رُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي سَعْدٍ: “أَ لَا أُحَدِّثُكَ عَنِّي وَ عَنْ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ، أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدِي فَاسْتَقَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَ فِي صَدْرِهَا، وَ طَحَنَتْ بِالرَّحَى حَتَّى مَجِلَتْ 1 يَدَاهَا، وَ كَسَحَتِ الْبَيْتَ 2 حَتَّى اغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا، وَ أَوْقَدَتْ تَحْتَ الْقِدْرِ حَتَّى دَكِنَتْ ثِيَابُهَا 3، فَأَصَابَهَا مِنْ ذَلِكَ ضُرٌّ شَدِيدٌ، فَقُلْتُ لَهَا لَوْ أَتَيْتِ أَبَاكِ فَسَأَلْتِهِ خَادِماً يَكْفِيكِ حَرَّ مَا أَنْتِ فِيهِ 4 مِنْ هَذَا الْعَمَلِ.
فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى لله عليه و آله فَوَجَدَتْ عِنْدَهُ حُدَّاثاً 5 فَاسْتَحْيَتْ فَانْصَرَفَتْ، فَعَلِمَ صلى الله عليه و آله أَنَّهَا قَدْ جَاءَتْ لِحَاجَةٍ، فَغَدَا عَلَيْنَا وَ نَحْنُ فِي لِحَافِنَا 6.
فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَسَكَتْنَا وَ اسْتَحْيَيْنَا لِمَكَانِنَا.
ثُمَّ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ 7، فَسَكَتْنَا.
ثُمَّ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَخَشِينَا إِنْ لَمْ نَرُدَّ عَلَيْهِ أَنْ يَنْصَرِفَ، وَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ 8، فَيُسَلِّمُ ثَلَاثاً فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَ إِلَّا انْصَرَفَ.
فَقُلْنَا: وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْخُلْ.
فَدَخَلَ وَ جَلَسَ عِنْدَ رُءُوسِنَا، ثُمَّ قَالَ: يَا فَاطِمَةُ، مَا كَانَتْ حَاجَتُكِ أَمْسِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ؟
فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ نُجِبْهُ أَنْ يَقُومَ، فَأَخْرَجْتُ رَأْسِي، فَقُلْتُ: أَنَا وَ اللَّهِ أُخْبِرُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا اسْتَقَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَ فِي صَدْرِهَا، وَ جَرَتْ بِالرَّحَى حَتَّى مَجِلَتْ يَدَاهَا، وَ كَسَحَتِ الْبَيْتَ حَتَّى اغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا، وَ أَوْقَدَتْ تَحْتَ الْقِدْرِ حَتَّى دَكِنَتْ ثِيَابُهَا، فَقُلْتُ لَهَا لَوْ أَتَيْتِ أَبَاكِ فَسَأَلْتِهِ خَادِماً يَكْفِيكِ حَرَّ مَا أَنْتِ فِيهِ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ.
قَالَ: أَ فَلَا أُعَلِّمُكُمَا مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنَ الْخَادِمِ، إِذَا أَخَذْتُمَا مَنَامَكُمَا 9 فَكَبِّرَا أَرْبَعاً وَ ثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً وَ سَبِّحَا ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ تَسْبِيحَةً وَ احْمَدَا ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ تَحْمِيدَةً.
فَأَخْرَجَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام رَأْسَهَا وَ قَالَتْ: رَضِيتُ عَنِ اللَّهِ وَ عَنْ رَسُولِهِ، رَضِيتُ عَنِ اللَّهِ وَ عَنْ رَسُولِهِ” 10.
- 1. مجلت يداها: أي ظهر فيها المجل، و هو ماء يكون بين الجلد و اللحم من كثرة العمل الشاق، و المجلة القشرة الرقيقة التي يجتمع فيها ماء من أثر العمل الشاق.
- 2. كسحت: كنست.
- 3. الدكنة : لون يضرب الى السواد.
- 4. أي شدة ما أنت فيه من التعب و المشقة.
- 5. أي جماعة يتحدثون و هو جمع على غير قياس.
- 6. في بعض النسخ« و نحن في لفاعنا» و اللفاع ككتاب : الملحفة و الكساء و النطع و الرداء و كلما تتلفع به المرأة.
- 7. هذا سلام الاستيذان و وجوب الرد فيه لم تثبت بل عدمه مشهور لان صاحب البيت مخير. و الواجب ردّ سلام التحية.
- 8. أي كان ذلك من عادته صلّى اللّه عليه و آله.
- 9. أي محل نومكما.
- 10. من لا يحضره الفقيه: 1 / 320، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق، المولود سنة: 305 هجرية بقم، و المتوفى سنة: 381 هجرية، طبعة انتشارات اسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الطبعة الثالثة، سنة: 1413 هجرية، قم / إيران.