تمهيد
يقول الإمام الخميني قدس سره: “إن الأيدي التي تريد أخذ ثرواتكم منكم ونهبها، ومصادرة كل ما تملكون من خيرات سواء فوق الأرض أو تحتها، إن هذه الأيدي لا تسمح باتّحاد إيران مع العراق، ولا إيران مع مصر، ولا إيران مع تركيا…، يريدون ألاّ تتحقق وحدة الكلمة”1.
في الوقت الذي كانت الأمة الإسلامية في حالة من الاحتضار على كل مستوياتها، قامت ثورة ميمونة مباركة، قام بها شعب أعزل بقيادة العالم الزاهد الشجاع القائد السيد روح الله الموسوي الخميني قدس سره في إيران، والتي كانت مرتعاً للمخابرات الأجنبية ولا سيما الأمريكية والصهيونية، وأرضا مسلوبة الخيرات مسخرة لتنفيذ المآرب الكبرى لقوى الاستكبار العالمي وأذنابه من الحكام الذين باعوا ضمائرهم وشعوبهم ليصبحوا مجرد أداة بيد أسيادهم الإمبرياليين الطامعين بالسيطرة على مقدرات العالم.
الثورة الإسلاميّة والوحدة الإسلاميّة
إنّ قيام الثورة الإسلاميّة المباركة أحبط الكثير من المؤامرات، وأهمها التي كانت تحاك لتوسعة الشق الكبير في الأمة الواحدة، فلطالما كانت التفرقة بين مذاهب الأمة من الأساليب الدنيئة التي ينتهجها العدو الطامع للسيطرة على الأمم الأخرى، فقاعدة فرّق تسد تاريخياً لم يخل عهد ولا زمان من رموز انتهجت هذه القاعدة كأسلوب ناجح تتوصل به إلى الهيمنة في بعض الأحيان، ولاستتباب الهيمنة في موارد أخرى، فإن السيطرة على أمة ممزقة، ومتكالبة على أطرافها، غافلة عما يحاك لها أمر في غاية البساطة ولا يكلف العدو إلا أن يتكلف عناء جني الثمر.
ونتيجة وعي الإمام الخميني قدس سره في تلك الفترة لخطورة الأمر على الأمة، فقد ركز في الكثير من توجيهاته وخطاباته على مسألة الوحدة الإسلامية، ولم يأل جهداً في تذكير الأمة دائما بخطر الاختلاف والتشرذم.
خطر التفرّق
لو دققنا النظر في ما يجلبه التفرق من المخاطر على الأمة لألفيت كل أفراد الأمة يتحملون المسؤولية في الحفاظ على توحدها وعدم حصول النزاعات فيها، فالمشكلة الأساسية هي في عدم الوعي لدى الكثيرين بأن هذه الإختلافات لا تستدعي نزاعا ولا الملاحاة بين أفرادها، هذا الأمر سهل العلاج نسبة للخطورة الكبرى المتمثلة في الرؤوس الكبيرة المسيطرة على مراكز المسؤولية فيها فهم واعون كل الوعي لهذه المؤامرة الكبرى التي تحاك في الليل والنهار، ورغم هذا فإنهم لا يهبون لمقارعة هذا المشروع الخطر على حاضرها ومستقبلها، ويخلص الإمام قدس سره في نهاية المطاف إلى تشخيص مكامن الخطر على الأمة في مشكلتين أساسيتين يقول قدس سره: “إننا نعلم، وكذلك المسلمون، بل المهم أن الحكومات الإسلامية تعلم أيضاً، أن ما لحق ويلحق بنا ناتج عن مشكلتين:
الأولى: الاختلاف بين الدول:
هي المشكلة بين الدول ذاتها، حيث لم تتمكّن حتى الآن – ومع الأسف – من حلها، وهي مشكلة الاختلاف في ما بينهم. ويعلمون أن سبب جميع مصائب المسلمين هي هذه الاختلافات، ونحن تحدثنا عن هذا الموضوع منذ ما يقرب من عشرين سنة، وقلنا وكتبنا ودعونا قادة هذه الدول للاتحاد، ولكن مع الأسف لم يحصل شيء حتى الآن.
