الذكر الخفي هو ذكر الله1 في السر و الخفاء من غير ظهور و جهر، و هو الذكر الخامل حسب تعبير بعض الروايات.
و قيل ان الذكر الخفي هو الذكر القلبي أو ذكر الله في الفكر أي تحميده و تمجيده و تسبيحه فكرياً، و يقابله الذكر اللساني و اللفظي الذي ينطق به الإنسان الذاكر.
كلمة التوحيد و الذكر الخفي
قال بعض العلماء أن كلمة التوحيد هو من الذكر الخفي حيث أن قول “لا إله إلا الله” لا يتطرق اليه الرياء و هو ذكر خالص لأن الذاكر يتمكن أن يذكر الله بهذا النوع من الذكر دون أن يحرك شفتيه فلا يشعر بكونه ذاكراً حتى من يراه أو يجالسه .
فضل الذكر الخفي
الذكر الخفي هو من أفضل أنواع الذكر فقد رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه و آله أنَّه قَالَ: “خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ، وَ خَيْرُ الرِّزْقِ مَا يَكْفِي”2.
و أيضاً عن النَّبِيِ صلى الله عليه و آله: “خَيْرُ الْعِبَادَةِ أَخْفَاهَا ، وَ خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ”3.
و رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه و آله في وصاياه لأبي ذر أنَّهُ قال: “يَا أَبَا ذَرٍّ، اذْكُرِ اللَّهَ ذِكْراً خَامِلًا”.
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ مَا الذِّكْرُ الْخَامِلُ؟
قَالَ: “الذِّكْرُ الْخَفِيُّ”4.
فوائد الذكر الخفي و آثاره
للذكر الخفي فوائد و آثار كثيرة منها أنه سبب لحياة القلب و انتعاشه معنوياً، و موجب للأنس الروحاني.
يقول الامام علي بن الحسين السجاد و هو يخاطب الله عز و جل: “مَوْلَايَ بِذِكْرِكَ عَاشَ قَلْبِي، وَ بِمُنَاجَاتِكَ بَرَّدْت أَلَمَ الْخَوْفِ عَنِّي “5.
و أيضاً عن الامام علي بن الحسين عليه السلام في المناجاة الثالثة عشر و هي المعروفة بمناجاة الذاكرين: “إِلَهِي فَأَلْهِمْنَا ذِكْرَكَ فِي الْخَلَإِ وَ الْمَلَإِ وَ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ الْإِعْلَانِ وَ الْإِسْرَارِ وَ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ، وَ آنِسْنَا بِالذِّكْرِ الْخَفِي”6.
- 1. ذكر الله عَزَّ و جَلَّ يشمل أنواع الثناء و الحمد و التسبيح و التهليل و التكبير و الدعاء و التضرع و الابتهال اليه سبحانه و تعالى و تلاوة القرآن، كما و أن العبادة بأنواعها هي من مصاديق ذكر الله.
- 2. تنبيه الخواطر و نزهة النواظر (مجموعة ورام):2 / 31، لورام بن أبي فراس، المتوفى سنة: 605 هجرية، الطبعة الأولى، سنة: 1410 هجرية، طبعة مكتبة الفقيه، قم/إيران.
- 3. إرشاد القلوب إلى الصواب: 1 / 93، لحسن بن علي بن محمد الديلمي من علماء القرن الثامن الهجري، طبعة: انتشارات الشريف الرضي، الطبعة الأولى، سنة: 1412 هجرية.
- 4. أمالي الطوسي: 530، لمحمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة: 460 هجرية، الطبعة الأولى سنة: 1414 هجرية، دار الثقافة قم/إيران.
- 5. مصباح المتهجد و سلاح المتعبد: 2 / 592 ، طبعة مؤسسة فقه الشيعة ، بيروت / لبنان ، سنة : 1411 هجرية ، للشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، المولود بخراسان سنة : 385 هجرية ، والمتوفى بالنجف الأشرف سنة : 460 هجرية .
- 6. بحار الأنوار (الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (عليهم السلام)): 91 / 151، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي، المولود بإصفهان سنة: 1037، و المتوفى بها سنة: 1110 هجرية، طبعة مؤسسة الوفاء، بيروت/لبنان، سنة: 1414 هجرية.