قال الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام»: (إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، مثل له ماله وولده وعمله، فيلتفت إلى ماله فيقول: والله إني كنت عليك حريصاً شحيحاً فمالي عندك؟ فيقول: خذ مني كفنك، قال: فيلتفت إلى ولده فيقول: والله إني كنت لكم محبّاً وإني كنت عليكم محامياً فماذا لي عندكم؟ فيقولون: نؤديك إلى حفرتك نواريك فيها، قال: فيلتفت إلى عمله فيقول: والله إني كنت فيك لزاهداً وإن كنت عليَّ لثقيلاً فماذا عندك؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربك…)1.
المال
يبيّن الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» في حديثه هذا حال المال والأولاد والعمل الصالح بالنّسبة للإنسان ساعة موته ووقت رحيله من هذه الحياة الدّنيا، فكأنّما الإنسان يخاطب المال الذي بحوزته، والذي كان قد جمعه في حياته، فيقول له: ماذا تقدّم لي في هذه الساعة وأنا راحل عن هذه الدّنيا؟ فيأتيه الجواب من المال، أنّ كلّ ما بإمكاني أن أقدمه لك هو أن يشترى لك ببعضي كفناً لا أكثر من ذلك، فالمال الذي كان الإنسان في جمعه حريصاً، وفي صرفه شحيحاً بخيلاً، لا يقدّم للإنسان إلاّ ثمن الكفن، وأمّا الباقي فينتقل إلى الورثة.. ولا يعني هذا أنّ جمع المال مطلقاً مذموم في الشريعة الإسلامية، ولا حبّ الإنسان له كذلك، فحب الإنسان للمال أمر طبيعي، لأنّه من فروع حبّ النّفس وهو أمر فطري، فالإنسان بطبعه يجلب الخير لنفسه ويدفع عنها الشر، ولا شكّ أن المال خير، بل أطلق الخير على المال في القرآن الكريم، كما في قوله تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾ 2، وكما يستفاد من العديد من النّصوص الرّوائية، كقوله «صلى الله عليه وآله»: (نعم المال الصالح للرجل الصالح)3.
وما عن الإمام الصادق «عليه السلام»: (لا خير في من لا يحبُّ جمع المال من حلال، يكفُّ به وجهه، ويقضي به دينه، ويصل به رحمه)4.
نعم المذموم من حبّ المال هو الحبّ الشديد له، كما في قوله تعالى: ﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ 5، الوارد على سبيل الذّم، وقول الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام»: (حبُّ المال يفسد المآل)6.
وقوله «عليه السلام»: (حبُّ المال يقوّي الآمال ويفسد الأعمال)7.
وقوله «عليه السلام»: (حبُّ المال يوهن الدّين، ويفسد اليقين)8.
ذلك الحب الذي يكشف عن حرص شديد عند الإنسان على جمع المال، والسعي الحثيث لاكتسابه دون مبالاة في اكتسابه، سواء أكان من الحلال أم من الحرام، أو الذي يمتنع صاحبه عن أداء حقوق الله وحقوق النّاس فيه، فهذا هو الحبّ المذموم للمال لا مطلق الحب.
وقسمّ النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» النّاس من أمّته في جمع المال إلى ثلاثة أصناف، فقال: (تكون أمتي في الدنيا ثلاثة أطباق: أما الطبق الأول، فلا يحبون جمع المال وادخاره، ولا يسعون في اقتنائه واحتكاره، وإنما رضاهم من الدنيا سد جوعة وستر عورة، وغناهم فيها ما بلغ بهم الآخرة، فأولئك الآمنون الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأما الطبق الثاني، فإنهم يحبون جمع المال من أطيب وجوهه وأحسن سبله، يصلون به أرحامهم، ويبرون به إخوانهم، ويواسون به فقراءهم، ولعض أحدهم على الرضف أيسر عليه من أن يكتسب درهماً من غير حله، أو يمنعه من حقه أن يكون له خازناً إلى حين موته، فأولئك الذين إن نوقشوا عذبوا وإن عفي عنهم سلموا.