والمشكلة الثانية: الحكومات والشعوب:
هي مشكلة الحكومات مع شعوبها, فنرى أن الحكومات تعاملت معها بحيث أن الشعوب لم تعد سنداً للحكومات، وبسبب عدم التفاهم بين الطرفين فإن الشعوب لا تساهم في حل المشاكل التي تواجه الحكومات، والتي يجب رفعها بيد الشعوب، فتقف الشعوب موقف اللامبالاة، هذا إن لم تزد في مشاكل الدول”2.
وقبل أن نسلط الضوء على نقاط القوة التي يمكن للمسلمين الالتفاف حولها والتمسك بها، لا بد وأن نلقي نظرة على الإسلام نفسه وما هو الموقف الإسلامي من مسألة التوحد بين المسلمين؟
موقف الإسلام من الوحدة
لا شك في أن الاختلاف في الرأي موجود بين فئات المسلمين، وهذا لا يشكل خطورة بنفسه، وإنما الخطورة في أن يتحول الاختلاف إلى عداوة والحوار إلى حرب، فحقيقة الحوار تختصر بأن لا يتحول الإختلاف بيننا وبين الآخر إلى عداوة، وهذا لبُّ الأمر الذي يغفل عنه الكثيرون في هذه الأيام، فينجر بعض الناس من هذا المذهب أو ذاك للتعنيف أو التكفير خلافاً لما أراده الإسلام من غرس الأخوة بين المؤمنين به، وما المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار إلا نموذج إنساني حضاري شاخص في تاريخنا يقول لنا تعالوا إلى سعة صدر الإسلام ورحابته التي تسع المسلمين على اختلاف وجهات نظرهم وفكرهم وطرقهم، ولهذا يؤكد الإمام الخميني قدس سره على أن مسألة الوحدة بين المسلمين ليست مسألة نستنسبها أو نراها مفيدة لنا في الظرف الحالي، بل هي أمر إلهي بكل ما للأمر الإلهي من معنى، يقوله: “يجب أن نكون يقظين، وأن نعلم أن هذا الحكم ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾3، هو حكم إلهي، إنهم إخوة، وليست بينهم حيثية غير الأخوّة، وإننا مكلفون جميعاً بالتعامل كالإخوان. إن هذا حكم سياسي؛ فلو كانت الشعوب الإسلامية البالغ عدد أفرادها مليار مسلم تقريباً، لو كانوا إخوة في ما بينهم، ويتعاملون بأخوّة، فإنه سوف لا يلحق بهم أي ضرر، ولا تتمكن أي قوة عظمى من الاعتداء عليهم. فانتبهوا لهذا المعنى أيها الأخوة.
توجد مجموعة من المسلمين شيعة وأخرى سنة، مجموعة حنفية وأخرى حنبلية وثالثة إخبارية، أساساً لم يكن صحيحاً أبداً طرح هذا المعنى منذ البداية؛ يجب أن لا تطرح مثل هذه المسائل في ذلك المجتمع الذي يهدف فيه الجميع إلى خدمة الإسلام، وأن يكونوا لأجل الإسلام. كلنا جميعاً إخوة، ويقف بعضنا إلى جانب بعض. غاية الأمر أن علماءكم، مجموعة منهم أعطوا فتوى لشيء، وأنتم قلّدتموهم، فأصبحتم حنفيين، بينما عمل قسم آخر بفتوى الشافعي وعمل قسم ثالث بفتوى الإمام الصادق، وصار هؤلاء شيعة. فهذه ليست دليلاً على الاختلاف، يجب أن لا نختلف مع بعضنا، وأن لا يكون بيننا تضاد؛ فكلنا إخوة.
يجب أن يحترز الأخوة السنة والشيعة عن أي اختلاف. إن اختلافنا اليوم هو فقط لصالح أولئك الذين لا يعتقدون بالمذهب الشيعي ولا بالمذهب الحنفي ولا بسائر الفرق الأخرى. إنهم يريدون أن لا يكون هذا ولا ذاك، ويعتقدون أن السبيل هو في زرع الفرقة بيننا وبينكم.
يجب أن ننتبه جميعاً إلى هذا المعنى، وهو أننا جميعاً مسلمون، وكلنا من أهل القرآن ومن أهل التوحيد، وينبغي أن نبذل جهدنا من أجل القرآن والتوحيد وخدمتهما”4.
مراكز التوحّد في الإسلام
هناك نقاط تجمع المسلمين، نقاط يتفق عليها كل المذاهب: الله سبحانه تعالى، والنبي الأكرما، والقرآن الكريم، والحج وو…..
تتفق المذاهب الإسلامية جميعا حول الكثير من المسائل، وما يجمعها أكثر مما يفرقها، ولو أرادت الإجتماع حول ما يجمع لوجدت نفسها أقوى الأمم على الإطلاق. إن إثارة نقاط الخلاف في ما بينها هي العمل الأكبر الذي تقوم بها القوى الكبرى المسيطرة، وتسخر له الكثير من الوسائل الدعائية والإعلامية، والأبواق والأقلام المأجورة، فلماذا نترك هذا الكم الهائل مما يجعلنا الأمة الأكثر تماسكا لنتلهى ببعض ما يشتتنا ويجعلنا أمماً متفرقة؟
يقول الإمام الخميني قدس سره: “إن الذين يدّعون الإسلام، ويسعون من أجل زرع الفرقة والتنازع لم يجدوا ذلك الإسلام الذي كتابه القرآن، وقبلته الكعبة، ولم يؤمنوا بالإسلام. إن الذين آمنوا بالإسلام إنما هم الذين يقبلون القرآن ومحتوى القرآن الذي يقول ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾5 فيلتزمون بكل ما تقتضيه الأخوّة. تقتضي الأخوة أن يتأثر جميع الإخوان أينما كانوا إذا ألمّت بكم مشكلة، وأن يفرحوا جميعاً لفرحكم”6.
ويقول حول وسائل الإعلام التي تروج للمسائل الخلافية بين المذاهب الإسلامية: “إنهم يحاولون عبثاً زرع الفرقة. إن المسلمين أخوة في ما بينهم ولا يتفرقون من خلال الإعلام السيئ لبعض العناصر الفاسدة. أصل هذه المسألة وهي الشيعة والسنة، أن السنة في طرف والشيعة في طرف آخر، قد وقعت بسبب الجهل والإعلام الذي يمارسه الأجانب، مثلما نلاحظ بين الشيعة أنفسهم وجود أشخاص مختلفين في ما بينهم، يحارب أحدهم الآخر، ووقوف طائفة ضد أخرى بين نفس الإخوة أهل السنة.
جميع طوائف المسلمين تواجه اليوم قوى شيطانية تريد اقتلاع جذور الإسلام. هذه القوى التي أدركت أن الشيء الذي يهددها هو الإسلام، وأن الشيء الذي يهددها هو وحدة الشعوب الإسلامية.
على جميع المسلمين في كل بلدان العالم أن يتحدوا اليوم في ما بينهم، لا أن تقف طائفة هنا وتطرح نفسها، وتقف طائفة أخرى في مكان آخر وتطرح نفسها أيضاً”7.
وسنتحدث عن بعض مراكز الوحدة التي يمكن للمسلمين استغلالها بشكل كبير ليرتقوا معاً إلى المكان الذي أرادهم الله تعالى أن يكونوا فيه:
1- الحج والوحدة الإسلامية:
“الحج هو تنظيم وتدريب وتأسيس لهذه الحياة التوحيدية، والحج هو ميدان تجلي عظمة طاقات المسلمين واختبار قواهم المادية والمعنوية.
