قال أمير المؤمنين عليه السلام : (امْشِ بِدَائِكَ مَا مَشَى بِكَ)([1]).
الباحث: محمد حمزة الخفاجي
قال أمير المؤمنين عليه السلام : )امْشِ بِدَائِكَ مَا مَشَى بِكَ)[1].
والمعنى إن الإنسان إذا أصابه مرض فلا يستلقي على الفراش بل عليه اخفاؤه لكي لا يؤثر المرض على حياته الاجتماعية لأن أغلب الأمراض تتأثر بالحالة النفسية فإذا طابت النفس طاب الجسد قال الصادق (عليه السّلام) « ما ضعف بدن عما قويت عليه النية »[2]، فمن قويت عزيمته وأصرَّ على مقاومة المرض سهل الله له أمره والعكس فمن كسل وبانَ فيه الضعف اشتد مرضه.
جاء في معارج نهج البلاغة عن قوله (عليه السلام): \امش بدائك ما مشى بك\ أي امش في صورة الاصحّاء مع علَّتك، ولا تضع جنبك على الفراش، وذلك راجع إلى اخفاء المرض، كما قال النبي (صلى الله عليه وآله): (من كنوز اللَّه كتمان الصدقة والمصيبة) . والفائدة الطبيّة في ذلك انّ اخفاء المرض معاونة للطبيعة على دفع المرض ، فانّه نوع تجلَّد ، والتجلَّد يكون اعانة الطبيعة وتقويتها، ومن الأمراض أمراض تحلَّل الحركات الجسمانيّة موادّها ، فلذلك قال : امش بدائك ما مشى بك [3].
وعنه (عليه السلام) أنه قال : (لا تضجع ما استطعت القيام من العلة)[4].
والغاية من ذلك أن الإمام (عليه السلام) ينصح بعدم تناول الدواء الا عند الضرورة لأن كثرة الدواء غير صحيح إذ فيها مضرة على الجسد، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (تجنب الدواء ما احتمل بدنك الداء، فإذا لم يحتمل الداء فالدواء)[5].
أي ان الدواء يكون في الأوقات التي يحتاجها الانسان كالألم الذي لا يقدر الانسان على تحمله وكذلك بعض الأمراض التي تستوجب العجلة في التداوي وهي التي بتركها تسبب هلاك الانسان فهنا يلزم المداواة.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( إن نبيا من الأنبياء مرض فقال : لا أتداوى حتى يكون الذي أمرضني هو الذي يشفيني ، فأوحى الله إليه : لا أشفيك حتى تتداوى فإن الشفاء مني )[6].
عن محمد بن يحيى، عن علي بن إبراهيم الجعفري، عن حمدان بن إسحاق قال: (كان لي ابن ، وكان تصيبه الحصاة . فقيل لي : ليس له علاج أن تبطه، فبططته ، فمات . فقالت الشيعة: شركت في دم ابنك . قال : فكتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر ، فوقع \ صلوات الله عليه – يا أحمد ، ليس عليك فيما فعلت شيء ، إنما التمست الدواء ، وكان أجله فيما فعلت )[7].
والخلاصة: ليس كل مرض يحتاج الى دواء، فبعض الأمراض تزول بالحركة فالحركة تنشط الجسم وتعطي مناعة للإنسان، فإذا كان الإنسان قادراً على الشفاء من غير دواء فهو أصلح له من التداوي بالعقاقير التي تسبب أذى للجسم، روي عن الكاظم ( عليه السلام ) : ( ادفعوا معالجة الأطباء ما اندفع الداء عنكم فإنه بمنزلة البناء قليله يجر إلى كثيره )[8].
والحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
الهوامش:
[1] – نهج البلاغة، الحكمة: 27.
[2] – الوافي، ال
[3]- معارج نهج البلاغة – علي بن زيد البيهقي ، ص403
[4]- ميزان الحكمة – محمد الريشهري . ج2 ، ص941 . التسرع في تناول الدواء
[5]- مكارم الأخلاق – الشيخ الطبرسي ، ص362 .
[6]- وسائل الشيعة (ال البيت) الحر العاملي ، ج2 ، ص410 ، ح7 .
[7]- بحار الانوا – العلامة المجلسي .ج59 ، ص68 ، ح22
[8]- ميزان الحكمة – محمد الريشهري ، ج2 ص940 . التسرع في تناول الدواء.
المصدر: http://inahj.org