وأما الطبق الثالث، فإنهم يحبون جمع المال مما حل وحرم، ومنعه مما افترض ووجب، إن أنفقوه أنفقوا إسرافاً وبداراً، وإن أمسكوه أمسكوا بخلاً واحتكاراً، أولئك الذين ملكت الدنيا زمام قلوبهم حتى أوردتهم النار بذنوبهم)9.
ولكون العلاقة بين الإنسان والمال وثيقة جدّاً، جعل الله عزّ وجل المال وسيلة لامتحان عباده، فقال تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ 10، حيث يتم امتحانهم من جهة كسب المال والحصول عليه، بأن يكون اكتسابه من الطرق المشروعة لا من غير المشروعة، ويكون من جهة نفس السعي للحصول على المال، بأن لا يزاحم هذا السعي أداء العبد للفرائض والواجبات الإلهية، ويكون من جهة صرف المال وإنفاقه، بأن يصرف في الوجوه التي أباحت الشريعة الإسلامية صرف المال فيها، والامتناع عن إنفاقه في الوجوه التي حرّم الله سبحانه وتعالى إنفاق المال وصرفه فيها، وأن يخرج العبد من ماله ما أوجبه الله سبحانه فيه من حقوق وواجبات كالزّكاة والخمس وغيرهما11، قال الإمام زين العابدين «عليه السلام»: (أمّا حقّ مالك12 فأن لا تأخذه إلاّ من حلّه، ولا تُنفقه إلاّ في وجهه، ولا تُؤثر على نفسك من لا يحمدك، فاعمل فيه بطاعة ربّك، ولا تبخل به، فتبوء بالحسرة والنّدامة مع التّبعة)13.
ثم إنّ ما ذكرناه من جهات تتعلق بجمع المال وصرفه، والتي تكون مورداً لاختبار الله عزّ وجل لعبده هي سبيل للشيطان ينفذ من خلالها إلى الإنسان لإيقاعه في المعصية، فعن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» قال: (قال الشيطان لعنه الله: لن يسلم منّي صاحب المال من إحدى ثلاث أغدو بهنّ وأروح: أخذه من غير حلّه، وإنفاقه في غير حقّه، وأحببه إليه فيمنعه من حقّه)14.
وفي رواية عن الإمام الصادق «عليه السلام» قال: (إنّ الشيطان يدير ابن آدم في كلّ شيء، فإذا أعياه جثم له عند المال فأخذ برقبته)15.
ولقد نجح الشيطان بمكره وحيله ووساوسه، وبواسطة حبائله وشراكه الكثيرة المتنوّعة والمختلفة، في إيقاع الكثيرين في المعصية والمخالفة الشرعية16، فهناك من النّاس من يجمع المال من غير حلّه17، فيسلك في سبيل كسبه الطرق المحرّمة، كالرّبا والقمار والاعتداء على أموال الآخرين، والاتجار بما حرّم الله الإتجار به، وغير ذلك، ومنهم من يصرف وقتاً كبيراً في جمع المال، حيث يكون جمع المال من الأولويّات المهمة لديه، فيتهاون في أداء الفرائض والواجبات كالصلاة وغيرها من الفرائض، وهذا معلوم ومعروف من حال الكثيرين ممن يحرصون على جمع المال وكسبه، ولا يهتم بالمسؤوليات الملقاة على عاتقه كمسؤوليّة تربية الأبناء والاهتمام بهم، وغيرها من المسؤوليات الأخرى، ومنهم من يصرف المال في معصية الله سبحانه وتعالى، ومنهم من يبخل به فلا يخرج منه حقوق الله وحقوق الناس، ولا ينفق منه شيئاً في سبيل الله18.
إنّ البخل بالمال وعدم إنفاقه في سبيل الله هو من إيحاءات الشيطان الرجيم، فالشيطان يخوّف الإنسان من الفقر إن هو أنفق من ماله شيئاً، قال تعالى: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ 19، وأمّا الله سبحانه وتعالى فيأمر عباده بالإنفاق في سبيله، ويعدهم بالزيادة والمغفرة، حيث يضاعف لهم الزيادة أضعافاً مضاعفة، قال تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ 20.
إذاً إنْ أراد العبد أن يكون المال خيراً له في الدّنيا والآخرة، لا وبالاً عليه فيهما لا سيما في الآخرة، فعليه أن يكتسبه من الحلال، وينفقه في الحلال، ويخرج منه ما افترضه الله سبحانه وتعالى عليه فيه من حقوق.
البنون
قال أمير المؤمنين «عليه السلام»: (… فيلتفت إلى ولده فيقول: والله إني كنت لكم محبّاً وإني كنت عليكم محامياً فماذا لي عندكم؟ فيقولون: نؤديك إلى حفرتك نواريك فيها …).
وكأنّ الإنسان يخاطب أبناءه فيقول لهم: إنني الآن راحلٌ عنكم ومنتقل من عالم الدّنيا، ولقد كنت عنكم مدافعاً ولكم محبّاً، فماذا تقدّمون لي، فيأتيه الجواب منهم أنّ أكثر ما يمكن أن نقدّمه لك هو أن نوصلك إلى حفرتك وندفنك فيها. هذا هو أقصى ما يمكن أن يقدّمه الأبناء للآباء في تلك الساعة، نعم يمكن للعبد أن ينتفع من أبنائه حتّى بعد موته، وذلك إذا نشأوا أفراداً صالحين، فإن أيَّ عمل صالح يمارسه هؤلاء الأبناء يُشرك الله الوالدين في ثوابه، ففي الخبر عن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» أنّه قال: (مرَّ عيسى بن مريم «عليه السلام» بقبر يعذب صاحبه، ثم مر به من قابل، فإذا هو لا يعذب، فقال: يا رب مررت بهذا القبر عام أول فكان يعذب، ومررت به العام فإذا هو ليس يعذب؟ فأوحى الله إليه أنه أدرك له ولد صالح، فأصلح طريقاً وآوى يتيماً فلهذا غفرت له بما فعل ابنه)21.
فيستفاد من هذه الرّواية أنّ العمل الصالح الذي يعمله الأبناء ينعكس أثره على الآباء أيضاً، فيشاطرون الأبناء الجزاء والثواب عليه، وفي رواية عن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» أنّه قال: (سبعة أسباب يكتب للعبد ثوابها بعد وفاته؛ رجل غرس نخلاً، أو حفر بئراً، أو أجرى نهراً، أو بنى مسجداً، أو كتب مصحفاً، أو ورّث علماً، أو خلّف ولداً صالحاً يستغفر الله له بعد وفاته)22.
لذلك على الوالدين ولكي ينتفعا بالعمل الصالح لأبنائهم وبدعاء الأبناء واستغفارهم، أن يحرصا كل الحرص على أن ينشأ أبناؤهما أفراداً صالحين، ويربونهم تربية صحيحة وفق المنهج الإسلامي للتربية، فيغرسون في نفوسهم العقيدة الصحيحة ويعلّمونهم الفرائض والواجبات والأحكام الشرعية مما هو مورد ابتلائهم، ويحثّونهم على التّخلّق بالأخلاق الحميدة الفاضلة، كالصدق، وحفظ الأمانة، وتوقير الكبير، والعطف على الصغير، والعفو عن المسيء، ومساعدة المعوزين، وشكر المحسنين، وغيرها من السجايا والخصال النبيلة.
ومن المهم جدّاً في صلاح الأبناء أن يمنع الآباء الأبناء من معاشرة القرناء المنحرفين، وتوجيهم إلى مصاحبة الأشخاص الصالحين، لأن المرء يتأثر بصاحبه وصديقه، فيكتسب من أخلاقه وطباعه، قال النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله»: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)23.
والشواهد في مسرح الحياة كثيرة، فكم من الأشخاص انحرفوا عن الصراط المستقيم، وانغمسوا في الفساد والرّذيلة لتأثرهم بقرناء السوء24.
فكم من شاب احتسى الخمر أو تعاطى المخدّرات، والسبب في ذلك هم قرناء السوء. وكم من فتاة كان سبب تبرّجها وسفورها هو تقليدها لصاحبات السوء. وكم من شاب ترك الفرائض واستهزأ بالدّين والمبادئ والأعراف الحسنة بسبب مخالطته للمنحرفين من الأصدقاء والأصحاب. وكم من فتاة سارت في طريق الفساد وفعل المنكرات، ومرّغت شرفها وشرف أسرتها في الوحل بسبب ما زيّنته لها صديقات السوء. وكم من شاب احترف الإجرام بمختلف أشكاله وصنوفه، وكانت بدايته في الانحراف هي صحبته لأصحاب وقرناء السوء، وتزيينهم ذلك له.