الحج كالقرآن، ينتفع منه الجميع، ولكن العلماء والمتبحّرين والعارفين بآلام الأمة الإسلامية، إذا فتحوا قلوبهم لبحر معارفه، ولم يرهبوا الغوص والتعمق في أحكامه وسياساته الاجتماعية، فسيصطادون من أصداف هذا البحر جواهر الهداية والوعي والحكمة والرشاد والتحرر، ولارتووا من زلال الحكمة والمعرفة إلى الأبد”8.
الحج فريضة إلهية لها أبعاد توحيدية كبيرة، وهو مؤتمر كبير يجمع المسلمين من كل الأقطار، وكما يقول الإمام الخميني قدس سره، إنه لا تقدر أي دولة في العالم أن تنظم هكذا مؤتمر حاشد يوحد بين أصحاب المذاهب المختلفة في مناسك متحدة نحو قبلة واحدة وبيت واحد، في طاعة إله واحد مستنّين بسنة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، يقول قدس سره: “الآن وبينما يتوجه مسلمو الدول المختلفة في العالم إلى كعبة الآمال وحج بيت الله الحرام وإقامة هذه الفريضة الإلهية العظيمة والمؤتمر الإسلامي الكبير، في أيام مباركة ومكان مبارك، فإنه يجب على المسلمين المبعوثين من قبل الخالق تعالى أن يستفيدوا من المحتوى السياسي والاجتماعي للحج إضافة إلى محتواه العبادي، ولا يكتفوا بالظاهر. فالكل يعلم أن أي مسؤول وأية دولة لا يمكنها إقامة مثل هذا المؤتمر العظيم، وهذه هي أوامر الباري جل وعلا التي أدت إلى انعقاد هذا المؤتمر. ومع الأسف فإنّ المسلمين على طول التاريخ لم يتمكنوا من الاستفادة بشكل جيد من هذه القوة السماوية والمؤتمر العظيم لصالح الإسلام والمسلمين”9.
ولأجل ما في الحج من القدرة على التوحيد بين المسلمين فمن هنا علينا أن نسعى بكل طاقاتنا لاستثمار هذه الفرصة التي تمر علينا في كل عام مرة، لتوحيد المسلمين وتحديد الخطر الذي يواجههم جميعاً للتعاضد والتكاتف في مواجهته، يقوله: “ومن جملة الوظائف في هذا الاجتماع العظيم دعوة الناس والشعوب الإسلامية إلى وحدة الكلمة وإزالة الاختلافات بين طبقات المسلمين، ويجب على الخطباء والكتّاب المساهمة في هذا الأمر المهم وبذل الجهد من أجل إيجاد جبهة المستضعفين، فيمكن – من خلال وحدة الجبهة، واتحاد الكلمة، وشعار لا إله إلا الله – التخلص من أسر القوى الشيطانية للأجانب والمستعمرين والمستغلين، والتغلب على المشاكل من خلال الأخوة الإسلامية”10.
