جاء شمر الى كربلاء في يوم الخميس الموافق للتاسع من محرم الحرام، فلما قدم على ابن سعد بكتاب ابن زياد و قرأه عمر قال له عمر: ما لك ويلك لا قرب اللّه دارك و قبّح اللّه ما قدمت به عليّ و اللّه انّي لأظنّك انّك نهيته أن يقبل عما كتبت به إليه و أفسدت علينا أمرا كنا قد رجونا أن يصلح، لا يستسلم و اللّه الحسين، انّ نفس ابيه لبين جنبيه.
فقال له شمر: أخبرني بما أنت صانع، أ تمضي لأمر أميرك تقاتل عدوّه و الّا فخلّ بيني و بين الجند و العسكر، قال: لا و لا كرامة لك و لكن أنا أتولى ذلك دونك، فكن أنت على الرجّالة.
و جاء شمر حتى وقف على أصحاب الحسين (عليه السلام) فقال: أين بنو أختنا؟ يعني العباس و جعفر و عبد اللّه و عثمان بني عليّ بن ابي طالب (عليه السلام) (لانّ امهم أم البنين كانت من قبيلة بني كلاب و شمر أيضا من تلك القبيلة) فقال الحسين (عليه السلام) لهم: أجيبوه و ان كان فاسقا فانّه قريبكم.
فخرج هؤلاء السعداء الى ذلك الشقي و قالوا له: ما تريد؟ فقال: انتم يا بني أختي آمنون فاتركوا الحسين و كونوا مع يزيد، فناداه العباس (عليه السلام): تبت يداك و بئس ما جئتنا به من أمانك يا عدو اللّه، أ تأمرنا أن نترك أخانا و سيدنا الحسين بن فاطمة عليهما السّلام و ندخل في طاعة اللعناء أولاد اللعناء، أ تؤمنوننا و ابن رسول اللّه لا أمان له.
فرجع شمر لعنه اللّه الى عسكره مغضبا، ثم نادى عمر بن سعد: يا خيل اللّه اركبي و بالجنّة أبشري، فركب الناس حتى زحف نحوهم بعد العصر في اليوم التاسع و الحسين (عليه السلام) جالس امام بيته محتبيا بسيفه اذ خفق برأسه على ركبته .
روى الكليني عن الصادق (عليه السلام) انّه قال: «تاسوعاء يوم حوصر فيه الحسين (عليه السلام) و أصحابه بكربلاء و اجتمع عليه خيل أهل الشام و أناخوا عليه، و فرح ابن مرجانة و عمر بن سعد بتوافر الخيل و كثرتها و استضعفوا فيه الحسين (عليه السلام) و أصحابه، و أيقنوا انّه لا يأتي الحسين (عليه السلام) ناصر و لا يمدّه أهل العراق (ثم قال:) بأبي المستضعف الغريب» .
و لما سمعت زينب الضجة دنت من أخيها فقالت: يا أخي أ ما تسمع الاصوات قد اقتربت؟ فرفع الحسين (عليه السلام) رأسه فقال: انّي رأيت رسول اللّه (صلى الله عليه واله)الساعة في المنام فقال لي: انّك تروح إلينا، فلطمت أخته وجهها و نادت بالويل، فقال لها الحسين (عليه السلام): ليس لك الويل يا أخية اسكتي رحمك اللّه.
ثم قال له العباس يا أخي أتاك القوم، فنهض ثم قال: يا عباس اركب بنفسي أنت يا أخي حتى تلقاهم و تقول لهم ما لكم و ما بدا لكم و تسألهم عمّا جاء بهم، فأتاهم العباس في نحو من عشرين فارسا فيهم زهير بن القين و حبيب بن مظاهر، فقال لهم العباس: ما بدا لكم و ما تريدون؟ قالوا: قد جاء أمر الامير أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم، فقال: فلا تعجلوا حتى ارجع الى أبي عبد اللّه.
فرجع يركض الى الحسين (عليه السلام) يخبره الخبر فقال (عليه السلام): ارجع إليهم فان استطعت أن تؤخرهم الى غدوة و تدفعهم عنا العشية لعلنا نصلّي لربنا الليلة و ندعوه و نستغفره، فهو يعلم انّي قد كنت أحب الصلاة له و تلاوة كتابه و كثرة الدعاء و الاستغفار، فمضى العباس إليهم و أخذ منهم التأجيل لتلك الليلة .
قال السيد: توقف عمر بن سعد لعنه اللّه في أجابة العباس فقال له عمرو بن الحجاج الزبيدي: و اللّه لو انّهم من الترك و الديلم و سألونا مثل ذلك لأجبناهم فكيف و هم آل محمد (صلى الله عليه واله)فأجابوهم الى ذلك .
و قال الطبري انّه: قال قيس بن الاشعث: أجبهم الى ما سألوك، فلعمري ليصبحنّك بالقتال غدوة، فقال: و اللّه لو أعلم أن فعلوا ما أخرجتهم العشية .
فأمهل عمر بن سعد الحسين (عليه السلام) تلك الليلة و أرسل رسولا إليه مع العباس (عليه السلام) يقول: انّا قد اجّلناكم الى غد فان استسلمتم سرحناكم الى أميرنا عبيد اللّه بن زياد و ان أبيتم فلسنا تاركيكم .
المصدر: http://h-najaf.iq