إنّ الإمـامـةَ إنْ عَـدَتـكَ فـلـمْ تـكُـــــــــنْ *** تـعـدو فـضـائـلَ شـخـصِـكَ الـمِـقـدامـا
ولـئـن عَـدَتْ نـحـو الـزكـيِّ فـلـنْ تـرى *** تـعـدوكَ كـلّا رفـعـةً ومَـقــــــــــــــامـا
يـكـفـي مـقــــــــــــامـك أّنّـه فـي رتـبـةٍ *** فُـقـتَ الأنـــــــــــامَ وكـنـتَ ثـمَّ غُـلامـا
قـد كـنـتَ صـدراً لـلـعـلـومِ ومـصــدراً *** لـولا الـبِـدا لأخـيـــــــــكَ كـنـتَ إمـامــا
هذه الأبيات للسيد محمد مهدي الصدر الكاظمي في حق قمر من أقمار آل محمد الساطعة وغصن من أغصان الشجرة النبوية الشريفة الباسقة وعلم شاخص من أعلام أهل البيت (عليهم السلام)، بلغ من جلالة القدر وسمو النفس وعلو الشأن مكانة عظيمة إلى الحد الذي اعتقد الناس إنه الإمام بعد أبيه الإمام علي الهادي (عليه السلام)، كما بلغ درجة من العبادة قلّ نظيرها فأعطاه الله من الكرامات ما سارت على الألسن والأفواه، ومرقده الشريف ببلد مقصد أصحاب الحاجات والمرضى يتوسّلون به لمنزلته عند الله لقضاء حاجاتهم.
لُقّب بـ (سبع الدجيل) لأنه كان يحمي زوّاره من اللصوص وقطّاع الطرق فكان لا ينال أحداً من زائريه أيّ أذى حينما يقصده، وهذا اللقب من أشهر ألقابه، ورُوي إن سبب إطلاق هذا اللقب عليه: إن قبره الشريف كان مكاناً خالياً من الناس وقراهم وهو يبعد عن بلد بـ (خمسة كيلومترات)، وعن ضفاف نهر دجلة بـ (أربعة كيلو مترات)، ومن المعلوم إن مثل هذه المناطق الخالية تكون مرتعاً للصوص وقطاع الطرق فكان الزائرون لمرقده الشريف يشاهدون سبعاً ـ أسداً – ضارياً يجوب الارض حول القبر وهو لا يدع أحداً من اللصوص يصل الى زوّاره بسوء حتى قال الشاعر في ذلك:
يـنـامُ قـريــــــراً عـنـدكَ الـوفـدُ إنـه *** يُـهـابُ فـلا يـدنـو إلـى ضـيــــــــفِـكَ الـلـصُّ
لـعـمـركَ قـد خـافـوكَ حـيـاً ومـيـتـاً *** وهـلْ قـبـلَ هـذا خِـيـفَ فـي رمـسـهِ شـخـصُ
ومن ألقابه أيضاً: سبع الجزيرة، والبعّاج، وأبو جاسم، وأبو البرهان لوضوح كراماته ودلالة قربه من الله تعالى، وأبو الشارة، وأخو العباس لكراماته التي حباه الله بها، فكلاهما باب الحوائج.
يقول الشيخ عباس ألقمي في كتابه (منتهى الآمال في تواريخ النبي والآل) يصف هذا المزار الشريف: (مزار مشهور هناك مطاف للفريقين وتُجبى إليه النذور والهدايا وله ما لايُحصى كثرة من الكرامات وخوارق العادات).
السيرة العظيمة
هو السيد أبو جعفر محمد بن الإمام علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، سليل الإمامة وربيب بيت الوحي ومعدن الرسالة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
ولد في قرية يقال لها (صريا) في المدينة المنورة عام (212هـ)، وهذه القرية أسّسها الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)، على بعد ثلاثة أميال من المدينة المنوّرة وقد ولد فيها ثلاثة من الأئمة المعصومين هم: الإمام علي بن موسى الرضا والإمام محمد بن علي الهادي والإمام الحسن العسكري (عليهم السلام) فضلاً عن عدد من أولادهم ومن بينهم سيدنا محمد بن علي الهادي.
