العلامة السيد محسن الأمين العاملي (قده)
قضاياه (ع) في حياة الرسول (ص)
١- في مناقب ابن شهراشوب [١] : عن فضائل احمد [٢] ، عن اسماعيل بن عياش باسناده عن علي(ع):قضى في عهد رسول اللّه(ص) فاعجب رسول اللّه، فقال: الحمد للّهالذي جعل الحكمة فينا اهل البيت [٣] .
قضاياه (ع) في حياة الرسول (ص) وهو باليمن
٢- قال المفيد في الارشاد [٤] : مما جاءت به الرواية في قضاياه والنبي(ص) حي موجود، انه لما اراد رسول اللّه(ص) تقليده قضاء اليمن وانفاذه اليهم ليعلمهم الاحكام، ويبين لهم الحلال من الحرام [٥] ، ويحكم فيهم باحكام القرآن، قال له اميرالمؤمنين(ع): ندبتني [٦] يا رسول اللّه للقضاء و انا شاب ولا علم لي بكل القضاء.
فقال له: ادن مني، فدنا منه، فضرب على صدره بيده، وقال: اللهم اهد قلبه وثبت لسانه.
قال: فما شككت في قضاء بين اثنين بعد ذلك المقام [٧] .
فيمن وقعوا على جارية في طهر واحد
٣- ولما استقرت به الدار باليمن، ونظر فيما ندبه اليه رسول اللّه(ص) من القضاء والحكم بين المسلمين رفع اليه رجلان بينهماجارية يملكان رقها على السواء، قد جهلا حظر وطئها، فوطئاهامعا في طهر واحد [٨] جهلا بالتحريم،فحملت [الجارية] [٩] ووضعت غلاما، فاختصما اليه [١٠] [فيه]، فقرع على الغلام باسميهما فخرجت القرعة لاحدهما، فالحق به الغلام، والزمه نصف قيمته لانه كان عبدا لشريكه، وقال: لو علمت انكما اقدمتما على ما فعلتماه بعد الحجة عليكما بحظره لبالغت في عقوبتكما.
وبلغ ذلك رسول اللّه(ص) فامضاه واقر الحكم به في الاسلام، وقال: الحمد للّه الذي جعل فينا اهل البيت من يقضي على سنن داود(ع) وسبيله في القضاء، يعني به القضاء بالالهام. انتهى [١١] .
٤- وفي مناقب ابن شهراشوب [١٢] : ابوداود [١٣] وابن ماجة [١٤] في سننهما، وابن بطة في الابانة، واحمد في فضائل الصحابة، وابوبكر[١٥] بن مردويه في كتابه، بطرق كثيرة عن زيد بن ارقم انه قيل للنبي(ص): اتى الى علي(ع) باليمن ثلاثة نفر يختصمون في ولد لهم، كلهم يزعم انه وقع على امه في طهر واحد وذلك في الجاهلية.
فقال علي(ع): انهم شركاء متشاكسون، فقرع على الغلام باسمهم فخرجت لاحدهم، فالحق الغلام به واءلزمه ثلثي الدية لصاحبيه، وزجرهما عن مثل ذلك.
فقال النبي(ص) الحمد للّه الذي جعل فينا اهل البيت من يقضي على سنن داود(ع).
فيمن وقعوا في زبية الاسد
٥- قال المفيد [١٦] : ثم رفع اليه (ع) وهو باليمن خبر زبية [١٧] حفرت للاسد فوقع فيها، فغدا الناس ينظرون اليه، فوقف على شفير الزبية رجل فزلت قدمه فتعلق بخر، وتعلق الاخر بثالث، وتعلق الثالث برابع، فوقعوا في الزبية، فدقهم الاسد وهلكوا جميعا، فقضى (ع) بان الاول فريسة الاسد وعليه ثلث الدية للثاني، وعلى الثاني ثلثا الدية للثالث، وعلى الثالث الدية الكاملة للرابع، فانتهى الخبر بذلك الى رسول اللّه(ص)، فقال: لقد قضى ابوالحسن فيهم بقضاء اللّه عز وجل فوق عرشه.
وفي مناقب ابن شهراشوب [١٨] : احمد بن حنبل في المسند [١٩] ، واحمد بن منيع في اماليه، باسنادهما الى حمادبن سلمة، عن سماك، عن حبيش بن المعتمر.
قال: وقد رواه محمد بن قيس، عن ابي جعفر(ع) واللفظ له انه قضى امير المؤمنين(ع) في اربعة نفر اطلعوا على زبية الاسد فخراحدهم فاستمسك بالثاني، واستمسك الثاني بالثالث، واستمسك الثالث بالرابع، فقضى(ع) بالاول فريسة الاسد، وغرم اهله ثلث الدية لاهل الثاني، وغرم اهل الثاني لاهل الثالث ثلثي الدية، وغرم اهل الثالث لاهل الرابع الدية كاملة، وانتهى الخبر الى النبي(ص)بذلك فقال: لقد قضى ابو الحسن فيهم بقضاء اللّه فوق عرشه.
