مقالات

تحريف القرآن…

نص الشبهة: 

يعتقد الشيعة أن القرآن حذفت منه وغيرت آيات من قِبَل أبي بكر وعمر «رضي الله عنهما»! ويروون عن أبي جعفر أنه قيل له: لماذا سمي ـ علي ـ أمير المؤمنين؟ قال: الله سماه، وهكذا أنزل في كتابه : ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ … ﴾ ، وأن محمداً رسولي، وأن علياً أمير المؤمنين﴾ (أصول الكافي، 1 / 412.)! ويقول الكليني في تفسير الآية: ﴿ … فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ … ﴾ (يعني بالإمام) ﴿ … وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ . يعني: الذين اجتنبوا الجبت والطاغوت أن يعبدوها. والجبت والطاغوت: فلان وفلان (السابق 1 / 429 .)! قال المجلسي: (المراد بفلان وفلان أبو بكر وعمر) (بحار الأنوار 23 / 306.)! ولهذا يعتبرهما الشيعة شيطانين ـ والعياذ بالله ـ . فقد جاء في تفسيرهم لقوله تعالى: ﴿ … لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ …﴾ ، قالوا: خطوات الشيطان والله ولاية فلان وفلان (تفسير العياشي 1 / 214 ، تفسير الصافي 1 / 242.). ويروون عن أبي عبد الله قال: ﴿ومن يطع الله ورسوله في ولاية علي وولاية الأئمة من بعده فقد فاز فوزا عظيما﴾ قال: هكذا نزلت (انظر : كتاب أصول الكافي 1 / 414.). وعن أبي جعفر قال نزل جبرائيل عليه السلام بهذه الآية على محمد هكذا: ﴿ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا … ﴾ (السابق 1 / 417.). وعن جابر قال: نزل جبرائيل عليه السلام بهذه الآية على محمد هكذا: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ … ﴾ (شرح أصول الكافي 7 / 66.). وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزل جبرائيل على محمد صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا: ﴿يا أيها الذين أوتوا الكتب آمنوا بما نزلنا في علي نورا مبينا﴾ (السابق.) . وعن محمد بن سنان عن الرضا عليه السلام قال: ﴿كبر على المشركين بولاية علي ما تدعوهم إليه يا محمد من ولاية علي﴾. هكذا في الكتاب مخطوطة (السابق 5 / 301.) . وعن أبي عبد الله قال: ﴿سأل سائل بعذاب واقع للكافرين بولاية علي ليس له دافع﴾ قال: هكذا والله نزل بها جبرائيل «عليه السلام» على محمد «صلى الله عليه وآله» (انظر: كتاب أصول الكافي 1 / 422 .). وعن أبي جعفر أنه قال: نزل جبرائيل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا: ﴿فبدل الذين ظلموا آل محمد حقهم، قولا غير الذي قيل لهم، فأنزلنا على الذين ظلموا آل محمد حقهم رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون﴾ (السابق 1 / 423 .). وعن أبي جعفر قال: نزل جبرائيل عليه السلام بهذه الآية هكذا: ﴿إن الذين ظلموا آل محمد حقهم لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم﴾ . . ثم قال: ﴿يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم في ولاية علي فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا بولاية علي فإن لله ما في السماوات وما في الأرض﴾ (السابق 1 / 424.).

فهذه الآيات يزعم الشيعة أنها تدلُّ صراحة على إمامة علي «رضي الله عنه»، ولكن أبابكر وعمر «رضي الله عنهما» حرفوها كما تزعم الشيعة. وهاهنا سؤالان محرجان للشيعة:

الأول: ما دام أن أبابكر وعمر قد حرفا هذه الآيات فلماذا لم يقم علي بعد أن صار خليفة للمسلمين بتوضيح هذا الأمر؟! أو على الأقل إعادة هذه الآيات في القرآن كما أنزلت؟! لم نجده «رضي الله عنه» فعل هذا، بل بقي القرآن في عهده كما كان في عهد الخلفاء من قبله، وكما كان زمن النبي (صلى الله عليه وسلم)؛ لأنه محفوظ بحفظ الله القائل: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ ، ولكن الشيعة لا يعلمون.

السؤال الثاني: إن بعض هذه الآيات التي حرفوها لكي يثبتوا لعلي ولايته وإمامته وخلافته تخبرنا صراحة بأن هذا لن يكون!! فتأملوا في الآية التي حرفوها وهي تتكلم عن اليهود ونسبوها للمسلمين! : ﴿فبدل الذين ظلموا آل محمد حقهم قولاً غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا آل محمد حقهم رجزا من السماء بما كانوا يفسقون﴾. فحسب تحريفهم هذه الآية تتكلم عن أمر سيحدث مستقبلاً، وأن علياً يعرف ذلك. و بأي حق يطالب علي وأهل البيت بحقهم الذي اغتصب منهم والقرآن يخبرهم بأن ذلك سيقع؟ وأنه لن يقبل المسلمون من علي ولاية ولا وصاية ولن يكون الخليفة بعد الرسول (صلى الله عليه وسلم)؟! ثم متى وقع الرجز الذي أنزله الله على الذين ظلموا آل محمد حقهم في الخلافة؟! الكل يعلم بأن هذا لم يحدث أبداً ، ولكنه التحريف الساذج المكشوف.

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد..
فإننا نجيب بما يلي:

أولاً: إن ما نسبه إلى الشيعة من الإعتقاد بتحريف القرآن لا مبرِّر له، لأن كتب عقائدهم وتصريحات علمائهم تشهد بخلافه.
أما المحدِّث النُّوري، فقد غرَّته روايات أهل السنة المروية في أصح كتبهم، فألف كتابه المسمى «بفصل الخطاب»، وأورد فيه اثني عشر دليلاً على التحريف، عشرة منها تعتمد على أحاديث أهل السنة، إلا ما شذ وندر .. ودليلان آخران، أخذ قسماً منهما من كتب أهل السنة، والقسم الآخر من روايات الغلاة والملعونين عند الشيعة.
وروايات أخرى وردت للتفسير، مصرِّحة: بأنه تفسير نازل من عند الله ـ كما هو حال الأحاديث القدسية ـ التي ليست قرآناً.
ثانياً: قال هذا السائل: إن الشيعة يعتقدون بأن أبا بكر وعمر هما اللذان توليا تحريف القرآن. ونحن نطالبه بأن يحدد لنا العالم الذي قال ذلك، وأن يدلنا على الكتاب والجزء والصفحة الذي ورد فيه أن الشيعة يعتقدون بأن «أبا بكر وعمر» قد فعلا ذلك!! فنحن لم نسمع بهذا الأمر من قبل!!
ثالثاً: ما قاله المستدل، من أن القرآن الذي بين أيدينا هو نفسه الذي كان في عهد الرسول «صلى الله عليه وآله» صحيح، ولكن أهل السنة يذكرون لنا: أن ترتيب السور في مصحف ابن مسعود غير ترتيبها في مصحف أبي، وغيرها في مصحف زيد، وهكذا..
كما أننا قد قلنا في جواب السؤال رقم 31: إن علياً « عليه السلام » جاءهم بالمصحف الذي كان خلف فراش رسول الله «صلى الله عليه وآله» وكان مرتباً حسب النزول ـ ولعل المراد: أن السور هي التي كانت مرتبة كذلك ـ وقد كتب فيه التنزيل والتأويل، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، وفي من نزلت، ومتى وأين نزلت؟! وغير ذلك..
فرفض الذين استولوا على الأمر بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» هذا المصحف وردُّوه.
فأصبح من الواضح: أن إخراجه للناس من جديد بعد خمس وعشرين سنة سوف يثير القلاقل والبلابل، وسيفسح المجال لأهل الريب لتحريك الفتن، وإثارة الشبهات والشكوك..
علماً بأن القرآن نفسه قد كان بين أيدي الناس، وأن هذه الأمور التي أريد بها التوضيح والتفسير، وزيادة البصيرة لدى الناس بكتاب الله، يمكن بيانها لهم، أو للثقات منهم بصورة تدريجية، وحسب الحاجة، من دون أن يوجب ذلك أي اختلال في الوضع العام، وبذلك يتم تحاشي أي وضع سلبي قد يحاول المغرضون أن يثيروه في المحيط العام..
رابعاً: بالنسبة للروايات التي استشهد بها هذا السائل نقول:
علينا أن نتحدَّث عن كل رواية على حدة، فنقول:

