أقبل القوم على سلبه (عليه السلام) ، فأخذ إسحاق بن حوية قميصه، و أخذ الأخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي عمامته، و أخذ الأسود بن خالد نعليه و أخذ سيفه جميع بن الخلق الأودي و يقال رجل من بني تميم اسمه الأسود بن حنظلة.
و جاء بجدل فرأى الخاتم في إصبعه و الدماء عليه فقطع إصبعه و أخذ الخاتم و أخذ قيس بن الأشعث قطيفته «1» و كان يجلس عليها فسمي قيس قطيفة «2»، و أخذ ثوبه الخلق جعونة بن حوية الحضرمي و أخذ القوس و الحلل الرحيل بن خيثمة الجعفي و هاني بن شبيب الحضرمي و جرير بن مسعود الحضرمي «3» و أراد رجل منهم أخذ تكة سرواله و كان لها قيمة، و ذلك بعد ما سلبه الناس يقول، أردت أن انزع التكة فوضع يده اليمنى عليها فلم أقدر على رفعها فقطعت يمينه! فوضع يده اليسرى عليها فلم اقدر على رفعها فقطعتها و هممت بنزع السروال فسمعت زلزلة فخفت و تركته و غشي عليّ، و في هذه الحال رأيت النبي و عليا و فاطمة و الحسن، و فاطمة تقول: يا بني قتلوك، قتلهم اللّه، فقال لها: يا أم قطع يدي هذا النائم فدعت عليّ و قالت: قطع اللّه يديك و رجليك و أعمى بصرك و أدخلك النار فذهب بصري و سقطت يداي و رجلاي فلم يبق من دعائها إلا النار «4»:
وا صريعا عالج الموت بلا شد لحيين و لا مد ردا
غسّلوه بدم الطعن و ما كفنوه غير بوغاء الثرى
قتلوه بعد علم منهم أنه خامس أصحاب الكسا
يا رسول اللّه يا فاطمة يا أمير المؤمنين المرتضى
عظم اللّه لك الأجر بمن كظّ أحشاه الظما حتى قضى
ضاربا في كربلا خيمته ثم ما خيّم حتى قوّضا
ميت تبكي له فاطمة و أبوها و علي ذو العلا
لو رسول اللّه يحيا بعده قعد اليوم عليه للعزا
حملوا رأسا يصلّون على جده الأكرم طوعا و إبا
يتهادى بينهم لم ينقضوا عمم الهام و لا حلّوا الحبا
يا رسول اللّه لو عاينتهم و هم ما بين قتل و سبا
من رميض يمنع الظل و من عاطش يسقى أنابيب القنا
و مسوق عاثر يسعى به خلف محمول على غير وطا
لرأت عينك منهم منظرا للحشا شجوا و للعين قذى
ليس هذا لرسول اللّه يا أمة الطغيان و البغي جزا
جزروا جزر الأضاحي نسله ثم ساقوا أهله سوق الإما
هاتفات برسول اللّه في بهر السير و عثرات الخطا «5»
_____________
(1) اللهوف ص 73.
(2) مقتل الخوارزمي ج 2 ص 38 و كامل ابن الأثير ج 4 ص 32.
(3) مناقب ابن شهراشوب ج 2 ص 224.
(4) مقتل الخوارزمي ج 2 ص 102.
(5) للشريف الرضي أعلى اللّه مقامه.
المصدر: http://h-najaf.iq