عدم استخدام الائمة من أهل البيت (عليهم السَّلام) للولاية التكوينية إدعاء باطل، و لقد استخدم الأئمة (عليهم السَّلام) الولاية التكوينية ـ حسب ما نعرف ـ في نطاق محدود لإسباب نشير إليها و بحسب الضرورة التي يرونها فيما يتعلق بنصرة الدين و هداية البشر و فيما يخدم المصالح العامة بحسب الحكمة الإلهية.
و من أمثلة استخدام الأئمة (عليهم السَّلام) للولاية التكوينية قضية رد الشمس للإمام امير المؤمنين (عليه السَّلام) و مباشرة الامام علي بن الحسين (عليه السَّلام) دفن أبيه الامام الحسين (عليه السَّلام) و شهداء الطف و حضوره الى كربلاء في فترة زمنية محدودة رغم وجوده في سجن الكوفة آنذاك، و حضور الامام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام) لدى احتضار والده الامام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام) لساعات في خراسان حال كونه آنذاك في المدينة، إلى غيرها.
و من الواضح أن الذي يحدد وقت استخدام هذه الولاية إنما هو شخص المعصوم (عليه السَّلام) الذي منحه الله عَزَّ و جَلَّ هذه المقدرة لما يتمتع به من جدارة لتحمل هذه المسؤولية الخطيرة فالامام أعلم بالأوقات التي تستحق إعمال تلك الولاية.
و لا بُدَّ أن يُعلم بأنه ليس معنى وجود الولاية التكوينية للامام (عليه السَّلام) ضرورة إعمال هذه الولاية من قِبَله (عليه السَّلام) في كل موقف صعب و حرج يقع فيه الامام (عليه السَّلام) ـ حسب ما قد يتصوره البعض ـ فالأئمة (عليهم السلام) ينأون عن استعمال هذه القدرة التي منحها الله عَزَّ و جَلَّ إيَّاهم في شؤونهم الخاصة من المأكل و المشرب أو في دفع ما يتعرضون له من المشاكل و البلايا و المصائب، فهم رغم امتلاكهم هذه القدرة يصبرون على بلاء الدنيا و مكروهاتها.
ثم أن من أسباب الاستفادة المحدودة لهذه الولاية من قِبَل الائمة (عليهم السَّلام) أنهم لا يريدون أن يجبروا الناس على الاعتراف بهم و الاستسلام لأوامرهم مكرهين و مغلوبين على أمرهم، بل يريدون من الناس ان تكون هدايتهم عن طريق الاختيار و الاقتناع، فلو إستعمل الإمام (عليه السَّلام) ولايته في كل موقف لصار الناس مجبورين على إتباع الامام و أصبحوا مسلوبي الاختيار، الأمر الذي يخالف عقيدة العدل عندنا.