ألف: آية الإشهاد في عالم الذر

بالنسبة لقوله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ … ﴾ 1. وأن محمداً رسولي، وأن علياً أمير المؤمنين.
فيُردُّ على استدلال السائل بما يلي:

  1.  إنها ضعيفة السند 2.
  2. إن إضافة كلمة: وأن محمد رسولي الخ.. لم تضف لتكون جزء من القرآن، بل على أساس توضيح أن الله تعالى قد أنزل على رسوله: أن الشهادة لمحمد « صلى الله عليه وآله » بالرسولية، ولعلي « عليه السلام » بأمرة المؤمنين منذ كان عالم الذر، ولعل هناك أموراً أخرى حصلت أيضاً في ذلك العالم. وإنما ذكرت الآية خصوص الإقرار بالربوبية، لأنه الأهم والأساس على سبيل الإخبار والبيان..
  3. حتى لو فرض أن سند هذه الرواية صحيح، فهي لا تكفي لبناء أمر عقائدي على أساسها، لأن الإعتقاد لا يقوم استناداً إلى خبر واحد.. فكيف إذا كان ضعيفاً؟!

ب: تعزير الرسول وتوقيره

بالنسبة لقوله تعالى: ﴿ … فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ 3. نقول:

  1. إن قوله في الرواية (يعني الإمام) يدلُّ على أن هذه العبارة قد جاءت لتفسير الضمير في كلمة به، ولا تريد أن تقول: « إن كلمة (الإمام) جزء من الآية »..
  2. قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ 3. فظاهر الآيات: أن الضمير في قوله: ﴿ … آمَنُوا بِهِ … ﴾ 3« آمنوا به » راجع للرسول.. لا للإمام « عليه السلام »..

ويؤكد ذلك: قوله تعالى: ﴿ … وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ … ﴾ 3، فإن النور إنما أنزل على النبي « صلى الله عليه وآله »، لا على الإمام « عليه السلام ».. فلعل الباء في قوله: بالإمام من إضافات النساخ. ويكون المعنى: أن الذين آمنوا بالنبي، وخصوصاً الإمام، وعزروه ونصروه الخ.. فإنه « عليه السلام » أعظم الناصرين والموقرين لرسول الله « صلى الله عليه وآله »، وأول المتبعين للنور الذي أنزل معه..

ج: الجبت والطاغوت

أما تفسير المجلسي للمراد من كلمة الجبت والطاغوت بفلان وفلان، فلا يدلُّ على رضاه بمضمون النص، فضلاً عن أن يدلَّ على اعتقاده به، فإن المفسر للنص يفسره بما هو كلام عربي، بغض النظر عن رأيه فيه صحة أو فساداً. كما أن نفس إيراد الرواية في كتاب لا يدلُّ على الإعتقاد بمضمونها.
فما معنى قول السائل: إن كلام المجلسي هذا يدلُّ على أن الشيعة يعتبرون أبا بكر وعمر شيطانين، إذ لا ربط بين الأمرين، فالكليني مجرد ناقل للرواية، والمجلسي مجرد مفسر للمضمون، فكيف صار هذا وذاك دليلاً على اعتقاد الشيعة؟!
فهل يصح أن ننسب إلى البخاري مثلاً: أنه يعتقد أن الفتنة في بيت عائشة، وأن قرن الشيطان يخرج من بيتها، لأنه روى أن النبي « صلى الله عليه وآله » أشار إلى بيت عائشة وقال: « ها هنا الفتنة ـ ثلاثاً ـ من حيث يطلع الشيطان » 4.
وأن ابن أبي الحديد المعتزلي، وهو سني المذهب يعتقد: أن علياً « عليه السلام » هو ألد الخصام، وأن ابن ملجم هو الذي يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله، لأنه روى أن سمرة بن جندب هو الذي وضع الحديث في ذلك 5.