وروى هذه الحكاية ابراهيم بن هاشم في كتاب عجائب احكام اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب صلوات اللّه عليه [٢٠] بما يخالف ما مر، ففي الكتاب المذكور ما لفظه: وعنه اي عن ابراهيم بن هاشم،عن النوفلي، عن السكوني، عن ابي عبداللّه(ع)، قال: بعث النبي(ص) عليا الى اليمن واذا زبية قد وقع فيها الاسد، فاصبح الناس ينظرون اليه ويتزاحمون ويتدافعون حول الزبية، فسقط رجل في الزبية وتعلق بالذي يليه، وتعلق الاخر بالاخر، حتى وقع فيها اربعة، فجرحهم الاسد، وتناول رجل الاسد بحربة فقتله فاخرج القوم موتى، فانطلقت القبائل الى قبيلة الرجل الاول الذي سقط وتعلق فوقه ثلاثة، فقالوا لهم: ادوا دية الثلاثة الذين اهلكهم صاحبكم، فلولا هو ما سقطوا في الزبية.
فقال اهل الاول: انما تعلق صاحبنا بواحد فنحن نؤدي ديته، واختلفوا حتى ارادوا القتال، فصرخ رجل منهم الى امير المؤمنين آوهو منهم غير بعيد فاتاهم ولامهم و اظهر موجدة، وقال لهم: لاتقتلوا انفسكم ورسول اللّه حي وانا بين اظهركم فانكم تقتلون اكثرممن تختلفون فيه، فلما سمعوا ذلك منه استقاموا، فقال: اني قاض فيكم قضاء فان رضيتموه فهو نافذ والا فهو حاجز بينكم من جاوزه فلاحق له حتى تلقوا رسول اللّه(ص) فيكون هو احق بالقضاءمني.
فاصطلحوا على ذلك، فامرهم ان يجمعوا دية تامة من القبائل الذين شهدوا الزبية ونصف دية وثلث دية وربع دية، فاعطى اهل الاول ربع الدية من اجل انه هلك فوقه ثلاثة، واعطى الذي يليه ثلث الدية من اجل انه هلك فوقه اثنان، واعطى الثالث النصف من اجل انه هلك فوقه واحد، واعطى الرابع الدية تامة لانه لم يهلك فوقه احد،فمنهم من رضي ومنهم من كره.
فقال لهم علي(ع): تمسكوا بقضائي الى ان تاتوا رسول اللّه(ص) فيكون القاضي فيما بينكم.
فوافقوا رسول اللّه(ص) بالموقف، فثاروا اليه فحدثوه حديثهم، فاحتبى [٢١] ببرد عليه، ثم قال: انا اقضي بينكم ان شاءاللّه.
فناداه رجل من القوم: ان علي بن ابي طالب قد قضى بيننا.
فقال النبي(ص): ما هو؟ فاخبروه.
فقال: هو كما قضى، فرضوا بذلك. انتهى [٢٢] .
والاختلاف بين ما في هذه الرواية وبين ما في رواية المفيد السابقة و غيرها ظاهر. والظاهر انهما واقعتان، اذ في الرواية الاولى ان الاول زلت قدمه فوقع ولم يرمه احد، فلذلك لم يكن له شيء و عليه ثلث الدية للثاني لتعلقه به وتعلق الثاني بالثالث، وعلى الثاني الثلثان للثالث لتعلقه به و تعلق الثالث بالرابع،و على الثالث دية كاملة للرابع لتعلقه به و عدم تعلق الرابع باحد، وبعد انقاص ما اخذكل واحد مما دفعه يكون قد دفع كل واحد ثلثا فقط للرابع، والرابع لم يدفع شيئا.
وفي هذه الرواية ان المجتمعين تزاحموا وتدافعوا فيكون سقوط الاول بسببهم فكانت له عليهم الدية، لكن سقط عنهم ثلاثة ارباعها من حيث انه سقط فوقه ثلاثة وكان هو السبب في سقوط الاول منهم وسقط عنهم ثلثا الدية للثاني من حيث سقط فوقه اثنان كان هو السبب في سقوط اولهما وسقط عنهم نصف الدية للثالث من حيث سقط فوقه واحد كان هو السبب في سقوطه واعطي الرابع دية كاملة لانه لم يسقط بسببه احد، واللّه اعلم.
القارصة والقامصة والواقصة
٦- قال المفيد [٢٣] : ثم رفع اليه خبر جارية حملت جارية على عاتقها عبثا ولعبا، فجاءت جارية اخرى فقرصت الحاملة فقمصت [٢٤] لقرصتها فوقعت الراكبة فاندقت [عنقها] [٢٥] وهلكت، فقضى(ع) على القارصة بثلث الدية، وعلى القامصة بثلثها، واسقط الثلث الباقي [بقموص الراكبة] [٢٦] لركوب الواقصة [٢٧] عبثا القامصة، وبلغ الخبر بذلك الى رسول اللّه(ص)، فامضاه وشهد له بالصواب.
وفي مناقب ابن شهراشوب [٢٨] ما لفظه: ابوعبيد في غريب الحديث [٢٩] ،وابن مهدي في نزهة الابصار، عن الاصبغ بن نباتة انه قضى علي(ع) في القارصة والقامصة والواقصة، وهن ثلاث جوار كن يلعبن فركبت احداهن صاحبتها فقرصتها الثالثة فقمصت المركوبة فوقعت الراكبة فوقصت عنقها، فقضى بالدية اثلاثا، واسقط حصة الراكبة لما اعانت على نفسها، فبلغ ذلك النبي(ص) فاستصوبه.
وفي النهاية الاثيرية في مادة قرص [٣٠] : في حديث علي انه قضى في القارصة والقامصة والواقصة بالدية اثلاثا هن ثلاث جواركن يلعبن فتراكبن فقرصت السفلى الوسطى فقمصت فسقطت العليافوقصت عنقها فجعل ثلثي الدية على الثنتين، واسقط ثلث العليا لانها اعانت على نفسها.
ثم قال: جعل الزمخشري هذا الحديث مرفوعا وهو من كلام علي(ع). انتهى. وذلك اءن الزمخشري في الفائق [٣١] ارسله عن النبي (ص) [٣٢] .
في قوم وقع عليهم حائط
٧- قال المفيد [٣٣] : وقضى(ع) في قوم وقع عليهم حائط فقتلهم، وكان في جماعتهم امراة مملوكة واخرى حرة، وكان للحرة[ولد] [٣٤] طفل من حر، وللجارية المملوكة ولد طفل من مملوك، ولم يعرف الطفل الحر من الطفل المملوك، فقرع بينهماوحكم بالحرية لمن خرج عليه سهم الحرية منهما، وحكم بالرق لمن خرج عليه سهم الرق [منهما] [٣٥] ، ثم اعتقه وجعله مولاه وحكم به في ميراثهما بالحكم في الحر ومولاه، فامضى رسول اللّه(ص) هذا القضاء وصوبه.
وفي مناقب ابن شهراشوب [٣٦] بعد ذكر خبر القارصة والقامصة والواقصة المتقدم قال: وقضى في قوم وقع عليهم حائط فقتلهم، وكان في جماعتهم امراة مملوكة واخرى حرة، وكان للحرة ولد طفل من حر وللجارية المملوكة طفل من مملوك، فلم يعرف الحر من الطفلين من المملوك، فقرع بينهما و حكم بالحرية لمن خرج سهم الحرية عليه، و حكم في ميراثهما بالحكم في الحرومولاه، فامضى النبي(ص) ذلك. انتهى. وفيه بعض التفاوت عما رواه المفيد [٣٧] .
في فرس نفح رجلا فقتله
٨- في البحار [٣٨] عن كتاب قصص الانبياء [٣٩] :
روى الصدوق عن ابن موسى، عن الاسدي، عن النخعي، عن ابراهيم بن الحكم، عن عمرو بن جبير، عن ابيه، عن الباقر(ع)، قال: بعث النبي(ص) عليا الى اليمن فانفلت فرس لرجل من اهل اليمن فنفح رجل [٤٠] فقتله، فاخذه اولياؤه ورفعوه الى علي(ع) فاقام صاحب الفرس البينة ان الفرس انفلت من داره فنفح الرجل برجله،فابطل علي(ع) دم الرجل، فجاء اولياء المقتول من اليمن الى النبي(ص) يشكون عليا فيما حكم عليهم فقالوا: ان عليا ظلمناوابطل دم صاحبنا.
فقال رسول اللّه(ص): ان عليا ليس بظلام، ولم يخلق علي للظلم،وان الولاية من بعدي لعلي، والحكم حكمه، والقول قوله، لايردحكمه وقوله الا كافر، ولا يرضى بحكمه وولايته الا مؤمن.
فلما سمع الناس قول رسول اللّه (ص) قالوا: يا رسول اللّه، رضينا بقول علي وحكمه.
فقال: هو توبتكم مما قلتم [٤١] .