2- الوحدة الإسلامية والجهاد:
لا شك أن وحدة العدو الذي يواجهه المسلمون من أهم المسائل التي تلزمنا بالاتحاد ونفي الاختلاف، فقد توحد الأعداء ليطالوا هذه الأمة المتشرذمة بشكل أفضل كما نراه اليوم في الحروب التي يقوم بها الإستكبار العالمي على البلدان الإسلامية محاولاً الاستفراد بكل بلد منه على حدة ثم ينتقل منه إلى آخر، فإذا اتحدت الأمة وكانت صفاً واحداً شكلت بذلك سداً منيعاً يخلق الرعب في نفوس الأعداء يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾11. وقد أكد الإمام الخميني قدس سره على هذه المسألة في الكثير من الخطابات التي توجه بها للعالم الإسلامي، يقول قدس سره: “في مرحلة هجوم القوى الكبرى على البلدان الإسلامية مثل أفغانستان وقتل المسلمين الأفغانيين دون رحمة وبوحشية لمعارضتهم تدخل الأجنبي في مقدراتهم، أو أمريكا الضالعة في كل فساد، ومع الهجوم الشامل الذي تشنه إسرائيل المجرمة على المسلمين في فلسطين ولبنان العزيز، ومع تنفيذ المشروع الإسرائيلي الإجرامي الرامي إلى نقل عاصمتها إلى بيت المقدس وتوسيع جرائمها ومذابحها الوحشية بين المسلمين المشردين من أوطانهم، وفي هذا الوقت الذي يحتاج فيه المسلمون أكثر من أي وقت آخر إلى وحدة الكلمة، يعمد عملاء قوى الاستكبار في مركز القوة في بلاد المسلمين، إلى التفرقة بين المسلمين، ولا يألون جهداً في ارتكاب كل جريمة على هذا الطريق، يأمر بها سيّدهم.
إن هجوم أمريكا المتوالي على ايران وإرسال الجواسيس لإسقاط ثورتنا الإسلامية، ولإيجاد الاختلاف، وبث دعايات السوء والأكاذيب والافتراء على القائمين بأمر الحكومة الإسلامية، كلها من نسيج واحد.
على المسلمين أن يتنبّهوا إلى خيانة هؤلاء العملاء لأمريكا بالإسلام والمسلمين”12.
مخاطر على طريق الوحدة
1- القومية بالمعنى السلبي:
من الطبيعي أن يعمل العدو الذي يتربص بالأمة ليل نهار لبثّ الفرقة فيها، ومن أهم المسائل التي حذرنا الإمام الخميني قدس سره منها هي مسألة القومية بالمعنى السلبي، أي القومية في مواجهة الآخر من نفس الأمة، كمسألة العرب والعجم من المسلمين أنفسهم، وقد أستطاع العدو أن يجيّش في هذا الإطار بعض الأدوات التي تفعل هذا الأمر وقد نجح في أكثر من مرة في هذا السعي، يقول لنا الإمام الخميني قدس سره: “من المسائل التي طرحها المخططون لإيجاد الاختلاف بين المسلمين وهمّ عملاء المستعمرين بنشرها، هي القومية والوطنية، وحكومة العراق تضرم نيرانها منذ سنوات، وانتهجت فئات (أخرى) أيضاً هذا الطريق، جاعلين المسلمين مقابل بعضهم الآخر، وحتى جروهم إلى العداء، غافلين أن حبّ الوطن، وحبّ أهل الوطن وصيانة حدود البلاد مسألة لا نقاش فيها، ورفع شعار القومية أمام الشعوب المسلمة الأخرى مسألة تخالف الإسلام والقرآن الكريم وتعاليم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، والقومية التي تؤدي إلى العداء بين المسلمين والانشقاق بين صفوف المؤمنين مخالفة للإسلام ولمصلحة المسلمين، وهي من حيل الأجانب الذين يؤلمهم الإسلام وتوسّعه”13.
2- أهل الفتنة والتكفيريون:
وهذا ما برز جلياً في أيامنا الحاضرة حيث برزت بعض الجماعات لبث التكفير بين الفرق الإسلامية، وهذا ما كان يحذر منه الإمام الخميني قدس سره دائماً: “أخطر من القومية وأمضّ منها، إيجاد الاختلاف بين أهل السنة والجماعة وبين الشيعة، وبث الدعايات المثيرة للفتنة والعداء بين الأخوة المسلمين. وبحمد الله لا يوجد اختلاف بين الطائفتين في الدولة الإسلامية، ويعيش الجميع متعايشين بودّ وأخوة. وأهل السنة، الذين يعيشون بكثرة في أطراف إيران وأكنافها ولهم علماؤهم ومشايخهم الكثيرون، أخوة لنا ونحن أخوة لهم ومتساوون معهم، وهم يعارضون النغمات المنافقة التي يعزف عليها بعض المجرمين والمرتبطين بالصهيونية وأمريكا. ليعلم الأخوة أهل السنة في البلدان الإسلامية، أن العملاء المرتبطين بالقوى الشيطانية الكبرى لا يريدون خير الإسلام والمسلمين، وعلى المسلمين أن يتبرأوا منهم، وأن يعرضوا عن دعاياتهم المنافقة”14.
