لقد كان أول التأسيس للدين الخاتم باختيار الله لشخص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والنهاية ستكون باختيار الله الإمام المهدي المنتظر (عج) من أهل بيت رسول الله (ص) ، ليحقِّق العدالة الشاملة ويعمِّم الدين الخاتم في أرجاء العالم بأسره..
في البداية كان رسول الله (ص) ، وفي النهاية سيكون رجلٌ من ذريته وأهل بيته عليهم السلام.
في البداية كان الاختيار بيد الله، ولم يُترك الأمرُ بيد الناس ليتشاوروا ويختاروا.. وفي النهاية كذلك ليس هناك دور للشورى في اختيار المهدي المنتظر..
هذا ما يتفق عليه الفريقان (السنة والشيعة) .. ومن هنا يمكننا النظر إلى هذه الفكرة كقاسم مشترك ننطلق منه إلى التأييد أو التفنيد..
وهذا القاسم المشترك يؤيد ما يذهب إليه شيعة أهل البيت عليهم السلام..
توضيح ذلك: أنَّنا نلاحظ أن الأمر ـ في البدء والختام ـ لم يخرج من بني هاشم، وتحديداً في أهل بيت النبي (ص) .. وهذا يؤيد فكرة أن يكون الأمر باقياً في النطاق نفسه في الفترة ما بين النبي والمهدي كما هي عقيدة شيعة أهل البيت عليهم السلام..
كما نلاحظ أن الأمر ـ في البدء والختام ـ لم يخضع لشورى الناس واختيارهم، بل مضى بأمر الله واختياره.. وهذا يؤيد فكرة أن يكون الأمر بالنص لا بالشورى فيما بين النبي والمهدي كما هي عقيدة شيعة أهل البيت عليهم السلام..
والله الموفق والهادي.. والحمد لله رب العالمين.
[٩:١٢ م، ٢٠١٩/٤/٢٠] محمد: بسم الله الرحمن الرحيم
ما هي الفائدة من الإمام المهدي في عصر الغيبة؟
يتساءل البعض عن الفائدة من الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في عصر الغيبة.. وفيما لي نذكر بعض الفوائد باختصار:
الفائدة الأولى: (حفظ العالم من الانهيار الكوني)
فالمستفاد من روايات أهل البيت عليهم السلام أن وجود الإمام المعصوم هو سبب في حفظ الكون من أن ينهار ويفسد، وقد يكون السبب في ذلك هو أن الإمام المعصوم هو الذي يحقِّق فلسفة الخلقة بعبادته الكاملة، فيجعله الله سبباً لإفاضة الرزق – بكل أشكاله – على العباد المقصِّرين.
وهذه الفائدة لا تتوقَّف على الظهور، بل تتحقَّق حتى مع الغيبة.
الفائدة الثانية: (إفاضة البركة والخير ببركة دعائه سلام الله عليه)
فكما كان دعاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سبباً لنزول السكينة والبركة، فقال الله تعالى: (وصلِّ عليهم؛ إن صلاتك سكنٌ لهم) [التوبة: 103] ، فكذلك الإمام المهدي المنظر (سلام الله عليه) ؛ كونه خليفة رسول الله والقائم مقامه.
وتحقُّق بركات الدعاء لا يتوقف على الظهور، بل يمكن أن يجري في الغيبة أيضاً.
الفائدة الثالثة: (التمييز بين المؤمن وغير المؤمن)
فوجود الإمام وكونه معروفاً اسماً ومقاماً، يجعله معياراً للتمييز بين المؤمن وغير المؤمن، فمن عرفه فآمن به فهو مؤمن، ومن لم يعرفه لم يكن مؤمناً، تماماً كما هو الحال مع جميع المسائل المعرفية في العقيدة الإسلامية، فالفرق بين من عرف الله ومن لم يعرفه يكمن في الإيمان وعدمه، وكذلك هو الفرق بين من عرف النبي ومن لم يعرفه.. وهكذا بالنسبة للإمام المهدي المنتظر..
وهذه الفائدة أيضاً لا تتوقف على الظهور، بل هي متحققة حتى في ظرف الغيبة.
الفائدة الرابعة: (اختبار مستوى الإيمان بسبب الغيبة)
حين يدرك الإنسان أمراً ببعض حواسه الخمس، يسهل عليه الإيمان به، ولكن حين تكون القضية الإيمانية غيبية لا يمكن إدراكها بمشاهدة العين مثلاً، فإن الإيمان بها يكون مزية لأصحاب القلوب النقية؛ ولذلك ذُكر الإيمان بالغيب كأول مزية للمُتَّقين، فقال الله تعالى: (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) [البقرة: 3] .
وكما إن الإيمان بالله وملائكته هو إيمان بالغيب، وكذلك الإيمان برسول الله بالنسبة لمن لم يعاصروه.. فكذلك الإيمان بالإمام المهدي المنتظر، هو إيمان بالغيب.. ولذلك لا يحتمل هذا النوع من الإيمان إلا الذين يتحلون بدرجة من التقوى.. ومن هنا فإن الإيمان بالإمام المهدي هو تمحيص ومعيار لتقييم الذات ومستوى الإيمان.. وهذه فائدة لا تحصل إلا بالغيبة.