قضاياه (ع) في حياة الرسول(ص) في غير اليمن
بقرة قتلت حمارا
٩- قال المفيد [٤٢] : وجاءت الاثار ان رجلين اختصما الى النبي(ص) في بقرة قتلت حمارا، فقال احدهما: يا رسول اللّه، بقرة هذا قتلت حماري. فقال: اذهبا الى ابي بكر فاسالاه عن ذلك، فذهبا اليه فقال:
كيف تركتما رسول اللّه وجئتماني؟ قالا: هو امرنا بذلك. قال: بهيمة قتلت بهيمة لا شيء على ربها.
فعادا الى رسول اللّه(ص) فاخبراه، فقال: امضيا الى عمر. فمضيا اليه، فقال: كيف تركتما رسول اللّه وجئتماني؟ قالا: انه امرنا بذلك. قال: كيف لم يامركما بالمصير الى ابي بكر؟ قالا: قد امرنا بذلك وقال لنا كيت وكيت. فقال: ما ارى الا ما راى ابو بكر. فعادا الى النبي فاخبراه، فقال: اذهبا الى علي بن ابي طالب.
فذهبا اليه فقال: ان كانت البقرة دخلت على الحمار في مامنه فعلى ربه [٤٣] قيمة الحمار لصاحبه، وان كان الحمار دخل على البقرة في مامنه [٤٤] فقتلته فلاغرم على صاحبها.
فعادا الى النبي (ص) فاخبراه، فقال: لقد قضى علي بن ابي طالب بينكما بقضاء اللّه، ثم قال: الحمد للّه الذي جعل فينا اهل البيت من يقضي على سنن داود في القضاء.
قال المفيد: وقد روى بعض العامة ان هذه القضية كانت من اميرالمؤمنين(ع) بين الرجلين باليمن، وروى بعضهم حسبما قدمناه. انتهى. ويمكن تعدد الواقعة فاحداهما وقعت باليمن والاخرى بالمدينة.
وفي مناقب ابن شهراشوب [٤٥] ما صورته : مصعب بن سلام، عن الصادق(ع) ان رجلين اختصما الى النبي(ص) في بقرة قتلت حمارا، فقال(ص): اذهبا الى ابي بكر واسالاه [عن ذلك] [٤٦] ، فلما سالاه قال: بهيمة قتلت بهيمة لا شيء على ربها.
فاخبرا رسول اللّه (ص) فاشار بهما الى عمر فقال كما قال ابو بكر.
فاخبرا رسول اللّه (ص) بذلك، فقال: اذهبا الى علي، فكان قوله (ع): ان كانت البقرة دخلت على الحمار في مامنه [٤٧] فعلى ربها قيمة الحمار لصاحبه، وان كان الحمار دخل على البقرة في [٤٨] مامنها فقتلته فلا غرم على صاحبها، فقال رسول اللّه (ص): لقد قضى بينكما بقضاء اللّه.
ورويت هذه الواقعة في كتاب عجائب احكام اميرالمؤمنين(ع) [٤٩] فانه بعد ما قال: وعنه، عن النوفلي،عن السكوني، وذكر حديثا، قال: وعنه انه رفع الى النبي (ص) ان ثورا قتل حمارا على عهد النبي(ص)، فرفع ذلك اليه وهو في رهط من اصحابه فيهم ابو بكر وعمر، فقال النبي(ص): يا ابا بكر، اقض بينهم.
فقال: يا رسول اللّه، بهيمة قتلت بهيمة ما عليها شيء. فقال لعمر: اقض بينهم. فقال مثل مقالة [٥٠] ابي بكر. فقال: يا علي، اقض بينهم. قال: نعم، يا رسول اللّه، ان كان الثور دخل على الحمار [٥١] في مستراحه ضمن اصحاب الثور ثمن الحمار، وان كان الحماردخل على الثور في مستراحه فلا ضمان عليهم. فرفع النبي(ص) يده الى السماء، وقال: الحمد للّه الذي جعل مني من يقضي بقضاء النبيين [٥٢] .
في محرم اوطا بعيره ادحي [٥٣] نعام فكسر بيضها
١٠- في المناقب [٥٤] : في احاديث البصريين عن احمد [٥٥] ، قال [٥٦] معاوية بن قرة عن رجل من الانصار ان رجلا اوطا بعيره ادحي نعام فكسر بيضها، فانطلق الى علي(ع)، فساله عن ذلك، فقال له: عليك بكل بيضة جنين ناقة او ضراب ناقة:
فانطلق الى رسول اللّه(ص) فذكر ذلك له، فقال رسول اللّه(ص) قدقال علي بما سمعت، ولكن هلم الى الرخصة، عليك بكل بيضة صوم يوم او طعام مسكين [٥٧] .
قال المؤلف: فاعل ذلك قد كان حاجا والنبي(ص) قد امضى فيه حكم علي، ولكنه افتى السائل بما هو رخصته وكانه علم انه غيرقادر على غيره. وياتي في قضاياه في امارة عمر نظير هذا.
قضاياه (ع) في امارة ابي بكر
فيمن شرب خمرا ولا يعلم تحريمها
١١- قال المفيد [٥٨] : ومن قضاياه في امارة ابي بكر ما جاء به الخبر عن رجال من العامة والخاصة ان رجلا رفع الى ابي بكر وقدشرب الخمر فاراد ان يقيم عليه الحد، فقال: اني شربتها ولا علم لي بتحريمها، لاني نشات بين قوم يستحلونها، ولم اعلم بتحريمها حتى الان، فارتج [٥٩] على ابي بكر الامر بالحكم عليه، فاشير عليه بسؤال امير المؤمنين(ع) عن ذلك، فارسل اليه من ساله.
فقال(ع): مر رجلين ثقتين من المسلمين يطوفان به على مجالس المهاجرين والانصار يناشدانهم [اللّه] [٦٠] هل فيهم احد تلاعليه آية التحريم [٦١] او اخبره بذلك عن رسول اللّه(ص)؟فان شهد بذلك رجلان منهم فاقم عليه الحد، وان لم يشهد احد بذلك فاستتبه وخل سبيله، ففعل ذلك ابو بكر، فلم يشهد [عليه] [٦٢] احد فاستتابه وخلى سبيله. انتهى.
وفي مناقب ابن شهراشوب [٦٣] : روت الخاصة والعامة ان ابابكر اراد ان يقيم الحد على رجل شرب الخمر، وذكر نحوا مما ذكره المفيد.
وروى الكليني في الكافي [٦٤] ، عن علي، عن ابيه، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن ابي عبداللّه (ع) قال: شرب رجل الخمرعلى عهد ابي بكر فرفع الى ابي بكر، فقال له: اشربت خمرا؟ قال: نعم. قال: ولم وهي محرمة؟ فقال الرجل: اني اسلمت ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمر ويستحلونها، ولو علمت انها حرام اجتنبتها.
فالتفت ابو بكر الى عمر، فقال: ما تقول؟ فقال عمر: معضلة وليس لها ابو حسن [٦٥] . فقال ابو بكر: ادع لنا عليا. فقال عمر: يؤتي الحكم في بيته، فقاما والرجل معهما ومن حضرهما من الناس حتى اتوا امير المؤمنين(ع) فاخبراه بقصة الرجل. فقال: ابعثوا معه من يدور به على مجالس المهاجرين والانصار من كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه، ففعلوا ذلك ولم يشهد عليه احد بانه قرا عليه آية التحريم، فخلى عنه، وقال له: ان شربت بعدها اقمنا عليك الحد.
وفي كتاب عجائب احكامه [٦٦] المقدم ذكره : وحدثني ابي، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن ابي عبداللّه(ع) قال:قضى امير المؤمنين(ع) بقضية ما قضى بها احد كان قبله. وكان اول قضية قضى بها بعد رسول اللّه(ص)، وذلك لما افضى الامر الى ابي بكر اتي برجل قد شرب خمرا.
فقال له ابو بكر: اشربت الخمر؟ فقال الرجل: نعم. فقال: ولم شربتها وهي محرمة؟ فقال: اني اسلمت ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمرويستحلونها، ولم اعلم انها حرام فاجتنبها. فالتفت ابو بكر الى عمر، فقال: ما تقول يا ابا حفص في امره؟ فقال عمر: معضلة وابو حسن لها. فقال ابو بكر: يا غلام، ادع عليا.
فقال عمر: بل يؤتي الحكم في منزله، فاتوه في منزله وعنده سلمان،فاخبروه بقصة الرجل، وقص الرجل عليه قصته. فقال علي لابي بكر: ابعث من يدور معه على مجالس المهاجرين والانصار، فمن كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه، وان لم يكن احد تلا عليه آية التحريم فلا شي ء عليه. ففعل ابو بكر بالرجل ما قال علي(ع) فلم يشهد عليه احد، فخلى سبيله، ثم قرئت عليه آية التحريم. فقال سلمان لعلي(ع): ارشدتهم. فقال: انما اردت ان اجدد تاكيد هذه الاية في وفيهم: (افمن يهدي الى الحق احق اءن يتبع اءم من لا يهدي الا اءن يهدى فما لكم كيف تحكمون) [٦٧] .
ورواه الكليني في الكافي [٦٨] : عن العدة، عن احمد بن ابي عبداللّه، عن عمرو بن عثمان، عن علي بن ابي حمزة، عن ابي بصير،عن ابي عبداللّه(ع)، مثله [٦٩] .
