تحقيق تاريخي موثق بقلم العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي .
ذهابُ عقيل إلى معاوية :
بسم الله الرحمن الرحيم
و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و آله الطيبين الطاهرين ، و العنة الدائمة على أعدائهم أجمعين من الأولين إلى قيام يوم الدين .
بداية :
يذكر المؤرخون : أن عقيل بن أبي طالب قد ذهب إلى معاوية في حياة أخيه أمير المؤمنين علي عليه السلام ، طلباً للرفد ، و طمعاً بالمال .
و البعض منهم يروي : أنه استأذن أخاه علياً عليه السلام في ذلك 1 .
و بعض آخر يقول : ” و فارق أخاه علياً في أيام خلافته ، و هرب إلى معاوية ، و شهد صفين معه . غير انه لم يقاتل ، و لم يترك النصح لأخيه ، و التعصب له ” 2 .
و بعضهم يقول : إنه قد غاضب أخاه علياً ، و خرج إلى معاوية بالشام ، و أقام معه 3 .
أما ابن قتيبة فقد قال : ” و لحق بمعاوية ، و ترك أخاه علياً ” 4 .
و إذا كان البعض يرى أنه قد أقام عند معاوية ، و شهد صفين معه كما ذكرنا . . الأمر الذي من شأنه أن يقوي من اعتبار معاوية ، و يزيد في معنوياته . . فإن البعض يروي في مقابل ذلك : أنه قد رجع على الفور ، و لم يقم عنده 5 .
و لقد حاول البعض توجيه ذلك : بأن ذهابه إلى معاوية لم يكن في صالح معاوية ، و إنما كان ضرراً و وبالاً عليه . . لا سيما بملاحظة مواقف عقيل منه ، و من كل أشياعه و أتباعه ، و أجوبته القوية و الجريئة لهم ، و كشف الكثير من مخازيهم و موبقاتهم .
أدلة القائلين بلحوقه بمعاوية :
و للقائلين بلحوقه بمعاوية ، أن يستدلوا :
1. ما روي من أن معاوية قال يوماً و عقيل عنده : هذا أبو يزيد ، لو لا علمه بأني خير لـه من اخيه لما أقام عندنا و تركه . فقال عقيل : أخي خير لي في ديني ، و أنت خير لي في دنياي ، و قد آثرت دنياي ، و أسأل الله خاتمة خير 6 .
و على حسب رواية الأصمعي : أن عقيلاً ترك علياً ، و ذهب إلى معاوية .
فقال معاوية : يا أهل الشام ، ما ظنكم برجل لا يصلح لأخيه ؟
فقال عقيل : يا أهل الشام ، إن أخي خير لنفسه و شر لي ، و إن معاوية شر لنفسه ، و خير لي 7 .
و على حسب رواية حميد بن هلال : أنه بعد ان أتى معاوية ، و أعطاه مئة ألف ، قال له معاوية : اصعد المنبر فاذكر ما أولاك به علي ، و ما أوليتك فصعد ، فحمد الله و أثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، إني أخبركم : أني أردت علياً على دينه ، فاختار دينه ، و أردت معاوية على دينه فاختارني على دينه 8 .
و على حسب رواية هشام بن عروة : إن معاوية قال لعقيل يوماً : يا أبا يزيد ، أنا خير لك من اخيك علي ؟
فقال : إن أخي آثر دينه على دنياه ، و أنت آثرت دنياك على دينك ، فأخي خير لنفسه منك لنفسك 9 .
أو انه قال له : وجدت علياً انظر لنفسه منه لي ، و وجدتك انظر لي منك لنفسك 10 . أو أنه قال : فأنت خير لي من أخي ، و أخي خير لنفسه منك” 11 .
و المسعودي يروي أنه قال له : يا أبا يزيد ، كيف تركت علياً ؟
فقال : تركته على ما يحب الله و رسوله ، و ألفيتك على ما يكره الله و رسوله .
فقال له معاوية : لولا أنك زائر منتجع جانبنا لرددت عليك أبا يزيد جواباً تألم منه .
ثم أحب معاوية أن يقطع كلامه ، مخافة أن يأتي بشيء يخفضه ، فوثب عن مجلسه ، و أمر له بنزل ، و حمل إليه مالاً عظيماً ، فلما كان من غد جلس ، و أرسل إليه ، فأتاه فقال له : يا أبا يزيد ، كيف تركت علياً أخاك ؟
قال : تركته خيراً لنفسه منك ، و أنت خير لي منه الخ . . كلامه الذي يذكر فيه أنه يمدح صعصعة بن صوحان ، فيرسل إليه صعصعة رسالة شكر و ثناء 12 .
2. يقولـون : إنه بعد أن رفض علي عليه السلام إعطاءه غير عطائه ارتحل إلى معاوية .
فلما سمع به معاوية نصب كراسيه ، و أجلس جلساءه ، فورد عليه ، فأمر له بمئة ألف درهم ، فقبضها .
فقال له معاوية : أخبرني عن العسكرين ؟
قـال : مررت بعسكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، فإذا ليل كليل النبي ، و نهار كنهار النبي ، إلا أن رسول الله ليس في القوم . . و مررت بعسكرك ، فاستقبلني قوم من المنافقين ، ممن نفر برسول الله ( ص ) ليلة العقبة .
ثم قـال : من هذا الذي عن يمينك يا معاوية ؟
قال : هذا عمرو بن العاص .
قال : هذا الذي اختصم فيه ستة نفر ، فغلب عليه جزارها ، فمن الآخر ؟
قال : الضحاك بن قيس الفهري .
قال : أما والله لقد كان أبوه جيد الأخذ لعسب التيس . فمن هذا الآخر ؟
قال : أبو موسى الأشعري .
قال : هذا ابن المراقة .
فلما رأى معاوية أنه قد أغضب جلساءه ، قال : يا أبا يزيد ، ما تقول فيّ ؟
قال : دع عنك .
قال : لتقولن .
قال : أ تعرف حمامة ؟
قال : و من حمامة ؟
قال : أخبرتك .
