نص الشبهة:
يزعم الشيعة أنّ وجوب نصب الأئمة يرجع لقاعدة «اللّطف»، والعجيب أنّ إمامهم الثاني عشر اختفى، فأيّ لطف يلحق المسلمين وهو مختف؟
الجواب:
من مظاهر اللّطف الإلهي وجود الأرضيّة المناسبة اللاّزمة لظهور الأنبياء والأولياء، وعند تحقّق هذه الأرضيّة يشمل هذا اللّطف الإلهي الناس بإرسال رسول يبلّغ عن الله تعالى ويكون حجّة على الناس. أمّا إذا لم تتوفّر الأرضيّة الملائمة لقبول ذلك النبيّ أو ذلك الحجّة، أو تكون موجودة ولكنّها غير كافية في قبوله، عندها يكون إظهار الحجّة والإمام على خلاف المصالح، وقضيّة إظهار الإمام المهدي (عجل الله فرجه) على طبق هذه القاعدة، وما لم تتوفّر الأرضيّة المناسبة لتأسيس حكومة إلهية عالمية تزيل الظلم والضيم لا يكون هناك باعث وسبب لظهور الإمام. فحرمان الناس عن اللطف ـ عندئذ ـ يرجع إلى الناس، لا إليه (عليه السلام).
وثالثاً: إنّ القرآن المجيد ذكر وجود حجّتين؛ واحدة ظاهرة مثل موسى بن عمران (عليه السلام)، والثانية مخفيّة وغير معروفة وهو صاحب موسى (عليه السلام) الذي سمته بعض الروايات بـ (الخضر (عليه السلام))؛ فهو حجّة الله تعالى ولطفه يصل إلى الناس، ولكنهم لا يعرفونه، وقد بيّن الله تعالى ثلاثة نماذج من لطفه بالناس على يد عبده الصالح هذا 1 .
إذن، فعدم معرفة حجّة الله ليس دليلاً على فقدان لطفه، فمن المحتمل عند الخصم ـ بل المقطوع عندنا ـ انّه (عليه السلام) يأتي في زيّ غير معروف يسمع نداء المساكين والمكروبين، ويحلّ المشاكل الكبيرة التي تعاني منها الأُمّة بعلمه وتدبيره بدون أن يعرفه أحد ، تماماً مثلما فعل صاحب موسى (عليه السلام).
وحصيلة الكلام: أنّ المهدي (عليه السلام) يتصرف في أُمور الأُمّة كتصرف مصاحب موسى في أُمور زمانه من دون أن يعرفه الناس أو يعرفوا أعماله، فعدم اطلاعنا على تصرفاته لا يكون دليلاً على عدم انتفاع الأُمّة به. فوجوده لطف 2.
- 1. وقد جاءت القصّة مفصّلة في سورة الكهف ضمن الآيات 20 إلى 82 .
- 2. هذه الإجابة نُشرت على الموقع الالكتروني الرسمي لسماحة آية الله العظمى الشيخ جعفر السبحاني دامت بركاته.