هذا ما وصل الينا وجمعناه من عجائب قضايا مولانا امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) واحكامه ومسائله الغامضة. وكان الفراغ من جمعه سنة ١٣٦٤. وكتب بيده الفانية الفقير الى عفوربه الغني محسن الحسيني العاملي غفر اللّه له ولوالديه، وذلك بمنزلي في دمشق الشام في محلة الامين، والحمد للّه وحده، وصلى للّه على رسوله محمد وآله وسلم…
———————————————————————————–
[١] . ٢/٣٥٥.
[٢] . فضائل الصحابة: ٢/٦٥٤ ح ١١١٣ (فضائل امير المؤمنين لاحمد: ١٦٨ ح ٢٣٥).
[٣] . مناقب علي بن ابي طالب (ع) لابن المغازلي: ٢٨٨ ح ٣٢٩، ذخائر العقبى: ٢٠ و ٨٥،الرياض النضرة: ٣ / ١٦٩ ١٧٠، جواهر المطالب: ١/٢٠٧، احقاق الحق: ٨/٤٧، بحارالانوار: ١٠٤/٤١٢ ح ١٩، ينابيع المودة: ١/٢٢٥ ح ٥٤.
[٤] . ١/١٩٤.
[٥] . كذا في المصدر، وفي الاصل: الحلال والحرام.
[٦] . في المصدر: تنفذني.
[٧] . مسند الامام زيد: ٢٦٢، مسند ابي داود الطيالسي: ١٩، الطبقات الكبرى: ٢/٣٣٧،المصنف لابن ابي شيبة: ١٠/١٧٦ ح ٩١٤٧، مسند احمد بن حنبل: ١/٨٣ و٨٨ و١١١و١٣٦ و١٤٩، فضائل الصحابة م لاحمد: ٢/٥٨٠ ح ٩٨٤ وص ٦٤٦ ح ١٠٩٦، سنن ابي داود: ٣/٣٠١ ح ٣٥٨٢، سنن ابن ماجة: ٢/٧٧٤ ح ٢٣١٠، انساب الاشراف: ٢/١٠٠ آ١٠٢ ح ٣٢ و٣٣، مناقب امير المؤمنين علي (ع) لمحمد بن سليمان الكوفي: ٢/٦٠٥ح ١١٠٤، خصائص النسائي: ٩١ ٩٧ ح ٣٢ ٣٧، اخبار القضاة لوكيع: ١/٨٤ ٨٨،مسند ابي يعلى الموصلي: ١/٢٦٨ ح ٣١٦ وص ٣٢٣ ح ٤٠١، المستدرك على الصحيحين: ٣/١٣٥، حلية الاولياء: ٤/٣٨١ ٣٨٢، السنن الكبرى للبيهقي: ١٠/٨٦و١٤٠ و١٤١، دلائل النبوة للبيهقي: ٥/٣٩٧، تاريخ بغداد: ١٢/٤٤٤، مناقب علي بن ابي طالب (ع) لابن المغازلي: ٢٤٨ ٢٥٠ ح ٢٩٦ ٢٩٩، المقنع في الامامة: ٨١،مصابيح السنة: ٣/٢٤ ح ٢٨١٦، المناقب للخوارزمي: ٨٣ ح ٧١، ترجمة الامام علي (ع)من تاريخ مدينة دمشق: ٢/٤٩٠ ٤٩٧ ح ١٠١١ ١٠١٨، الخرائج والجرائح: ١/٥٣ح ٨٣، مناقب ابن شهراشوب: ١/٨٤، وج ٢/١٢٩، تذكرة الخواص: ٤٤، كشف الغمة:١/١١٤، المستجاد: ١١٩، فرائد السمطين: ١/١٦٧ ح ١٢٩، تهذيب الكمال: ٢٠/٤٨٥،البداية والنهاية: ٥/١٠٧، جواهر المطالب: ١/٢٠٤ و٢٠٥، الصواعق المحرقة: ١٢٣،كنز العمال: ١٣/١١٣ ح ٣٦٣٦٩، احقاق الحق: ٨/٤٧، بحار الانوار: ١٨/١٢ ح ٢٩، وج ٤٠/١٧٧ ح ٦١ وص ٢٤٤، مناقب اهل البيت (ع) للشرواني: ١٩١، ينابيع المودة:١/٢٢٨ ح ٦٢، معادن الجواهر: ٢/٢٨ ح ١.
[٨] . كذا في الارشاد، وفي الاصل: يملكان رقها على السواء فوطئاها في طهر واحد.وفي الارشاد بدل «جهلا بالتحريم »: على ظن منهما جواز ذلك لقرب عهدهما بالاسلام وقلة معرفتهما بما تضمنته الشريعة من الاحكام.
[٩] . من الارشاد.