و مضى عقيل . . فسأل معاوية النسابة فأخبره أنها جدته ، و كانت بغياً في الجاهلية ، و هي أم أبي سفيان 13 .
3. و ربما يستدل أيضاً : بأنه كان مع معاوية في صفين ، فقال له معاوية ليلة الهرير : يا أبا يزيد ، أنت معنا الليلة .
فقال له عقيل : و يوم بدر كنت معكم . أو ما في معنى ذلك 14 .
4. و أنه : ” لما قدم عقيل بن أبي طالب على معاوية أكرمه ، و قرَّبه و قضى حوائجه ، و قضى عنه دينه .
ثم قال له في بعض الأيام : والله إن علياً غير حافظ لك ، قطع قرابتك ، و ما وصلك ، و لا اصطنعك .
قال له عقيل : والله ، لقد أجزل العطية و أعظمها ، و وصل القرابة ، و حفظها و حسن ظنه بالله إذ ساء به ظنك ، و حفظ أمانته ، و أصلح رعيته ، إذ خفتم و أفسدتم ، و جرتم ، فاكفف لا أباً لك ، فإنه عما تقول بمعزل ” 15 .
و قال الحموي و غيره : ” قال معاوية يوماً لعقيل : إن علياً قطعك و وصلتك ، و لا يرضيني منك إلا أن تلعنه على المنبر .
قال : افعل . فصعد المنبر ، و حمد الله و أثنى عليه .
ثم قال : إن أمير المؤمنين أمرني أن ألعن علياً ، فالعنوه عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين ثم نزل .
فقال معاوية : يا عقيل ، إنك لم تبين من المراد منا ؟ ! قال : والله ما زدت حرفاً ، و الكلام راجع إلى نية المتكلم 16 .
5. و قال رجل لعقيل : إنك لخائن ، حيث تركت أخاك ، و ترغب إلى معاوية .
قال : أخْوَنُ مني من سفك دمه بين أخي و ابن عمي أن يكون أحدهما أميراً 17 .
هذا غاية ما يمكن الاستدلال به لذهاب عقيل إلى معاوية ، و شهوده معه صفين ، جمعناه بنصوصه المختلفة ، رعاية لأمانة النقل ، و براءة من ذمة التاريخ .
رأينا في ذهابه إلى معاوية :
إننا بحسب ما بأيدينا من النصوص التاريخية : لا يسعنا القبول بأن ذهاب عقيل إلى معاوية كان في حياة أخيه علي عليه السلام ، و نحن نشك في ذلك كثيراً و ما نستطيع أن نؤكد عليه هو أنه إنما ذهب إليه . و وفد عليه بعد وفاة أخيه ، كسائر الذين وفدوا عليه ، إبقاءً على أنفسهم و حفظاً لحياتهم و وجودهم ، أو طلباً للرزق ، و لقمة العيش .و حتى لو سلمنا أنه قد ذهب إلى الشام ، فإن من المقطوع به أنه لم يكن لمعاوية و بني أمية منه إلاّ الفضائح لهم ، و لم يكن أبداً مغاضباً لعلي كما زعموه .
و ردّنا على ما ذكروه بالإضافة إلى أن أكثره لا يدل على أن ذهابه كان في حياة علي عليه السلام و لا سيما الرابع و بعض نصوص الأول . . و ما نستند إليه فيما نذهب إليه يتلخص بالملاحظات و الأمور التالية :
أولاً : إننا نلاحظ : أن هناك اختلافاً كبيراً في بيان حقيقة ما جرى بين عقيل و علي عليه السلام ، و عقيل و معاوية . . و غير ذلك . . و نحن نجمل هذه الاختلافات على النحو التالي :
أ : فواحد يقول : إنه قد لزم عقيلاً دين ، فقدم الكوفة ، فأمر علي عليه السلام الحسن ، فكساه ، فلما أمسى دعا بعشائه ، فإذا خبر و ملح .
فقال عقيل : ما هو إلا ما أرى ؟ !
قال : لا .قال : فتقضي ديني ؟قال : و كم دينك ؟قال : أربعون ألفاً .قال : ما هي عندي ، و لكن اصبر حتى يخرج عطائي ، فإنه أربعة آلاف ، فادفعه إليك .
فقال له عقيل : بيوت المال بيدك ، و أنت تسوفني بعطائك ؟ !
فقال : أتأمرني أن أدفع إليك أموال المسلمين ، و قد ائتمنوني عليها ؟ !
قال : فإني آت معاوية فائذن لي ، فأذن له الخ . . 18 .
و آخر يقول : إنه قدم عليه يسترفده ، فعرض عليه عطاءه .
فقال : إنما أريد من بيت المال .
فقال : تقيم إلى الجمعة ، فلما صلى ( ع ) الجمعة ، قال له : ما تقول فيمن خان هؤلاء أجمعين ؟
قال : بئس الرجل .
قال : فإنك أمرتني أن أخونهم و أعطيك .
فلما خرج من عنده شخص إلى معاوية 19 .
و ثالث يقول : إنه سأله ، فاستمهله حتى يخرج عطاؤه مع المسلمين فيعطيه معهم ، فألحّ عليه ، فقال لرجل خذ بيده و انطلق إلى حوانيت أهل السوق فقل : دق هذه الأقفال ، و خذ ما في هذه الحوانيت .
قال : تريد أن تتخذني سارقاً ؟
قال : و أنت تريد أن تتخذني سارقاً ؟
أن آخذ أموال المسلمين فأعطيكها دونهم ؟
قال : لآتين معاوية .
قال : أنت و ذاك فأتى معاوية الخ . . 20 .
و رابع يقول : إنه سأل علياً فقال له علي : إن أحببت أن أكتب لك إلى ما لي بينبع فأعطيتك منه .
فقال عقيل : لأذهبن إلى رجل هو أوصل لي منك فذهب إلى معاوية ، فعرف له ذلك . خرجه البغوي 21 .
و خامس يقول : إنه قدم عليه و هو جالس في صحن مسجد الكوفة فسلم عليه فرد عليه ، ثم التفت إلى الحسن فأمره بإنزاله ثم أمره بإكسائه . فغدا على علي ( ع ) في الثياب فسلم عليه ، فرد سلامه .
