لمعرفة أهداف الثورة الحسينية العظيمة معرفة كاملة و دقيقة لابد للانسان أن يدرس هذه الحادثة العظيمة من جميع جوانها حتى تتضح له أسباب ثورة الحسين ( عليه السلام ) و أهدافها ، و ينبغي مراجعة الكتب التي تكفلت دراسة هذا الحدث العظيم.
لكن إذا أردنا بيان أهم أهداف الثورة الحسينية بصورة سريعة فهي باختصار كما يلي :
1. الوقوف أمام جور الجائرين المستحلين لِحُرَم الله و هذا ما صرَّح به الإمام الحسين ( عليه السَّلام ) في كتابه الى جماعة من وجهاء الكوفة قال فيه: “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مِنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ وَ الْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ وَ رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَالٍ وَ جَمَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ:
أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) قَدْ قَالَ فِي حَيَاتِهِ: مَنْ رَأَى سُلْطَاناً جَائِراً مُسْتَحِلًّا لِحُرُمِ اللَّهِ نَاكِثاً لِعَهْدِ اللَّهِ مُخَالِفاً لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، يَعْمَلُ فِي عِبَادِ اللَّهِ بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوَانِ ثُمَّ لَمْ يُغَيِّرْ بِقَوْلٍ وَ لَا فِعْلٍ كَانَ حَقِيقاً عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ مَدْخَلَهُ، وَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ قَدْ لَزِمُوا طَاعَةَ الشَّيْطَانِ وَ تَوَلَّوْا عَنْ طَاعَةِ الرَّحْمَنِ وَ أَظْهَرُوا الْفَسَادَ وَ عَطَّلُوا الْحُدُودَ وَ اسْتَأْثَرُوا بِالْفَيْءِ وَ أَحَلُّوا حَرَامَ اللَّهِ وَ حَرَّمُوا حَلَالَهُ، وَ إِنِّي أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ لِقَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله )، وَ قَدْ أَتَتْنِي كُتُبُكُمْ وَ قَدِمَتْ عَلَيَّ رُسُلُكُمْ بِبَيْعَتِكُمْ أَنَّكُمْ لَا تُسَلِّمُونِّي وَ لَا تَخْذُلُونِّي، فَإِنْ وَفَيْتُمْ لِي بِبَيْعَتِكُمْ فَقَدْ أُصِبْتُمْ حَظَّكُمْ وَ رُشْدَكُمْ وَ نَفْسِي مَعَ أَنْفُسِكُمْ وَ أَهْلِي وَ وُلْدِي مَعَ أَهَالِيكُمْ وَ أَوْلَادِكُمْ فَلَكُمْ بِي أُسْوَةٌ، وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ نَقَضْتُمْ عُهُودَكُمْ وَ خَلَعْتُمْ بَيْعَتَكُمْ فَلَعَمْرِي مَا هِيَ مِنْكُمْ بِنُكْرٍ، لَقَدْ فَعَلْتُمُوهَا بِأَبِي وَ أَخِي وَ ابْنِ عَمِّي وَ الْمَغْرُورُ مَنِ اغْتَرَّ بِكُمْ، فَحَظَّكُمْ أَخْطَأْتُمْ وَ نَصِيبَكُمْ ضَيَّعْتُمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَ سَيُغْنِي اللَّهُ عَنْكُمْ، وَ السَّلَامُ” 1 .
فالواجب الديني و الاجتماعي حتَّمَ على الامام الحسين ( عليه السلام ) القيام بوجه الحكم الأموي الذي استحل حرمات الله و نكث عهوده و خالف سنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، و الإمام الحسين ( عليه السلام ) باعتباره سبط رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) و ريحانته كان أولى من غيره برد الاعتداء عن الدين و المجتمع .
2. اتمام الحجة على من يريد الجهاد في سبيل الله و القيام بوجه الحكم الأموي ممن راسل الامام ( عليه السلام ) من أهل الكوفة .
