قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (الْفَقِيه كُلُّ الْفَقِيه مَنْ لَمْ يُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ الله – ولَمْ يُؤْيِسْهُمْ مِنْ رَوْحِ الله ولَمْ يُؤْمِنْهُمْ مِنْ مَكْرِ الله).
الفقيه هو العالم بالأحكام الشرعية والأمور الدينية من حلال وحرام، والعارف بأصول الدين وفروعه، والمتفقه في دينه يكون أقرب إلى الله ويكون ذا معرفة، والفقيه كل الفقيه بنظر الإمام له ميزات منها:
أولاً: ان لا يقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤيسهم من روحه.
والقنوط اليأس، وقد قال سبحانه: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ}[1]، فالذين يعيشون بظلمات الجهل لا يعرفون الله لذا هم في شك وريب وقنوط من الخير، قال تعالى: {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ}[2].
من طبيعة الانسان غير المؤمن حينما تصيبه مصيبة أو يقع في مأزق ييأس من رحمة الله سبحانه وتعالى، وقد قال سبحانه وتعالى :{ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ الله إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[3].
فالآية المباركة تبين أنَّ القنوط والياس من رحمة الله من أشد الذنوب فلا يقنط من رحمة الله الا الكافر الضال المضِل.
أما المؤمن المتفقه والمتبصر فإنه يعرف أنَّ الله غفور رحيم وعد عباده بالمغفرة والرحمة والرضوان، لذا يكون متفائلاً بالله في عسره ويسره؛ لأنَّه سبحانه وعد المؤمنين بالمغفرة، قال تعالى: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[4].
وقال تعالى:{وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ الله إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[5].
و الأئمة (عليهم السلام) هم افقه الناس إذ كانوا يعلمون الناس وينصحونهم بعدم القنوط والياس من رحمة الله.
ورد عن صفوان الجمال قال: شهدت أبا عبد الله (عليه السلام) استقبل القبلة قبل التكبير وقال: ” اللهم لا تؤيسني من روحك ولا تقنطني من رحمتك ولا تؤمني مكرك فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ” قلت: جعلت فداك ما سمعت بهذا من أحد قبلك، فقال: إن من أكبر الكبائر عند الله اليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله والأمن من مكر الله.
ثانياً: أن لا يؤمنوا الناس مكر الله.
قال تعالى: { أَفَأَمِنُوا مَكْرَ الله فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }.
لا يكتمل إيمان الانسان الا بالخوف والرجاء لذا نجد الفقهاء على حذر من الله فكما ان الله غفور رحيم كذلك هو شديد العقاب لذا وجب الحذر منه، قال تعالى: { وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}.
فالإصرار على الذنب والغفلة واتباع الهوى وطول الأمل ينسيان ذكر الله ومن نسي الله وقع في شباك الشيطان، وقوام الأمر أنَّ من أحسن الظنَّ بالله وتوكل عليه في أموره يعش سالما من آفة الحيرة والضلالة.
الهوامش:
[1] – الحجر: 56.
[2] – فصلت: 49.
[3] – يوسف: 87.
[4] – الزمر: 53.
[5] – يونس: 87.
المصدر: http://inahj.org