[١٠] . من الارشاد.
[١١] . ارشاد المفيد: ١/١٩٥.
[١٢] . ٢/٣٥٣.
[١٣] . سنن ابي داود: ٢/٢٨١ ح ٢٢٦٩ ٢٢٧١.
[١٤] . سنن ابن ماجة: ٢/٧٨٦ ح ٢٣٤٨.
[١٥] . ٢/٦٤٥ ح ١٠٩٥.
[١٦] . ارشاد المفيد: ١/١٩٦.
[١٧] . الزبية: حفرة في موضع عال تغط ى فوهتها، فاذا وطئها الاسد وقع فيها. «المعجم الوسيط: ١/٣٨٩».
[١٨] . ٢/٣٥٣ ٣٥٤ وص ٣٧٨.
[١٩] . ١/٧٧.
[٢٠] . قضايا امير المؤمنين (ع): ح ٩٨ و١٩٢.
[٢١] . احتبى: جلس على اليتيه وضم فخذيه وساقيه الى بطنه بذراعيه ليستند، ويقال:احتبى بالثوب: اداره على ساقيه وظهره وهو جالس على نحو ماسبق ليستند «المعجم الوسيط: ١/١٥٤».
[٢٢] . فضائل الصحابة لاحمد: ٢/٧٢٢ ح ١٢٣٩، الام: ٧/١٧٧، المصنف لابن ابي شيبة:٩/٤٠٠ وج ١٠/١٧٥، اخبار القضاة لوكيع: ١/٩٥، مشكل الاثار: ٣/٥٨، الكافي:٧/٢٨٦ ح ٢ و٣، من لا يحضره الفقيه: ٤/١١٦ ح ٥٢٣٤، المقنعة: ٧٥٠، السنن الكبرى للبيهقي: ٨/١١١، تهذيب الاحكام: ١٠/٢٣٩ ح ٩٥١ و٩٥٢، العمدة لابن البطريق: ٣١٦ح ٤١١ و٤١٢، مصباح الانوار: ١٨٢ (مخطوط)، تذكرة الخواص: ٤٤، ذخائر العقبى:٨٤، ميزان الاعتدال: ١/٦١٩، مجمع الزوائد: ٦/٢٨٧، جواهر المطالب: ١/٢٠٦، احقاق الحق: ٨/٦٧ ٧٠، وسائل الشيعة: ١٩/١٧٦ ح ٢، بحار الانوار: ١٠٤/٣٨٥ ح ١وص ٣٩٣ ح ٣٠، معادن الجواهر: ٢/٢٨ ح ٢ وص ٤٥ ح ٣٧، قضاء امير المؤمنين (ع)للتستري: ٣٥ ح ٣.
[٢٣] . ارشاد المفيد: ١/١٩٦.
[٢٤] . في المصدر: فقفزت، وفي بعض نسخه: فقعصت.
[٢٥] . من المصدر.
[٢٦] . من المصدر.
[٢٧] . الوقص: كسر العنق. «النهاية: ٥/٢١٤ وقص ».
[٢٨] . ٢/٣٥٤.
[٢٩] . الغريبين: ١٠٣٨ وقص .
[٣٠] . ٤/٤٠. وفي ص ١٠٨ مادة قمص.
[٣١] . ٣/١٧٠.
[٣٢] . الام: ٧/١٧٧، من لا يحضره الفقيه: ٤/١٦٩ ح ٥٣٨٨، المقنعة: ٧٥٠، السنن الكبرى للبيهقي: ٨/١١٢، تهذيب الاحكام: ١٠/٢٤١ ح ٩٦٠، احقاق الحق: ٨/٨٦، وسائل الشيعة: ٢٩/٢٤٠ ح ١ و٢، بحار الانوار: ٤٠/٢٤٥ ٢٤٦ وج ١٠٤/٣٨٥ ح ٢ وص ٣٩٣ذح ٣٠، معادن الجواهر: ٢/٢٩ ح ٣.
[٣٣] . ارشاد المفيد: ١/١٩٧.
[٣٤] . من المصدر.
[٣٥] . من المصدر.
[٣٦] . ٢/٣٥٤.
[٣٧] . بحار الانوار: ٤٠/٢٤٦ وج ١٠٤/٣٥٧ ح ١٦، معادن الجواهر: ٢/٢٩ ح ٤.
[٣٨] . بحار الانوار: ٢١/٣٦٢ ح ٥ وج ١٠٤/٤٠٠ ح ١.
[٣٩] . قصص الانبياء للراوندي: ٢٨٦ ح ٣٥٢.
[٤٠] . اي ضربه برجله.
