نص الشبهة:
ومن طريف تخبطات عثمان الخميس أنه ناقض نفسه وتنازل عن مقولته بتعميم التطهير من الرجس لكل الناس، فزعم أن إذهاب الرجس يشمل أهل البيت عليهم السلام ونساء النبي صلى الله عليه وآله وكل الصحابة! فهو لا يثبت على قول في الآية، بل هو يقفز من قول إلى قول!
قال عثمان الخميس:
(إذهاب الرجس لا يدل على أنهم الخلفاء بعد رسول الله (ص)، بل نحن نؤمن يقيناً أنّ الله أذهب عن علي الرجس، ولذلك صار مولى المؤمنين وكذلك الحسن والحسين وفاطمة وكذلك زوجات النبي (ص) ولذلك سماهن أمهات المؤمنين ﴿ … وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ … ﴾ وكذلك أصحاب النبي فإن الله أذهب عنهم الرجس جميعاً بدليل الآيات التي ذكرناها قريباً) (حقبة من التاريخ: 192.).
الجواب:
وبهذا أضاف الخميس مزعومة أخرى إلى مزاعمه السابقة وهي دعواه بأن الله قد أذهب الرجس أيضاً عن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وأثبت لهم العصمة وهذا لا قائل به من المسلمين ولا من الكافرين! خاصة أن سيرة هؤلاء الصحابة وما ارتكبه الكثير منهم من مخالفات شرعية دليل على بطلان هذه المزعومة، كما أن هناك كثيراً من الأحاديث الصحيحة في مصادر أهل السنة تنص على أن جماعة ليست بالقليلة من هؤلاء الصحابة سيغيرون ويبدلون بعد النبي صلى الله عليه وآله وسيدخلون النار يوم القيامة، وهذه نماذج منها:
فقد أخرج البخاري في صحيحه1، والشاشي في سمنده2بسنديهما كلاهما عن أبي وائل قال – واللفظ للبخاري -: (قال عبد الله قال النبي (ص): أنا فرطكم على الحوض ليرفعن إليّ رجال منكم حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني فأقول: أي رب أصحابي! يقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك).
وأخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة الدوسي أنه كان يحدث عن رسول الله (ص) أنه قال: (يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلئون على الحوض، فأقول: يا رب أصحابي! فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى) 3.
وأخرج أحمد بن حنبل في مسنده 4، وابو يعلى في مسنده5عن عبد الله بن مسعود – واللفظ لأحمد – عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لأصحابه: (أنا فرطكم على الحوض، ولأنازعن أقواماً ثم لأغلبن عليهم فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك).
وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (مثلي كمثل رجل استوقد ناراً فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب التي في النار يقعن فيها، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها، قال فذلك مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزتكم عن النار هلم عن النار فتغلبوني تقحمون فيها) 6.
فكيف يكون هؤلاء مطهرين من الرجس، وهل المطهر يدخل النار؟!!
دلالة آية التطهير على الإمامة
أما قوله أن إذهاب الرجس لا يدل على أنهم الخلفاء بعد الرسول صلى الله عليه وآله فجوابه: أنا نستدل بهذه الآية على إمامة علي بن أبي طالب عليه السلام وخلافته للرسول على الأمة، وكذلك إمامة الحسن والحسين عليهما السلام بالدلالة الإلتزامية لأن هؤلاء ادّعوا الإمامة وخلافة النبي صلى الله عليه وآله فقد ادّعاها علي عليه السلام لنفسه وادعاها له الإمامان الحسن والحسين والسيدة الزهراء عليهم السلام، وبما أنهم معصومون فلازمه صدق هذه الدعوى.
ثم إن المطهر من ربه أحق من غير المطهر، والمعصوم هو الأحق والأصلح والأنسب لتولي منصب خلافة النبي صلى الله عليه وآله، لأن غير المعصوم لا يناله عهد الله تعالى بنص القرآن، وقال تعالى:﴿ وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ 7.
فالآية الكريمة تقرر أن من اتصف في آن من آنات حياته بالظلم لا يصلح أن يكون إماماً، فهي تثبت لزوم أن يكون الإمام معصوماً غير ظالم طول عمره8.
- 1. صحيح البخاري 6/2587.
- 2. مسند الشاشي 2/42.
- 3. صحيح البخاري 5/2407.
- 4. مسند أحمد 1/384 و 406 و 425
- 5. مسند أبي يعلى 1/126.
- 6. صحيح مسلم 4/1789.
- 7. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 124، الصفحة: 19.
- 8. نقلا عن كتاب الرد النفيس على أباطيل عثمان الخميس، تأليف الشيخ حسن عبد الله العجمي.