ترعرع السيد محمد في كنف والده الإمام علي الهادي النور العاشر من سلسلة الأنوار الإلهية المنصوص عليهم بالإمامة فنشأ على التقوى والورع والعلم والعبادة، أمّا أمّه فهي السيدة الطاهرة (سليل)، التي عبّر عنها الإمام الهادي بقوله:(سليل مسلولة من الآفات والأنجاس) لعلو منزلتها وسمو مقامها.
عاش السيد محمد في رعاية أبيه أربعاً وعشرين عاماً، وكانت تلك السنوات كافية لأن تجعل منه الصورة الواضحة لشخصية أبيه وأخيه (عليهما السلام)، والاكتساب منهما مكارم الأخلاق والصفات الحميدة، كما عاصر السيد محمد خمسة من الخلفاء العباسيين هم الواثق، والمتوكل، والمنتصر، والمستعين، والمعتز وقد توفي السيد محمد في خلافة الأخير، كما عاصر سيدنا الكثير من الأحداث الأليمة التي جرت على الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) وما جرى على أهل بيته من فجائع وآلام ومآسٍ، منها خروج يحيى بن عمر بن يحيى بن عبد الله بن جعفر الطيار بالكوفة سنة (248هـ)، على السلطة العباسية الجائرة والذي قُتل وحُمل رأسه الى بغداد وصُلب، وكان يحيى هذا متديِّناً ورعاً شديد الحب لأهل بيته من العلويين باراً بالناس ومضرب الأمثال في الجود والكرم، كما عاصر السيد محمد خروج الحسن بن زيد العلوي في طبرستان سنة (250هـ).
وقد جاءت هذه الثورات العلوية وغيرها نتيجة طبيعية لجور السلطة العباسية وطغيانها وقمعها واستبدادها، فكان السيد محمد يرى ما يجري على أبناء عمومته من العلويين من قتل وصلب وتشريد وسجن وتعذيب، فيتلقى تلك الصدمات بقلب المؤمن الصابر المفوّض أمره إلى الله، وفضلاً عن كل هذه الصدمات والنكبات فقد كان سيدنا يشارك أباه وأخاه في محنتيهما وما جرى عليهما من الترحيل عندما حملهما يحيى بن هرثمة القائد العسكري في عهد المتوكل من المدينة المنورة إلى سامراء وما قاسياه من الخلفاء العباسيين.
في مواجهة الإنحراف
وإضافة إلى هذا الضغط السياسي الذي مارسه العباسيون ضد الأئمة من أهل البيت وأتباعهم، فقد كانت هناك محنة أخرى وهي ظهور التيارات الضالة التي ابتدعت الآراء المنحرفة وإفشاء الشذوذ الفكري الذي ساعد دعم السلطة العباسية على انتشاره لمحاربة فكر أهل البيت، فظهرت فرق شذّت وانحرفت عن مبادئ الإسلام الصحيح المتمثل بالأئمة المعصومين، فكانت معاناة سيدنا تتفاقم وهو يحسّ بأنه من المكلّفين بحفظ شريعة جده محمد (صلى الله عليه وآله) من الضلالات والبدع، لكن كل تلك النكبات والمآسي التي تعرّض لها لم تمنعه من أن يبسط أشعة علمه الإلهي على الناس وإرشادهم إلى الصراط المستقيم وإرجاعهم إلى جادة الصواب فكان من علماء آل محمد وفضلائهم، ومما يدل على فضله وعلمه إن من الشيعة كانت تعتقد إن الإمامة فيه بعد أبيه الهادي، إلا أن هذه الفرقة اضمحلت ورجعت إلى أخيه الحسن العسكري بعد أن عرّفهم الإمام الهادي بالإمام المنصوص عليه من بعده وبخاصة بعد وفاة السيد محمد في حياة أبيه الهادي.
في أقوال الكتاب والمؤرخين
كان سيدنا ملازماً لأبيه وأخيه ويحدثنا نجم الدين أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن محمد العلوي في كتابه (المجدي في أنساب الطالبيين/ص131) عن علّان الكلابي أحد معاصري السيد محمد على فضل سيدنا ومكانته السامية فيقول:
(صحبتُ أبا جعفر محمد بن علي الهادي (عليهما السلام)، وهو حدث السن فما رأيتُ أوقر ولا أزكى ولا أجلّ منه وإن خلّفه أبو الحسن بالحجاز طفلاً فقد كان عليه مُشيداً وكان ملازماً لأخيه أبي محمد لا يفارقه)، ويقول السيد محسن الأمين في (أعيان الشيعة ج10ص5): (السيد أبو جعفر محمد بن علي الهادي (عليه السلام) المتوفي سنة (252هـ)، سيد جليل القدر عظيم الشأن، كانت الشيعة تظن إنه الإمام من بعد أبيه (عليه السلام) فلما توفى نص أبوه على أخيه أبي محمد الحسن (عليه السلام) وكان أبوه خلّفه في المدينة طفلاً عندما جيء به إلى العراق. وبعد عقود قدم عليه في سامراء، ولما أراد الرجوع إلى الحجاز، وهو في طريقه نزل القرية التي يقال لها (بلد) على تسعة فراسخ من سامراء مرض وتوفي ودفن قريباً منها. ومشهده الآن معروف ومزور).
وقال الشيخ عباس القمي في منتهى الآمال: (وأمّا السيد محمد المُكنّى بأبي جعفر فهو المعروف بجلالة القدر وعظم الشأن، وكفى في فضله قابليته وصلاحه للإمامة وكونه أكبر ولد الإمام علي الهادي (عليه السلام) وزعم الشيعة أنه الإمام بعد أبيه لكنه توفي قبل أبيه).
وقال محمد رضا سيبويه في كتابه (لمحات من حياة الإمام الهادي) عن سيدنا السيد محمد: (جلالته وعظم شأنه أكثر من أن يُذكر وقد ذكروا في باب النصوص على إمامة أبي محمد (عليه السلام)، ما ينبِّئ عن علو مقامه وترشيحه لمقام الإمامة وقبره مزار معروف في بلد والعامة والخاصة يعظّمون مشهده الشريف).
وقال محمد رضا عباس الدبّاغ: (وكان ـ أي السيد محمد ـ فقيهاً عالماً عابداً زكياً أراد النهضة إلى الحجاز فسافر في حياة أخيه حتى بلغ (بلد) فمات بالسواد فدفن هناك وعليه مشهد وهو الذي يُعرف بالسيد وسبع الدجيل).
وفاته أو استشهاده
توفي سيدنا الجليل محمد بن علي الهادي سنة (254هـ) فحزن عليه أخوه (عليهما السلام) حزناً شديداً، ورُوي في سبب موته في المكان المعروف الآن وهي المنطقة المعروفة بالدجيل نسبة إلى نهر الدجيل المشهور، إنه كان للإمام الهادي صدقات ووقوفاً من ضياعٍ وأراضٍ بمقربة من بلد وكان الذي يتولى أمرها ابنه ابو جعفر محمد وفي إحدى وفداته للنظر في شؤونها فاجأه المرض واشتد به الحال فمات).
