نص الشبهة:
يزعم الشيعة أنه ما من نبي من الأنبياء إلا ودعا إلى ولاية علي (انظر : « بحار الأنوار » 11 / 60 ، « المعالم الزلفى » ص 303 .) ! وأن الله قد أخذ ميثاق النبيين بولاية علي (المعالم الزلفى ص 303) ! بل وصلت بهم المبالغة والغلو إلى أن زعم شيخهم الطهراني أن ولاية علي «عُرضت على جميع الأشياء ، فما قبل صلح، وما لم يقبل فسد» (ودائع النبوة للطهراني، ص 155) ! ويقال للشيعة : لقد كانت دعوة الأنبياء عليهم السلام إلى التوحيد وإخلاص العبادة لله ، لا إلى ولاية علي كما تدعون . قال تعالى ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ . وإذا كانت ولاية علي كما تدعون مكتوبة في جميع صحف الأنبياء ؛ فلماذا ينفرد بنقلها الشيعة ولا يعلم بها أحد غيرهم ؟! ولماذا لم يعلم بذلك أصحاب الديانات ؟! وكثير منهم أسلم ولم يذكر هذه الولاية . بل لماذا لم تُسجل في القرآن وهو المهيمن على جميع الكتب ؟!
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
فإننا نجيب بما يلي :
أولاً : لماذا ؟! وما الدليل على حصر دعوة الأنبياء بالتوحيد ، وإخلاص العبادة لله ؟!
ألم يكن في دعوة الأنبياء تحليل وتحريم وحديث عن الآخرة ، وعن الدنيا ، وعن الأحكام ، وعن السياسات ، وعن الصلاة والزكاة وغير ذلك ؟!
ثانياً : من أين عرفتم : أن الأنبياء لم يدعوا إلى ولاية علي « عليه السلام » ؟!
ثالثاً : إن صحف الأنبياء « عليهم السلام » لم تصل إلينا نحن . . وإنما كانت كتب الأنبياء وصحفهم ، وسائر مواريثهم ، مثل عصا موسى ، وخاتم سليمان . . وغير ذلك ، عند رسول الله « صلى الله عليه وآله » . .
ولذلك نقول :
ألف : قال الله تعالى عن أهل الكتاب : ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ … ﴾ 1.
ويقول تعالى : ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا … ﴾ 2.
وقال تعالى : ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا … ﴾ 3.
وأوضح تعالى أيضاً : أنهم ينكرون نبوة نبينا محمد « صلى الله عليه وآله » ، مع أنهم ﴿ … يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ … ﴾ 4.
وقال عز وجل :﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ … ﴾ 5.
فمن كان هذا حاله لا يتوقع منه أن يبوح بمثل هذه الأمور لمن يسعى لصرف الناس عن دعوتهم ، وللتشكيك في صحة ما هم عليه . .
ب : إن من الواضح : أن الكتب المتداولة باسم توراة وإنجيل وسواها ليست هي التوراة الحقيقية ، ولا الإنجيل الحقيقي ، بل هي المحرف والمزيف منها .
ج : أما بالنسبة لنقل هذا الأمر من قبل المناوئين للشيعة ، والساعين في تقوية أمر أبي بكر ، وإضعاف حجة علي « عليه السلام » ، فلا يتوقع منهم الإهتمام بأمر من هذا القبيل ، ولا يسهل عليهم الإقرار به . .
رابعاً : إن الله تعالى يقول : إنه قد أخذ ميثاق النبيين ، وميثاق بني إسرائيل ، وميثاق الذين آمنوا ، وميثاق النصارى . .
ومن الواضح : أن هذا التعبير يحتمل وجوهاً ، فلماذا لا يكون أحد هذه الوجوه هو ما تضمنته روايات أهل البيت « عليهم السلام » الذين هم سفينة نوح ، وهم الثقل الذي لا يفارق كتاب الله إلى يوم القيامة ، ولن يضل من تمسك بهما . وهو أخذ ميثاقهم على التوحيد والإقرار لله بالعبودية ، ولمحمد بالنبوة ، ولعلي بالولاية . .
وبذلك لا يبقى مجال لقول السائل : إن الإمامة وأخذ الميثاق بها لم يسجل في القرآن ، وهو المهيمن على جميع الكتب ، لاحتمال أن يكون هذا هو المقصود بالميثاق الذي ورد في القرآن ، كما أوضحته روايات كثيرة كما قلنا .
خامساً : لا يجب ذكر كل حقائق الدين في القرآن بصورة صريحة ، فلعل هناك حكمة كبرى اقتضت عدم ذكر هذا الأمر صراحة في القرآن . . والإكتفاء بإخبار الرسول « صلى الله عليه وآله » ، وأهل بيته « عليهم السلام » به .
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله . . 6 .
- 1. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 15، الصفحة: 110.
- 2. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 91، الصفحة: 139.
- 3. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 79، الصفحة: 12.
- 4. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 157، الصفحة: 170.
- 5. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 146، الصفحة: 23.
- 6. ميزان الحق . . ( شبهات . . وردود ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1431 هـ . ـ 2010 م ، الجزء الرابع ، السؤال رقم (183) .