3. حماية الإسلام من خطر الحكم الاموي : فيزيد بن معاوية كان عازماً على محو الإسلام و قلع جذوره ، فقد أعلن الكفر حال تربعه على كرسي الخلافة الإسلامية حين قال :
لعبت هاشم بالملك فلا ***خبر جاء و لا وحي نزل
4. تطهير الخلافة الإسلامية من أرجاس الأمويين : و لقد صرح ( عليه السَّلام ) بذلك في خطبه و رسائله قائلاً : فلعمري ما الامام إلا العامل بالكتاب و الآخذ بالقسط و الدائن بالحق و الحابس نفسه على ذات الله .
أما يزيد فقد كان يشرب الخمر و لا يتناهى عن المنكرات .
5 . تحرير ارادة الامة : لقد بث الحسين ( عليه السَّلام ) روح العزة و الكرامة و الجهاد في نفوس المسلمين ، فكان لمقتله أثراً عظيماً في إحياء روح الجهاد في الامة الإسلامية إذ نتجت من ثورته ثورات عديدة تنادي يالثارات الحسين و هي التي دكت عروش الأمويين .
6. الامر بالمعروف و النهي عن المنكر : و لعل الهدف الرئيسي في الثورة الحسينية هو إحياء الامر بالمعروف و النهي عن المنكر ، فقد صرَّح الإمام الحسين ( عليه السَّلام ) في وصيته التي كَتَبَها و سلَّمها لِأَخِيهِ مُحَمَّد بن الحنفية بذلك صراحة حيث كتب فيها: “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى أَخِيهِ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، أَنَّ الْحُسَيْنَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ الْحَقِّ، وَ أَنَّ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ حَقٌّ، وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها، وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَ أَنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَ لَا بَطِراً وَ لَا مُفْسِداً وَ لَا ظَالِماً، وَ إِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الْإِصْلَاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي ( صلى الله عليه و آله ) أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ أَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَ أَسِيرَ بِسِيرَةِ جَدِّي وَ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ( عليه السَّلام ) فَمَنْ قَبِلَنِي بِقَبُولِ الْحَقِّ فَاللَّهُ أَوْلَى بِالْحَقِّ، وَ مَنْ رَدَّ عَلَيَّ هَذَا أَصْبِرُ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَ الْقَوْمِ بِالْحَقِّ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ، وَ هَذِهِ وَصِيَّتِي يَا أَخِي إِلَيْكَ وَ ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ” 2 .
7. كما أن هناك أموراً أخرى كانت و لا شك من أهداف الامام الحسين ( عليه السلام ) أمثال : اماتة البدعة حيث يقول في كتابه لأهل البصرة.
قَالَ ابْنُ نَمَا كَتَبَ الْحُسَيْنُ ( عليه السَّلام ) كِتَاباً إِلَى وُجُوهِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنْهُمُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، وَ قَيْسُ بْنُ الْهَيْثَمِ، وَ الْمُنْذِرُ بْنُ الْجَارُودِ، وَ يَزِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ النَّهْشَلِيُّ وَ بَعَثَ الْكِتَابَ مَعَ زَرَّاعٍ السَّدُوسِيِّ، وَ قِيلَ مَعَ سُلَيْمَانَ الْمُكَنَّى بِأَبِي رَزِينٍ، _ جاء ـ فِيهِ: “إِنِّي أَدْعُوكُمْ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى نَبِيِّهِ، فَإِنَّ السُّنَّةَ قَدْ أُمِيتَتْ، فَإِنْ تُجِيبُوا دَعْوَتِي وَ تُطِيعُوا أَمْرِي أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشاد” 3 .
هذا و يمكن أن تكون لثورته المقدسة أهدافاً أخرى كتحرير اقتصاد الامة الإسلامية ، و الدفاع عن حقوق أهل البيت ، و تخليد ذكر النبي ( صلى الله عليه وآله ) و أهل بيته الكرام البررة ( عليهم السلام ) ، و تخفيف المظالم عن الامة الإسلامية ، إلى غيرها من الاهداف السامية النبيلة .
- 1. بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 44 / 381 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .
- 2. بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 44 / 329 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .
- 3. بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 44 / 339 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .