نور العترة

تسبيح الزهراء(ع)…

نص الشبهة: 

ما هي المناسبة بين طلب الزهراء (عليها السلام) خادمة تساعدها وتخفف عنها بعض متاعبها الجسدية، وبين ما عوضها الله به، وهو التسبيح المعروف بتسبيح الزهراء؟! . .

الجواب: 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين . .
وبعد . .
إن تسبيح الزهراء (عليها السلام): الذي هو: قول الله أكبر أربعاً وثلاثين مرة، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين مرة، وسبحان الله كذلك، هذا التسبيح قد تضمن الإعلان بتنزيه الله سبحانه عن كل تعب، ونقص، وحاجة، وفقر وجهل .. و .. فهو سبحانه الكمال المطلق .. وهذا يعطي للمسبح شعوراً بكمال الله سبحانه المطلق، وبقدراته، وغناه، وعلمه، و . . و . .
ثم إنه لا بد لهذا المسبح من أن يتذكر حاجته إليه سبحانه، ونقصه بدونه، وفقره، وتعبه، وجهله .. وسيتضاءل أمام عظمته تعالى .. وسيعطيه ذلك المزيد من الخشوع والسمو الروحي ..
وإذا قال: الحمد لله، فإنه إنما يثني على الله بملاحظة ما هو فيه من نعم لا تعد، وهي من تجليات صفاته، فإنه الخالق، الرازق، الرؤوف، الرحيم الشافي، والقوي العزيز، وهكذا سائر صفات الفعل، تبارك ربنا وتعالى ..
وهو يكررها ليلقن بها نفسه، ولتصبح وعيه وضميره، ووجدانه، وتمازج مشاعره وأحاسيسه، ولتكون هي الباعث والمحرك له في كل إقدام وإحجام ..
وقوله: الله أكبر، وتكراره ذلك على النحو الذي أشرنا إليه سوف يؤكد في أعماق نفسه الشعور، بأن كل شيء سوى الله لا يصح الخضوع له، ولا الطلب منه ولا الالتجاء إليه، أو الاعتماد عليه. . بل الذي يليق به ذلك هو الله الجامع لصفات الجلال والجمال .. والذي هو أكبر من كل شيء في هذا الوجود ..
وبعد ما تقدم نقول . .
إن المناسبة بين طلب الزهراء (عليها السلام)، وهذا التسبيح تصبح ظاهرة، إذ أن الموضوع موضوع حاجة، وضعف، ولجوء إلى الغني، القوي، الرازق، الرحيم، إلى من يعين، ويسد النقص، ويرفع الحاجة، فما أشد تناسب ما طلبته الزهراء (عليها السلام) مع ما أُعْطيتْه ..
ولا بد لنا من التذكير هنا بأننا لا يمكن أن نتصور الزهراء (عليها السلام) .. إلا مدركة لذلك كله قبل طلبها وبعده، ولكنها (عليها السلام) قد أرادت للناس أن يعوا ما وعته، وأن يدركوا ما أدركته ، فكان لا بد لها من أن تعلن بالطلب من الله سبحانه .. ثم أن يجيب الله طلبها .. ويخلّد ذلك إلى يوم القيامة، ليكون ذلك هو البيان الشافي والكافي من الله سبحانه، ورسوله (صلى الله عليه وآله) وتكون الزهراء (عليها السلام)، معلمة وهادية للبشرية ، وسبيلاً إلى الله سبحانه . .
ونستطيع أن نفهم طلب الزهراء (عليها السلام) التعليمي هذا بالنظر في السؤال الذي سأله الله سبحانه، لعيسى بن مريم .. وهو السؤال الذي يراد به إقامة الحجة على الجاحدين والمعاندين، حيث قال تعالى لعيسى بن مريم: ﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ … ﴾ 1 إلخ . .
والحمد لله رب العالمين 2.

  • 1. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 116، الصفحة: 127.
  • 2. مختصر مفيد .. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، للسيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الثانية»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423 2002، السؤال (122).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى