بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: زكريا بركات
كثير من المؤمنين يعانون من ابتلاءات، وهم يتصوَّرون أنَّ هذا ناشئ عن سموِّهم الإيماني باعتبار أنَّ المؤمن مبتلى وممتحن..! ولكنهم في قرارة أنفسهم متضايقون وغير راضين عن الوضع الذي هم فيه.. ويتساءلون عن تفسير يوضح بقاءهم في الابتلاء بينما هناك أناس ليسوا مؤمنين ومع ذلك فهم في راحة..
ومن أجل وضع النقاط على الحروف؛ نحاول توضيح الموضوع كما يلي:
إنَّ علامة رضا الله عن الإنسان هي أن يكون الإنسان راضياً عن الله تبارك وتعالى.. ومن وجد في قلبه اعتراضاً على ما يقسمه الله له؛ فهو غير راض عن الله تعالى.. فهل نتوقع أن يكون الله راضياً عن إنسان يحمل في قلبه اعتراضاً على ربوبية الله تبارك وتعالى؟
صحيحٌ أنَّ الله يبتلي المؤمن، ولكن ليس من الطبيعي أن يثق المؤمن بإيمانه إلى هذه الدرجة ويكون عند نفسه بهذا المستوى من الصلاح في حين أن الله تعالى يقول: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) .. فينبغي للمؤمن أن يتَّهم نفسه، وليس من صفاته أن يزكِّي نفسه ويرى نفسه غير مستحقٍّ للبلاء إلاّ من جهة كونه في مستوى سام من الإيمان.. وفي الدعاء: (إلهي إن تعذِّبْني فأهل لذلك أنا، وإن تغفر لي فأهل لذلك أنت) .. هذا هو منطق المؤمن.. يتهم نفسه، ويحسن الظن بربِّه.. والله تبارك وتعالى يقول: (ومن يتَّقِ الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) ، ويقول: (ولو أنَّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض…) وقال: (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً) ..
فعلى المؤمن أن يصلح نفسه، ويقول في قلبه: ما نالني من مُعاناةٍ فهو بسبب الخلل الذي في إيماني وأخلاقي.. ولا يزكِّي نفسه ويقول: أنا إنما أُبتلى بسبب سموّ إيماني..
وفي الكافي الشريف عن مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه تحدَّث عن صفات المؤمن، فذكر من جملة الصفات: “رَاضٍ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَل”، “يُحْسِنُ بِالنَّاسِ الظَّنَّ وَ يَتَّهِمُ عَلَى الْعَيْبِ نَفْسَه”، “كُلُّ سَعْيٍ أَخْلَصُ عِنْدَهُ مِنْ سَعْيِهِ وَ كُلُّ نَفْسٍ أَصْلَحُ عِنْدَهُ مِنْ نَفْسِه”، “لَا يَحْزَنُ عَلَى مَا أَصَابَه”، “قَانِعاً بِالَّذِي قُدِّرَ لَه”… إلى غيرها من الصفات الحميدة التي يمتاز بها المؤمنون الخُلَّص..
فالخلاصة أنَّ على المؤمن إذا رأى نفسه مبتلى؛ أن يلجأ إلى الله ويتوب إليه، ويحاول الفحص عن عيوبه ويستغفر من ذنوبه.. ويعتقد جازماً أنَّ ما أصابه فهو من نفسه، وهو مستحق له، وأنَّ الحكمة هي أن يستيقظ من سُبات الغفلة..
والله وليُّ التوفيق.