[٤١] . الكافي: ٧/٣٥٢ ح ٨، امالي الصدوق: ٢٨٥ ح ٧، تهذيب الاحكام: ١٠/٢٢٨ح ٩٠٠، مناقب ابن شهراشوب: ٢/٣٣، وسائل الشيعة: ٢٩/٢٥٧ ح ١، بحار الانوار:٣٨/١٠١ ح ٢ وج ٤٠/١٥٠ وص ٣١٦ ح ٧٤ وج ١٠٤/٣٨٩ ح ١٩، قضاء امير المؤمنين(ع) للتستري: ١٩٢ ح ٣.
[٤٢] . ارشاد المفيد: ١/١٩٧.
[٤٣] . كذا في المصدر، وفي الاصل: منامه.
[٤٤] . كذا في المصدر، وفي الاصل: منامها.
[٤٥] . ٢/٣٥٤.
[٤٦] . من المصدر.
[٤٧] . كذا في المصدر، وفي الاصل: منامه.
[٤٨] . كذا في المصدر، وفي الاصل: منامها.
[٤٩] . قضايا امير المؤمنين (ع): ح ٥ و٢٤٤.
[٥٠] . في المصدر : ما قال.
[٥١] . كذا في المصدر، وفي الاصل: حماره.
[٥٢] . الكافي: ٧/٣٥٢ ح ٦ و٧، خصائص الائمة (ع): ٨١، تهذيب الاحكام: ١٠/٢٢٩ح ٩٠١ و٩٠٢، مقصد الراغب: ٤٣ (مخطوط)، الفضائل لشاذان: ١٦٧، المستجاد: ١٢٠،الفصول المهمة لابن الصباغ: ٣٤، الصواعق المحرقة: ١٢٣ ح ١٠، احقاق الحق: ٨/٤٨وص ٨٤ ٨٥ عن عدة مصادر للعامة، غاية المرام: ٥٢٩ ح ١ وص ٥٣٠ ح ٢، بحارالانوار : ٤٠/٢٤٦ ٢٤٧ وج ١٠٤/٤٠٠ ٤٠١ ح ٢ ٦، ينابيع المودة: ١/٢٢٨ ح ٦٣،معادن الجواهر: ٢/٢٩ ح ٥، قضاء امير المؤمنين (ع) للتستري: ١٨٩ ح ١.
[٥٣] . الادحي: هو الموضع الذي تبيض فيه النعامة وتفرخ، وهو افعول من دحوت لانهاتدحوه برجلها اي تبسطه ثم تبيض فيه . (المؤلف).
[٥٤] . ٢/٣٥٤ ٣٥٥.
[٥٥] . مسند احمد بن حنبل: ٥/٥٨.
[٥٦] . كذا في المصادر، وفي الاصل والمصدر: عن احمد، عن جابر، قال.
[٥٧] . المصنف لابن ابي شيبة: ٤/١٤، سنن الدارقطني: ٢/٢٤٨ ح ٥٥ وص ٢٤٩ ح ٥٩،كنز العمال: ٥/٤٢ ح ١١٩٧٢، بحار الانوار: ٩٩/١٤٧ ح ٥.
[٥٨] . ارشاد المفيد: ١/١٩٩.
[٥٩] . اي استبهم عليه الامر.
[٦٠] . من المصدر.
[٦١] . اي قوله تعالى في سورة الاعراف ٣٣: (قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها ومابطن والا ثم والبغي بغير الحق…).
[٦٢] . من المصدر.
[٦٣] . ٢/٣٥٦.
[٦٤] . ٧/٢١٦ ح ١٦.
[٦٥] . اي: وليس لها مثل ابي حسن كما جاء في رواية اخرى: قضية ولا ابو حسن لها. قال النحويون: اي ولا مثل ابي حسن لها، واستشهدوا به على اقامة المضاف اليه مقام المضاف. «المؤلف ».
[٦٦] . قضايا امير المؤمنين (ع): ح ٩٩ و١٥٦.
[٦٧] . سورة يونس: ٣٥.
[٦٨] . ٧ /٢٤٩ ح ٤.
[٦٩] . خصائص الائمة (ع): ٨١، تهذيب الاحكام: ١٠/٩٤ ح ٣٦١، المستجاد: ١٢٢،بحار الانوار: ٤٠/٢٩٨ ح ٥٥ وص ٢٩٩ ح ٥٦ وج ٧٩/١٥٩ ح ١٣ وص ١٦٤ ح ٢١،معادن الجواهر: ٢/٣٠ ح ٦، قضاء امير المؤمنين (ع) للتستري: ٥٢ ح ١.
إنتهى .
منقول (بتصرف) من كتاب عجائب أحكام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام – العلامة السيد محسن الأمين العاملي (قده)
تحقيق الشيخ فراس الحسون (رحمه الله)
المصدر: http://arabic.balaghah.net