فقال له : يا أمير المؤمنين ، ما أراك أصبت من الدنيا شيئاً إلا هذه الحصباء .
قال : يا أبا يزيد يخرج عطائي فأعطيكه ، فارتحل عن علي إلى معاوية الخ . . 22 .
و زاد ابن أبي الحديد أنه قال له : ما أراك أصبت من الدنيا شيئاً ، و إني لا ترضى نفسي من خلافتك بما رضيت به لنفسك .
فقال : يا أبا يزيد يخرج عطائي الخ . . 23 .
و سادس يقول ما ملخّصه : إنه قال له : إنه يكتب له إلى ينبع .
فقال : ليس غير هذا ؟
قال : لا . فبينما هو كذلك إذ جاء الحسن ، فأمره بكسوته فكساه ، ثم غدا عليه ، فاستأذنه إلى معاوية فأذن له 24 .
و قيل غير ذلك فراجع الدرجات الرفيعة : 158-159 .
ب : و أما اختلافهم فيما جرى بين معاوية و عقيل فور وروده عليه فنرى :
أحدهم يقول : إنه طلب منه أن يصعد المنبر ، و يذكر ما أولاه به هو ، و ما أولاه به علي عليه السلام .
و آخر يذكر أنه قال له : هذا أبو يزيد لولا علمه بأني خير له من أخيه لما أقام عندنا و تركه .
و ثالث يقول : إن معاوية قد خاطب أهل الشام فقال : يا أهل الشام ما ظنكم برجل لا يصلح لأخيه .
و رابع يقول : أنا خير لك من أخيك .
و خامس يقول : إنه قال له : أخبرني عن العسكرَين . الخ .
ج : ثم يلاحظ الاختلاف في جواب عقيل لمعاوية . . و قد تقدم بعض ما قيل إنه أجاب به في أوائل هذا البحث ، فلا نعيد .
د : ثم هناك الاختلاف في أن معاوية قد أعطى عقيلاً مئة ألف . . 25 أو أنه أعطاه خمسين ألفاً فقط . . 26 و ثالث يكتفي بالقول بأنه أعطاه مالاً عظيماً . . 12 .
هـ : ثم هناك الاختلاف فيمن شتمهم عقيل في مجلس معاوية فهل شتم الضحاك بن قيس ، و عمرو بن العاص ، كما يقول بعضهم 18 .
أو أنه أضاف إليهما أبا موسى الأشعري 27 .
أو أنه شتم عمرواً و أبا موسى 28 .
و : ثم هناك الاختلاف في أنه قال لهم ما قال ، بعد سؤال معاوية إياه عن العسكرين مباشرة ، و بتطفل من عقيل . . أو أنه شتمهم في اليوم التالي باقتراح من معاوية نفسه عليه . . 29 .
ز : ثم إن قوله لمعاوية : إن أخي آثر دينه الخ . . بعضهم يقول : إنه كان فور وصوله من عند علي . . و بعضهم قال : إنه قال له ذلك يوماً ، كما تقدم .
ح : و أيضاً . . فإن البعض يروي : أنه بعد ان قبض المال من معاوية رجع مباشرة . . و لكن آخرين يقولون : إنه أقام معه .
ط : و أخيراً . . فإن البعض يقول : إنه استأذن أخاه .
و آخر يقول : إنه هرب منه .
و ثالث يذكر : أنه فارقه مغاضباً له .
و خامس يذكر : أنه اقبضه علي خمسة آلاف درهم فلم ترضه .
إلى غير ذلك من وجوه الاختلافات الكثيرة في هذه القضية . . الأمر الذي يلقي بطبعه ظلالاً من الشك على صحة هذا الأمر .
هذا فضلاً عن الدلائل و الشواهد الأخرى ، التي ربما تترقى بهذا الشك إلى مراتب الوثوق و الاطمئنان بتعمد الجعل والافتعال في هذه القضية ، كما سنبيّنه .
ثانياً : ما أجمع عليه ثقات الرواة في المقام يؤكد على أن عقيلاً لم يذهب إلى معاوية في حياة علي عليه السلام .
فإننا : بالإضافة إلى أننا نجد عدداً من العلماء كابن أبي الحديد المعتزلي ، و السيد عبد الرزاق المقرم ، و السيد علي خان ، و غيرهم . . 30 .
يقولون إنه لم يذهب إلى معاوية في حياة أخيه علي عليه السلام ـ إننا بالإضافة إلى ذلك ـ .
نجد أن ذلك هو الصحيح الذي اجتمع عليه ثقات الرواة ، فقد قال ابن أبي الحديد :
” . . فأما عقيل ، فالصحيح الذي اجتمع ثقات الرواة عليه : أنه لم يجتمع مع معاوية إلا بعد وفاة أمير المؤمنين عليه السلام ، و لكنه لازم المدينة ، ولم يحضر حرب الجمل وصفين ، وكان ذلك بإذن أمير المؤمنين عليه السلام ، و قد كتب عقيل إليه بعد الحكمين يستأذنه في القدوم عليه الكوفة بولده ، و بقية أهله ، فأمره عليه السلام بالمقام الخ . .” 31 .
ثم يذكر قصة سعيد بن العاص الآتية مع معاوية . . و نحن نعتقد أنه أمره بالمقام بعد الحكمين ، أما قبلهما فقد حضر صفين مع علي عليه السلام كما سيأتي .
و ثالثاً : إنهم يذكرون أن عقيلاً قد حضر مع معاوية صفين ، و أنه قد مر بالعسكرين ، و جرت بينه و بين معاوية ليلة الهرير محاورة تقدمت .
و نحن لا نستطيع تصديق هذا الأمر ، لأن لدينا طائفتين من النصوص تتفق على أن عقيلاً لم يكن مع معاوية ، و إن كانت تختلف في موقعه و موقفه في حرب صفين و سائر حروب أخيه .
1. إنهم يذكرون : أن عقيلاً قد شهد صفين إلى جانب أخيه أمير المؤمنين علي عليه السلام ، و شهد معه أيضاً الجمل و النهروان 32 .