غير أن هناك دلائل تشير إلى أن السلطة العباسية كان لها يد في موته وهو أمر ليس ببعيد على الخلفاء العباسيين فتأريخهم الدموي شاهد على جرائمهم بحق العلويين، فإن شخصية عظيمة مثل شخصية السيد محمد بما تمتلك من جلالة وقدر وسمو إضافة إلى نسبها الرفيع وشيوع إنه الإمام بعد أبيه بين الناس من الطبيعي أن تكون في رأس قائمة العباسيين ممن يخططون لتصفيته جسدياً وقد اعتمد هذا الرأي الشيخ باقر شريف القرشي في كتابه (حياة الإمام الحسن العسكري/ص24-25)، فقال:
(ومرض أبو جعفر – أي السيد محمد – مرضاً شديداً واشتدتْ به العلة ولا نعلم سبب مرضه هل إنه سُقي سماً من قبل أعدائه وحسّاده من العباسيين الذين عزّ عليهم أن يروا تعظيم الجماهير وإكبارهم إيّاه)، كما رجّح عدم كون وفاة السيد محمد أن تكون طبيعية السيد محمد كاظم القزويني في كتابه (الإمام العسكري من المهد إلى اللحد/ ص23)، حيث قال: (لا نعلم سبب وفاة السيد محمد في تلك السن ونعتبر موته حتف أنفه مشكوكاً فيه لأن الأعداء كانوا ينتهزون كل فرصة لقطع خط الإمامة في أهل البيت (عليهم السلام)، فلعلهم لمّا عرفوا أن السيد محمد هو أكبر أولاد أبيه وهو المرشّح للإمامة بعد أبيه قتلوه كما قتلوا أسلافه من قبل).
إضافة إلى ذلك فإن الروايات التي تواترتْ عن الأئمة والتي تؤكد أنهم (عليهم السلام) يموتون إما قتلاً أو سماً منها قول الإمام الصادق (عليه السلام): (ما مِنّا إلّا مقتول أو مسموم)، وروى الطوسي في (الغيبة/ص388): (إن النبي والأئمة ما ماتوا إلّا بالسيف أو السم وقد ذكر عن الرضا (عليه السلام) إنه سُمّ وكذلك ولده وولد ولده).
وبناءً على هذا الرأي فإن سيدنا قد رزقه الله الشهادة مع الصدّيقين والأبرار وحباه بالكرامات الباهرة والمعجزات الزاهرة التي رواها الخاص والعام وكراماته أكثر من أن تحصى وأوفر من أن تستقصى.
مع الكتب
ألّف في حياة سيدنا وكراماته الكثير من الأعلام منهم: العلامة محمد علي بن عبد الأئمة البلداوي، والشيخ جابر بن الشيخ مهدي آل عبد الغفار البلداوي، والشيخ هاشم بن محمد علي البلداوي، والعلامة الكبير الميرزا هادي الخرساني، والعلامة الحجة الكبير محمد الطهراني ابن العلامة المحقق الشهير الميرزا ابو القاسم الذي كان من أجلاّء تلامذة المجدد الكبير آية الله محمد حسن الشيرازي، كما ألّف عن كرامات السيد محمد العلامة الشيخ المحقق الكبير محمد علي الاوردبادي الغروي النجفي، والعلامة قاسم بن العلامة السيد علي بن ياسين الحسيني القطيفي، والسيد موسى الموسوي الهندي وغيرهم.
مع الشعر
كما كانت السيرة العظيمة لسيدنا الجليل مثار قرائح الشعراء في كل العصور فمدح ورثى وعدَّد مناقب السيد محمد الكثير من الشعراء منهم: محمد علي اليعقوبي، ومحمد حسن الصدر، وعبد الغني الخضري، وعبد الحسين الحويزي، والسيد محمد هادي ابن آية الله محمد الحسن الصدر العاملي الكاظمي، والسيد علي نقي النهري، ومسلم الحلي، ومحمد مهدي الصدر الكاظمي، وحسن أسد الله الكاظمي، ومحمود الخليل، والميرزا مهدي الشيرازي، والشيخ محمد حسين الاصفهاني، والعلامة الشيخ هادي كاشف الغطاء، والشيخ علي الجشي القطيفي البحراني، والعلامة راضي آل ياسين الكاظمي، والشيخ محمد رضا آل ياسين، والسيد محمد جمال الدين الهاشمي الكلبايكاني، والسيد علي نقي الهندي، والسيد محمد باقر الشخص الإحسائي، والشيخ عبد المهدي مطر النجفي، والشيخ محمد حسن بن الشيخ علي الطريحي، والسيد صادق الموسوي الهندي، والسيد مير علي أبو طبيخ النجفي، والشيخ محمد رضا الغرّاوي، والشيخ محمد رضا الزين العاملي، والشيخ جابر الكاظمي مخمس الأزرية، والسيد محمد بحر العلوم، والسيد هاشم الهاشمي، والسيد مسلم حمود الحلي، والسيد محمد رضا الهندي، وغيرهم من العلماء الأعلام والشعراء الأفذاذ الذين جادت قرائحهم بذكر هذا السيد الجليل بأروع التآليف والأشعار، ومن هذه الروائع قول السيد محمد مهدي الصدر الكاظمي الذي ذكرناه في بداية المقال وكذلك قول آية الله السيد ميرزا مهدي الشيرازي في حق السيد محمد:
بـقـعـةٌ لا يُـحـامُ حـولَ حِـمـاهـــا *** بِـسـوى طـوفِـهـا ولـثـمِ ثـراهــــــا
ربـوةٌ ذاتُ روضٍ مـعـيــــــــــنٍ *** بـوركـتْ فـي بـقـاعِـهـا ورُبـاهــــا
وعـراصٌ لـشـبـلِ أحـمـدَ فـيــهـا *** مـسـتـنـاخٌ يُـهـابُ فـيـه فَـتـاهـــــــا
هـي مـثـوىً لـمـــاجـدٍ هـاشـمـيٍّ *** ذي فـعـالٍ فـاقَ الـسـمـاءَ عُـلاهـــا
مـألـفُ الـجـودِ مـن سـراةِ عـلـيٍّ *** مـعـدنُ الـخـيـرِ مـن ذؤابـةِ طـاهـا
هـي مـثـوى مُـحـمّـد بـن عـلــيٍّ *** بِـعُـلا قـدرهِ عـلـتْ غَـبـراهـــــــــا
سـيـدٌ مـن بـنـي الـكـرامِ كـريــمٌ *** ولـه عـنـصـرُ بـه الله بـاهـــــــــــا
حـاسـرٌ عـن ذراعـهِ لـلأمـانــي *** مـا نـخـتـه الآمـالُ إلاّ قـضـاهـــــا
يـمّـمـتـه الـوفّـادُ مـن كـلِّ وجـهٍ *** وانـثـنـتْ عـنـه بـعـد نـيـلِ مُـنـاهـا
وقال السيّد أحمد الهندي في رثاء السيد محمد (عليه السلام):
فـلـمّـا قـضـى وارتـجّـتِ الأرضُ بـالأسـى *** عـلـيـه، وبـات الـرُّزْءُ يُـمـسـي ويُـصـبـحُ
بـكـاه أخـوه الـعـسـكـريُّ كــــــــــــــــــآبـةً *** بـدمـعٍ لـه غُـرُّ الـمـــــــــــــلائـك تـمـسـحُ
فـقـيـدٌ كـســـــــــاه حـادثُ الـمـوتِ رَونـقـاً *** كـشـمـس الـسَّــنـا عـنـد الأصـائـل تَـجـنـحُ