الفائدة الخامسة: (الأمل والرجاء وبالتالي دافع الثبات)
حين يشعر الإنسان أن إمامه الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً هو إمام حي يُرزق، وأنه ينتظر أمر الله بالظهور.. وأن هذه اللحظة قد تكون قريبة جداً.. فإن المؤمن بهذه الفكرة يعيش حالة من الأمل والرجاء لرحمة الله وفرجه، فينشط في الدعاء، والدعاء مخ العبادة، ويعيش دوافع الإصلاح؛ لأن المنتظر للمصلح لا بد أن يكون مصلحاً مُحباً للإصلاح والصالحين.. وبهذا لا يعيش حالة اليأس، واليأس مزية الكافرين، بل يكون طموحاً محلِّقاً في سماء من الأهداف النبيلة..
الفائدة السادسة: (سدُّ الطريق في وجه ادعاءات المهدوية الكاذبة)
إن من يعتقد أن إمامه حيٌّ يُرزق، ويعرفه بالاسم والسمات، ولديه اطلاع على علامات الظهور، وينتمي إلى منظومة علمائية (الحوزة العلمية) ، يكون بهذا في مأمن من دُعاة المهدوية المزيفين الذين يظهرون بين الحين والآخر، وينجر وراءهم الذين لم يعتقدوا بالإمام المهدي المنتظر حسب العقيدة الصحيحة.. وكم من مغرَّر به مات تحت راية ضلالة، وهو يحسب أنه يُحسن صُنعاً.. ولو آمن هؤلاء الأغرار بالمهدي المنتظر وعاشوا عقيدة …
[٩:١٢ م، ٢٠١٩/٤/٢٠] محمد: بسم الله الرحمن الرحيم
أهمية تعلُّم الفقه
بقلم: الشيخ زكريا بركات
لماذا ندرس الفقه؟ وإلى أي درجة هي ضروريةٌ دراسةُ الفقه؟ وهل يمكن أن نتخلَّى عن دراسة الفقه؟
هناك عدَّة نقاط إذا التفتنا إليها سنستطيع أن نثبتَ أهمية تعلُّم الفقه وندرك ضرورة ذلك.
النقطة الأولى: إننا نعتقد بأننا عبيد مملوكون لله تبارك وتعالى ، وهو خالقنا ومالك أمرنا.
النقطة الثانية: كل من يكون هو الخالق والمالك فإنَّ له حق الطاعة، كما يحقُّ له أن يُعاقب من يعصي أمره ولا يطيعه.
وفي ضوء هاتين النقطتين يتساءل العقل: ماذا يريد الله منَّا؟ بماذا أمرنا؟ عماذا نهانا؟
النقطة الثالثة: الطريقة الوحيدة للإجابة عن سؤال العقل هي: أن نتعلم الفقه؛ لأن الفقه هو ذلك العلم الذي يعرِّفنا بما أمرنا الله به وبما نهانا عنه..
وبناء عليه يتضح أن الإنسان الذي يهمل الفقه، فإنه يُعرِّض نفسه لعقاب الله والمساءلة بين يدي الخالق والمولى تبارك وتعالى.
وهذا الاستدلال يثبت أهمية دراسة الفقه نظراً إلى دور الفقه في التعرف على ما أمرنا الله به وما نهانا عنه.
وقد ورد في أحاديث أهل البيت عليهم السلام التأكيد والترغيب في دراسة الفقه. وفيما يلي نتعرَّف على بعض تلك النصوص الشريفة:
قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله : (إِنَّهُ [لَـ] يَسْتَغْفِرُ لِطَالِبِ الْعِلْمِ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ، حَتَّى الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ) . (الكافي 1 : 34) .
قال الإمام الباقر عليه السلام : (وَاللَّهِ إِنَّ أَحَبَّ أَصْحَابِي إِلَيَّ: أَوْرَعُهُمْ وَأَفْقَهُهُمْ وَأَكْتَمُهُمْ لِحَدِيثِنَا) . (الكافي 2 : 223) .
قال الإمام الصادق عليه السلام : (يَغْدُو النَّاسُ عَلَى ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ: عَالِمٍ وَمُتَعَلِّمٍ وَغُثَاءٍ، فَنَحْنُ الْعُلَمَاءُ، وَشِيعَتُنَا الْمُتَعَلِّمُونَ، وَسَائِرُ النَّاسِ غُثَاءٌ) . (الكافي 1 : 34) .
الغُثاء: يُقصد به أراذل الناس الذين لا قيمة لهم عند الله تعالى.
قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله : (فَضْلُ الْعِلْمِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ، وَأَفْضَلُ دِينِكُمُ الْوَرَعُ) . (الخصال للشيخ الصدوق 1 : 4) .
قال الإمام السجاد عليه السلام : (لا عِبَادَةَ إِلاَّ بِالتَّفَقُّهِ) . (الكافي 8 : 234) .
قال الإمام الباقر عليه السلام : (تَفَقَّهُوا وَإِلاَّ فَأَنْتُمْ أَعْرَابٌ) . (المحاسن 1 : 228) .
قال الإمامان الباقر والصادق عليهما السلام : (لَوْ أُ تِيتُ بِشَابٍّ مِنْ شَبَابِ الشِّيعَةِ لا يَتَفَقَّهُ لأَدَّبْتُهُ) . (المحاسن 1 : 228) .
قال الإمام الباقر عليه السلام يحكي كلام أبي ذر رضي الله عنه: (يَا مُبْتَغِيَ الْعِلْمِ؛ إِنَّ قَلْباً لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْعِلْمِ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ لا عَامِرَ لَهُ) . (المحاسن 1 : 228) .
والحمد لله رب العالمين.