نص الشبهة:
أيهما أفضل عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فاطمة (عليها السلام) ، أم الإمام علي (عليه السلام) . .
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
وبعد . .
فإنه قد ورد في الحديث من طرق أهل السنة : أن النبي (صلى الله عليه وآله) ، قال مخاطباً الإمام علي (عليه السلام) : فاطمة أحب إلي منك ، وأنت أعز عليّ منها 1 . .
وورد أيضاً : أنه ما كان أحب إليه (صلى الله عليه وآله) ، من الرجال إلا الإمام علي (عليه السلام) ، ولا من النساء إلا السيدة فاطمة (عليها السلام) 2 . .
وروي عنه (صلى الله عليه وآله) ، أنه قال : علي أحب أهلي إلي 3 . .
وعن أبي ذر ما يدل على أن الإمام علي (عليه السلام) أحب الناس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) 4 .
وهناك ما يدل على أن السيدة فاطمة (عليها السلام) كانت أحب الخلق إليه أيضاً 5 .
كما أنه (صلى الله عليه وآله) ، قد دعا الله تعالى أن يأتيه بأحب الخلق إليه ليأكل معه من الطائر المشوي . . فجاء الإمام علي (عليه السلام) . . والأحاديث الدالة على هذا الأمر كثيرة . .
وبعدما تقدم نقول :
إنه لا ريب في أن الإمام علياً (عليه السلام) ، هو نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، كما دلت عليه آية المباهلة ، كما لا ريب في أن للنبوة الخاتمة الفضل الأتم ، والمقام الأعظم . . وللإمامة المتصلة بالنبوة الخاتمة خصوصية في الفضل لا تصل إليها حتى إمامة النبي إبراهيم (عليه السلام) ، فضلاً عن إمامة غيره .
وهذا يعني : أن مقام الإمام علي (عليه السلام) ، هو الأعظم والأتم والأسمى من كل مقام لأنه نفس الرسول (صلى الله عليه وآله) ، ولأجل خصوصية إمامته المتصلة بالنبوة الخاتمة . .
وكما أن مقتضى النبوة الخاتمة ، والمؤهل لها قائم في ذات رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فكذلك الحال بالنسبة لمقتضى الإمامة العظمى . فإنه قائم في ذات أمير المؤمنين (عليه السلام) .
ومن جهة أخرى ، فإن السيدة فاطمة (عليها السلام) أيضاً بضعة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) . . وبذلك كانت أفضل من جميع الأنبياء ، وكانت حجة عليهم ـ كما ورد في بعض الروايات ـ ما عدا النبي محمد (صلى الله عليه وآله) ، وسوى الإمام علي (عليه السلام) ، ولذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لولا علي لم يكن لفاطمة كفؤ آدم فمن دونه . .
ولكنها ليست أفضل من الإمام علي (عليه السلام) ، لأنها وإن كانت بضعة من الرسول (صلى الله عليه وآله) ، لكن الإمام علي (عليه السلام) هو نفس الرسول (صلى الله عليه وآله) . . وهو إمامها المفروض الطاعة عليها . . وهو أحب الخلق إلى الله كالرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، بلا ريب . .
وخلاصة الأمر : أن النبي (صلى الله عليه وآله) ، يحب ما يحبه الله سبحانه . . وحين خلق الله صفوة الخلق فقد أحب هذه الصفوة وكرّمها . . وهذه الصفوة هي ذلك النور الذي كان منه النبي (صلى الله عليه وآله) ، والإمام علي والسيدة فاطمة (عليهما السلام) ، وقد كانت السيدة فاطمة (عليها السلام) أحب الخلق إليه (صلى الله عليه وآله) لأنها من ذلك النور والإمام علي (عليه السلام) أيضاً ، كان أحب الخلق إليه لأنه كذلك ، وإن كان هذا النور حين تجلى في الإمام علي (عليه السلام) ، فإنه قد اكتسب خصوصية أخرى لها مزيتها وفضلها الخاص بها . . وهي خصوصية الإمامة ، لكن ذلك ليس هو محط نظر النبي (صلى الله عليه وآله) ، وهو يعبر عن حبه للإمام علي وللسيدة فاطمة (عليهما السلام) . . وإذا كانت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) من ذلك النور وهي بضعة من الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وكان الإمام علي (عليه السلام) كذلك وهو نفس الرسول (صلى الله عليه وآله) ، فيكون قول الرسول (صلى الله عليه وآله) ، إن السيدة فاطمة (عليها السلام) أحب الخلق إليه؛ لا يتنافى مع قوله : إن الإمام علي (عليه السلام) أحب الخلق إليه ، فإنه إنما يعني بذلك حبه لذلك النور الذي تجلى فيهما صلوات الله عليهما ، بغض النظر عن خصوصية الإمامة العظمى التي تجلت في الإمام علي (عليه السلام) . .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين 6 . .
- 1. مجمع الزوائد ج9 ص202 عن الطبراني في الأوسط ، ونزهة المجالس ج2 ص222 والصواعق المحرقة ص189 ط عبد اللطيف بمصر ، ومنتخب كنز العمال « بهامش مسند أحمد » ج5 ص97 وكنوز الحقائق ص103 وينابيع المودة ص180 و196 وإسعاف الراغبين « بهامش نور الأبصار » ص189 وخصائص الإمام علي بن أبي طالب للنسائي ص37 ط التقدم بمصر ، وأسد الغابة ج5 ص522 وتذكرة الخواص ص316 وكفاية الطالب ص173 وذخائر العقبى ص27 ونظم درر السمطيين ص183 والبداية والنهاية ج7 ص341 ومقتل الحسين للخوارزمي ص68 والبحار ج37 ص85 وج43 ص38 عن أبي نعيم وغيره . .
- 2. راجع : البحار ج43 ص38 وراجع ملحقات إحقاق الحق ج8 ص668 ـ 678 وغيره ، وج15 ص 538 ـ 543 .
- 3. راجع : ملحقات إحقاق الحق ج15 ص534 ـ 538 .
- 4. المصدر السابق ج15 ص538 .
- 5. راجع المصدر السابق في مواضع مختلفة كما يظهر من الفهرس ص158 و159 .
- 6. مختصر مفيد . . ( أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، « المجموعة الرابعة » ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1423 ـ 2002 ، السؤال (216) .