2.
كما أن أبا نعيم نفسه قد نقل هذه الرواية من دون ذكر عبارة: «واسم أبيه اسم أبي» 3.
ب: قال الأربلي تعليقاً على هذا الحديث: أما أصحابنا الشيعة، فلا يصحِّحون هذا الحديث، لما ثبت عندهم من اسمه، واسم أبيه «عليه السلام».
وأما الجمهور، فقد نقلوا: أن زائدة كان يزيد في الأحاديث، فوجب المصير إلى أنه من زيادته، ليكون جمعاً بين الأقوال والروايات 4.
ج: والأهم من هذا وذاك: أن هذا الكلام الذي شنَّع به السائل على الأربلي ليس هو من كلام الأربلي أصلاً، لأن الأربلى صرح: بأنه إنما ينقله عن الكنجى الشافعي، الذي هو من كبار علماء أهل السنة، وأنه قال «رحمه الله»: «.. وقد ذكر الترمذي الحديث في جامعه، ولم يذكر: «واسم أبيه اسم أبي». وذكره أبو داود. وفي معظم روايات الثقات من نقلة الأخبار: «اسمه اسمي» فقط. والذي روى «واسم أبيه اسم أبي» فهو زائدة. وهو يزيد في الحديث..
وإن صح، فمعناه: واسم أبيه اسم أبي، أي الحسين، وكنيته أبو عبد الله، فجعل الكنية اسماً، كناية منه: أنه من ولد الحسين دون الحسن..
ويحتمل أن يكون الراوي توهم قوله: «ابني»، فصحفه، فقال: «أبي»، فوجب حمله على هذا جمعاً بين الروايات.
وهذا كله تكلف في تأويل هذه الرواية.
والقول الفصل في ذلك: أن الإمام أحمد مع ضبطه وإتقانه روى هذا الحديث في مسنده في عدة مواضع: «واسمه اسمي» 5.
وقريب من هذه المضامين ذكره محمد بن طلحة الشافعي أيضاً، فراجع 6.
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله.. 7.
- 1. راجع: كشف الغمة (ط سنة 1426 هـ) ج 4 ص 182 و راجع ص 190 وفرائد السمطين ج 2 ص 225 وعقد الدرر ص 24 و 31 و 32 و 222 وكشف الأستار للبزار ج 1 ص 281 والحاوي ج 2 ص 63 وصحيح ابن حبان ج 15 ص 238 والمعجم الكبير ج 10 ص 137. و راجع: الجامع الصحيح للترمذي ج 4 ص 505 ومسند أحمد ج 1 ص 376 و 377 ومطالب السؤول ج 2 ص 80 و 81 والبيان ص 127 و 128 وذخائر العقبى ص 136.
- 2. راجع: مقدمة كشف الغمة (ط سنة 1426 هـ) ج 1 ص 5 وج 4 ص 179.
- 3. راجع: كشف الغمة (ط سنة 1426 هـ) ج 4 ص 188 و 19 و عقد الدرر ص 29 و 30 وجامع الأسرار ص 439.
- 4. بحار الأنوار ج 51 ص 86 وكشف الغمة (ط سنة 1426 هـ) ج 4 ص 202 و 203.
- 5. البيان ص 86 و 87 وكشف الغمة (ط سنة 1426 هـ) ج 4 ص 202 والدر المنثور للشيخ علي بن محمد بن الحسن، حفيد الشهيد الثاني ج 1 ص 53.
- 6. بحار الأنوار ج 51 ص 103.
- 7. ميزان الحق.. (شبهات.. وردود)، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1431 هـ. ـ 2010 م.، الجزء الثاني، السؤال رقم (89).