العزم والإرادة هما جوهر إنسانية الإنسان، فكلما قويت عزيمة الإنسان وإرادته كلما تمكن من الرقي في مدارج السالكين والوصول إلى مقام عليين، وعلى النقيض من ذلك الإنسان الذي لا يهتم بتنمية إرادته يتسافل حتى يكون مصداقا للآية الكريمة﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ 1.
ولذا اهتم الإسلام بهذا الأمرا اهتماما عظيما، وما الصيام إلا طريق من طرق تنمية الإرادة، فهو بما يعنيه من امتناع عن الأكل والشرب وسائر المفطّرات يقوي جهاز المناعة النفسية عند الإنسان، ويجعله قادرا على ضبط غرائزه، وهذه هي الخطوة الأولى في طريق افتراق الإنسان عن الحيوان. لقد جعل القرآن التقوى غاية للصوم﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ 2، والتقوى حالة روحية خاصة تجعل المتلبس بها في وقاية وحرز من الوقوع في المعاصي، وهذه الحالة لا تتحقق إلا بالورع عن محارم الله كما أجاب الرسول عليا حين سأله عن أفضل الأعمال في هذا الشهر.
إن العادة السرية أو الاستمناء في المصطلح الشرعي من أكثر الأمور السلبية التي يبتلى بها الشباب، وتؤدي إلى ضعف الإرادة وزعزعة الثقة بالنفس، وتخلق جيلا غير قادر على تحمل المسؤولية ومواجهة تحديات الحياة، فالإرادة واحدة لا تتجزأ.
وهنا نضع بعض الخطوات العملية أمام الشباب كي يقلعوا عن هذه العادة السيئة:
- تذكر عزيزي الشاب أنك تملك موهبة هي من أعظم المواهب الإلهية وهي: حرية الاستجابة لكافة المؤثرات، فكما تمتنع بإرادتك عن الأكل والشرب وغيره من المفطرات تستطيع أن تحدد نوع استجابتك للمغريات من حولك، وكلما نميت قدرتك على الاستجابة الواعية كلما استطعت أن تتحكم في مملكة نفسك لتكون السيد عليها لا العبد المطيع لشهواتها وأهوائها.
- تنمية الإرادة عمل تراكمي، يبدأ بداية صغيرة ولكنها تخلق نتائج كبيرة على المدى البعيد، ومن هنا ندعوك عزيزي إلى الاستفادة من هذا الشهر الكريم، فأنت تمتنع في النهار عن ممارسة العادة السرية باعتبارها إحدى المفطرات، وما عليك إذن إلا أن تشترط على نفسك أن تمتنع ليلة واحدة عن ممارسة هذه العادة، وإذا نجحت في ذلك ستشعر بأنك أصبحت شخصا مختلفا يمتلك إرادة ويستطيع تحديد خياراته. وعليك في الليلة التالية أن تفعل الشيء نفسه، فالنجاح يولد النجاح.
- مما لا شك فيه أن المغريات التي تحيط بك كثيرة خصوصا في زمن العهر الفضائي، وأفضل طريق لمواجهة ذلك هو المقاومة السلبية عبر التقوى وغض النظر والورع عن محارم الله. لذا ننصحك بمقاطعة البرامج التلفزيونية التافهة التي لا تخاطب شيئا سوى غرائز الإنسان لتحيله إلى كائن مسخ مسلوب الإرادة.
- قم بممارسة بعض الأنشطة الرياضية والهوايات التي تساعد الإنسان على تقوية إرادته، وتستنفد طاقته في غير معصية الله.
- قلل من تناول الأطعمة التي تسبب زيادة الطاقة لديك، فكلما كان طعام الإنسان في حدود حاجته فقط كلما ساهم بذلك في إضعاف المثيرات الداخلية عنده.
- أكثر من الصلاة والدعاء وقراءة القرآن، وتذكر وعد الله ووعيده.
- قاوم.. قاوم.. قاوم.. قاوم الرغبة في العودة إلى ممارسة هذه العادة3.
- 1. القران الكريم: سورة الفرقان (25)، الآية: 44، الصفحة: 364.
- 2. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 183، الصفحة: 28.
- 3. نقلا عن شبكة مزن الثقافية – 18/11/2004م.