د: ﴿ … لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ … ﴾

وذكر السائل آية: ﴿ … لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ … ﴾ 6. وأن المقصود بها: فلان وفلان.. ونقول:

  1. إن الراوي لهذه الرواية وهو العياشي لم يذكر لها سنداً أصلاً، فهل يصح بناء عقيدة أمة بأسرها على رواية لا سند لها؟! والحال أن الشيعة يشترطون في الأمور الإعتقادية الدليل المفيد لليقين.
  2. أن الأئمة أنفسهم ما زالوا ينهون شيعتهم عن السب والطعن ويقولون لشيعتهم: نزهونا عن السب ولا تكونوا قوماً سبَّابين. فكيف يجتمع هذا النهي مع هذه الروايات الضعيفة، التي تناقض تلك الأوامر؟!

هـ: ﴿ … وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ … ﴾

أما ما روي من أن آية: ﴿ … وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ … ﴾ 7. في ولاية علي وولاية الأئمة من بعده، ﴿ … فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ 7، هكذا نزلت.

فيرد على الإستدلال بها:

  1.  أنها ضعيفة السند أيضاً.
  2. المقصود بنزولها هكذا: هو نزولها مع تفسيرها من عند الله. دون أن يكون تفسيرها هذا قرآناً.. بل يكون على حد الحديث القدسي..

ولهذا نظائر كثيرة، ومنها في مصحف عائشة وغيره موارد كثيرة تضمنت إضافات ليست من القرآن، وقد ذكرنا ذلك في الجواب على السؤال رقم 10، فلا بد من حملها على أنها من التفاسير التي أنزلها الله لبعض آياته..

و: ﴿ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ … ﴾

أما ما روي عن أبي جعفر « عليه السلام »: نزل جبرئيل بهذه الآية على محمد هكذا: ﴿بئس ما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله في علي بغياً﴾..
فنقول:

  1. إن هذه الرواية ضعيفة السند، لأنها من مرويات منخل بن جميل الأسدي. وهو ضعيف فاسد الرواية 8.
  2. إن الرواية أرادت: أن هذه الزيادة تفسيرية. وعلى هذا لا يكون هناك إشكال على المضمون، لأن الزيادة للتفسير، ليست قرآناً.
  3. لا تثبت الأمور العقائدية بخبر الواحد، بل لا بد من تحصيل اليقين بمضمونها.. فكيف إذا كان سندها ضعيفاً!!

ز: إن كنت في ريب مما نزلنا على عبدنا في علي

وعن الرواية التي تقول: وإن كنت في ريب مما نزلنا على عبدنا في علي، نقول:
يرد عليها نفس ما قدمناه في الآية السابقة.

ح: آمنوا بما نزلناه في علي نوراً مبيناً

وأما الرواية التي تقول: آمنوا بما نزلناه في علي نوراً مبيناً، فيرد عليها:

  1. أنه ليس في القرآن آية من هذا القبيل.
  2. إن سندها ضعيف.
  3. إن الأمور العقائدية لا تثبت بخبر الواحد.

ط: كبر على المشركين ما تدعوهم إليه

  1. أما آية كبر على المشركين ما تدعوهم إليه، فيرد على الإستدلال بها:
  2. ضعف سندها.
  3. هي خبر واحد. ولا يعتمد في الأمور الإعتقادية على خبر الواحد، ما لم ينضم إليه ما يؤكد مضمونه ويثبته.
  4. هي رواية تفسيرية..
  5. لعل المقصود بكونها مخطوطة في الكتاب: أنها مكتوبة فيه على سبيل التفسير المزجي، أو أنها مكتوبة في حاشية المصحف على حد ما أراد عمر أن يخطه فيه، حيث أراد أن يكتب بخط يده في حاشية المصحف آية: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة الخ.. كما رواه البخاري وغيره 9.

ي: ﴿ … سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴾

وعن آية: ﴿ … سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرِينَ … ﴾ 10(بولاية علي) ﴿ … لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ﴾ 11نقول:

  1. هي ضعيفة بمحمد بن سليمان الذي يرمى بالغلو، ولا يعول عليه في شيء 12.
  2. وحتى لو كانت الرواية ضعيفة، فليس بالضرورة أن تكون مكذوبة.
  3. إن كان هذا بيان لمورد نزول الآية، للتعريف بأن هذا التوضيح للآية قد جاء به جبرائيل من عند الله. فلا إشكال في مضمون الرواية.
  4. إن الأمور الإعتقادية لا يكتفى فيها بخبر الواحد، ما لم ينضم إليه ما يثبت مضمونه بشكل أكيد.

