ما هي المعرفة؟
المعرفة بمعناها العامّ هي مطلق العلم والإدراك للشيء، محسوسًا كان أم مشهودًا، غيبيًّا كان أو ما ورائيًّا (معقولًا)، وفي التعاطي الفلسفيّ العلميّ المعرفيّ يستعمل بمعنى طبيعة التفكير الّتي ترمي إلى البحث في حقيقة العلم البشريّ وإمكان الحصول على المعرفة بمختلف درجاتها, وخصوصًا اليقينيّة الحقّة ومصادرها، وأساليب تحصيلها من المصادر المعتبرة، ودراسة حقيقة الصدق، والأهمّ من الجميع، تعيين معيار الصدق والكذب وإمكان الاعتماد على الإدراك نظريًّا وعمليًّا، الّذي يسمّى بقيمة المعرفة.
ضرورة التخلّص من عقبات وعوائق المعرفة
وما يهمّنا اليوم هو التخلّص من بعض الموروثات الخاطئة والتعصّب المضرّ الّذي يحجب المرء عن المعرفة الصادقة، ويقصيه عن سبل اليقين؛ فإنّ التحرّر من عبوديّة القبيلة والأفكار المتطرّفة عنصرٌ آخر من عناصر القضاء على الجهل، وهي وسيلةٌ مهمّةٌ لرفع الحجب عن فتح نوافذ البصيرة، وينابيع التعرّف على ما هو جميلٌ و نافعٌ في حقل المعرفة.
إشراقاتٌ معرفيّةٌ
من هنا نجد الإمام الحسين (عليه السلام) قد دعا أعداءه في يوم عاشوراء إلى أن يكونوا أحرارًا، وأن يحاولوا جاهدين أن يتخلّصوا من الدعاية والكذب الّذي لقّنهم بنو أميّة، وجرّهم لارتكاب أكبر خطيئةٍ عرفها التاريخ، وهي قتل ابن بنت النبيّ (صلّى الله عليه وآله) سيّد شباب أهل الجنّة. فقال لهم مناديًا بصوت يسمعه جلّهم: «يا شيعة آل أبي سفيان، إن لم يكن لكم دينٌ وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارًا في دنياكم، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عُربًا كما تزعمون». تُرى! هل هناك آذانٌ واعيةٌ من الأعداء تسمع نداء الإمام الحسين (عليه السلام) في عصرنا الحاليّ، وفي الظروف القاسية الّتي وفّرتها شياطين الكفر والخدعة والنفاق في مختلف أرجاء العالم؟!
هذه الإشراقات النابعة من صدر العلم والمعرفة تكشف عن عمق الجهل ونضوب الوعي لدى القوم، وهذا الخطاب يظهر مستوى انعدام المعرفة وغياب اليقين في قلوب الكثيرين من جيش عمر بن سعدٍ، أجل! فبعد أن أيقن الإمام الحسين (عليه السلام) حجم الجهل والانحراف والتطرّف الّذي طال عقول هؤلاء وقلوبهم وسلوكهم خاطبهم بأن يكونوا أحرارًا حتّى تزرع – من جديدٍ – بذور المعرفة واليقين والعلم في قلوب الأمّة، ويدعوهم إلى الرجوع للقيم الأصيلة، بيد أنّهم لم يحترموا ولم يرعوا حتّى تلك التقاليد والقيم الّتي دأب عليها العرب، بل البشر.
المصدر: https://aldaleel-inst.com/