مقالات

العمل التطوعي…

يعتبر العمل التطوعي من أهم مرتكزات التنمية الاجتماعية، إذ يساهم في بناء التكافل الاجتماعي، وتنمية المجتمع الأهلي، وتفعيل الطاقات الكامنة في أفراد المجتمع، وزيادة مساحة التعاون والتراحم والتعاطف بين الناس.

والعمل التطوعي ممارسة إنسانية عرفته المجتمعات الإنسانية منذ القدم، لأنه ينطلق من إنسانية الإنسان، وهذا الشعور الإنساني هو الدافع الرئيس في أي عمل تطوعي، فالتطوع هو ما ينبع من ذات الإنسان وباختياره من دون أي إلزام عليه؛ في حيث أن الأعمال التي تنجز بعنوان الواجب لا تعد أعمالاً تطوعية، لأن الأعمال التطوعية هي التي تكون بدافع إنساني واختياري وبحوافز دينية أو اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية أو حتى دعائية.
‏ وتعاليم الإسلام تحث على القيام بالأعمال التطوعية والخيرية، يقول تعالى : ﴿ … فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ … ﴾ 1وفي هذه الآية الكريمة إشارة واضحة إلى فوائد التطوع على المتطوع نفسه،فبالإضافة إلى الثواب الجزيل والأجر العظيم في الآخرة، فإنه في الدنيا يحصل على مردود معنوي ؛ فالعمل التطوعي وسيلة مهمة من وسائل الحصول على السعادة، والراحة النفسية، والثقة بالنفس، والاعتزاز بالذات، وتعلم مبادئ الإدارة، وإتقان فن التعامل مع الناس.
ومن جهة أخرى فإن للعمل التطوعي والخيري فوائد كثيرة تعود على المجتمع بأكمله، وتُسهم في تقدمه ونموه ورقيه في مختلف الأبعاد والجوانب.
ومن هنا، فإن دعم أي مشروع تطوعي أو خيري يساهم في دعم بناء المجتمع وتنميته، في حين أن أي ممارسة‍‍‍‍‍‍‍‍ سلبية ضد أي مشروع خيري أو تطوعي يعني مساهمة صاحبه في تعويق تقدم المجتمع وتنميته.
وواجب المجتمع هو دعم المشاريع التطوعية و الخيرية مادياً ومعنوياً، والوقوف بقوة ضد كل من يعمل على ممارسة أي دور سلبي وهَدَّام ضد المشاريع والمؤسسات والجمعيات الخيرية. وبذلك يساهم المجتمع بفعالية في تنمية المشاريع التطوعية، وتقوية مؤسسات الخدمة الاجتماعية، وفي نفس الوقت يكون المجتمع المستفيد الأول منها.
ويميز علماء الاجتماع بين شكلين من أشكال العمل التطوعي:

الشكل الأول : السلوك التطوعي

ويُقصَد به الممارسات التطوعية التي يمارسها الأفراد استجابة لظروف طارئة أو لمواقف أخلاقية أو إنسانية…من قبيل إسعاف جريح في حالة خطرة أثر حادث سير، أو السقوط من مكان مرتفع، أو إنقاذ غريق مشرف على الهلاك، أو مساعدة منكوب في زلزال أو حريق..‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍. وما أشبه ذلك، حيث يقوم الأفراد بأعمال تطوعية وخيرية نتيجة لحوادث طارئة. ومنطلق هذه الممارسات التطوعية هو الشعور الإنساني أو الموقف الأخلاقي أو الدافع الديني…أو كل ذلك معاً، من دون انتظار أي مردود مادي.

الشكل الثاني : الفعل التطوعي

ويُقصَد به الممارسات التطوعية الناتجة من الإيمان بأهمية العمل التطوعي وضرورته، ولايأتي نتيجة لحوادث طارئة وإنما هو عمل قائم بذاته، ويرتكز على العمل التطوعي، ومنطقات الفعل التطوعي هي نفس منطلقات السلوك التطوعي.
ولابد من القول هنا إن أي شكل من أشكال الأعمال التطوعية مطلوب بذاته وراجح في نفسه، ومهم وضروري في إنماء المجتمع الأهلي، والمشاركة في تقدمه وازدهاره ونموه.
ومن المهم للغاية إشاعة روح العمل التطوعي بين أفراد المجتمع، وتنمية (ثقافة العمل التطوعي) في الفضاء الاجتماعي، والإشادة بالمتطوعين في أي مجال، وفي أي شكل، وبأي صورة… فالجميع يساهم في التنمية الاجتماعية المطلوبة2.

  • 1. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 184، الصفحة: 28.
  • 2. الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبدالله اليوسف – 12 / 11 / 2010م – 7:57 م.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى