القرآن الكريم لم يؤت به في كيفيته الخاصة ليكون مجرد حامل لنظريات ورؤى مثالية عالية المستوى، من غير أن يكون لها أثر فعلي على حياة الإنسان المختلفة الأبعاد الفردية والاجتماعية، بل أريد له أن يكون كتاباً تربوياً يؤثر بشكل فعلي في حياة الإنسان، فينقله من الجهل إلى العلم ومن الضعف إلى القوة ومن الظلمة إلى النور، كما قال تعالى في وصفه:﴿ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ 1.
وبناء عليه يجب أن ننظر إلى الرؤى القرآنية على أنها روى تربوية، تتفاعل بشكل إيجابي وتفصيلي مع حياة البشر المتعددة الجوانب، وذلك يعني أن التفسير الصحيح للآيات القرآنية هو الذي يهتم بهذا البعد، ويقوم بتوجيه الرؤى العلمية المنتزعة من الآيات إلى حقولها التربوية المناسبة.
فكل بصيرة علمية في القرآن لها مشارب تربوية خاصة، لو نتأمل فيها تتضح لنا بسهولة، ومن الظلم للقرآن تجميد نظرياته ورؤاه وإبقاؤها ضمن الحدود النظرية المجردة، وإنما لابد من تحريكها عملياً للقيام بصياغة تربوية لحياة الانسان2.
- 1. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 16، الصفحة: 110.
- 2. منشور في صحيفة الدار الكويتية – الشيخ فيصل العوامي.