بل إن نفس الرواية التي استدل بها على كونه كان مع معاوية تدل على أنه كان مع أخيه ، لأن معاوية قد سأله عن العسكرين الذين مر فيهما عقيل فأجابه بذلك الجواب الغليظ .
و لو لم نأخذ بهذا فإننا نجد أن روايات أخرى تؤكد على أنه قد اعتزل الفريقين معاً و ذلك فيما يلي :
2. قد روي في خبر مشهور : ” أن معاوية وبخ سعيد بن العاص على تأخيره عنه في صفين ، فقال سعيد : لو دعوتني لوجدتني قريباً ، و لكني جلست مجلس عقيل و غيره من بني هاشم ، و لو أوعبنا لأوعبوا ” 31 .
فهذا الكلام يدل على أن عقيلاً و بني هاشم قد اعتزلوا الطرفين و لكنهم كانوا بانتظار أوامر علي عليه السلام كما كان سعيد بن العاص بانتظار أوامر معاوية .
3. و ينص المعتزلي على أن عقيلاً و بني هاشم قد اعتزلوا الطرفين معاً ، و أقاموا في المدينة ، و أن عقيلاً لم يشهد شيئاً من حروب علي ، و عرض نفسه و ولده عليه فأعفاه 33 .
و لربما يكون المعتزلي قد استفاد عرضه نفسه و ولده عليه ( ع ) و اعفاءه لهم ، من رسالة عقيل الآتية لأخيه ، و جوابه عليه السلام له . . و لكنها لا تكفي لإثبات ذلك لأنها إنما أرسلت إليه عليه السلام في سنة تسع و ثلاثين أي بعد حروب علي مع خصومه .
4. و يصرح المعتزلي و غيره بأن سؤال معاوية له و جوابه إياه ، عن مروره بالعسكرين ، ثم شتمه لعمرو ، و للضحاك ، و أبي موسى ـ كل ذلك ـ إنما كان بعد وفاة أخيه أمير المؤمنين عليه السلام ، بل و بعد صلح الحسن أيضاً 34 .
و عليه فالروايات التي تذكر أن ذلك كان فور وصول عقيل إلى معاوية لا تصح .
5. إن عدداً من الروايات يقول : إن عقيلاً إنما ذهب إلى معاوية بعدما كف بصره حيث إنه كان قد قدم على أخيه ، فاكتفى أخوه بكسوته و عرض عليه عطاءه و لكنه لم يقبل و شخص إلى معاوية 35 .
و قيل إن سبب ذلك هو قصة الحديدة المحماة 36 .
و من الواضح : أن بصره قد كف بعد واقعة الضحاك بن قيس التي كانت في سنة 39 ، إذ قد جاء في رسالته لأخيه المتقدمة قوله : ” فعرفت المنكر في وجوههم ” و هذا يدل على أنه لم يكن قد عمي بعد . . كما أن قضية سؤال معاوية له عن العسكرين في صفين تدل على ذلك .
و يدل على ذلك أيضاً ما جاء في سبب تركه علياً من قوله لمعاوية : ” والله لكأني أنظرإلى يدي علي على فم الزق ، و قنبر يقلب العسل فيه . . ” 37 .
و قد صرح البعض بأنه قد أضر في أواخر عمره 38 .
و كل ذلك : يدل أيضا على أن قضية الحديدة المحماة قد حدثت قبيل وفاة أخيه علي عليه السلام . . و بعد كل ذلك فكيف يكون ذهابه إلى معاوية بسبب قضية الحديدة المحماة أو بعد ما كف بصره .
6. و أخيراً .
نقول : إن أقدم من نقل قضية حضور عقيل مع معاوية في صفين هو الجاحظ في كتابه : ” البيان و التبيين ” و الموجود في أكثر نسخ البيان و التبيين هو حذف كلمة : ” صفين ” ما عدا نسخة كوبرلي ، كما ذكره محقق الكتاب ، و ذلك مما يوهن الاستدلال بهذه القضية للاحتمال القوي حينئذ بأنها من زيادات النساخ ، أو من الحواشي التي يدخلها النساخ في المتن عادة جهلاً منهم بحقيقة الحال .
7. إن بعض ما تقدم يتضمن قول عقيل لمعاوية : (أمير المؤمنين) و بديهي أن معاوية إنما تسمى بذلك بعد اجتماع الحكمين الذي كان في سنة 38 39 .
و إذا كان عقيل قد حضر النهروان و الجمل و صفين مع علي عليه السلام ، و إذا كان أيضاً إنما ذهب إلى معاوية بعدما كف بصره ، و إذا كان لم يذهب إليه إلا بعد غارة الضحاك سنة 39 ، و إذا كان أيضاً قد أمره علي بعدها بالمقام بالمدينة . . إذا كان كل ذلك فمعنى ذلك أن عقيلاً لم يذهب إلى الشام في حياة علي عليه السلام ، و يكون إنما وصفه بـ : ( أمير المؤمنين ) بعد وفاة علي عليه السلام و صلح الحسن ، كما يقوله المعتزلي .
رابعاً : و أما رسالة عقيل لأخيه علي عليه السلام ، حين بلغه خذلان أهل الكوفة له ، و عصيانهم إياه ، و التي أرسلها إليه بعد غارة الضحاك بن قيس ، التي كانت في سنة 39ﻫ . أي قبل وفاة علي عليه السلام بسنة واحدة – أما هذه الرسالة – فهي أشهر من أن تذكر .
و مما كتبه عقيل في هذه الرسالة قوله :
” . . إني خرجت إلى مكة معتمراً ، فلقيت عبد الله بن سعد بن أبي سرح في نحو من أربعين شاباً من أبناء الطلقاء ، فعرفت المنكر في وجوههم ، فقلت لهم : إلى اين يا أبناء الشانئين ؟ أبمعاوية تلحقون ؟ ! عداوة والله منكم قديماً غير مستنكرة ، تريدون بها إطفاء نور الله ، و تبديل أمره .
فاسمعني القوم و اسمعتهم ، فلما قدمت مكة سمعت أهلها يتحدثون : أن الضحاك بن قيس أغار على الحيرة . . إلى أن قال : فأُفٍ لحياة في دهر جرأ عليك الضحاك ، و ما الضحاك ؟ فقع بقرقر .
و قد توهمت حين بلغني ذلك : أن شيعتك و أنصارك خذلوك ، فاكتب إلي يا ابن أمي برأيك ، فإن كنت الموت تريد تحملت إليك ببني اخيك ، و ولد أبيك ، فعشنا معك ما عشت ، و متنا معك إذا مت ، فوالله ما أحب أن أبقى بعدك في الدنيا فواقاً .
و أقسم بالأعزّ الأجلّ : إن عيشاً نعيشه بعدك في الحياة لغير هنيىء ، و لا مريىء ، و لا نجيع ، و السلام عليك و رحمة الله و بركاته 40 .
و قد أجابه الإمام عليه السلام بجواب يعبّر بوضوح عن مدى بصيرة علي عليه السلام في أمره ، و صلابته في دينه . . و يشكو فيه من ظلم الناس له ، و ممالأتهم الطلقاء و بقايا الأحزاب عليه ، و لا مجال لذكر رسالته هنا .
فعقيل ينعى على ابن أبي سرح ، و على غيره من أبناء الطلقاء ذهابهم إلى معاوية ، فكيف يفعل هو ذلك ، ثم ينكره على غيره . . و يلاحظ أن رسالته هذه لأخيه تفيض رقة و حنواً ، و تعبر عن مدى نفوذ بصيرته في أمر أخيه علي عليه السلام ، حتى إنه يود أن يعيش معه و يموت معه ، و لا يود أن يعيش بعده فواقاً .
و إذا ما قايسنا هذه الرسالة بتلك النصوص المتقدمة التي تتضمن الجرأة منه على أخيه ، و الاستهانة بأمره ، بل و في بعضها ما يكشف عن نظرة سيئة في موقف أخيه لعرفنا : أن تلك المنقولات لا يمكن أن تصح ، و إنما هي مفتعلة على لسان عقيل لأهداف معينة لا تخفى .
و بملاحظة أن هذه الرسالة قد كانت بعد غارة الضحاك التي حدثت في سنة 39ﻫ . فإننا نعرف أنه لم يكن حتى ذلك الحين قد ذهب إلى معاوية أصلاً ، و لا حضر معه صفين . . و إلا لجاز لابن أبي سرح و لكل من عرفه أن يعترض عليه بأنك : بأي حق تنهى الآخرين عما فعلته أنت و بالذات في أحرج الظروف و الأوقات .
و إذا ضممنا إلى هذه الرواية صراحة كلام سعيد بن العاص الآتي و أيضاً قول ثقات الرواة بأنه ذهب إليه بعد وفاة علي و صلح الحسن كما تقدم ، و أيضاً تصريح البعض بأن علياً أمره بالمقام في المدينة و لم يكن ليخالف أمره ، و غير ذلك مما ذكرناه و نذكره .
فإننا نقطع و نتيقن بأن دعوى ذهابه إلى معاوية و حضوره معه في صفين ما هي إلا محض افتعال و اختلاق لأسباب لا تخفى .
خامساً : يلاحظ : أن بعض هذه المنقولات لا يوافق رأي عقيل في أخيه علي عليه السلام ، و لا ينسجم مع ما هو معروف من أدبه معه ، و دفاعه عن قضيته و مواقفه عموماً . . و لا سيما و أن بعضها ينسب إليه الجرأة على أخيه ، و توجيه الكلمات القاسية إليه ، و التي يأباها طبع و عامة سلوك عقيل مع أخيه . . و نخص بالذكر هنا ، ما نقلناه فيما سبق عن العقد الفريد من قول القائل له : إنك لخائن .
و جواب عقيل له : الذي يتضمن أن أخاه كمعاوية إنما يطلب الإمارة و الملك ، و يحاول الوصول إلى ما يصبو إليه من أي طريق و لو عن طريق المتاجرة بدماء الأبرياء . . فإن ذلك إنما يوافق نظرة أعداء علي و آل علي . . و لا يتلاءم أبداً مع كل ما ينقل عن عقيل سواء مع معاوية أو مع غيره . . هذا عدا عن أن بعض تلك المنقولات تحاول أن توحي إلى القارئ بما يشير إلى أنانية علي و حبه لنفسه و إيثاره لها على كل أحد حتى على أخيه . و بعضها يتهم فيه عقيل أخاه بأنه قد قطع رحمه ، و أن معاوية أوصل إليه منه !! .
سادساً : لقد تضمنت بعض تلك الروايات ما يكذب الدعوى القائلة بأن مفارقة عقيل لعلي كانت من اجل حرمانه من المال .
فقد تقدم أن عقيلاً قد أجاب معاوية ، عندما عرض له هذا بقطيعة أخيه له ، أجابه عقيل بأنه أجزل العطية و أعظمها ، و وصل القرابة و ما قطعها الخ .
فذلك يكذّب الرواية القائلة : إن معاوية قال له : إنه خير له من أخيه فقال له عقيل : إن أخاه خير له في دينه ، و معاوية خير له في دنياه أو ما هو قريب من هذا .
بل يظهر من الجاحظ ـ و هو أقدم ناقل لها ـ التشكيك في هذه الرواية أيضاً .
حيث قال : ” و زعموا أنه قال له معاوية الخ . . ” كما و تشكك بها غيره أيضاً .
إذن . . متى ذهب عقيل إلى معاوية :
و بعد كل ما تقدم : فلا يبقى إلا أن نقول بما قاله المعتزلي و غيره ، و صرح به ثقات الرواة ، من أن ذهاب عقيل إلى معاوية إنما كان بعد وفاة أخيه أمير المؤمنين علي عليه السلام و صلح الحسن صلوات الله عليه .
و يمكن أن يؤيد ذلك :
1. بما ورد من أن معاوية قد سأل عقيلاً عن قصة الحديدة المحماة فحدثه عقيل بقضية أخرى عن علي ، فقال له معاوية : ” . . ذكرت من لا ينكر فضله رحم الله أبا الحسن ، فلقد سبق من كان قبله ، و أعجز من يأتي بعده ، هلم حديث الحديدة الخ . . ” فحدثه به عقيل 41 فترحم معاوية على علي عليه السلام فهذا يؤيد أن هذا الكلام قد كان بعد وفاة أمير المؤمنين عليه السلام ، هذا بالإضافة إلى ان عقيلاً إنما كف بصره في أواخر حياة علي عليه السلام ، كما تقدم .
2. ما ورد من أن عقيلاً قد سأل معاوية عندما قدم عليه عن الحسن ، فقال له : إنه أصبح قريش وجهاً ، و أكرمها حسباً 42 . . فلو كان علي حياً حينئذ لكان السؤال عنه و الثناء عليه أولى ، لأن الحسن لم يكن في حياة أبيه أكرم قريش حسباً . . إلا أن يقال : لا مانع من تعدد ذهاب عقيل إلى معاوية مرة أخرى في حياة علي و أخرى بعد وفاته . . و لأجل ذلك ذكرنا ذلك بعنوان التأييد لا الاستدلال .
و نعتقد أن فيما قدمناه كفاية . . و النقاش هنا لا يضر في النتيجة التي توصلنا إليها في هذا البحث .
الافتراء على عقيل :
و على كل حال . . فإن الافتراء على عقيل ، بهدف النيل منه ، و من ثم من أخيه علي عليه السلام كثير .
و قد قالوا : ” كان عقيل أنسب قريش ، و أعلمهم بايامها ، و لكنه كان مبغّضاً إليهم ، لأنه كان يعد مساويهم ” 43 .
و قالوا : ” كان عقيل أكثرهم ذكراً لمثالب قريش ، فعادوه لذلك ، و قالوا فيه بالباطل ، و نسبوه إلى الحمق ، و اختلقوا عليه أحاديث مزورة . .” 44 .
و قال الجاحظ : ” كان عقيل أكثرهم ذكراً لمثالب الناس ، فعادوه لذلك ، و قالوا فيه ، و حمّقوه ، و سمعت ذلك العامة ، فلا تزال تسمع الرجل يقول قد سمعت الرجل يحمّقه ، حتى ألف فيه بعض الأعداء الأحاديث ، فمنها ، قولهم : ثلاثة حمقى كانوا أخوة ثلاثة عقلاء ، و الأم واحدة الخ . . ” 45 .
إلى غير ذلك مما يجده المتتبع مسطوراً في كتب التاريخ و الأدب .
فريتان على عقيل :
و نستطيع أن نذكر هنا قضيتين مكذوبتين على عقيل كشاهد حي على ما ذكر من تعمدهم تشويه سمعته و الحط من كرامته :
أولاهما : ما ورد من ان علياً كان يقول : إنه لم يزل مظلوماً منذ صغره ، حتى إن عقيلاً كان إذا رمدت عيناه لا يرضى بأن يذرّ الكحل في عينيه حتى يذرّ في عيني علي ( ع ) قبله .
مع انهم يذكرون : أن عقيلاً كان يكبر علياً بعشرين سنة ، و إن كنا قد قوينا انه كان يكبره بـ 13 سنة . . فهل يعقل أن يصدر مثل هذا العمل من عقيل ، الرجل الذكي ، و المعروف بسرعة الخاطر ، و حضور الجواب . . و الذي قال عنه الجاحظ : ” له لسانه ، و أدبه و نسبه ، و فضل نظراءه بهذه الخصال . .” 46 . و سيأتي بعض ما يدل على مكانة عقيل و سؤدده عن قريب .
ثانيتهما : إن ابن سعد يذكر أن عقيلاً شهد غزوة مؤتة ، ثم رجع ، فعرض له مرض ، فلم يسمع له بذكر في فتح مكة ، و لا الطائف ، و لا خيبر ، و لا في حنين 47 .
مع أنهم يذكرون : أنه ممن ثبت يوم حنين 48 .
بل لقد ” قال ابن هشام : و ذكر زيد بن أسلم بن أبيه : أن عقيل بن أبي طالب دخل يوم حنين على امرأته فاطمة بنت شيبة بن ربيعة ، و سيفه متلطخ دماً .
فقالت : إني قد عرفت أنك قد قاتلت ، فماذا أصبت من غنائم المشركين ؟
قال : دونك هذه الإبرة تخيطين بها ثيابك ، فدفعها إليها ، فسمع منادي رسول الله ( ص ) يقول : من أخذ شيئاً فليرده ، حتى الخياط و المخيط ، فرجع عقيل ، فقال : ما أرى ابرتك إلا قد ذهبت ، فأخذها ، فألقاها في الغنائم . . ” 49 .
فهذه الرواية ـ و إن كان قد قصد بها إظهار خسة نفس عقيل ـ إلا أنها تدل دلالة واضحة على استقامة عقيل من جهة ، و على أنه قد شارك في حرب حنين مشاركة فعلية .
و قال الطبراني و غيره : إن عقيلاً حضر فتح خيبر و قسم له النبي ( ص ) من خيبر 50 .
و بعد فإن هناك قضية أخرى مكذوبة على عقيل ، و هي قضيته مع معاوية بشأن الجارية التي اشتراها له ، فولدت له مسلماً . . الذي وقف من معاوية ذلك الموقف الغريب ، و الذي كان سفيراً للحسين إلى أهل الكوفة ، الذين غدروا به و قتلوه ، و قد ناقشنا هذه الرواية على حدة في موضع آخر .
مكانة عقيل :
لقد كان لعقيل مكانة خاصة في قريش ، و كان موضع احترام و تقدير من كل من عرفه و لسنا هنا في صدد استقصاء ما قيل أو يقال حول عقيل ثناءً و تعظيماً . . و نكتفي هنا بأن نضيف إلى عبارة الجاحظ المتقدمة . . أقوال بعض الشعراء فيه ، فنقول :لقد افتخر به جعدة بن هبيرة ، فقال :أبي من بني مخزوم إن كـنت سائلاً و مــن هــاشـم أمـي لـخير قبيل
فمن ذا الذي يبأى علي بـخـالـه وخـالي علي ذو الـنـدى و عقيل 51
و قال قدامة بن موسى بن قدامة بن مظعون :
و خالي بـغـاة الخيـر تـعلـم أنـه جدير بـقول الـحق لا يـتـوعـر
و جـدي عـلي ذو التقى و ابن امـه عقيل و خـالـي ذو الجناحين جعفـر
فنحن ولاة الـخير في كل مـوطــن إذا ما ونى عنه رجال و قصروا 52
و قال حسان بن ثابت في قصيدة له يرثي بها جعفراً ، و يمدح بها بني هاشم :
بهت الـيـل منهـم جعفر و ابن أمه عـلـي و مـنـهـم أحمد المتخير
و حـمـزة و العباس منهم و منـهـم عقيل و ماء العود من حيث يعصر 53
إلى غير ذلك مما لا مجال لنا لتتبعه و استقصائه .
سرّ الافتراء على عقيل :
و أما سرّ الافتراء على عقيل ، فلعله يرجع إلى :
1. إن عقيلاً كان له معهم مواقف مشهورة ، و أجوبة معروفة في تأييد علي و حق علي . . و الإزراء على معاوية و كل من كان على شاكلته ، و بيان تفاهات و نقائص مناوئي علي عليه السلام و الناصبين له العداء .
2. إنهم كانوا يريدون النيل من علي و الحط من كرامته عن طريق النيل من أخيه عقيل و الحط من كرامته . . و يريدون أن يقولوا أيضاً إن علياً لا يحتمل ، فحتى اخوه لقد فارقه و تركه ، و ناصر عدوه ، فكيف بمن لم يكن أخاً لعلي ، و لا تربطه فيه قربى و لا و شائج رحم ، و لعلنا نستطيع أن نلمس هذا المعنى من تلك المنقولات المنسوبة إلى معاوية ، و أنه وجهها لعقيل عندما فارق أخاه و أتاه .
3. إنهم يريدون أن يضيفوا صحابياً جديداً إلى قائمة المناصرين لمعاوية و كان معاوية بأمس الحاجة للواحد منهم في مقابل علي وجيشه الذي كان يضم الآلاف من الصحابة الأبرار ، و المصطفين الأخيار .
4. إنهم يريدون أن ينتقموا لأنفسهم ، و ينفسوا عن حقدهم ، و يغطّوا على مثالبهم ، التي مازال يكشفها عقيل العالم بالأنساب ، و الذي كان له بعد لسانه و أدبه ، و كان لا يجارى و لا يبارى ، و لا يثبت معه رأي ، و لا تلين صفاته من مكيدة .
و لكن تأبى الحقيقة و التاريخ إلا أن يبقى وجه عقيل مشرقاً بابتسامة كلها سخرية و هزء بل و احتقار لكل أولئك الذين نسبوا الباطل إليه ، و أجهدوا أنفسهم بالكذب و الافتراء عليه .
و الحمد لله و صلاته على عباده الذين اصطفى .
17/محرم/1397ﻫ .
جعفر مرتضى العاملي
مركز الشعاع الاسلامي
**********************************
1. روي ذلك في أسد الغابة : ج3 / 423 .
2. عمدة الطالب : 31 .
3. الاستيعاب هامش الإصابة : ج3 / 158 ، و ذخائر العقبى : 222 ، و تاريخ الخميس : 1 / 163 ، و أسد الغابة : 3 / 423 ، و البيان و التبيين : 2 / 326 ، و السيرة الحلبية : 1 / 268 ، و فيه أن علياً ( ع ) قال له :
” اصبر حتى يخرج عطاؤك مع المسلمين فأعطيك . فقال له : لأذهبن إلى رجل هو أوصل إليّ منك ” .
4. المعارف : 88 ، و رواه في عيون الأخبار : 2 / 197 عن الأصمعي .
5. البيان و التبيين : 2 / 326 ، و أسد الغابة : 3 / 424 ، و قاموس الرجال : 6 / 321 عنه .
6. شرح النهج للمعتزلي : 11 / 251 ، و أسد الغابة : 3 / 423 ، و الاستيعاب هامش الإصابة : 3 / 158 ، و ذخائر العقبى : 222 عنه ، و تاريخ الخميس : 1 / 163 عنه ايضاً ، و السيرة الحلبية : 1 / 268 . و نكت الهميان : 201 .
7. عيون الأخبار لابن قتيبة : 2 / 197 .
8. تاريخ الخلفاء للسيوطي : 204 ، و السيرة الحلبية : 1 / 268 .
9. أنساب الأشراف ط الأعلمي : 73 / 2 .
10. شرح النهج : 4 / 92 ، و الدرجات الرفيعة : 158 .
11. العقد الفريد ط دار الكتاب العربي : 4 / 5 ، و ثمرات الأوراق : 153 ، 154 عنه ، و أمالي السيد المرتضى : 1 / 276 عنه ايضاً . . و ليراجع الموفقيات : 335 .
12. a. b. مروج الذهب : 3 / 36 .
13. راجع : الغارات للثقفي : 1 / 64 ، 65 ، و أسد الغابة : 3 / 423 ، و ليراجع : البحار : 8 / 567 ، و أمالي ابن الشيخ : 2 / 335 .
14. العقد الفريد ط دار الكتاب العربي : 4 / 5 ، و البيان و التبيين : 2 / 326 ، و أمالي المرتضى : 1 / 276 ، و الاستيعاب هامش الإصابة : 3 / 158 ، و أنساب الأشراف ط الاعلمي : 2 / 72 ، و عمدة الطالب ط – النجف : 31-32 ، و قاموس الرجال : 6 / 322 عنه ، و الدرجات الرفيعة : 157 .
15. العقد الفريد ط دار الكتاب : 4 / 4-5 ، و الدرجات الرفيعة : 161 .
16. ثمرات الأوراق : 158-159 ، و العقد الفريد ط دار الكتاب العربي : 4 / 29 ، و الدرجات الرفيعة : 161 . و الغدير : 10 / 260-261 عن العقد ، و عن المستطرف : 1 / 54 .
