ما هي الموسيقى ؟
لكي نجيب على هذا السؤال إجابة دقيقة لا بُدَّ و أن نعرف أولاً ما هو المراد بالموسيقى بصورة عامة حتى يتسنى لنا معرفة رأي الشرع فيها من خلال النصوص الشرعية و آراء الفقهاء ، و من ثم نناقش هذا الموضوع من الزاوية التي تم السؤال عنها .
إن للموسيقى تعريفان ، تعريف عام و هو كل صوت موزون أو كل نغمة لها إيقاع و تأثير في النفس ، و بإختلاف هذه النغمات يتفاوت التأثير على المستمع لها ، فقد يطرب و قد يحزن و قد ينشط إلى غيرها من التأثيرات المختلفة حسب شدة تلك النغمات و ضعفها ، و حسب قابلية الأفراد و طبائعهم .
و هناك تعريف خاص للموسيقى ، و هو التعريف الفقهي الذي عليه مدار التحريم ، و هو الصوت المشتمل على النغمات و الألحان اللهوية التي تستخدم في الملاهي و مجالس الفساد .
و هذا النوع من الموسيقى هو المحرم شرعاً بناءً على إستنباط الفقهاء المجتهدين من النصوص الشرعية .
أما القول بأن الله عَزَّ و جَلَّ قد أودع هذه الموهبة ( موهبة الموسيقى ) في كثير من الناس و من ثَم استنتاج جواز الاستمتاع بالموسيقى اللهوية تجنباً لعبثية إيداع هذه الموهبة ـ على حد تعبيرك ـ من قبل الله سبحانه و تعالى ، فهذا غير صحيح ، و ذلك لأن الله قد أودع في الإنسان مواهب و قدرات كثيرة غير هذه الموهبة ، و في نفس الوقت لم يسمح له بإستخدامها بصورة مطلقة ، بل حدد موارد استخدامها ، أو موارد عدم استخدامها ، فمنحه مثلاً القدرة على الكلام و النطق ، لكن منعه من الكذب و الفحش و الغيبة و غيرها من المحرمات المرتبطة بالنطق و الكلام ، رغم أن الله عَزَّ و جَلَّ هو الذي أودع في الإنسان القدرة على الكلام ، فواضح أن الإنسان لا يجوز له أن يتكلم بكل ما يريد لوجود القدرة ، أو الرغبة في نفسه إلى ذلك ، بل الجائز هو إستخدام الإنسان قدراته و مواهبه ضمن الأطر و الحدود الشرعية .
و قد رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : ” اسْتِمَاعُ الْغِنَاءِ وَ اللَّهْوِ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْع ” 1 .
- 1. الكافي : 6 / 434 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .