نص الشبهة:
وخرج مع المشركين (في غزوة بدر الكبرى) من بني هاشم: العباس، وعقيل، ونوفل بن الحارث، وطالب بن أبي طالب. فأما طالب فخرج مكرهاً، فجعل يرتجز ويقول:
يا رب إما يغـزون طالـب *** في مقنب من هذه المقانـب
فليكن المسلوب غير السالب *** وليكن المغـلوب غير الغالب
فجرت بينه وبين القرشيين ملاحاة وقالوا: والله، لقد عرفنا أن هواكم مع محمد؛ فرجع طالب فيمن رجع إلى مكة، ولم يوجد في القتلى، ولا في الأسرى، ولا فيمن رجع إلى مكة (راجع: البحار ج19 ص294 و295، وروضة الكافي ص375، وتاريخ الطبري ج2 ص144، والكامل لابن الأثير ج2 ص121، وسيرة ابن هشام ج2 ص271، وتاريخ الخميس ج1 ص375 وراجع البداية والنهاية ج3 ص266 وأنساب الأشراف ج2 ص42 وفيه أنه حضر بدراً مع المشركين.). وادَّعى البعض: أنه مات كافراً في غزوة بدر حين وجهه المشركون إلى حرب المسلمين (تاريخ الخميس ج1 ص163.).
الجواب:
هكذا قالوا.. ونحن نقول:
ألف ـ كيف لم يوجد فيمن رجع إلى مكة، وابن هشام يذكر له قصيدة يمدح فيها رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ويبكي أهل القليب ـ على حد تعبير ابن هشام ـ ويطلب في شعره من بني عبد شمس ونوفل أن لا يثيروا مع الهاشميين حرباً تجر المصائب والبلايا، والاهوال، وفيها يقول:
فما إن جنينا في قريش عظيمـة *** سوى أن حمينا خير من وطأ التربا
أخا ثقـة في النـائبات مـرزّأ *** كريماً ثناه، لا بخيـلاً ولا ذربـا
يطيف بـه العافون يغشون بابه *** يـؤمّون نهراً لا نـزوراً ولا ضربا
فوالله لا تـنفك عيني حزينـة *** تململ حتى تصدقوا الخزرج الضربا 1
وهذا يدل على أنه قد عاش إلى ما بعد وقعة بدر. وأما بكاؤه أهل القليب، فالظاهر أنه كان مجاراة لقريش، كما يدل عليه مدحه للنبي «صلى الله عليه وآله»، وطلبه من بني عبد شمس ونوفل أن لا يحاربوا الهاشميين وإلا، فكيف نفسر شعره المتقدم:
وليكن المسلوب غير السالـب *** وليكـن المـغلوب غير الغالب
ب ـ لقد ورد في رواية مرسلة عن أبي عبد الله «عليه السلام»: أن طالباً قد أسلم 2.
وروي أنه هو القائل:
وخيـر بني هاشم أحمـد *** رسول الإلـه على فتـرة 3
وليس من البعيد: أن تكون قريش قد دبرت أمر التخلص من طالب انتقاماً لنفسها، لما جرى عليها من علي في بدر وغيرها 4.