فالأبناء أمانة وضعها الله بيد الآباء، وهم مسئولون عنها، يقول الإمام زين العابدين «عليه السلام»: (وأمّا حق ولدك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنّك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل، والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه، معاقب على الإساءة إليه)25.
إن الأبناء الصالحين لا ينسون أبداً جميل الوالدين عليهم، فيقومون من بعد وفاتهما بالدعاء لهما بالمغفرة والرحمة، ويمارسون الأعمال العبادية ويفعلون المستحبات الدينية ويهدون ثوابها إليهما، ففي الرواية عن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ عن ثلاث: ولد صالح يدعو له، وعلم ينتفع به، وصدقة جارية)26.
العمل الصالح
قال أمير المؤمنين «عليه السلام»: (… فيلتفت إلى عمله فيقول: والله إنّي كنت فيك لزاهداً وإن كنت عليَّ لثقيلاً فماذا عندك؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربّك…)
وكأنه يخاطب عمله الصالح فيسأله ويقول له: ماذا تقدّم لي الآن وأنا في هذه الحال، فيجيبه عمله أنا رفيقك في قبرك إلى أن نقف أنا وأنت بين يدي الله.
فعن النبي «صلى الله عليه وآله» أنّه قال: (يتبع الميت ثلاثة: أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله ويبقى عمله)27.
وعن أمير المؤمنين «عليه السلام» قال: (المرء لا يصحبه إلاّ العمل)28.
وعن الإمام الصادق «عليه السلام» قال: (إذا وضع الميت في قبره، مثل له شخص فقال له: يا هذا كنّا ثلاثة؛ كان رزقك فانقطع بانقطاع أجلك، وكان أهلك فخلّفوك وانصرفوا عنك، وكنت عملك فبقيت معك، أمّا أنّي كنت أهون الثلاثة عليك)29.
ويستفاد من بعض الرّوايات أن العمل إذا كان صالحاً فإنه يكون مصدر سرور وفرح لصاحبه، وإذا كان سيئاً فإنّه يكون مصدر إزعاج وأذيّة لفاعله، ففي الرّواية أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال لشخص يدعى قيس بن عاصم وهو يعظه: (إنّه لا بدّ لك يا قيس من قرين يدفن معك وهو حي، وتدفن معه وأنت ميّت، فإن كان كريماً أكرمك، وإن كان لئيماً أسلمك، ثم لا يحشر إلاّ معك، ولا تبعث إلاّ معه، ولا تُسأل إلاّ عنه، ولا تجعله إلاّ صالحاً، فإنّه إن صلح أنست به، وإن فسد لا تستوحش إلاّ منه، وهو فعلك)30.
وينقل أنّ العلامة بهاء الملّة والدّين والد الشيخ البهائي العاملي «رحمهما الله تعالى» ذهب لزيارة أحد المؤمنين وكان هذا المؤمن قيّماً على مقبرة في أصفهان وكان يسكن فيها، فقال له هذا المؤمن: (رأيتُ في هذه المقبرة قبل اليوم أمراً غريباً، وهو أني رأيت جماعةً جاؤوا بجنازة إلى هذه المقبرة ودفنوها وانصرفوا.. وبعد مضي ساعة شممت رائحة عطرة ليست من روائح هذه النشأة، فبقيت متحيّراً أنظر يميناً وشمالاً لأعرف منشأ هذه الرائحة العطرة، وفجأة رأيت شاباً وسيماً في زي الملوك يذهب باتجاه ذلك القبر، فمشى حتى وصل إلى القبر، فتعجبت من مجيئه إلى هذا القبر، وما أن جلس إلى جانبه حتى اختفى وكأنه دخل القبر.. بعد ذلك بفترة وجيزة شممت رائحةً خبيثةً أشدَّ نتناً من أية رائحة نتنة، نظرت فإذا بي أرى كلباً يقتفي أثر ذلك الشاب حتى وصل إلى القبر واختفى، وزاد تعجبي! وفيما أنا كذلك إذا بذلك الشاب يخرج فجأة سيء الحال، سيء الهيئة، مثخناً بالجراح، ورجع من حيث أتى، ومشيت في أثره ورجوته أن يخبرني بحقيقة حاله.
