يواجه بعض الناس في يوم القيامة محاسبة سيئة عبر عنها القرآن الكريم بسوء الحساب، و سوء الحساب في يوم القيامة إنما هو نتيجة لسلوك الانسان و تصرفاته و أقواله و أفعاله في الحياة الدنيا، و لقد ذكرت الاحاديث و الروايات بعض أسباب سوء الحساب نُشير إليها كالتالي:
عدم الاستجابة لدعوة الله
إن من أسباب سوء الحساب في يوم القيامة هو عدم الاستجابة لدعوة الله، فقد قال الله سبحانه و تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَىٰ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَٰئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ 1.
و قال عَزَّ مِنْ قائل: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا ﴾ 2 .
مقاطعة من يجب أن يوصل
و من أسباب سوء الحساب مقاطعة من يجب أن يوصل، كمقاطعة الامام المعصوم و قطيعة الرحم و مقاطعة المؤمنين، فقد قال الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴾ 3.
ذكر المفسرون أقوالا في تفسير ما أمر اللّه به أن يوصل، و أقربها الى روح الإسلام و مبادئه قول من قال: ان المراد به مناصرة الإنسان لأخيه الإنسان، و التعاون معه على كشف الضر عنه، و جلب النفع له قريبا كان أو بعيدا 4.
النميمة
و من اسباب سوء الحساب النميمة.
و النَمِيْمَة: مِن نَمّ نَمَّا، هي نقل الحديث على وجه السعاية و الإفساد لإيقاع الفتنة بين شخصين أو أكثر، و هي من الآثام الكبيرة و المعاصي العظيمة، وَ ضِدُّها صَوْنُ الْحَدِيثِ.
و يُسمَّى فاعل النميمة و مُحترفها نَمَّاماً، و قَتَّاتاً.
و قيل النَّمامُ هو الذي يكون مع القوم يتحدثون فَيَنُمُّ عليهم، و القَتَّاتُ هو الذي يتَسمَّعُ على القوم و هم لا يعلمون فَيَنُمّ حديثهم 5.
رُوِيَ عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام أنَّهُ قال: “كَفَاكَ مَنْ يُرِيدُ نُصْحَكَ بِالنَّمِيمَةِ مَا يَجِدُ مِنْ سُوءِ الْحِسَابِ فِي الْعَاقِبَةِ” 6.
الزنا
و من أسباب سوؤ الحساب في يوم القيامة إرتكاب الزنا، فقد روى الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ: “لِلزَّانِي سِتُّ خِصَالٍ، ثَلَاثٌ فِي الدُّنْيَا، وَ ثَلَاثٌ فِي الْآخِرَةِ.
فَأَمَّا الَّتِي فِي الدُّنْيَا: فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِنُورِ الْوَجْهِ، وَ يُورِثُ الْفَقْرَ، وَ يُعَجِّلُ الْفَنَاءَ.
وَ أَمَّا الَّتِي فِي الْآخِرَةِ: فَسَخَطُ الرَّبِّ، وَ سُوءُ الْحِسَابِ، وَ الْخُلُودُ فِي النَّارِ” 7.
- 1. القران الكريم: سورة الرعد (13)، الآية: 18، الصفحة: 251.
- 2. القران الكريم: سورة الطلاق (65)، الآية: 8، الصفحة: 559.
- 3. القران الكريم: سورة الرعد (13)، الآية: 21، الصفحة: 252.
- 4. تفسير الكاشف: 4 / 398، للعلامة الفقيد الشيخ محمد جواد مغنية رحمه الله.
- 5. مجمع البحرين: 2 / 214، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي، المولود سنة: 979 هجرية بالنجف الأشرف/العراق، و المتوفى سنة: 1087 هجرية بالرماحية، و المدفون بالنجف الأشرف/العراق، الطبعة الثانية سنة: 1365 شمسية، مكتبة المرتضوي، طهران / إيران.
- 6. العدد القوية لدفع المخاوف اليومية: 297، لرضي الدين علي بم يوسف بن المطهر الحلي، الطبعة الأولى: قم/ايران سنة 1408 هجرية.
- 7. من لا يحضره الفقيه: 3 / 573، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق، المولود سنة: 305 هجرية بقم، و المتوفى سنة: 381 هجرية، طبعة انتشارات اسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الطبعة الثالثة، سنة: 1413 هجرية، قم / إيران.