ك: ﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا … ﴾

وعن آية: ﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا … ﴾ 13(آل محمد حقهم) ﴿ … قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ … ﴾ 13نقول:

  1. إنها ضعيفة السند، بمحمد بن فضيل الأزدي الذي يرمى بالغلو 14.
  2. إن الأمور الإعتقادية تحتاج إلى ما يثبتها بصورة قاطعة، ولا يكتفى فيها بخبر الواحد.
  3. إن من الممكن أن يكون هذا من التفسير النازل من عند الله، أو من التطبيق على المورد، وهذا شائع في النصوص كما قلنا، ولكن لا بد من ثبوت ذلك بصورة صحيحة وقاطعة.
  4. ذكروا: أن هذه الآية نزلت في بني إسرائيل، حين قيل لهم: ﴿ … وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ … ﴾ 15. أي يا ربنا حط عنا ذنوبنا.

فقالوا: حنطة على سبيل الإستهزاء 16.
وعلى هذا، فإن فرض صحة هذه الرواية يكون المراد تشبيه حال هذه الأمة بالأمم السالفة، فإن التبديل والتحريف والاستهزاء قد حصل في كلا الأمتين.
وقد قال السائل: إن هذه الآية تتحدَّث عن أمر لا يمكن أن يحصل، لأنها تقول: فبدَّل الذين ظلموا آل محمد، فهي تخبر عن حصول هذا الظلم والإبعاد قبل حصوله.. فبأي حق يطالب علي بأمر يخبره الله بأنه سيؤخذ منه. وإن المسلمين سوف لن يقبلوه.
ومتى وقع الرجز الذي أنزله الله على الذين ظلموا آل محمد حقهم؟! فإن ذلك لم يحدث أبداً.

ونجيب:

بأن التشبيه والتمثيل لا يجب أن يكون من جميع الجهات، فإذا قلت: زيد أسد، فلا يعني ذلك: أنه أبخر، أو أنه يمشي على أربع.
والتشبيه لهذه الأمة ببني إسرائيل لعله في خصوص التحريف والتبديل لما قيل لهم، ثم الإستهزاء بما قيل.. أما التفاصيل التي ذكرها السائل، فلا مورد لها..
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله.. 17.