نداء الوحدة
حرص الإمام الخميني قدس سره في كل عام على نداء يوجهه إلى حجاج بيت الله الحرام وسماه بنداء الوحدة، يحث فيه المسلمين على نفي الخلافات في ما بينهم، في نداءاته هذه الخلاص للأمة فيما لو عملت بها، ولقد خلدت هذه الكلمات في قلوب المحبين للإسلام، وفي قلب كل حريص على إعلاء رايته، ومن هذه الكلمات يقول قدس سره: “يا مسلمي العالم المؤمنين بحقيقة الإسلام!
انهضوا، وتجمعوا تحت لواء التوحيد وفي ظل تعاليم الإسلام، واقطعوا الأيدي الخائنة للقوى الكبرى عن بلدانكم وخزائنكم الطائلة، وأعيدوا مجد الإسلام، وكفوا عن الاختلافات والأهواء النفسية، فأنتم تملكون كل شيء، اعتمدوا على ثقافة الإسلام، وحاربوا الغرب والتغرّب، وقفوا على أقدامكم، وهاجموا أنصاف المثقفين الذائبين في الغرب أو الشرق، واستعيدوا هويتكم، فأنصاف المثقفين المأجورين أنزلوا المآسي بشعوبهم وبلدانهم، فإن لم تتحدوا ولم تتمسكوا دقيقاً بالإسلام الصحيح فسينزل بكم ما نزل بكم حتى الآن. إن هذا عصر ينبغي أن تضيء الشعوب فيه الطريق لأنصاف مثقفيها، وتنقذهم من الذوبان والضعف أمام الشرق والغرب؛ فاليوم يوم حركة الشعوب، وهي الهادية مَنْ كان يهديها من قبل.
اعلموا أن قدرتكم المعنوية تفوق كل القدرات، وبعددكم البالغ مليار انسان، وبما تملكونه من خزائن طائلة، قادرون على تحطيم جميع القدرات. انصروا الله كي ينصركم”15.
* خط الإمام الخميني (قدس سره)، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- من خطاب له قدس سره حول اتحاد الأمة الإسلامية ودعم فلسطين.
2- من خطاب له قدس سره حول اتحاد الأمة الإسلامية ودعم فلسطين.
3- سورة الحجرات، الآية 10.
4- من خطاب له قدس سره حول اتحاد الأمة الإسلامية ودعم فلسطين.
5- سورة الحجرات، الآية 10.
6- من خطاب له قدس سره حول اتحاد الأمة الإسلامية ودعم فلسطين.
7- من خطاب له قدس سره حول اتحاد الأمة الإسلامية ودعم فلسطين.
8- من كلمة للإمام الخميني قدس سره بعنوان: الحج وأبعاده.
9- من كلمة للإمام الخميني قدس سره بعنوان: الحج وأبعاده.
10- م.ن.
11- سورة الصف، الآية 4.
12- نداء الإمام الخميني إلى حجاج بيت الله الحرام 2 ذي الحجة 1400هـ.ق.
13- نداء الإمام الخميني إلى حجاج بيت الله الحرام 2 ذي الحجة 1400هـ.ق.
14- م.ن.
15- نداء الإمام الخميني إلى حجاج بيت الله الحرام 2 ذي الحجة 1400هـ.ق.