نص الشبهة:
هل يصح الجزم بتطبيق علامات الظهور على مفردات الواقع؟ كأن نقول: «إن فلاناً هو الخراساني» أو «إن ما حدث في البلد الفلاني هو من العلامات»؟
الجواب:
أن تطبيق علامات الظهور على بعض الأشخاص المعنيين، أو الأماكن والحوادث الخاصة لا يخرج عن كونه ظناً لم يقم عليه دليل صحيح، ولا ينبغي الجزم به، أو الترويج له على أنه حقيقة ثابتة، وكونه محتملاً لا يكفي، وكم من جازم بأمثال هذه الأمور خطأتهم الحوادث بعد ذلك.
وقد ذكر السيد نعمة الله الجزائري قدّس سره في الأنوار النعمانية أن الشيخ المجلسي قدس سره كان يرى أن الدولة الصفوية هي الدولة الممهدة لدولة الإمام المهدي عليه السلام، فبعد أن ذكر أنه روي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: (كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق، يطلبون الحق فلا يُعطونه، ثم يطلبونه فلا يُعطونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم، فيُعطون ما سألوا، فلا يقبلونه حتى يقوموا، ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم، قتلاهم شهداء). قال قدس سره: إنه لا يخفى على أهل البصائر أنه لم يخرج من المشرق سوى أرباب السلسلة الصفوية، وهو الشاه إسماعيل أعلى الله مقامه في دار المقامة، وقوله عليه السلام: (لا يدفعونها إلا إلى صاحبكم): المراد به القائم عليه السلام، فيكون في هذا الحديث إشارة إلى اتصال دولة الصفوية بدولة المهدي عليه السلام، فهم الذين يسلمون المُلك له عند نزوله بلا نزاع أو جدال1.
وهذا كلام قد اتضح فساده في زماننا هذا؛ لأن الدولة الصفوية قد انقرضت، ولم تتصل بدولة الإمام المهدي عليه السلام، وما أجمل التعليق المذكور في الحاشية على هذا الكلام، حيث قال المعلق: هذا تأويل حدسي للخبر، ولا شاهد له في نفس الحديث أصلاً، وانقراض الدولة الصفوية وعدم اتصالها بدولة المهدي عليه السلام أصدق شاهد على ما ذكرناه، فلذا لا اعتماد بأمثال هذه التأويلات الحدسية، والأولى إبقاء الخبر على ظاهره، والله العالم وأولياؤه عليهم السلام بحقيقة تأويله، ومتى يظهر مصداقه.
والذي أراه هو أن الخراساني إذا ظهر لا بد أن الناس سيعرفون أنه هو الخراساني المذكور في الروايات، وكذلك اليماني، وذو النفس الزكية، فإنهم سيقيمون الدلائل القطعية على أنهم المعنيون في الأخبار، كما أن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف إذا ظهر لن يختلف الناس في أنه هو المهدي المنتظر، وأما من يُظَن أنه الخراساني أو اليماني أو ذو النفس الزكية من غير دليل قطعي جزمي على ذلك فهم أشخاص آخرون لا علاقة لهم بهؤلاء المذكورين في الروايات.
وعليه، فإني لا أرى أي وجه لذكر المحتملات التي نظن انطباقها على الأحاديث المشار إليها، وإن كانت تُذكر بنحو الاحتمال، لا بنحو الجزم والقطع بأنه هو المراد بما ورد في الحديث؛ لأنه ستكذبه الحوادث المستقبلة حتماً، والله العالم2.