  • 1. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 172، الصفحة: 173.
  • 2. مرآة العقول ج 4 ص 370.
  • 3. a. b. c. d. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 157، الصفحة: 170.
  • 4. راجع: صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج 4 ص 46 وراجع ص 92 و 174 وج 5 ص 20 و ج 8 ص 95 وصحيح مسلم ج 8 ص 172 وسنن الترمذي ج 2 ص 257 ومسند أحمد ج 2 ص 1 وعمدة القاري ج 15 ص 30 والعمدة لابن البطريق ص 456 والطرائف لابن طاووس ص 297 والصراط المستقيم ج 3 ص 142 وج 3 ص 164 و ج 3 ص 237 وكتاب الأربعين للشيرازي ص 624 وبحار الأنوار ج 31 ص 639 و ج 32 ص 287 وح 57 ص 234 والمراجعات ص 333 وفتح الباري ج 6 ص147 وقاموس الرجال للتستري ج 12 ص 303 والصراط المستقيم ج 3 ص 237 ووصول الأخيار إلى أصول الأخبار ص 83 والجمل لابن شدقم ص 47 ومناقب أهل البيت للشيرواني ص 471.
  • 5. راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 4 ص 73 وكتاب الأربعين للشيرازي ص 89.
  • 6. القران الكريم: سورة النور (24)، الآية: 21، الصفحة: 352.
  • 7. a. b. القران الكريم: سورة الأحزاب (33)، الآية: 71، الصفحة: 427.
  • 8. رجال النجاشي ج2 ص372.
  • 9. راجع: الثقات لابن حبان ج1 ص239 وصحيح البخاري ج4 ص152 و153 و 115 وسنن الدارمي ج2 ص179 وصحيح مسلم ج5 ص116 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج3 ص334 والمحلى ج11 ص235 و 236 و 237 ومسند أحمد ج1 ص23 و 29 و 36 و 40 و 43 و 55 وج5 ص132 و 183 والمستدرك للحاكم ج4 ص359 و 360 وتلخيصه للذهبي (بهامشه)، والسنن الكبرى ج8 ص212 و213 و211 بعدة أسانيد، والجامع الصحيح ج4 ص38 و39 والمصنف للصنعاني ج7 ص315 و 330 وج5 ص441 وكشف الأستار عن مسند البزار ج2 ص295 والروض الأنف ج3 ص240 والجامع لأحكام القرآن ج2 ص66 وج14 ص113 وسنن أبي داود ج4 ص145 ومسند الطيالسي ص6 وسنن ابن ماجة ج2 ص853 والموطأ ج3 ص42 وإختلاف الحديث للشافعي (بهامش الأم) ج7 ص250 ومجمع الزوائد ج6 ص5 و 6 ومحاضرة الأوائل ص35 والمستصفى ج1 ص121 وفواتح الرحموت (بهامشه) ج2 ص73 ونيل الأوطار ج7 ص254 وأصول السرخسي ج2 ص71 و 79 والبرهان للزركشي ج2 ص35 وراجع ص41 والخلاف ج3 ص175 والتبيان ج1 ص13 والإحكام في أصول الأحكام ج3 ص130 و 140 ومقدمة تفسير البرهان ص43 عن الحاكم، وجامع السيوطي. والإيضاح لابن شاذان ص217 و218 و 219 وفتح الباري ج12 ص104 وج13 ص140 والبحر الزخار ج2 ص244 وجواهر الأخبار والآثار (بهامشه) ج2 ص244 و245 عن الستة إلا النسائي، والإتقان ج1 ص58 وج2 ص26 وراجع ص25 ومحاضرات الأدباء، المجلـد الثـاني ج4 ص433 و 434 وتأويل مختلف الحديث ص313 والكشاف ج3 ص518 عن أبي بن كعب، ومعالم القربة ص278 وأحكام القرآن للجصاص ج3 ص264 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص360 و 361 عن بعض من ذكر، والبيان للخوئي ص220 وتاريخ القرآن للأبياري ص167 وتفسير الميزان ج12 ص113 وعلوم القرآن الكريم ص219 ومناهل العرفان ج1 ص111 والتمهيد في علوم القرآن ج2 ص284 و 285 والفقه على المذاهب الأربعة ج4 ص259 وحياة الصحابة ج2 ص12 وراجع ج3 ص499 وكنز العمال ج5 ص238 ـ 240 وج2 ص366 و 367 و 361 عن بعض من ذكر، وعن العدني، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن الجارود، وأبي عوانة، وابن جرير، والحلية، ومسدد، وابن الأنباري في المصاحف. والدر المنثور ج5 ص179 و 180 وج1 ص106 عن بعض من تقدم، وعن: ابن الضريس، وابن مردويه، وأبي يعلى، ونقل عن أبي عبيد أيضاً. ومشكل الآثار ج3 ص26 وأكذوبة تحريف القرآن ص28 عن بعض من تقدم، وعن: المصنف لابن أبي شيبة ج4 ص564 وج10 ص76 وعن الفرقان للخطيب ص36.
  • 10. القران الكريم: سورة المعارج (70)، من بداية السورة إلى الآية 2، الصفحة: 568.
  • 11. القران الكريم: سورة المعارج (70)، الآية: 2، الصفحة: 568.
  • 12. راجع: رجال النجاشي، ورجال الطوسي وغيرهما.
  • 13. a. b. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 59، الصفحة: 9.
  • 14. رجال الطوسي ص343 و365.
  • 15. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 58، الصفحة: 9.
  • 16. مجمع البيان ج1 ص 236.
  • 17. ميزان الحق.. (شبهات.. وردود)، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1431 هـ. ـ 2010 م.، الجزء الثاني، السؤال رقم (58).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى