المُصرَّح به في القرآن الكريم حول إختلاف حساب الناس بعضهم عن بعض هو حكم يختص بنساء النبي محمد ( صلى الله عليه و آله ) ، حيث قال الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا ﴾ 1 .
هذا و لم يرد نصح صريح ـ حسب علمنا ـ يُثبت هذه الخصوصية للسادة من بني هاشم ذرية رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) ، إلا أن هناك روايات تؤكد أن السادة أولى من غيرهم بالمبادرة إلى الأعمال الصالحة و إكتساب الفضائل و المسارعة إلى الخيرات، و هم أيضاً أولى من غيرهم بإجتناب المعاصي و ترك الأمور القبيحة و الرذائل الأخلاقية.
فقد رَوى الشَّقْرَانِيُّ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) أنه : خَرَجَ الْعَطَاءُ أَيَّامَ أَبِي جَعْفَرٍ 2 وَ مَا لِي شَفِيعٌ ، فَبَقِيتُ عَلَى الْبَابِ مُتَحَيِّراً ، وَ إِذَا أَنَا بِجَعْفَرٍ الصَّادِقِ ( عليه السلام ).
فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ : جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ أَنَا مَوْلَاكَ الشَّقْرَانِيُّ ، فَرَحَّبَ بِي وَ ذَكَرْتُ لَهُ حَاجَتِي فَنَزَلَ وَ دَخَلَ وَ خَرَجَ وَ أَعْطَانِي مِنْ كُمِّهِ فَصَبَّهُ فِي كُمِّي ، ثُمَّ قَالَ : ” يَا شَقْرَانِيُّ إِنَّ الْحَسَنَ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ حَسَنٌ وَ إِنَّهُ مِنْكَ أَحْسَنُ لِمَكَانِكَ مِنَّا ، وَ إِنَّ الْقَبِيحَ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ قَبِيحٌ وَ إِنَّهُ مِنْكَ أَقْبَحُ ” .
وَعَظَهُ عَلَى جِهَةِ التَّعْرِيضِ لِأَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ 3 .
السادة و غيرهم سواء في الحساب
هناك روايات أخرى تنفي مزاعم من يتصور بأن السادة ذرية الأئمة ( عليهم السلام ) لا يحاسبهم الله على أفعالهم ، و من تلك الروايات ما رواه مَاجِيلَوَيْهِ وَ ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ وَ الْهَمْدَانِيُّ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ يَاسِرٍ ، قَالَ خَرَجَ زَيْدُ بْنُ مُوسَى أَخُو أَبِي الْحَسَنِ 4 ( عليه السلام ) بِالْمَدِينَةِ وَ أَحْرَقَ وَ قَتَلَ ، وَ كَانَ يُسَمَّى ” زَيْدَ النَّارِ ” ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ فَأُسِرَ وَ حُمِلَ إِلَى الْمَأْمُونِ .
فَقَالَ الْمَأْمُونُ : اذْهَبُوا بِهِ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ .
قَالَ يَاسِرٌ : فَلَمَّا أُدْخِلَ إِلَيْهِ ، قَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ : ” يَا زَيْدُ أَ غَرَّكَ قَوْلُ سَفِلَةِ [سِفْلَةِ] أَهْلِ الْكُوفَةِ إِنَّ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَحَرَّمَ اللَّهُ ذُرِّيَّتَهَا عَلَى النَّارِ ؟! ذَاكَ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ خَاصَّةً ، إِنْ كُنْتَ تَرَى أَنَّكَ تَعْصِي اللَّهَ وَ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ أَطَاعَ اللَّهَ وَ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَأَنْتَ إِذاً أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، وَ اللَّهِ مَا يَنَالُ أَحَدٌ مَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا بِطَاعَتِهِ ، وَ زَعَمْتَ أَنَّكَ تَنَالُهُ بِمَعْصِيَتِهِ فَبِئْسَ مَا زَعَمْتَ ” .
فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ : أَنَا أَخُوكَ وَ ابْنُ أَبِيكَ .
فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ ( عليه السلام ) : ” أَنْتَ أَخِي مَا أَطَعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ، إِنَّ نُوحاً ( عليه السلام ) قَالَ : ﴿ … رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ﴾ 5 ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : ﴿ … يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ … ﴾ 6 ، فَأَخْرَجَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِهِ بِمَعْصِيَتِهِ ” 7.
و قد روى طاووس الفقيه عن الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) أنه قال: “… خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَ أَحْسَنَ وَ لَوْ كَانَ عَبْداً حَبَشِيّاً، وَ خَلَقَ النَّارَ لِمَنْ عَصَاهُ وَ لَوْ كَانَ وَلَداً قُرَشِيّاً، أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ ﴾ 8 ” 9.
- 1. القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 30 و 31 ، الصفحة : 421 .
- 2. أي الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) ، خامس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
- 3. بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 47 / 350 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .
- 4. أي الإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السَّلام ) ثامن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
- 5. القران الكريم : سورة هود ( 11 ) ، الآية : 45 ، الصفحة : 226 .
- 6. القران الكريم : سورة هود ( 11 ) ، الآية : 46 ، الصفحة : 227 .
- 7. بحارالأنوار : 43 / 232 .
- 8. القران الكريم : سورة المؤمنون ( 23 ) ، الآية : 101 ، الصفحة : 348 .
- 9. بحار الأنوار: 46 / 81.