قال: أنا العمل الصالح لهذا الميت، وكنت مأموراً أن أكون معه في القبر، وفجأة جاء هذا الكلب الذي رأيته وهو عمله غير الصالح، فأردت إخراجه من القبر وفاء بحق الصحبة للميت، فعضني هذا الكلب واقتطع بعض لحمي وجرحني كما ترى، ومنعني من البقاء معه، فاضطررت لترك القبر فخرجت وتركته…)31.
- 1. الكافي 3 /232.
- 2. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 180، الصفحة: 27.
- 3. ميزان الحكمة 8/246، برقم: 19420.
- 4. ميزان الحكمة 8/246، برقم: 19428.
- 5. القران الكريم: سورة الفجر (89)، الآية: 20، الصفحة: 593.
- 6. ميزان الحكمة 8/245، برقم: 19431.
- 7. ميزان الحكمة 8/245، برقم:19415.
- 8. ميزان الحكمة 8/245، برقم: 19416.
- 9. ميزان الحكمة 8/256، برقم: 19448.
- 10. القران الكريم: سورة الأنفال (8)، الآية: 28، الصفحة: 180.
- 11. وهناك جهات أخرى مما هي مورد اختبار وامتحان العباد بواسطة المال، منها أن لا يخلّف المال عند العبد خصالاً سيئة كالطغيان والكبر والبطر والحرص والبخل أو غيرها من الخصال التي تحصل عادة للإنسان بسبب الغنى والثروة.
- 12. المراد بحق المال هو الطريق الذي يلزم المرء أن يسلكه في التعاطي مع المال.
- 13. ميزان الحكمة 8/255، برقم: 19447.
- 14. ميزان الحكمة 8/244، برقم: 19406.
- 15. ميزان الحكمة 8/244، برقم: 19407.
- 16. قال تعالى: ﴿ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ (الإسراء:64).
- 17. عن النبي «صلـى الله عليه وآله» أنّه قال: (قال الله عزّ وجل: من لم يبال من أيِّ باب اكتسب الدّينار والدّرهم لم أبال يوم القيامة من أي أبواب النار أدخلته) (ميزان الحكمة 8/257، برقم: 19454).
- 18. قال تعالى: ﴿ … وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ (التوبة: 34 -35)، وعن الإمام الباقر «عليه السلام» قال: (إنّ الله تبارك وتعالى يبعث ناساً من قبورهم مشدودة أيديهم إلى أعناقهم، لا يستطيعون أن يتناولوا بها قيس أنملة، معهم ملائكة يعيّرونهم تعييراً شديداً، يقولون هؤلاء الذين منعوا خيراً قليلاً من خير كثير، هؤلاء الذين أعطاهم الله فمنعوا حقّ الله في أموالهم) (ميزان الحكمة 8/267، برقم: 19526).
- 19. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 268، الصفحة: 45.
- 20. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 261، الصفحة: 44.
- 21. الكافي 6/4.
- 22. ميزان الحكمة 6/222، برقم: 14404.
- 23. أمالي الطوسي، صفحة 518.
- 24. قال النبي «صلى الله عليه وآله»: (مثل جليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إمّا أن يحذيك، وإمّا أن تبتاع منه، وإمّا أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إمّا أن يحرق ثيابك وإمّا أن تجد ريحاً خبيثة) (صحيح البخاري 6/231).
- 25. الخصال، صفحة 568.
- 26. مستدرك الوسائل 12/230.
- 27. ميزان الحكمة 6/222، برقم: 14403.
- 28. ميزان الحكمة 6/222، برقم: 14405.
- 29. ميزان الحكمة 6/245، برقم: 14525.
- 30. ميزان الحكمة 6/244، برقم: 14520.
- 31. المصدر كتاب “بحوث ومقالات من هدي الإسلام” للشيخ حسن عبد الله العجمي حفظه الله.