17. العقد الفريد : 4 / 5 ، و أنساب الأشراف ط الأعلمي : 2 / 73 .
18. a. b. أسد الغابة : 3 / 423 .
19. شرح النهج للمعتزلي : 4 / 92 ، و الدرجات الرفيعة .
20. تاريخ الخلفاء : 204 ، عن تاريخ ابن عساكر .
21. ذخائر العقبى : 222 ، و تاريخ الخميس : 1 / 163 .
22. غارات الثقفي : 1 / 64 ، و نقله المعلق عن البحار : 8 / 567 .
23. شرح النهج : 2 / 124 .
24. أمالي ابن الشيخ المطبوعة مع أمالي الشيخ في النجف : 2 / 334 .
25. راجع : تاريخ الخلفاء : 204 ، و شرج النهج : 2 / 124 و : 4 / 92 ، و أمالي ابن الشيخ : 2 / 334 .
26. أسد الغابة : 3 / 424 .
27. الغارات للثقفي : 1 / 64-65 ، و شرح النهج : 2 / 125 .
28. أمالي ابن الشيخ آخر أمالي الشيخ : 2 / 335 .
29. أسد الغابة : 3 / 423 ، و أمالي ابن الشيخ : 2 / 335 .
30. راجع : شرج النهج : 11 / 251 ، و الدرجات الرفيعة : 155 ، و الشهيد مسلم .
31. a. b. شرح النهج : 10 / 250 .
32. الاستيعاب هامش الإصابة : 2 / 357 ، و تاريخ الخميس : 1 / 167 .
33. راجع : شرح النهج : 11 / 250 ، و 10 / 250 .
34. شرح النهج : 2 / 142 ، و الدرجات الرفيعة : 160 .
35. راجع : الدرجات الرفيعة : 158-159 و غيره .
36. راجع : الدرجات الرفيعة : 158 ، و لتراجع أيضاً : 160 ، و شرح النهج للمعتزلي : 11 / 253-254 ، و نهج البلاغة نفسه لأن علياً عليه السلام قد ذكرها في بعض خطبه .
37. راجع : شرح النهج للمعتزلي : 11 / 253 ، و الدراجات الرفيعة : 160 .
38. عمدة الطالب : 32 .
39. راجع : التنبيه و الأشراف : 256 ، و تاريخ الطبري : 4 / 52 عن الواقدي . . و يدل على ذلك أيضاً : أن المسعودي في التنبيه و الأشراف ، و تاريخ اليعقوبي : 2 / 193 ط صادر قد ذكرا أن وقعة النهروان كانت سنة 39 ، و هو ما يقتضيه قول أبي مريم و الواقدي و المسعودي بأن بين الحكمين و النهروان سنة و شهران ، حيث إن النهروان تكون على هذا في ذي القعدة سنة 39 .
40. الغارات للثقفي : 2 / 429-430 ، و شرح النهج : 2 / 118-119 ، و أنساب الأشراف ط الأعلمي : 2 / 74-75 ، و الأغاني ط ساسي : 15 / 46 ، و البحار ط حجرية : 8 / 621 ، 673 ، و جمهرة رسائل العرب : 1 / 595 ، و نهج السعادة : 5 / 300 ، و سفينة البحار : 2 / 215 ، و أشار إليها في العقد الفريد ط دار الكتاب : 2 / 356 ، و : 3 / 504 ، و ذكرها ايضاً في الدرجات الرفيعة : 155-157 .
و في الإمامة و السياسة : 1 / 53-54 ط سنة 1967م ، و قاموس الرجال : 6 / 323 عنه .
أن عقيلاً قد التقى بعائشة ، و طلحة ، و الزبير ، أيضاً . . و هذا كذب لأن طلحة و الزبير كانا قد قتلا قبل غارة الضحاك بسنوات !! و لا يخفى سر زيادة ذلك في رسالة عقيل .
41. شرح النهج للمعتزلي : 11 / 253 ، و الدرجات الرفيعة : 160 .
42. أنساب الأشراف ط الاعلمي : 2 / 72 .
43. الاستيعاب هامش الإصابة : 3 / 158 ، و ذخائر العقبى : 222 عنه ، و تاريخ الخميس : 1 / 163 ، و شرح النهج : 11 / 250 ، و نكت الهميان : 200 ، و الدرجات الرفيعة : 154 ، و المنمق : 484 .
44. الاستيعاب هامش الإصابة : 3 / 158 ، و أسد الغابة : 3 / 423 ، و نكت الهميان : 200 .
45. البيان و التبيين : 2 / 324 .
46. البيان و التبيين : 2 / 326 .
47. طبقات ابن سعد : 4 / 30 قسم1 ط ليدن ، و عنه في الإصابة : 3 / 494 ، و أسد الغابة : 3 / 422 ، و تهذيب الأسماء و اللغات : 1 / 337 لكنه لم يذكر خيبراً
48. أسد الغابة : 3 / 423 ، و الإصابة : 3 / 494 عن الزبير بن بكار عن الحسن بن علي ، و تهذيب التهذيب ج7 / 254 ، عن الحسين بن علي .
49. سيرة ابن هشام : 4 / 135 ، و انساب الأشراف ط الأعلمي : 2 / 71 باختصار ، وطبقات ابن سعد : 4 قسم1 / 30 إلا أن هذا الأخير لم يذكر : أن ذلك كان يوم حنين . . و أسد الغابة : 5 / 525 و الإصابة : 4 / 382 و غير ذلك .
50. مجمع الزوائد : 9 / 373 ، و راجع : تهذيب الأسماء واللغات للنووي : 1 / 337 ، و مكاتيب الرسول : 2 / 535 عن عدة مصادر .
51. البيان و التبيين : 2 / 324 ، و شرح النهج للمعتزلي : 10 / 79 و نسب قريش : 344 .
52. البيان و التبيين : 2 / 324-325 .
53. سيرة ابن هشام : 4 / 37 ، و ديوان حسان ط ليدن : 23 ، و شرح النهج : 15 / 63 .