وشِـيـل إلـى الـمـثـوى يُـشـيّـعـه الـهـــــدى *** بـحـيـث لـه الأمـلاك بـاكــــــــــــونَ نُـوَّحُ
وقال الشيخ هادي كاشف الغطاء في حقه (عليه السلام):
فـكـم عـن قـاصـديـهِ زال كَــرْبٌ *** وكـم لـمـؤمّـلـيـهِ لُـمَّ شَـعْـــــــثُ
نُـوالـيـكـم ونـبـرأُ مِـن عِـــــداكـم *** ومـا لِـولائِـكـمُ نـقـصٌ ونَـكْـــثُ
بـمـدحِ عُـلاكـمُ نَـروى ونَـشـفــى *** إذا مـا مَـسَّــنـا ظـمـأٌ وغَــــرْثُ
عـلـومُ الـديـنِ أجـمـعُـهـا لـديـكــم *** ومـنـهـا فـي الـبـرايـا مـا يُـبَـثُّ
وقال الشيخ محمّد علي اليعقوبي:
وضـريـحُ قُــدْسٍ هـيـبـةً لـجـلالِـــــهِ *** يـعـنـو الـضِّـراحُ وهـامـةُ الـجـوزاءِ
تـأتـي مـلـوكُ الأرضِ خـاضـعـةً لـه *** وتَـؤُمُّـه أمـلاكُ كـلِّ سـمـــــــــــــاءِ
نـجـل الإمـام، أخـو الإمـام، مـحـمّـدٌ *** عـمُّ الإمـام، بـقــيّـةُ الأُمَـنــــــــــــاءِ
وقال الشاعر الكبير السيّد صادق الموسوي الهندي:
أبـا جـعـفـرٍ جـئـنـا بـمُـزجـى بـضـاعـةٍ *** لِـنَـكـتـالَ مـا نـحـتـاجُ إذ مَـسَّـنـا الـــــضُّـرُّ
فـأنـت عـزيـزُ الـهـاشـمـيّـيـــــنَ رِفـعـةً *** وأرضٌ بـك ازدانَـتْ جـوانـبُـهـــــا مِـصـرُ
فـأوفِ لـنـا الـكـيـلَـيـنِ: كـيـلاً مُـعــجَّـلاً *** وكـيـلاً لـدى الـمـيـزانِ.. مـوعـدُه الـحـشـرُ
قال الشيخ أبو حازم الباوي الكاظمي:
ضـريـحُـك روضـةٌ والـنـاسُ فـيـهـــا *** بـبـحـرِ الـنـورِ يـغـمـرُهـا شـعــاعُ
فـيـا سـبـع الـدُّجَـيـل فـــــــــداك نـــاءٍ *** عـن الأوطـان إذ عـزّت بـقــــــاعُ
إلـى بـلـدٍ أتـوقُ فـهـل تــــــــــــرانـي *** أرى مـولايَ يـنـفـضّ الـنـــــــزاعُ
فـيـا ابـنَ الـطـهـر والـنـجـوى طـبـاعٌ *** فـكـم تـاقـت إلـى الـنـجـوى طـبـاعُ
المرقد الشريف
نعم بقيت سيرة هذا السيد الجليل تلهم الأجيال بمعاني العقيدة السامية والإيمان المحض وبقي مرقده الشريف مفزع اللائذين وملاذ اللاجئين وسطع كالشمس قبلة للزوار من كل مكان وفي كل زمان، وقد مرّ المرقد المقدس بالعديد من التجديدات والبناء في عصور متفاوتة، وأول بناء أقيم على القبر الشريف هو بناء عضد الدولة البويهي من عام (367هـ) وحتى عام (373هـ)، وفي عام (914هـ) جدّد البناء الشاه إسماعيل الصفوي، ثم محمد رفيع الخراساني عام (1198هـ/1777م)، وفي عام (1250هـ/1824م) جدَّد البناء محمد صالح بن محمد القزويني، كما جدد بناء القبر الشريف السيد المجدد محمد حسن الشيرازي عام (1311هـ)، ثم الميرزا محمد الطهراني عام (1371هـ) ثم السيد حسن الصدر ابن السيد هادي الموسوي الكاظمي عام (1355هـ) وفي عام (1366هـ) جدد البناء السيد محمد بن السيد حسين القمي.
محمد طاهر الصفار
المصدر: http://www.imamhussain.org